هانز كريستان أندرسن (2 أبريل 1805 - 4 أغسطس 1875) مؤلف وشاعر دنماركي اشتهر بحكاياته الخرافية.
حياته
ولد هانز كريستيان أندرسون يوم الثلاثاء الثاني من ابريل عام 1805 في أودينس Odense بالدانمارك Denmark لأب اسكافي فقير مريض يبلغ 22 عاماً ، وكانت والدته تدعي Anne Marie Andersdatter، والتي تكبر زوجها بسنوات عديدة ، كانت تعمل غسّالة ، وكانت مدمنة للخمور ، غير متعلمة ، تؤمن بالخرافات ، وهي التي فتحت لابنها عالم الفلكلور ، وقد توفيت عام 1833 وكان له أخت وحيدة ، وعاشت الأسرة بأكملها في حجرة واحدة صغيرة ، وكان لدي والده الٳسكافي مجموعة من الكتب من بينهم الإنجيل ، وكوميديا هولبرج Holberg's comedies ، وألف ليلة وليلة The Arabian Nights ، ونمّ أندرسون عن ذكاء وخيال عظيم وهو طفل صغير ، وذلك اتضح في انغماسه في خرافات والديه ، وخصوصاً أمه . فقد صنع لنفسه مسرح عرائس صغير ، وجلس في البيت ليصنع ملابس الدّمي ، وفي قراءة كل المسرحيات ، التي تقع يداه عليها ؛ ومن بينهم أعمال لودفينج هولبرج Ludving Holberg ويليام شكسبير William Shakespeare. وخلال طفولته ، كان لديه حب شديد للأدب . وكان معروف بقدرته علي تذكر مسرحيات بأكملها لشكسبير ، ويستطيع تسميعها مستخدماً عرائسه الخشبية كممثلين . وكان يحب أيضاً فن الهزل ( المزاح ) . واستطاع أندرسون في طفولته في أودينس Odenseأن يكون له اتصال بالمسرح عن طريق رؤيته للممثلين الجوّالين من المسرح الملكي في كوبنهاجن Copenhagen. لكن موهبة أندرسون الفنية ارتفعت به من قاع المجتمع لقمته ، فبعد مقابلة بالصدفة مع الملك فريدريك الخامس V Frederick ملك الدنمارك ، بدأ الملك الاهتمام به ، وأرسله إلي مدرسة لتعلم قواعد ( النحو ) في سلاجيلس Slagelse وٳلسينور Elsinore حتي عام 1827 ، وأقرّ فيما بعد بأن سنوات دراسته كانت أسود سنين في حياته . حيث عاش في بيت ناظر المدرسة ، وأسيئت معاملته هناك ؛ كي يبنوا له شخصيته ، وكان شاذاً وسط زملائه ، فقد كان أكبر منهم كثيراً ، ولطول قامته الشديد ، وأنه غير جذاب ، كل هذا أدي لشعوره بالألم ، وظهر هذا الشعور في أعمال كثيرة له .
وقد رأي أندرسون أن حياته الشخصية تشبه احدي الحواديت التي كتبها . ولقد اشتهر خلال العالم بحواديته وقصصه بجمهور عريض من أيامه ، وحتى الآن . وتحمل قصصه وحواديته نبرات سخرية ، ونغمات سرية تستهوي الأطفال والبالغين . كان أندرسون نتاجاً لمدينتين ، وبيئتين اجتماعيتين ، وعالمين وعصرين . كمؤلف وكرجل استمر في التطور والتغير ، وصراع دائم مع نفسه .
كلا المدينتين أثرتا بطريق مباشر ، وغير مباشر كباعث لحواديته وقصصه ومسرحياته ، وأصبحتا مصدر لإنتاجه في بحثه عن الشخصية المتكاملة ، وهما مدينته الأم أودينس Odense وكوبنهاجن Copenhagen حيث عاش وعمل بها جزء عظيم من حياته، وفيها كان علي اتصال بعائلتين – الكولينز والوولفز – the Collins and the Wulffs ، واللتين اعتبرتا أقاربه الروحيين . وهناك في كوبنهاجن عرف البرجوازيين the bourgeois والطبقة العليا كما عرف البروليتاريا Poroletariat . وأدرك النضال من أجل البقاء ولذاعة أن تكون تابعاً معتمداً علي ما يجود به الآخرون . وقد أضافت له سنواته الأولي في أودينس برصيد من قصص الفلكلور Folk-tales ، التي اكتسبها من عاملات مستشفي أودينس ، واللاتي حكينها له ، فكانت هذه القصص هي نقطة البداية له لإعادة تحليلها وصياغتها في شكل قصصي من إبداعه هو .
