نجوم مصرية
منتديات نجوم مصرية المنتدى العام المنتدى الإسلامي والنقاشات الدينية



تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل




البعث بين القرآن والسنة

 

الفصل الثالث
البعث بين القرآن والسنة
ليس بموت الإنسان تقع النهاية بل البداية لحياة أخرى سرمدية خالدة ولكن ما يفصل هذه عن تلك هو يوم كان عند ربك كألف سنة مما تعدون فيه يبسط الله عدله وتوفى كل نفس ما عملت " فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ , وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ " ( )‏ ولقد سمى المولى تبارك وتعالى هذا اليوم بأسماء عديدة مثل القارعة – الواقعة - الحاقة - الغاشية - يوم التغابن - يوم التناد - يوم الفصل - الخ ولكل اسم من هذه الأسماء وغيرها دلالة خاصة على ما لهذا اليوم من فزع ورهبة وعظيم شأن ورغم أن المولى تبارك وتعالى قد بين كيفية حدوث ذلك اليوم وأوضح رسوله () ذلك إلا أنه لم يحدد ميقات حدوثه لقوله تعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا , فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا , إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا " ( ) ولكن المعلوم حقا هو أن حياة البرزخ تبدأ بدخول المتوفى القبر وحتى ينفخ في الصور والذي هو ميقات البعث إذن الأمر معلوم لديه مجهول لدينا فأمره محصور بين الكاف والنون " إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ " ( ) وإن كان الميقات أخفاه فإن الكيفية قد أبانها سواء بين آيات القرآن الكريم أو على لسانه () الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي
• ولكن قبل البيان والتبيين علينا أن نسأل ما دليل بدء البعث بالنفخ في الصور ؟
علينا بداية أن نعلم أن النفخ في الصور سبقع على مرتين الأولى لأجل الفناء الكوني التام والثانية فهي للبعث والنشور ودليل ذلك قوله تعالى " يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ , تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ " ( ) وأيضا قوله تعالى " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ , وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ , وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " ( ) ويفصل النفختين أربعين كما جاء ذلك في حديث صحيح رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال " قال () بين النفختين أربعون.. قالوا يا أبا هريرة أربعون يوما قال أبيت.. قالوا أربعون سنة قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت والنفخ في الصور – أمر مقضي فيه لقوله تعالى " فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ"( ) وقوله " فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ" ( ) وصولا لسورة النبأ " يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً " ( ) إذن بمجرد النفخ في الصور يقع يوم البعث.
قبل النفخ في الصور وبعده:
فالبعث إذن تغيير لكل سنن الكون فإذا كان كل كوكب يسير في مجال ثابت مع الكواكب الأخرى وحول الشمس دونما تغيير أو اهتزاز لقوله تعالى" لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" ( ) وإذا كانت الجبال رواكز في الأرض راسخات لقوله تعالى " وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" ( ).
• وإذا كانت السماء تتناثر النجوم فيها تزينها وتجملها لقوله تعالى في سورة الملك "وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ " ( ) وقوله في سورة الصافات "إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ " ( ) وإذا كان ناموس الحياة أن زينة الناس هي النساء والبنين والأموال والأملاك وغيرها لقوله تعالى في سورة آل عمران " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ " ( ) وإذا كانت الغرائز هي محاور الحياة ما بين خيرها وشرها فمنها غريزة الأمومة فالأم تضحي بنفسها لأجل رضيعها أو ولدها وإذا كانت البحار تتلاطم أمواجها في منظر مبدع جميل وكذا القمر يرسل أضوائه الفضية الحالمة وإذا كان هذا هو حال الأرض وما عليها أفلا نتذكر من فيها ومن بداخلها إنهم أهل القبور أنهم أهل حياة البرزخ السابق الإشارة إليهم في الفصل السابق.. وإذا كانت الحياة تسير سيرها العادي فإذا بالنفخ في الصور.. النفخة الأولى كما بينا فهي للفناء الكوني التام ولم لا فهناك من لازالوا على قيد الحياة فتنقضي الحياة ويموت كل ما فيها وما عليها حتى ملك الموت نفسه فيؤمر فيقبض ويقول جل جلاله.. لمن الملك اليوم ؟ فلا أحد يجيب ثم يجيب على نفسه: لله الواحد القهار ( ) هنا يفنى العالم كله الأرض بمن عليها والسماوات بمن فيها إلا وجه الله !!.
• فنجد الأرض وقد دكت دكة واحدة لقوله تعالى في سورة الحاقة " وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً " ( ) كما أن الأرض أيضا ستتسع رقعتها كثيرا لتستوعب كل هذه الخلائق والتي ألقت من باطنها إذعانا وتنفيذا لأمر الله لقوله تعالى في سورة الانشقاق " وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ , وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ , وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ "( ) وقوله تعالى في سورة الزلزلة " إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا , وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا"( )
دليل على زلزلتها فيفزع من عليها ويخرج من باطنها من فيها كما أنها ستتبدل الأرض وتتحول لخلقة أخرى غير التي عهدناها لقوله تعالى في سورة إبراهيم " يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ "( ).
• كما أننا سنجد الجبال وقد نسفها الله: لقوله تعالى في سورة طه "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً " ( ) وسيتم دكها لقوله في سورة الحاقة " وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة " كما أنها ستتحرك وتسير حتى تصير سربا لقوله تعالى في سورة النبأ " وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً " ( ) وقوله تعالى في سورة التكوير "وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ " ( ) وسيساعد خفتها حينئذ سيرها لكونها كالصوف لقوله تعالى في سورة القارعة " وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ" ( ).
تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل


