كانت مامتي في بداية كلامها ........ لازم تقولي كل يوم :- النهارده هحكيلك الحدوتة كذا ........ ففي يوم من الايام ........ قالتلي النهارده يا امونة يا حبيبتي هحكيلك حكاية الارنبة فيروز ...........
كان يا ماكان يا سعد يا اكرام وما يحلى الكلام الا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام ............ انتم عارفين طبعا أن الوحوش الضارية , ومختلف الحيوانات , زاحفة أو طائرة أو دابة على الارض تحب العيش في الغابات , خاصة الغابات ذات الاشجار الضخمة العالية , التي تبدو الأرض من تحتها مظلمة كالليل الدامس , وقليلا ما تتخلل أشعة الشمس غصونها وأوراقها ........... فيزيدها ذلك رقة وجمالا وتتجه اليه اطماع القناصين وأصحاب المغامرات......... ففي واحدة من تلك الغابات كان أحد الأسود يخيف كل حيواناتها لشدة سطوته وقوة بأسه , وزئيره الذي يدوي في أرجاء الغابة كالرعد القاصف , خصوصا اذا كان جائعا ...... وحان موعد طعامه , عندئذ يخرج من عرينه زائرا هنا وهناك بحثا عن حيوان يصطاده , يضربه بأظفار يده القوية , فيبطش به , ثم يمزق لحمه بأنيابه الحادة , ثم يجر ما بقى الى عرينه وقد تلوث فمه بالدماء .........
من أجل ذلك كله , وخوفا من بطشة هذا الاسد , كان أكثر الحيوانات لا يخرجون من مكانهم وجحورهم عندما يسمعون زئيره والويل كل الويل لمن اتعسه حظه , فصادفه اللأسد خارجا , سارحا أو باحثا عن طعام له ولصغاره عندئذ تكون النهاية الفاجعة ........
وفي ذات يوم عقد الحيوانات مؤتمرا فيما بينهم , يتدارسون الموقف , لأنهم لم يعودوا يأمنون على أنفسهم , ولا قدرة لهم على مواجهة الأسد ملك الغابة ..... فماذا يفعلون؟؟؟؟؟؟؟؟
قال الثعلب :- عندي رأي واقتراح ....!!
قالوا:- وماهو؟ هات ماعندك يا أبا الحيل...!!
قال:- نؤمـِّن طعام الملك كل يوم فنأمن على أنفسنا وذرياتنا ....!!
قالوا :- كيف ........ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قال الثعلب:- نقترع فيما بيننا , فمن وقعت عليه القرعة أرسلناه مع رسول إلى الملك في عرينه , فلا يخرج الينا هائجآ ثائرآ ........ يلتقط من يشاء ...!!
قالوا :- نعم الرأى رأيك...... ولكن هل يرضى الملك برأينا هذا , فيـكُف عنا شره!!؟؟
قال الثعلب :- نرسل وفدآ الى الملك يفاوضه ويقترح عليه ما رأينا ......
قالوا :- حسنآ ....... وتكون أنت على رأس الوفد ايها الثعلب المكار.... فلعل الملك يرفض اقتراحنا ,,,,,, فتعرض عليه رأيا آخر ...... وقد فوضناك بذلك ......
وماأسرع ماقـَبـِل ملك الوحوش والغابة باقتراح الحيوانات .... ففي ذلك راحة له من الركض والوثوب ومصارعة الحيوانات ,,,,,,, وإعلان بالولاء له من كل سكان الغابة.......
أخذت الحيوانات تنسق كل يوم , فمن وقعت عليه القرعة , أخذه رسول منهم إلى عرين الاسد ,, وقدمه له....
ومن ثم أصبح جميع الحيوانات في مأمن , يخرجون عندما يشاءون ....... يسرحون في أنحاء الغابة ..... ويأكلون ويشربون , ويحملون الى اصغارهم في اوكارهم وجحورهم ما يكفيهم.
وساد الامن والامان كل الغابة ,,,,,,,,, من اقصاها الى اقصاها ,,,,,, ولم يُسمع في ارجائها صوت زئير الاسد ابدآآآآآآآآآآآآآ ..............