اشتهر أندرسون بكتاباته للأطفال ، واستخدم الأسلوب العامي حيث كان يحتقر العظات والتعاليم المعقدة والعديد من حواديت أندرسون تصور شخصيات تكسب السعادة بعد المعاناة والصراع مثل: ( The Ugly Duckling ) البطة القبيحة ، و ( The Little Mermaid ) عروس البحر الصغيرة ، ويعتبران من أقرب أعماله إليه ، حيث يصور في معظم أعماله كما في هذين العملين قصة حياته هو شخصياً .
وقد كتب عن والده في كتابه " قصة حياتي الحقيقية 1846 " The True Story of My Life
" والدي كرّمني في جميع أمنياتي ، فقد امتلكت قلبه كله ؛ لقد عاش من أجلي . وفي أيام الآحاد ، صنع لي نظارة معظمة ، مسارح وصور يمكن أن تتغير ؛ كان يقرأ لي من مسرحيات Holberg والحواديت العربية ؛ وفي تلك اللحظات فقط يمكنني القول بأنني كنت أراه مبتهجاً ؛ لأنه لم يشعر قط بالسعادة في حياته كرجل حرَفي " .
وبين أعوام 1840 و1857 قام أندرسون برحلات إلي أوربا ، آسيا الصغرى وأفريقيا وسجّل كل انطباعاته ومغامراته في كتاب لسفرياته . وإثناء رحلاته قابل فيكتور هوجو في باريس Victor Hugo وبلزاك Balzac وغيرهم ، وأهدي ( أحلام يقظة شاعر ) A Poet's Day Dreams 1853 لتشارلز ديكنز Charles Dickens ، وكانت نقطة انفتاحه علي العالم هي
The Improvisatore 1835 ، والتي تعد سيرة شخصية له ، وهي تحكي عن ولد فقير ، وقصة اندماجه في المجتمع .
دفن أندرسون في كوبنهاجن في مكان للدفن يدعي Assistens Kirkegard قد شارك فيه مع صديق له يدعي ٳديفارد كولين Edvard Collin ، وزوجة صديقه هنريت Henriette .
وكان والده وجدته يعتقدان أو يقولان له أن عائلتهم تنحدر من أصل طبقة عليا ، وقد دارت الشائعات حول ذلك ، ولكن التحريات أثبتت أن هذه القصص لا أساس لها . الأسرة بالفعل لها علاقة بأصل ملكي دانماركي ، ولكن من الطبقة العاملة ، ونتيجة لتلك الأقاويل بأن أندرسون هو ابن بالتبني لعائلة كولين Collin ، التي كانت ترعاه في كوبنهاجن قام أحد أبناء العائلة باقتلاع شاهد القبر افارد وهنريت Henriette and Edvard إلي مكان دفن العائلة ، ومن وقتها يقف شاهد قبر أندرسون وحيداً في ذلك المكان ، فقد عاش وحيداً ومات وحيداً كذلك .
ومن حكايات أندرسون الممتعة :
1- حكاية أم The story of a mother1848 أم جلست بجوار طفلها الصغير ، كانت حزينة ؛ لأنها خائفة أن يموت ، كان شاحباً لدرجة كبيرة ، وكانت عيناه الصغيرتان مغلقتان ، وكانت أحياناً تطلق نفساً عميقاً مثل التنهيدة ، والأم تنظر بحزن علي الكائن الصغير البائس ، خبط شخص ما علي الباب ، ودخل رجل عجوز فقير ، كان ملفوفاً بشئ يشبه ملابس حصان كبير ، وكان يحتاج هذا بشدة لتدفئته ؛ لأنه كان شتاءاً بارداً ، والبلدة كانت مغطاة في كل مكان بالثلج والجليد ، وهبت الرياح بحدة لدرجة أنها ممكن أن تقطع وجه شخص ، ونام الطفل دقيقة ، والأم تري أن الرجل العجوز يرتعد من البرد ، فوقفت ووضعت إبريقاً صغيراً من الخمر علي الموقد كي يدفأ له ، فجلس الرجل العجوز ، وهزّ الأرجوحة ، وجلست الأم علي كرسي بجواره ، ونظرت إلي الطفل المريض ، الذي يتنفس بصعوبة وأمسكت بيده الصغيرة .
