الزوجة النكدية في الطب النفسي
يشكو الرجل من أن زوجته نكدية. وأن بيته قطعة من الجحيم. يعود إلى بيته فتداهمه الكآبة، إذ يطالعه وجه زوجته الغاضبة الحاد النافر المتجاهل الصامت. بيت خال من الضحك والسرور ويغيب عنه التفاؤل مثلما تغيب الشمس عن بيته فتلتهمه الأمراض. يقول في بيتي مرض اسمه النكد. ويرجع السبب كله إلى زوجته ويدعي أنه لا يفهم لماذا هي نكدية لماذا تختفي الابتسامة من وجهها معظم الوقت ويحل محلها الغضب والوعيد؟ ولماذا هي لا تتكلم ؟ لماذا لا ترد ؟ والحقيقة أن هذا الزوج لا يعرف أن زوجته بصمتها الغاضب إنما هي تدعوه للكلام. إنها تصدر إليه رسالة حقيقية إنها رسالة سلبية ولكن هذه طريقتها لأنهما لم يتعودا معاً – الزوج والزوجة – على طريقة أكثر إيجابية في التفاهم. ويقلق الزوج. يكتئب هو أيضاً . ثم يغلي في داخله . ثم ينفجر . وتشتعل النيران وبذلك تكون الزوجة قد نجحت فقد استفزته إلى حد الخروج عن توازنه . لإنها ضغطت على أهم شيء يوجع رجولته وهو التجاهل . أي عدم الاعتراف بوجوده . أي اللامبالاة . ولكن هذه ليست حقيقة مشاعرها فهي تغلي أيضاً لأنها غاضبة . غاضبة من شيء ما . ولكنها لا تستطيع أن تتكلم فهذا هو طبعها وربما يمنعها كبرياؤها فهذا الزوج يخطئ في حقها وهو لا يدري أنه يخطئ وأن أخطاءه ربما تكون غير إنسانية . ربما يتجاهلها عاطفياً ، ربما يتجاهلها فراشياً . ربما بخله يزداد . ربما بقاؤه خارج البيت يزداد من دون داع حقيقي . ربما أصبح سلوكه مريباً .. ربما وربما وربما وهناك عشرات الاحتمالات. ولكنه هو لا يدري أو هو غافل . أو يعرف ويتجاهل . وهو لا يدري أنها تتألم . أي أنه فقد حساسيته. ولكنها لا تتكلم.
لا تفصح عن مشاعرها الغاضبة. وربما لأنها أمور حساسة ودقيقة. ربما لأن ذلك يوجع كرامتها . ربما لأنهما لم يعتادا أن يتكلما. ولهذا فهي لا تملك إلا هذه الوسيلة السلبية للتعبير. وهي في الوقت نفسه وسيلة لعقاب التجاهل. وإذا بادل الزوج زوجته صمتاً بصمت وتجاهلاً بتجاهل فإن ذلك يزيد من حدة غضبها وربما تصل لمرحلة الثورة والانفجار فتنتهز فرصة أي موقف وإن كان بعيداً عن القضية الأساسية لتثير زوبعة. لقد استمر في عليها حتى دفعها للانفجار.
ضغط علها بصمته وتجاهله رداً على صمتها وتجاهلها وتلك أسوأ النهايات أو أسوأ السيناريوهات فهي – أي الزوجة – تصمت وتتجاهل لتثير وتحرق أعصابه وتهز كيانه وتزلزل إحساسه بذاته ليسقط ثائراً هائجاً وربما محطماً. وهنا تهدأ الزوجة داخلياً ويسعدها سقوطه الثائر ، حتى وإن زادت الأمور اشتعالاً وشجاراً تتطاير فيه الأطباق وترتفع فيه الأصوات وهذا هو شأن التخزين الانفعالي للغضب . وتتراكم تدريجياً مشاعر الغضب حتى يفيض الكيل وتتشقق الأرض قاذفة بالحمم واللهب فتعم الحرائق.
قد يستمر هذا الأسلوب في التعامل والتفاعل سنوات وسنوات وهذا يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة ويزيد من الرصيد السلبي المر. ويعتادان على حياة خالية من التفاهم وخالية من السرور ويصبح البيت فعلاً قطعة من جحيم فتنطوي الزوجة على نفسها ويهرب الزوج من البيت. وتتسع الهوة كان من الممكن ألا توجد لو كان هناك أسلوب إيجابي للتفاهم.
وتشخيصاً للموقف نستطيع أن نقول :
أننا أمام زوج لا يعرف ما يضير ويضايق ويؤلم زوجته ، وهذا الزوج يتمادى في غيه مع الوقت ، وهو أيضاً قد فقد حساسيته تجاه زوجته.
وأننا أمام زوجة تكتم انفعالاتها وتخزن أشجانها. وتحترق بالغضب. وهذه الزوجة تلجأ إلى أسلوب سلبي في الرد على زوجها وذلك بإشاعة جو النكد في البيت لتحرم زوجها من نعمة الهدوء والاستقرار والسلام ونعمة الإحساس بذاته.