• كما أننا سنجد الكواكب والنجوم وقد تخلت عن قانون بعدها الثابت وفلكها المرسوم لها فتناثرت وتساقطت وتلاشت لقوله تعالى في سورة الانفطار " وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ "( ) وفي سورة التكوير " وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ " ( ).
• كما أن القمر نراه وقد ذهب ضوءه فيما يسمى بالظاهرة الكونية الخسوف لقوله تعالى في سورة القيامة " فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ , وَخَسَفَ الْقَمَرُ" ( )
• كما أن السماء ستنشق لضعفها لقوله تعالى في سورة الحاقة "وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ " ( ) وفي سورة الانفطار " إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ " ( ) أي انشقت وفي سورة الانشقاق " إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ , وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ " ( ) كما أنها ستطوى بمقدرة الله وتكشف لقوله تعالى في سورة الأنبياء " يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ" ( ).
• كما أن الشمس سيتم لفها ويذهب نورها لقوله تعالى في سورة التكوير " إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ , وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ , وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ , وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ , وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ , وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ , وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ " ( ).
• إذن الجبال ستسير وتتحرك لقوله تعالى " وإذا الجبال سيرت " أيضا إناث النوق ستعطل دونما حلب أو راع لقوله تعالى " وإذا العشار عطلت " حتى أن الوحوش وهي الحيوانات المتوحشة سيتم حشرها من قبل المولى سبحانه وتعالى لقوله تعالى " وإذا الوحوش حشرت " حتى أن البحار ستتحول إلى نار مستعرة متأججة لقوله تعالى " وإذا البحار سجرت " حتى أن الأنفس فنراها وقد زوجت واقترنت بالأبدان ثانية اقترانا حقيقيا لقوله تعالى " وإذا النفوس زوجت " واستدراكا فإن كل المخلوقات يتم حشرها يوم القيامة ثم تكون ترابا ما عدا الثقلين وهما الإنس والجن فاما إلى الجنة وإما إلى النار.. وفي هذا الموقف يتحسر الكافر على نفسه ويود أن يكون حيوانا ويصير مصيره إلى ما صاروا إليه من تراب وأن ينجيه الله من العذاب ولكنها ساعة لا ينفع فيها الندم لقوله تعالى " وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً " ( ).
• أما الأواصر والروابط الأسرية والدموية فلكل شغله الشاغل لقوله تعالى في سورة عبس "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ , وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ , لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ " ( ) فالفرار والهروب والانشغال والفزع هو حال العباد والكون وكل الخلائق ولم يعد للمرء سوى عمله الذي قدم يرتكز عليه دونما حسب أو مال أو ولد.. فترى الوجوه وقد اختلفت فهناك المستبشر المطمئن ذو الوجه الأبيض المتهلل ذو العمل الحسن وهناك غبر الوجه المتشائم حسرة لكفره وسوء عمله لقوله تعالى " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ , ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ , وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ , تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ , أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ " وقوله تعالى " يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ " ( ).
• كما أن الإخلاء في الدار الدنيا على معصية نجدهم أعداء يوم القيامة إلا المتقين فهم أحباء في طاعة الله في الدنيا وفي الآخرة لقوله تعالى " الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ " ( ).
• كما وأن المنافقين نراهم يطلبون من المؤمنين انتظارهم ليهتدوا بنورهم على المسير فيؤمروا بالرجوع ثم يضرب من قبل الله تعالى بحائط بينهم باطنه فيه الرحمة من جهة المؤمنين وظاهره فيه العذاب من جهة المنافقين لقوله تعالى "يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ " ( )
• وهنا وكما نرى فقد استعدت كل الخلائق للحساب فلقد انقضى البعث وتغيرت كل سنن الكون الدنيوية وتحطمت كل البناية وتهدمت وأصبح الناس عرايا كما خلقهم الله أول مرة وأصبحوا فرادى كما خلقهم الله أول مرة.. وكل منهم أصبح في شأن يغنيه هوله عن شأن أخيه وشأن أمه وأبيه فلا ولد ولا والد ولا أخت ولا أخ ولا خليلة ولا صديق ولا حميم ولا شفيع إلا العمل الصالح والأيمان بوحدانية الله وإتباع صراطه الذي رسمه لنا ورسوله الذي أرسل ألينا. حتى أن الجنة فنراها وقد تزينت واستعدت لملاقاة ساكنيها لقوله تعالى " وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ " ( ) والنار أيضا قد تسعرت ترصدا للكافرين لقوله تعالى "إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً , لِلْطَّاغِينَ مَآباً" ( )وقوله تعالى " وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ " ( ) كما أنها ستسأل لقول تعالى" يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ " ( ).