وقالت : " هل تعتقد أني سأحافظ عليه " إن الله الرحيم ، إلهنا الرحيم بالتأكيد لن يأخذه مني " . الرجل العجوز – الذي كان الموت بنفسه – أومأ رأسه بأسلوبٍ غريب ، الذي يحتمل نعم أو لا ، فأنزلت الأم عينيها لأسفل ، بينما جرت الدموع علي خدودها ، ثم ثقلت رأسها ؛ لأنها لم تغلق عينيها منذ ثلاثة أيام وليالي ، ونامت لدقيقة ، وارتعدت من البرد ، فوقفت ونظرت حولها في الغرفة ، فوجدت الرجل العجوز قد ذهب ، وذهب معه ابنها الصغير أيضاً ، لقد أخذه الرجل العجوز . في ركن الحجرة كان هناك منبه قديم بدأ في الرّن ، والسلاسل التي كانت في الحجرة قد ذهبت ، والثقل الثقيل غرق في الأرض ، وتوقف المنبه ، وانطلقت الأم من المنزل تنادي علي طفلها في الخارج في الجليد ، جلست امرأة مرتدية ملابس طويلة سوداء ، وقالت للأم ' لقد كان الموت معك في حجرتك لقد رأيته مسرعاً بطفلك ، ويجري أسرع من الريح ، ولا يرد أبداً ما يأخذه " .
قالت الأم " فقط أخبريني أيّ طريق ذهب ، أخبريني الطريق سأجده " .
قالت المرأة ذات الملابس السوداء ، أعرف الطريق ، ولكن قبل أن أخبرك يجب أن تغني لي كل الأغاني ، التي غنيتيها لطفلك ، أنا أحب هذه الأغاني ، لقد سمعتهم من قبل . أنا الليل ، ولقد رأيت دموعك تنهمر عندما تغنين .
قالت الأم : " سأغنيهم لك ، ولكن لا تؤخريني الآن ، لا بد أن ألحقه ، وأجد طفلي " .
ولكن الليل وقف ساكتاً مكانه ، ثم بعد ذلك بكت الأم ، وغنت وعصرت الأم يديها ، وكانت هناك أغنيات كثيرة ، وحتى دموع أكثر ، حتى قال الليل الطويل " اذهبي إلي اليمين داخل الغابة المظلمة ذات شجر الصفصاف ؛ لأني رأيت الموت يأخذ هذا الطريق بطفلك " .
وفي الغابة أتت الأم إلي مفترق طرق ، ولم تعرف أي طريق تسلك ، فوقفت بجانب أيكة شوك ، لم يكن لديها أوراق أو زهور ؛ لأنه كان وقت الشتاء ، وقطع ثلج متدلية متعلقة في الفروع " ألم تري الموت يذهب بطفلي " ، سألت هي .
" نعم ولن أخبرك أي طريق سلك حتى تدفيني في حضنك ، فأنا أتجمد حتى الموت ، وسأتحول إلي ثلج " .
