حبس "نائب القمار" لقيامه بتهريب 550 هاتف محمول، نائب يتلاعب في قرارات العلاج على نفقة الدولة ويحصل على قرارات بـ 277 مليون جنيه، برلماني بدرجة وزير يسب الدين تحت قبة البرلمان لمن يتهرب من دفع الضريبة العقارية، سيديهات فاضحة لعضو مجلس الشعب الرياضي وتراشق بالألفاظ الجارحة مع زميله، نائب يقتحم مدرسة بشبرا ويثير الفزع بين المدرسين والتلاميذ، نائب بالبرلمان يقتحم قسم شرطة بقنا ويعتدي على رجال الشرطة للإفراج عن 6 من أبناء دائرته، برلماني يرفع حذائه لتأديب زميله تحت قبة البرلمان ويتقاضى رشاوى لخدمة أبناء دائرته.
كانت هذه طائفة بسيطة جدا من الأخبار التي تصدرت عناوين صفحات وسائل الإعلام المصرية خلال أقل من سنة من عمر الدورة البرلمانية السابقة لمجلس الشعب المصري والذي سينفض سامره نهاية العام الجاري، والتي ومن كل أسف يربط بينها خيط واحد هو أن جميعها يتعلق بسلوكيات مستهجنة تصدر من بعض نواب البرلمان الذين يفترض أن تكون صفحتهم ناصعة البياض لأنهم ممثلين للشعب ومؤتمنين على مصالحه وأكثر من هذا أنهم قدوة لأبناء دوائرهم الذين أعطوهم أصواتهم ليعبروا عنهم لا لاستخدامها في البلطجة والاعتداء.
وتشير الأرقام إلى أنه خلال السنوات الماضية جاءت أسماء أكثر من 120 برلمانيا مصريا في اتهامات جنائية وأخلاقية وتأديبية (مدة الدورة البرلمانية 5 سنوات) بسبب انتهاك القانون أو الضلوع في جرائم قتل أو بلطجة بل أن بعض هذه الأسماء ورد في جرائم آداب.
وتتفاوت الاتهامات الموجهة للنواب مابين كبائر لا تغفر ـ مثل تهمة التسبب في قتل 1200شخصا هم ضحايا العبارة السلام والمتهم فيها العضو الهارب ممدوح إسماعيل صاحب عبارة الموت ـ وتتدرج هذه الاتهامات حتى تصل لتزوير شهادة محو الأمية التي واجهت ذلك البرلماني الصعيدي الذي لقب آنذاك بـ "العضو الجاهل".
وقبل نحو العامين، واجه د. هاني سرور ـ نائب حي الظاهر القيادي بالحزب الوطني ـ تهمة بيع مئات الآلاف من عبوات دم ملوثة تنتجها شركة هايدلينا التي يملكها سرور، وقد تم حبسه لفترة ثم صدر له حكم بالبراءة إلى أن ظهرت أدلة إدانة جديدة فأعيدت محاكمته من جديد.
كما حامت الشبهات منذ فترة حول برلماني مخضرم قيل أنه يحصل على رشاوى ضخمة من المواطنين نظير قضاء خدمات لهم أو تيسير حصولهم على بعض التأشيرات، وهو ما تم تجسيده سينمائيا في شخصية جمال الألفي بالفيلم الشهير عمارة يعقوبيان.
وقد خلف هذا البرلماني القدير جيل "مخضرم" آخر يسير على منهاج "المعلم"، حيث احترف عدد من النواب المتاجرة بمقدرات الجائعين فيمن أطلق عليهم نواب التأشيرات، والذين باعوا كل التأشيرات بما فيها تأشيرات حج بيت الله الحرام تلك التي تخصصها الدولة لأعضاء المجلس بالمجان لإهدائها لأبناء دائرتهم.
وعلى ذكر الاتهامات الموجهة لبعض أعضاء مجلس الشعب نذكر نواب القروض الذين نهبوا المليارات من أموال الشعب وقدم بعضهم للمحاكمة التي أدانتهم بالحبس، فيما تمكن آخرون من الهروب خارج البلاد كما هو الحال مع رجل الأعمال الشهير رامي لكح الذي نهب نحو ملياري دولار واحتمى بدولة أوروبية.
أما نواب الكيف فهي القضية التي لا تنسى، حيث ضلع عدد من البرلمانيين في جلب والاتجار بالمخدرات خلال مطلع التسعينات وتم تقديمهم للمحاكمة وحصلوا على أحكام بالحبس، كما ظهر هروب العشرات من أعضاء "المجلس الموقر" من أداء الخدمة العسكرية، فيما عرفوا بنواب التجنيد الذي يعتبر أدائه شرطا أساسيا لدخول البرلمان.
بالجزمة.. لعل هذا الشعار لم يكن بعيدا أيضا عن الوقائع التي شهدتها قبة البرلمان المصري والتي دارت أحداثها بين النائبين الأكثر شهرة طلعت السادات وأحمد عز، والذين تطورت بينهما المشادة الكلامية إلى حد رفع السادات الحذاء في وجه عز لولا تدخل النائب مصطفى بكري لاحتواء الأزمة.