• كما أن وقودها سيكون الناس والحجارة: لقوله تعالى " وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ " ( ).
• كما وأن أهلها سيمعن في إذلالهم وتعذيبهم: فإذا ما تآكلت جلودهم بدلهم الله غيرها ليذوقوا العذاب.
• هنا وأمام هذا المشهد المريع والمفزع والخلائق كل في اتجاه وفي شغل من أمره فجأة: تنشق السماء بيسر شديد لمدى ضعفها ووهنها وإذا بعرش الرحمن يحمله ثمانية من الملائكة بينما يصطف الملائكة على أرجاء السماء في منظر ومشهد مهيب لا يمكن وصفه ولا من قبيل التقريب والإشارة ولكن فقط مصداقا لقوله تعالى في سورة الحاقة " وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ , وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ " ( ) هنا قد بدأ يوم الحساب وكيف لا والحق سبحانه وتعالى يقول في سورة القيامة " فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ , وَخَسَفَ الْقَمَرُ , وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ , يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ , كَلَّا لَا وَزَرَ , إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ " ( ) فالشمس والقمر مجموعان في هذا اليوم.. وبرق وومض النظر والرؤية قد أخذت بالألباب من الدهشة والحيرة مما كان يكذب المرء وها هو اليوم واقع أمامه فيقول كيف لي المفر فيكون الجواب كلا لا ملجأ تتحصن به فكل الخلائق مستقرون أمامه سبحانه وتعالى.
• ويذكر المولى يوم القيامة بيوم الفصل فيقول في سورة النبأ: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً , يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً , وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَاباً , وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً , إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً , لِلْطَّاغِينَ مَآباً " ( ) ويعيد المولى ذكره بتعبير قوي في سورة النازعات " يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ , تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ , قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ , أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ , يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ , أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً , قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ , فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ , فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ " ( ) والآيات واضحة الدلالة على ما سبق تبيانه في وصف ذلك اليوم وقسوته أيضا قوله تعالى في سورة النمل "فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ"( ) أي صاغرين طائعين ويوصف هذا اليوم بأنه غير يسير على الكافرين لقوله تعالى في سورة المدثر " فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ , فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ , عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ " ( ) كما أنه في هذا اليوم ينادى كل إنسان بإمامه فهناك حزب الشيطان وهناك من أتخذ من هواه إمامه وهناك من إتبع ما أنزل الله على نبيه وأمن ووحد فكل ينادى بإمامه. وذلك لقوله تعالى في سورة الإسراء " يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ "( ).
ويزيد رب العزة في تبيان ذلك اليوم كيلا يكون لنا حجة علية: فيقول في سورة الزلزلة " إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا , وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا , وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا , يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا , بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا , يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ , فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ , وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ " ( )‏ كما يقول في سورة الحج " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ , يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ "( ) وهذه الآية لا تحتاج لبيان فالهول ظاهر وعظم اليوم واضح وجلي ويكفينا أن المرضعة ترمي بمن ترضع.. أحن واحدة عليه وأغلى من لها بين يديها فتضمه دائما إلى صدرها فإذا هي الآن ترميه وتلقيه عنها تخلصا منه وانشغالا بنفسها. كما أن الحامل المتباهية بحملها ستلده من هول الصاعقة ميلادا مبسترا ( قبل الميعاد ) فالرعب كفيل بذلك والناس يترنحون تائهين مذهولين وكأنهم سكارى لكنهم غير ذلك كل ما هناك أن بطش ربك لشديد !!.