فضغطت الشجر الشائك نحو حضنها بقرب شديد حتى يذوب الثلج ، حتى وخذ الشوك جسدها ، وتدفقت قطرات كبيرة من الدم ، ولكن شجرة الشوك نبت منها أوراق خضراء يانعة ، وأصبحوا زهوراً في ليل الشتاء البارد ، ما أدفأ قلب أم تنتحب ، ثم أخبرتها شجرة الشوك الممر الذي يجب أن تسلكه ، فأنت علي مسافة من بحيرة كبيرة ، حيث يكن لم فيها أية سفينة أو قارب يُرَي ، لم تكن البحيرة متجمدة لدرجة كافية ؛ كي تسير فوق الثلج أو مفتوحة كلها بدرجة كافية لتخوضها ، ولذلك كان يجب عليها أن تعبرها إذا رغبت أن تجد طفلها ، ثم أرقدت نفسها كي تشرب ماء البحيرة الشئ الذي يكون مستحيلاً لأي بشر أن يفعله ، ولكن الأم المحرومة الثكلي اعتقدت أنه ربما تحدث معجزة كي تساعدها " لن تنجحي أبداً في هذا " ، قالت البحيرة . " دعينا نصنع اتفاقاً معاً وسيكون أفضل ، أحب جمع اللآلئ ، وعيناك هي أنقي ما رأيته ، فإذا خلعت عيناكِ بالدموع في مائي ، سوف آخذك إلي البيت الساخن الكبير ، حيث يسكن الموت ، ويزرع الورود والأشجار ، التي كل واحد منها حياة إنسان " .
فقالت الأم المنتحبة ، التي مازالت تبكي ، ووقعت عيناها في أعماق البحيرة ، وأصبحتا لؤلؤتان ثمينتان ' ماذا يتبقي لا أعطيه كي أصل لٳبني !
ثم رفعتها البحيرة ، وحملتها إلي الشاطئ المقابل كما لو كانت علي جناحين ، حيث يقف هناك مبني رائع علي بُعد أميال عديدة ، لا أحد يستطيع أن يبحر إذا كان جبلاً مغطي بالغابات ، وملئ بالكهوف أم أنه مبني ، ولكن الأم البائسة لا يمكنها الرؤية ؛ لأنها بكت عينيها للبحيرة ، " أين سأجد الموت ، الذي هرب بطفلي ؟ " سألت هي .
لم يصل بعد " ، قالت امرأة رمادية الشعر عجوزة ، التي كانت تسير وتروي منزل الموت ، " كيف وجدت طريقك إلي هنا ، ومَنْ ساعدك ؟
فأجابتها ، ساعدني الله ، ﺇنه رحيم ألن تكوني رحيمة أيضاً ؟ " . أين أجد طفلي الصغير ؟
فأجابتها المرأة العجوز لم أعرف الطفل ، وأنت كفيفة ، لقد انطفأت الليلة ورود وأشجار عديدة ، وسيأتي الموت حالاً كي يزرعهم " أنت تعرفين بالفعل أن كل إنسان له شجرة حياة أو شجرة ورد ، التي ربما فُرِضَتْ عليه ، إنهم يبدون حياة مثل باقي النباتات ، ولكنهم يملكون قلوب تخفق ، ومنهم ربما تتعرفين علي طفلك ، ولكن ماذا ستعطيني إذا أخبرتك بما ستفعلينه أيضاً ؟ " فأجابتها الأم الحزينة ، " لا أملك شيئاً لأعطيه لكِ ، ولكني سأذهب لآخر الأرض من أجلك " .
قالت المرأة العجوز ′ ليس لدي شئ لأجعلك تفعلينه هناك ، ولكن يمكنك أن تعطيني شعرك الأسود الطويل ، وأنتِ تعرفين بنفسك أنه جميل ، وأنه يفرحني ، ويمكنك أن تأخذي شعري الأبيض بدلاً منه ، وسيكون شيئاً في المقابل " .
فردت عليها ، فلا تطلبي شيئاً مني أكثر من ذلك سأعطيه لكِ بكل سرور .
فأعطتها شعرها الجميل ، وأخذت بدلاً خصلات بيضاء من المرأة العجوز ، وذهبوا إلي بيت الموت الفسيح ، حيث تنمو الأشجار والزهور ، بغزارة رائعة ، والسنبلات المزهرة تحت الأجراس الزجاجية . وهناك نمت نباتات مائية بعضها يانع والآخر يبدو مريضاً ، حيث تلتف حولها ثعابين مائية حولهم ، وسرطانات البحر تمسك في جذوعهم ، وهناك وقفت أشجار النخيل النبيلة والبلوط ، وأسفلهم يُزهر الزّعتر والبقدونس . كل شجرة وزهرة كان لها اسماً كل منها تمثل حياة إنسان ، وتنتمي إلي رجال مازالوا أحياء البعض في الصين وآخرون في جرين لاند ، وفي كل أجزاء العالم بعض الأشجار كبيرة زرعت في ٳصيصات صغيرة ، ولذلك كانوا يبحثون عن متسع ، وبدوا أن ينفجروا من الإناء إلي قطع ، بينما العديد من الزهور الصغيرة الضعيفة ، كانت تنمو في أرض خصبة ، وطحالب تحيطها ، وكان يُعتني بها ، فانحت الأم الحزينة فوق النباتات الصغيرة ، وسمعت قلوب الإنسان تخفق في كل واحدة ، وتعرفت علي نبضات قلب طفلها بين الملايين .