وفي ذات يوم وقعت القرعة على الارنبة فيروز ........... فقالت :-
لست خائفة ولا منزعجة ,,,,,, وأعرف انني سوف اكون لقمة واحدة في فم الملك ........ ولكن ما رايكم ان خلصتكم من شره الى الابد ........!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟
قالوا:- ذلك ما نريد ونشتهي , ولكن كيف يافيروز ...... وانت اضعف واقل شأنآ ......؟؟؟؟
قالت :- لا عليكم , فهذا تدبيري انا ........ فالعقل الراجح يغلب اشد القوى ........ فقط اريد منكم ان تطلبوا من الرسول الذي يصحبني الى الملك ان يبطئ بي ولا يستعجل.....!!!
قالوا :- هذا امر هين ... ولك ما تشائين ......
ثم إن فيروز خرجت مع الرسول الى عرين الاسد ...... الذي كان يقع في طرف الغابة عند سفح الجبل ....... وكان عبارة عن كهف محفور في الصخر ........
فكانت في مشيتها تتباطأ ........ وتسير على مهل ...... وقد مضى على خروجها ساعات ...., وفات ميعاد طعام الاسد ....... فبدأ يتململ من جلسته ...... فهب منتصبا على قوائمه ...... وراح يغدو ويجيئ داخل الغار ...... ويفتح شدقه متثائبآ ........ ثم يهدر ويزمجر .......
وقبل ان تصل فيروز الى باب الغار طلبت من الرسول ان يتركها ويعود ادراجه كما أتفقت مع الحيوانات ....... ثم إنها أقبلت على فم الغار ,,,,,,, وكان الاسد في اقصى حالات غضبه وثورته بسبب الجوع .... فوقفت فيروز على بعد خطوات منه ...... ثم ألقت بالتحية معتذرة عن التأخير وقالت:- عذرا يا ملك الغابة وعفوآ يا سيد الوحوش ورمزها ....., لقد تأخرت عليك بعض الوقت ,,,,, ولم يكن ذلك عن قصد منى _ معاذ الله _
ولكنني رسول الحيوانات اليك وقد أتيتك بأرنب شهىِّ , هو طعامك اليوم , ولكنني فوجئت بأسد يهاجمني ويقطع علىَّ الطريق , فرجوته ان يتركني امضي لانني أحمل طعام الملك ...
فقال في سخرية واستهزاء :-
ومن يكون ذلك الملك .....!!!!!!!؟ انا الملك وحدي لا غيري وانا اولى منه بهذا الارنب ........
فقالت فيروز :- ثم سبـَّك وشتمك ونال منك ...... وهجم على الارنب ........ فحمله بين انيابه ومضى .........
هاج الاسد وماج ,,,,,,, وعلا زئيره ....... واشتد غضبه ...... ثم قال لفيروز :-
وأين كان ذلك .....؟؟
في مكان قريب عند احدى التلال ..... قال الاسد:-
دليني عليه ........ ولسوف يكون لي معه حساب عسير ....... هيـَّا ........
وخرج الاسد من عرينه ,,,,,,, وتقدمته فيروز لتدله على المكان المزعوم ........
ثم أنها مازالت تمضي حتى جاءت تله مرتفعة ,,,,,,, وراءها بئر ماءٍ من بقايا الأمطار ......
فوقفت , ووقف الاسد الى جانبها ....... وكان الماء صافيا لا يعكــره شئ ,,,,,,, فبدت صورة الاسد وإلى جانبيه فيروز على صفحة البئر ........ وكأنها المرآه ........
قالت فيروز :- هاهو يا سيد الغابة وملك الوحوش,,,,, وهاهو الارنب طعامك الى جانبه .......
وفي لحظة طائشة قذف الاسد بنفسه لينقض على خصمه وغريمه ......... فوقع في البئر ,,,,,, ومات غريقآ............
وعادت فيروز الى الحيوانات تزف اليها بشرى الخلاص من الاسد .........
ففرحوا لذلك فرحآ عظيما ,,,,,, وعلت أصواتهم في انحاء الغابة ....... وبين صائح وعاد ونابح ........ وغير ذلك من الاصوات ,,,,,,, وكأنهم فرقة موسيقية تعزف الحان غير متناسقة الاصوات ,,,,,,, ولا ضابط لها .......... وكافأوا فيروز على مافعلت بهم من الخير , وتعاهدوا ان لا يمسوها او يمسوا عشيرتها بسوء ...........!!!!!!!!!!
وهكذا يا احبائي استطاعت قوة القلب وحسن التدبير في التخلص من خطر كبيـــــــر........
وتوتة توتة فرغت الحدوتة ........... حلوة ولا ملتوتة ...................
|