وأيضا قوله تعالى زيادة في التذكير بهذا اليوم والتحذير منه " الْقَارِعَةُ , مَا الْقَارِعَةُ , وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ , يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ , وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ , فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ , فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ , وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ , فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ , وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ , نَارٌ حَامِيَةٌ " ( ) وعلينا أن نتذكر حديث رسول الله(ص) (من سره أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ إذا الشمس كورت , إذا السماء انفطرت , إذا السماء انشقت) ( ) والمقصود أن يقرأ سورة التكوير والتي يقول الحق سبحانه وتعالى: "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ , وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ , وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ , وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ , وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ , وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ , وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ , وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ , بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ , وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ , وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ , وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ, وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ , عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ " ( ) وكذا قراءة سورتي الانفطار والانشقاق.
• وتعني السماء قشطت " أي نزعت من أماكنها كما ينزع الجلد عن الشاه فهنا قد علمت كل نفس في هذا اليوم العصيب ما أحضرت قبلا من خير أو شر.
• أيضا قوله في سورة الانفطار " إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ , وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ , وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ , وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ , عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ " ( ) أيضا زيادة في إيضاح هذا اليوم العصيب يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الانشقاق "إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ , وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ , وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ , وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ , وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ , يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ , فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ , فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً , وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً , وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ , فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً , وَيَصْلَى سَعِيراً "( ).
• كما يصفه الحق في سورة المزمل " فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً " ( )من الروع والفزع والهلع والذي فيه يقول الكافر" مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ , هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ " ( ) أما من أعرض عن ذكر الله سبحانه وتعالى فكما أن معيشته جعلها الله ضنكا عليه كذلك يحشره أعمى لقوله تعالى في سورة طه " وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى , قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً , قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى"( ).
ولا يفوتنا في هذا المقام أن نتناول ما ورد عنه () بخصوص قضية البعث منذ النفخ في الصور وحتى الحساب.
وعلينا قبل أن نتناولها أن نسوق مزيدا من الأدلة على حدوث البعث كي لا يكون للمكذبين حجة أمام المولى سبحانه وتعالى ومن ثم سنورد الأدلة الأربعة ثم نعقبها بما ورد عنه () بخصوص قضية البعث
الدليل الأول: قياس البدئ على الإعادة: أي أن رب العزة قد قاس إعادة الخلق على بدئه أول مرة فقال في سورة الأنبياء " كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ"( ).
الدليل الثاني: قياس البعث على خلق السماوات والأرض: فقال في سورة يس " أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ"( ).
الدليل الثالث: قياس البعث على إحياء الأرض بالماء: لقوله تعالى في سورة فصلت " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "( ).
الدليل الرابع: قياس البعث على اليقظة بعد النوم: لقوله تعالى في سورة الزخرف " وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ" (آية رقم 11).






المقال "البعث بين القرآن والسنة" نشر بواسطة: بتاريخ:
سوا
جزاك الله خيرا



اسم العضو:
سؤال عشوائي يجب الاجابة عليه

الرسالة:


رابط دائم

مواضيع مشابهة:
الفرق بين القلب والفؤاد من القرآن والسنة
علاج الحزن والاكتئاب من واقع القرآن والسنة
أذكار عند النوم والقلق والأحلام من القرآن والسنة
نصائح طبية من القرآن والسنة النبوية
الاعجاز العلمى فى القرأن والسنة النبوية

Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة © fmisr.com منتديات نجوم مصرية