فصرخت هاهو ، ومدت ذراعيها نحو زهرة صغيرة ، التي تدلت رأسها المريضة لأسفل .
فأمرتها المرأة العجوز لا تلمسي الوردة ، ولكن أجلسي نفسك هنا ، وعندما يأتي الموت – والذي أتوقع أن يأتي كل دقيقة – لا تجعليه يقتلع النبات ، ولكن هدديه إذا فعل سوف تفعلين المثل مع باقي الورود ، هذا سيجعله يخاف ؛ لأنه لابد أن يراعي الله في كل واحدة منهم ، فلا يمكن أن يُقتلع أي منهم دون أن يتلقى إذن بفعل هذا .
واندلعت موجة باردة خلال بيت الموت ، وشعرت الأم الكفيفة أن الموت قد وصل .
فسألها " كيف عثرت علي الطريق إلي هنا ، كيف استطعت أن تأتي أسرع مني ؟ "
فأجابته " أنا أم "
ومدّ الموت ذراعه نحو الوردة الصغيرة الجميلة ، ولكنها أحكمت يدها حولها ، وأمسكتها بسرعة في نفس الوقت بعناية وقلق شديد ؛ للأ تلمس أحد الورقات ، وتنفس الموت علي يديها وأحست بنفسه أبرد من رياح الثلج ، فغرقت يديها لأسفل بلا قوة .
وقال الموت " لا يمكنك أن تصمدي أمامي " .
فقالت هي " ولكن الله ذو الرحمة يستطيع " .
فأجابها الموت " أنا فقط أنفذ إرادته ، فأنا خادمه ، آخذ كل زهوره وشجره وأزرعهم في حدائق الفردوس في أرض غير معروفة ، كيف يزهرون هناك ، وكيف شكل الحديقة ، ربما لن أخبركِ " .
فقالت له الأم باكية " أعد لي طفلي ممسكة زهرتين جميلتين في يدها ، وصرخت له سوف أمزق لك كل زهورك ؛ لأني يائسة .
فقال الموت لا تلمسيهم ، فأنت تقولين أنكِ غير سعيدة ، وربما تجعلين أم غيرك غير سعيدة مثلك .
" أم أخري ! صرخت الأم اليائسة تاركة من يدها .
وقال الموت ′ هاكِ عيناكِ لقد اصطدتهم من البحيرة لأجلك إنهم يلمعون ، ولكني عرفت أنهم ليسوا عيونك ، فخذيهم إنهم أنظف الآن عما سبق ، ثم انظري إلي الأعماق جيداً ، التي هي قريبة من هنا ، سوف أخبركِ أسماء الوردتان اللتان ترغبين في قطفها ، وسوف ترين المستقبل بأكمله ، ولكل البشر ، اللتان تمثلهما ، وماذ1 سوف تحبطين وتحطمين " .
ثم نظرت إلي البئر ، وكان منظراً فخيماً ؛ لينظر إليه كيف واحد منهم أصبح سعادة للعالم ، وكم السعادة والمرح ، التي نشرها حوله ، ولكنها رأت أن حياة الآخر مليئة بالعناية والفقر والبؤس والفزع .
قال الموت : " قال الموت كلاهما إرادة الله ".
قالت هي " أيها الوردة الحزينة ، وأيها السعيدة ؟ "
فأجابها الموت هذا ما لن أخبركِ به ، ولكن هذا ما سوف تتعلمينه فيما بعد ، إن أحد الوردتين يمثل طفلكِ ، انه مصير ابنك ، الذي رأيتيه ، مستقبل طفلكِ "
ثم صرخت الأم بفزع ، أيهما ينتمي لطفلي أخبرني بهذا ، " أطلق الطفل الحزين حرره من البؤس الكبير ، بل خذه بعيداً ، خذه إلي مملكة الله ، انس دموعي وأحزاني ، انس ما قلته أو فعلته " .
