هل تستطيع المرأة أن تعيش بلا رجل أم أنها يوما ما ستحتاجه ؟ مَنْ تأمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن من أشراط الساعـة أن يُرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويفشو الزنا ، ويُشرب الخمـر ، ويذهب الرجال ، وتبقى النسـاء حتى يكون لخمسين امـرأة قيّم واحـد ). رواه البخاري ومسلم وفي الحديث الآخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذْنَ به من قِلّةِ الرجال وكثرة النساء ). رواه البخاري ومسلم أيضا . فهل من تلوذ به تستغني عنه ؟؟!! فلا غنى للمرأة عن الرجل ، كما لا غنى للرجل عن المرأة ، فكل واحد منهما يكمل الآخر . وصدق الله : ( ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين ) وليس هذا في حق بني آدم فحسب ، بل في جميع المخلوقات ، ففي الجن كذلك ذكران وإناث ، وفي الطير والحشرات ، وفي الوحش ، وفي المخلوقات البحرية ، بل حتى في الأشجار ، فوجود زوجين اثنين للتكامل لا للتناحر !! فالمرأة أما ، وأختا ، وزوجة ، وبنتا ، وجارة ، و... والرجل أبا ، وأخا ، وزوجا ، وابنا ، وجارا ، و.... وصدق الحق سبحانه ( هن لباس لكم ) ، ( وأنتم لباس لهن ) . فهل يستغني الإنسان عن لباسه ؟؟ حتى المجنون لا يستغني عن اللباس !! وكذا الصغير . قال البغوي في معالم التنزيل في قوله تعالى : ( هن لباس لكم ) أي سكن لكم . ( وأنتم لباس لهن ) أي سكن لهن ، دليله قوله تعالى : ( وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) ، وقيل : لا يسكن شيء إلى شيء كسكون أحد الزوجين إلى الآخر . اهـ . وقد قال الله تبارك وتعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 21) الروم. أما ما يستدل به المخالف ، من أن بعض العلماء ترك الزواج وكذلك المرأة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم وقد سألته عن حق الزوج فقالت له : لا أتزوج أبدا . فهو يذكرني بما قيل لإمام أهل السنة الإمام أحمد – رحمه الله – حيث سئل عن الزواج ، فحثّ عليه ورغّب فيه ، فقال السائل : فإن إبراهيم بن أدهم لم يتزوج ؟ قال : أوّه ! وقعتَ في بنيّـات الطريق . قال بقيّة : جلست إلى إبراهيم بن أدهم فقلت : ألا تتزوج ؟ قال : ما تقول في رجل غر امرأة مسلمة وخدعها ؟ قلت : ما ينبغي هذا ، قال : فجعلت أثني عليه ، فقال : ألك عيال ؟ قلت : بلى ، قال : روعة تروعك عيالك أفضل مما أنا فيه . وقال مرة : روعة من روعة عيالك أفضل مما أنا فيه . لقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوّج الأنبياء من قبله . قال الله عز وجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً ) الرعد. فهذه سنة الأنبياء ولكل قاعدة شواذ – كما قيل – فليس الأصل عدم الزواج ، بل الأصل هو الزواج وطلب سكن النفس وزينة الحياة الدنيا ( البنين ) . فالمرأة التي قالت : لا أتزوج أبدا . لم تكن هي النمط السائد في أي مجتمع ، بل هي حالة فردية وواقعة عين ليس لها عموم ، ومثل ذلك ما وقع لبعض العلماء العزاب . غير أن الحكم للأعم الأغلب ، والأغلب – كما ذكرت – هو الزواج . وأنا ذكرت أن المرأة تكون أما وزوجة وأختا وبنتا . وكذلك الرجل بالنسبة للمرأة ، فلم أقصر الحديث على الزوجين فحسب . وإن استغنى الرجل عن المرأة كزوجة فلن يستغني عنها أمّـاً وأختا وبنتا . وإن استغنت المرأة عن الرجل كزوج فلن تستغني عنه أبـاً وأخـاً وابنا . وإن استغنت عنه زوجا فهي تشعر بالنقص ، كما هو الحال بالنسبة للرجل . فلا غنى للرجل عن المرأة ، كما لا غنى للمرأة عن الرجل . سؤال : متى تنال المرأة من الحقوق أكثر من الرجل ؟ سبب هذا السؤال : أن هناك من أعداء الإسلام ممن شَرِقـُـوا بدين الله ، ومن أعداء المرأة من يتبجّحون بأن الإسلام هضم المرأة حقها ، وبأن المرأة في الإسلام ليس لها حقوق ... إلى غير ذلك من الدعاوى والكلمات المتهافتة ( كبُرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) وأنتظر الإجابات ثم آتي بما عندي . أما جواب السؤال المتقدم : فإن المرأة قد تنال من الحقوق أكثر من الرجل في حالة كونها زوجة وأمّـاً . فمن ناحية تكون أمّـاً ولها على أولادها حقوق ، وهي المقدمة على الأب في هذا المقام ، لأنها كما وصفها الله – وهو أصدق القائلين – : ( حملته كرها ووضعته كرها ) ولذا أوصى الله الإنسان بوالديه إحسانا ثم خص الأم بالوصية لهذا المعنى ، وهو أنها حملته كرها ووضعته كرها وأرضعته وأزالت عنه الأذى بيدها ... إلى غير ذلك مما هو معلوم . وقد كانوا يعرفون حق الأمهات لما لهن من فضل عظيم على الأولاد . فبينما رجل يطوف بأمه قد حملها على عنقه رفع رأسه إليها ، فقال : يا أمه تريني جزيتك ؟ وابن عمر قريب منه ، فقال : أي لكع ! لا والله ولا طلقة واحدة . أي من آلام الطلق والولادة . وقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك . رواه البخاري ومسلم . ثم إن المرأة التي كانت أما ، تكون غالبا زوجة من جهة أخرى فلها على زوجها حقوق ، فمن ذلك : لما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : أن تطعمها إذ طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ، ولا تقبِّح ، ولا تـهجر إلا في البيت . قال أبو داود : ولا تقبح أن تقول : قبحك الله . رواه أحمد وأبو داود ، وهو حديث صحيح . وأعلن صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم عرفة ، فقال : ولهن عليكم رزقهن وكسوتـهن بالمعروف . رواه مسلم . فللمرأة على زوجها حق : 1 – النفقـة ، ولو كانت ذات مال . 2 – السكنى ، فيوفر لها المسكن المناسب لمثلها حسب استطاعته . 3 – الكسوة ، فيكسوها إذا اكتسى ، مما يناسب مثلها في حدود استطاعته . 4 – العشرة بالمعروف ، ومن ذلك : 5 – عدم ضرب الوجه . 6 – عدم التلفظ بألفاظ سيئة على زوجته . 7 – عدم الضرب عموما ، إلا في حالة عدم نفع العلاج بالموعظة والهجر ، ثم إذا ضرب فلا يكون مبرِّحـا ، بل يكون كما قال ابن عباس : بالسواك ونحوه . فهذه سبعة حقوق – تُذكر على عجالة – من حقوق الزوجة على زوجها ، بالإضافة إلى حقوقها على أولادها – ذكورا وإناثا – فتحظى بأكثر من حقوق الرجل ، إذا كانت زوجة وأما . ألا قاتل الله أعداء المرأة الذين يهرفون بما لا يعرفون |