وقد عاصر مجلس الشعب أيضا من عرفوا بـ"نواب النقوط" و"النواب الصايعة" والذين دأبوا على أن يكون لهم تواجدا شعبيا إيجابيا بين أبناء دائرتهم الذين أعطوهم أصواتهم، فمنهم من حرص على اعتلاء خشبة المسرح وانتزاع الميكرفون للصياح بأعلى صوته "سلام مربع للجدعان، وسلام خصوصي لابن الدايرة"، بل أن الأمر وصل ببعضهم للرقص بالسنج والمطاوي أمام الراقصات.
وفي انتخابات سابقة شهدت ضاحية حلوان النائية عن قلب العاصمة "معركة برلمانية جدا" قام خلالها أحد النواب الدالفين في فضيحة النقوط هذه ـ بمعاونة أكثر من خمسين بلطجيا يحملون الشوم والسلاح ـ بتأديب أنصار أحد المرشحين المنافسين بالكرباج لمجرد أنهم تجرأوا وجاءوا لحلوان كي يعلقوا لافتة دعاية لمرشحهم.
الأغرب أن اللافتة كانت لمرشح علي مقعد 'الفئات' وليس علي مقعد العمال المرشح له نائب النقوط... نائب النقوط سبق له في عام 1986 أن أطلق أعيرة نارية علي مرشح آخر ارتكب "نفس الجريمة" حينما قام بتعليق لافتة كدعاية له في نفس هذا المكان بدون إذن ولم يحدث شيء، هانقول إيه ما هي عزبة.
وعن "نواب سميحة" فحدث ولا حرج، حيث تورط 3 نواب "موقرين" في ليلة حمراء مع إحدى بائعات الهوى وجرى الاتفاق بين "صحبة الشيطان" على أن يدفع كل "عضو" 200 جنيه نظير المتعة الحرام، وكان الأرجح أن تمر الفضيحة بهدوء لولا تدخل الأقدار التي أبت إلا أن تفضح فعلتهم الخاسئة.
حيث حاول "الأعضاء" استغلال نفوذهم وطالبوا بتخفيض "الأجرة" من 600 جنيه إلى 150 جنيه فقط، ليس بخلا منهم أو قصر ذات اليد وإنما استخداما لحقهم في وجود "خصم مناسب" حتى في تسعيرة الليالي الحمراء، فأخرج كل واحد منهم 50 جنيها فقط وقالوا بالصوت "الحياني" إحنا أعضاء ولازم تكرمينا علشان نبقى زبائن دائمين.
لكن طبعا هؤلاء الأعضاء نسوا أنهم يتعاملون مع ... سميحة وما أدراهم ما سميحة التي لم يهمها "عضو" ولا غيره فراحت تصرخ بالصوت الحياني "يا لهوي.. إلحقوني يا خلق هوووه ، عايزين يضحكوا على حرمة غلبانة وياكلوا عرق.... جبينها" وطبعا الجيران شموا ريحة "العرق".
حيث طرحت "بائعة الهوى" كل الحسابات السياسية جانبا، وراحت تلقنهم درسا عمليا في أصول التعامل مع "الساقطات"، فلم تخش انفضاح الأمر، وكانت الأقدار لهم بالمرصاد حيث وصل الخلاف إلى قسم البوليس ولنحس حظهم تلقى البلاغ ضابط لا يخشى إلا الله، رفض تسوية الأمر بالتصالح ودفع المعلوم واتخذ قرار شجاعا بإحالة الموضوع لأعلى جهات التحقيق في الدولة.
وبعد هذا الاستعراض السريع تبقى حقيقة مهمة جديرة بالذكر، فرغم هذه الظواهر السلبية الخطيرة التي تنال من سمعة المجلس الموقر، فإنه لا تستر على فساد أو مفسدين مهما طالت المهلة الممنوحة للإصلاح، وإن كان البعض يكيل اللوم لقبة البرلمان التي تحمي في كثير من الأحيان مثل هؤلاء الأعضاء وتعطل تنفيذ بعض الأحكام القضائية الصادرة بشأنهم تحت شعار "المجلس سيد قراره".
ويدلل أنصار ذلك الرأي بأن هذا الشعار اتخذ في فترة معينة ستارا لارتكاب بعض الموبقات التي لا تليق باسم من يحملون أمانة تمثيل الشعب، فعلى سبيل المثال لا الحصر تجاهل المجلس في كثر من الأحيان تنفيذ أحكام بالطعن في شرعية وصول النائب فلان للبرلمان، بعد ثبوت أدلة دامغة على وقوع تزوير في فرز نتائج الانتخابات داخل دائرته.
لكن مما لا شك فيه أن "سيد قراره" نفسه يتعلم في كثير من الأحيان من أخطائه فيتجنب تكرارها في الدورات ، وعلى أية حال كل انتخابات "نزيهة" وأنتم بخير، ونلقاكم في آخر العام مع البرلمان الجيد إن شاء الله ويارب يكون أنظف.