فأجابها الموت ، " لا أفهمكِ ، هل ستأخذين طفلكِ أو آخذه بعيداً إلي مكان لا تعرفينه ؟ " .
ثم فركت الأم يديها ، وجلست علي ركبتيها وصلت لله ′ لا تقبل صلاتي إذا كانت مضادة لإرادتك ، التي في كل الأوقات هي الأفضل لا تسمعها ′ ، وسقطت رأسها علي صدرها .
ثم حمل الموت طفلها بعيداً إلي أرض غير معروفة .
2-الحظ الجيد يمكن أن يوجد في دبوس Good luck can lie in a pin (1869)
سأحكي لكم قصة عن الحظ الجيد ، نحن جميعاً نعرف الحظ الجيد ، البعض يرونه من العام إلي العام ، والآخرون يرونه في مواسم معينة ، في يوم معين ، وهناك أناس يرونه مرةً واحدةً في حياتهم ، ولكننا جميعاً نراه .
الآن لا أحتاج لأن أخبركم – فكل واحد يعرفه – أن الله يرسل الطفل الصغير ، ويضعه في حجر أمه ، ربما في قلعة غنية ، وفي منزل جيد ، وربما أيضاً في حقل مفتوح ، حيث تهب الرياح الباردة . كل واحد لا يعرف – علي الرغم من هذا – ولكنه من الحقيقي أنه نفس الشئ ، أنّ الله ، عندما يُحضر الطفل ، يحضر معه الحظ والرزق : ولكنه لا يوضع بوضوح إلي جانبه فيمكن أن يكون موضوعاً في مكان ما في العالم ، حيث لا يتوقع الفرد علي الأقل أ يجده هناك ، وعلي الرغم من ذلك دائماً يوجد : وهذا أفضل ما فيه ، فيمكن أن يوضع في تفاحة ؛ وكان هذا حال رجل يُدعي " نيوتن " : فسقطت التفاحة ، وبهذا وجد الحظ الحسن . إذا لم تكن تعرف القصة ، فاسأل أحداً يعرفها ، وسوف يخبرك ، ولديّ قصة أخري لأحكيها لك ، وهي قصة عن حبة كميثري .
في وقت من الأوقات كان هناك رجل ولِدَ في فقر ، ونما في فقر ، وتزوج في فقر ، كان رجلاً متجولاً للتجارة ، وصنع – بالخصوص – شمسية وخواتم ؛ ولكنه عاش بالكاد من يدٍ إلي فم . " لم أجد أبداً الحظ الجيد " ، قال هو ، هذه قصة حدثت فعلاً ، ويمكن لأي أحد أن يعرف اسم البلد واسم الرجل ، الذي عاش فيها ، ولكن هذا لا يعنينا .
ثمرة الكريز الحمراء اللاذعة نمت في أغني وفرة بالقرب من منزله وحديقته ، وفي الحديقة أيضاً ، كانت هناك شجرة كميثري، ولكنها لم تثمر كميثراية واحدة ، ولذلك وضع الحظ الجيد في تلك الشجرة ، وضع في حبات الكميثري الغير مرئية .
في ليلة من الليالي هبت ريح فظيعة ، وأخبرت الجرائد أن مركبة السفر العمومية قد رُفعت في الطريق ، وأُلقت علي جانب مثل الخِرقة أو الكُهنة ، يمكن جداً أن يحدث هذا فيما بعد ، بأن فرعاً كبيراً سوف يُكسر من شجرة الكميثرا .
الفرع وضع في الورشة – والرجل – كنكتة – صنع منها كميثراية كبيرة ، ثم أخري صغيرة – ثم أخريات كثيرا جداً ، ربما الشجرة في وقت ما سوف تثمر كميثرا ، قال الرجل ، ثم أعطاهم للأطفال ليلعبوا بها .