وتظل الزوجة تستفز زوجها حتى يثور. ولكنهما لا يتعلمان أبداً بل يستمران في نفس أسلوب الحياة الذي يهدد بعد ذلك وبعد سنوات أمن واستقرار البيت ، واستمرار حالة الاستنفار معناه تراجع المودة والرحمة.
وهنالك ألف وسيلة تستطيع الزوجة عن طريقها استفزاز زوجها، وكذلك هناك أكثر من ألف طريقة يستطيع بها الزوج استفزاز زوجته أهمها كما قلنا الصمت والتجاهل والوجه الغاضب والكلمات اللاذعة الساخرة والناقدة والجارحة أو يتعمد أي منهما سلوكاً يعرف أنه يضايق الطرف الآخر. أو قد يلجآن إلى أسوأ أنواع الاستفزاز وهي إثارة الغيرة والشك.
وأننا أمام زوجة تكتم انفعالاتها وتخزن أشجانها. وتحترق بالغضب. وهذه الزوجة تلجأ إلى أسلوب سلبي في الرد على زوجها وذلك بإشاعة جو النكد في البيت لتحرم زوجها من نعمة الهدوء والاستقرار والسلام ونعمة الإحساس بذاته.
وتظل الزوجة تستفز زوجها حتى يثور. ولكنهما لا يتعلمان أبداً بل يستمران في نفس أسلوب الحياة الذي يهدد بعد ذلك وبعد سنوات أمن واستقرار البيت ، واستمرار حالة الاستنفار معناه تراجع المودة والرحمة.
وهنالك ألف وسيلة تستطيع الزوجة عن طريقها استفزاز زوجها، وكذلك هناك أكثر من ألف طريقة يستطيع بها الزوج استفزاز زوجته أهمها كما قلنا الصمت والتجاهل والوجه الغاضب والكلمات اللاذعة الساخرة والناقدة والجارحة أو يتعمد أي منهما سلوكاً يعرف أنه يضايق الطرف الآخر. أو قد يلجآن إلى أسوأ أنواع الاستفزاز وهي إثارة الغيرة والشك.
والعناد هو نوع من أنواع البغي والتمادي والتحدي . والتحدي هو أسوأ سلوك زوجي والتحدي يخلق عداوة والعداوة تؤدي إلى العدوانية وبذلك يحدث تصلب وتخشب وتحجر وتفتقد المرونة وتضيع روح التسامح والتواضع والتساهل والتنازل. واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج أو معناه أن أحدهما يعاني ألماً نفسياً حقيقياً وأن الطرف الثاني يتجاهل عن عمد أو عن غير عمد هذا الألم.
وهذا معناه أننا أمام مشكلة زوجية تحتاج إلى رعاية .. فكلاهما يعاني . وكلاهما غاضب. وكلاهما خائف . وكل منهما يتهم الآخر ويحمله النصيب الأكبر من المسؤولية ويرى نفسه ضحية . أي لا يوجد استبصار ولا يوجد بصيرة.
الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الزوجان أن يجعلا المشاكل تتراكم من دون مواجهة. بدون توضيح بدون حوار بصوت عال هادئ بدون أن يواجه كل منهما الآخر بأخطائه أولاً بأول . بدون أن يعبر كل منهما عن قلقه ومخاوفه وتوقعاته وآلامه وهمومه .. يجب أن يرفع كل منهما شكواه إلى الآخر بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة ويجب الاستمرار والمثابرة والإلحاح في عرض الشكوى حتى تصل إلى ضمير الطرف الآخر.
قد يكون تجاهل الزوج لمتاعب الزوجة ليس عن قصد أو سوء نية أو خبث. ولكن لأنه لا يعرف ، لا يعلم لأنها لم تتحدث إليه لأنها لم تعبر بشكل مباشر . ربما لأنها تعتقد بأنه يجب أن يراعي مشاعرها دون أن تحتاج هي أن تشير له إلى ذلك. ربما تود أن يكون هو حساساً بالدرجة الكافية ربما تتمنى هي أن يترفع هو عن أفعال وسلوكيات تضايقها وتحرجها. وهذا جميل وحقيقي، جميل أن يكون لديها هذه التصورات وهذه الأمنيات المثالية ولكن الأمر يحتاج أيضاً إلى تنبيه رقيق – إشارة مهذبة – تلميح راق كلمات تشح ذوقاً وحياء دون مباشرة. ولا مانع خاصة في الأمور الهامة والحساسة والدقيقة من المواجهة المباشرة والحوار الموضوعي . فهذا حق كل منهما على الآخر وهذا هو واجب كل منهما تجاه الآخر وهذا هو أصل المعنى في المودة والرحمة . لأن الزوجين اللذين وصلا إلى هذه المرحلة من الاستفزاز المتبادل يكون قد غاب عنهما تماماً المعنى الحقيقي للمودة والرحمة. والحقيقة أن أي إنسان مقدم على الزواج – رجلاً أو امرأة – يجب أن يكون متفهماً وبعمق وبقلبه وعقله وروحه المعاني الحقيقية لأعظم كلمتين : المودة والرحمة.