بعدما قرر هجران مقاعد الدراسة، بسبب مدرسه الذي استهزأ من قائمة كتبها للأشياء التي كان يريد فعلها، التحق بالجيش الانجليزي حيث خدم لمدة أربع سنوات في ايرلندا الشمالية، بعدها هام على وجهه في أنحاء دول أوروبا لمدة ثلاث سنوات، عاش خلالها حياة الترحال، يصحو في بلد مختلف ويبيت في كنف فراش نقال في سيارته الصغيرة. بعدما نفد ماله، ودخل السجن اليوناني بسبب فعل غير لائق منه، قرر العودة إلى بلده واتفورد في إنجلترا والبحث عن مصدر للدخل. لم يكن أمامه سوى سيارته الفان الصغيرة، ولذا أخرج منها كل ما وضعه فيها وبدأ يستعملها في تسليم الشحنات للشركات المحلية في بلده، كان يعمل بكل قوته وفي جميع الأوقات، وكان من ضمن أوائل عملائه فروع مطاعم ماكدونالدز التي اعتمدت عليه لنقل مكونات الطعام إلى الفروع، حتى تمكن من ادخار ما يكفي لشراء سيارة فان إضافية، واستمر في ذلك عبر ست سنوات، حتى جمع أسطولا من 15 سيارة نقل. ينظر بطلنا إلى هذه الرغبة الجارفة لديه في تكوين أسطول من سيارات الشحن على أنها كانت رغبة داخلية منه في إثبات خطأ هذا المدرس المستهزئ به، وأنه قادر على النجاح وعلى تحقيق أحلامه.
كانت شركة الشحن ناجحة، لكن ديريك بيفور (Derek Beevor) أدرك أنه كان يعمل ويقود سياراته طوال الوقت، الأمر الذي لم يدع له مجالا لكي يكتب فواتير عمليات الشحن ويحاسب عملائه ليقبض منهم مستحقاته، أي أنه كان يعمل بدون توقف لكن بلا مقابل تقريبا. أدرك ديريك أنه هناك حتما آلة ما قادرة على مساعدته على تنظيم هذا الأمر المحاسبي.
كانت الحواسيب الشخصية هي حديث المدينة، ولذا اتفق مع شركة تطوير برمجيات صغيرة على تصميم برنامج يتولى تنظيم وإصدار ومتابعة الفواتير، لكن المنتج النهائي كان بحاجة لكثير من التعديل والتطوير، ولذا اتفق ديريك مع مبرمج كان يعمل في هذه الشركة على أن يأتي ليعمل معه على تطوير هذا البرنامج وفق رؤية ديريك. كانت النتيجة هي شركة رود تك Road Tech، المتخصصة في تصميم برمجيات محاسبة متخصصة في إدارة شؤون شركات الشحن والنقل الأرضي، وبعد الانتهاء من تطوير رودرنر Roadrunner – أول تطبيق استعمله ديريك في تنظيم أمور شركة الشحن الخاصة به، قام ديريك ببيع أول نسخة من هذا التطبيق لشركة شحن أخرى.
بعدها بدأت شركات أخرى تطلب شراء هذا التطبيق، ومن ضمنهم الجيش الانجليزي وكبرى شركات الشحن العاملة في انجلترا، حتى بلغت مبيعات برامجه السنوية عدة ملايين من الجنيهات الإسترلينية. هذا النجاح غير المتوقع جعله يقرر في عام 1995 بيع شركة الشحن خاصته للتركيز على تطوير المزيد من برمجيات تنظيم أنظمة محاسبة أساطيل الشحن. في عام 2004 كانت عوائد شركة البرمجة أكثر من 6 مليون جنيه إسترليني. اليوم يعمل أكثر من 80 موظفا في شركته ولها عدة فروع عالمية وأكثر من 5 آلاف عميل.
في عام 2006، وبناء على تشريعات فرضت تغيير طرق محاسبة سائقي سيارات الشحن من النظام الورقي، إلى نظام البطاقات الذكية، قرر ديريك استثمار 2 مليون جنيه إسترليني، وسنتين من عمره، لتصميم برنامج تاكوماستر، الذي يوفر حلا محاسبيا سهلا عبر انترنت، وبدلا من شراء التطبيق، يمكن لأي شركة الاستفادة من خدمات هذا النظام المحاسبي عبر انترنت مقابل دفع جنيه إسترليني واحد في الأسبوع. في عام 2009 الماضي، كان التوقع المبدئي لعوائد هذا النظام وحده قرابة 4 مليون جنيه إسترليني، بعدما بلغ عدد الشركات التي تستفيد من خدماته أكثر من 2500 شركة.
حين ترك ديريك مدرسته، لم يكن لديه أي خبرة تؤهله لأي شيء، لكنه كان يحمل داخله رغبة جارفة في تحقيق ما يرغب فيه، وهو يؤكد على حقيقة أن من يرغب في عمل أي شيء في حياته بكل قوة، فلا توجد قوة أرضية تمنعه من تحقيق هدفه هذا. على المرء منا أن يؤمن بقدراته وإمكانياته، وأن يعمل بكل ما يملك من أجل تحقيق ما يريده في هذه الحياة.
منقول مدونة شبايك