من احدي ضروريات الحياة في مدينة ممطرة : شمسية ، المنزل بأكمله لا يمتلك إلا شمسية واحدة للجميع ؛ إذا هبت الرياح بقوة ، تُقلب الشمسية للخارج ، وللداخل أحياناً ، تخطف منهم مرتان أو ثلاثة ، ولكن الرجل يستعيدها ، أو يصلحها مرةً أخري ، الشئ المثير ، كان أن الزرار الذي يمسكها ، كان يقفز ، أو الحلقة التي تلتف حولها تنقسم إلي اثنين .
يوم ما طار الزرار ، بحث الرجل عنه في الأرض ، وهناك أمسك بٳحدي الكميثرات الخشبية الصغيرة ، التي حصل عليها منه الأطفال ؛ كي يلعبوا بها . " لا أثر للزرار " ، قال الرجل ، " ولكن هذا الشئ الصغير سيفي بنفس الغرض " ، ولذلك حفر ثقباً في الكميثراية الصغيرة مناسبة جداً في مكان الحلقة المكسورة . وكانت هذه احدي أفضل استخدامات حلقة الشمسية علي الإطلاق .
السنة ، عندما كان الرجل يرسل أيادي الشمسيات إلي المدينة ، كما كان يفعل بانتظام ، أرسل أيضاً بعض الكميثرات الخشبية الصغيرة ، ودعا ربه أنه ربما يجربونها ، ولذلك أُرسلوا إلي أمريكا ، وهناك لاحظوا بسهولة وبسرعة أن الكميثرات الصغيرة تنفع أفضل من أيّ زرار عند المسك ، ولذلك الآن سألوا عن التاجر ، الذي يصنع كميثراية صغيرة لتُربط بها الشماسي .
الآن ، يوجد شيء لتفعله ! آلاف الكميثرات ! كميثرات خشبية في كل الشماسي! يجب أن يُبعث الرجل للعمل ، لفّ ولفّ ودار ، وقطعت شجرة الكميثرا بأكملها إلي كميثرات صغيرة ، فجعلت له العُملات، وجلبت له الشلنات .
" لقد وضع حظي الجيد في شجرة الكميثرا " ، قال الرجل .
أصبح عنده الآن ورشة كبيرة بعُمال وأولاد ، وكان دائماً في مزاج عالٍ ، وقال " الحظ الجيد يمكن أن يوضع في دبوس ! " .
أنا أيضاً ، الذي أحكي القصة ، أقول هذا الناس لديهم حكمة ، " خذ pin بيضاء في فمك الصحيحة ، ولن تُري بالعين " ، ولكن لابد وأنها pin الصحيحة الواحدة ، التي أُعطيت لنا كهبة للحظ بواسطة إلهنا . لقد حصلت علي هذا ، وأنا أيضاً مثل الرجل ، في استطاعتي أن أمسك ، الذهب المشخلل أو فلقات الذهب ، الذهب اللامع ، الأفضل، ذلك النوع الذي يلمع من عيني الأطفال ، النوع الذي يخرج من أفواه الأطفال ومن الأب والأم ، يقرءون القصص ، وأنا أقف في وسطهم في وسط الحجرة ، ولكن لا يروني ؛ لأني لدي هذه ال pin البيضاء في فمي ، وإذا رأيتهم مبتهجين مما أخبرته لهم ، بعد ذلك أقول أنا أيضاً ، " الحظ الجيد يمكن أن يوضع في pin.
.
3- الجدة The Grand Motherالجدة عجوزة جداً ، وجهها مجعد ، وشعرها يكاد يكون أبيض تماماً ، ولكن عيناها كنجمتان لهما تعبير رقيق حاد عندما ينظرون إليك ، تلبس فستاناً ثقيلاً من الحرير مشغول فيه ورد كبير ؛ يصنع حفيفاً عندما تتحرك ، ويمكنها أن تحكي أحلي وأروع القصص . الجدة تعرف الكثير جداً ؛ لأنها تحيا من قبل الأب والأم – بالتأكيد. لديها كتاب ترانيم بمشابك فضية كبيرة ، حيث تقرأ فيه غالباً ؛ وفي الكتاب ، بين الأوراق توجد وردة ، مفرودة تماماً جافة ؛ إنها ليست جميلة للغاية ، مثل الورود التي تقف في الكوب ، ولكنها مازالت تبتسم إليها بسرور ، بل حتى تدمع عيناها .
" أتعجب لماذا تنظر الجدة للوردة الذابلة في الكتاب القديم بتلك الطريقة ؟ هل تعرف ؟ " ،
لماذا ، متي تسقط دموع الجدة علي الوردة ، وهي تنظر إليها ، الوردة تنتعش ، وتملأ الحجرة بعبيرها ؛ وتتلاشي الحيطان كما لو كان هناك ضباب، وكل ما حولها يكون من الخشب الفخيم الأخضر ، حيث في الصيف ضوء الشمس ، يخلل ؛ والجدة ، لماذا تكون شباب مرة أخري ، فتاة ساحرة ، ومنتعشة كوردة ، بخدود مستديرة متوردة ، شقراء ، وحلقة لامعة ، وجسم جميل ؛ ولكن العيون تلك الحادتين ، عيون قديسة أو مقدسة كما هما – تُركا إلي الجدة . إلي جانبها يجلس شاب ، قوي وطويل ؛ يعطيها وردة وتبتسم . الجدة لا تستطيع أن تبتسم هكذا الآن ، نعم، إنها تبتسم لذكري ذلك اليوم ، والعديد من الأفكار والذكريات الخاصة بالماضي ؛ ولكن الرجل الوسيم الشاب قد ذهب ، وذبلت الوردة في الكتاب القديم ، والجدة تجلس هناك ، مرة أخري امرأة عجوز تنظر إلي الوردة الذابلة في الكتاب .
ماتت الجدة الآن . كانت تجلس علي كرسيها ذو الذراعين ، تحكي لنا حدوتة جميلة طويلة ؛ وعندما انتهت ، قالت أنها كانت متعبَة ، واتكأت برأسها للخلف ونامت لبرهة . نكاد نسمع صوت نَفَسها الخفيف وهي نائمة ؛ وبالتدريج أصبحت أهدأ وأهدأ ، وعلي ملامحها بدت السعادة والسلام . بدت كما لو كانت قد أضيئت بشعاع من الشمس . ابتسمت مرةً أخري ، وبعد ذلك قال الناس أنها ماتت ، وضعت في كفن أسود ، وتبدو جميلة وحادة في الأربطة البيضاء في الكفن الكتاني ، ورغم أن عيناها كانتا مغلقتان ؛ إلا أن كل التجاعيد قد اختفت، وبدا شعرها أبيض فضي ، وارتسمت حول شفتاها ابتسامة جميلة حلوة . لم تشعر أبداً بالخوف أن ننظر إلي جثتها ، والتي كانت عزيزة جداً ، الجدة الصبية ، كتاب الترانيم ، التي مازالت ترقد فيه الوردة ، وضع تحت رأسها ؛ لأنها تمنت هذا ؛ ثم دفنوا الجدة .
في القبر ، بالقرب من حائط فناء الكنيسة ، زرعوا شجرة ورد ؛ وملئت حالاً بالورود ، وجلس العندليب بين الأزهار، وغني فوق القبر. ومن جزء الكنيسة علت أصوات الموسيقي ، وكلمات الزابور الجميلة ، التي كتبت في الكتاب القديم تحت رأسي الميتة .
سطع القمر علي القبر ، ولكن الميتة لم تكن هناك ، كل طفل كان يمكنه الذهاب بأمان حتى الليل ، ويقطفون الورود من الشجرة إلي جوار حائط فناء الكنيسة . الميت يعرف أكثر منا الأحياء ، يعرفون مبلغ الفزع ، الذي سوف يأتي علينا لو عرفنا أن هذا الشئ الفظيع سيحدث ، كمظهر شخص ميت بيننا . إنهم أحسن منا ؛ الميتون لا يعودون مرة أخري ، تكوم الأرض في الكفن ، وترقد الأرض فقط داخله . أوراق كتاب الترانيم كانت تراباً ؛ والوردة بكل ذكرياته تحولت إلي تراب أيضاً . ولكن فوق القبر مازالت تزهر الزهور ، ويغني العندليب ، والعضو يغني ، ولازالت هناك ذكريات شباب وجمال كما كان- لأول مرة – قبلت الوردة الحمراء المنتعشة ، التي أصبحت تراباً الآن في القبر.