أعظم سؤال حير
العلماء ؟؟؟؟
هل الموت حياة أخرى؟ وهل لدى الأموات حواس؟ ومامدى قوة هذه الحواس؟ وهل هي
أقوى من حواس الأحياء أم أضعف؟ وهل يستطيع الأموات الاتصال بالأحياء؟ وهل
يستطيع الموتى التأثير في حياة الأحياء؟
أنا عن نفسي ثبت لدي وبالكثير من الأدلة الشرعية والواقعية المروية
والمسجلة أن الموت حياة أخرى ، وأن الأموات لديهم حواس اهمها السمع والبصر ،
وأن هذه الحواس أقوى من حواس الأحياء ، وأن الأموات يستطيعون الاتصال
بالأحياء ولكنهم لايستطيعون التأثير في حياة الأحياء إلا بقدر بسيط حين
تتصل الأرواح في المنام فيقدر الأموات فقط أن يخبروا الأحياء بأشياء معينة
عن أسرار مثلا أو كنوز أو وصايا أو نصائح وماشابه ذلك.
وفي مقالنا هذا سنتحدث قليلاً عن هذه الأشياء ونحاول إثبات ماتوصلنا إليه
بالأدلة الشرعية والواقعية فإلى هذا المقال الذي أتمنى أن يقدم لكم أحبابي
المتعة والفائدة.
وفي وجهة نظر عدد من العلماء فهم يرون أن الموت هو حياة أخرى، بل وبعضهم
يرى أنها حياة أوسع من الحياة الدنيا فيها تنطلق الروح بلا حدود. ويقول بعض
العلماء أن الإنسان كان في عالم الغيب ثم تكون كنطفة وأصبح شيئاً محسوساً
في عالم ضيق هو عالم صلب الرجل ثم دخل إلى عالم أوسع وهو رحم أمه ثم خرج من
بطن أمه إلى عالم أوسع وهي الحياة الدنيا ثم يخرج منها إلى عالم أوسع وهو
البرزخ الذي يعتقد كثير منا أنه هو عالم القبر الضيق لكنه عالم تنطلق فيه
أرواح الصالحين في نعيم عظيم وتنطلق فيه أرواح الكافرين والفاسقين في
عذابات إلاهية للكفار والعصاة كلاً حسب ذنبه . والأدلة على سعة عالم البرزخ
كثيرة منها ماجاء في الحديث المشهور عن عذاب القبر أن المؤمن تفتح له
نافذة على النار ثم يقال له هذا مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً في
الجنة ثم تفتح له نافذته على الجنة ، والميت الكافر على العكس من ذلك ،
ومنها بعض الأحاديث التي تحدثت عن عذاب الفساق في مرحلة البرزخ وسنذكر هذه
الأحاديث في مرحلة أخرى من المقال .
والفرق بين حياة الأموات وبين حياتنا العادية هي أن هذه الروح تنزع من
الجسد فحين تنفصل عنه تفقد وسائل الاتصال مع أهل الحياة الدنيا فلا تستطيع
أن تتصل بهم إلا بطريقة واحدة يـُكـَذِّب بها البعض .لكنني أؤمن بها وأؤمن
أنها حقيقية وأقسم على ذلك . وهي اتصال الأرواح ويحصل ذلك في المنام كما
ذكر ابن القيم عليه رحمة الله. وقد ثبت ذلك منذ أيام الرسول صلى الله عليه
وسلم وأيام صحابته فأشهر مافي ذلك هو قصة عثمان بن عفان- رضي الله عنه يوم
قـُتل حين نام نومة خفيفة ثم صحا فجاءه عدد من الصحابة ليدافعوا عنه فطردهم
فسئل عن ذلك فأخبر بعض مقربيه أنه مقتول لامحالة لأن الرسول صلى الله عليه
وسلم جاءه في المنام ومعه أبوبكر وعمر وقال له:"تفطر الليلة عندنا
ياعثمان" وكان رضي الله عنه صائماً في ذلك اليوم فقتله الخوارج .
كما أن الروح حين تخرج من الجسد تصبح لديها قدرة على الرؤية البعيدة جدا
بشكل لاتحده حدود البصر العادية وتسمع أيضاً بشكل غير عادي وتنطق بشكل قوي
بل وثبت في ذلك بأدلة شرعية لاتدع مجالاً للشك في ذلك :
- وأول الأدلة على أن الموتى لديهم حواس بل وأقوى من حواس الأحياء حديث
الرسول صلى الله عليه وسلم الذي وجهه لقتلى بدر من الكفار وهذا الحديث صحيح
ورد في صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه ونصه (
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثا. ثم أتاهم فقام عليهم
فناداهم فقال "يا أبا جهل بن هشام! يا أمية بن خلف! يا عتبة بن ربيعة! يا
شيبة بن ربيعة! أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي
حقا" فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله! كيف
يسمعوا وأنى يجيبوا وقد جيفوا؟ قال "والذي نفسي بيده! ما أنتم بأسمع لما
أقول منهم. ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا" ثم أمر بهم فسُحبوا. فألقوا في
قليب بدر) . والشاهد هنا أنه صلى الله عليه وسلم قال " ماأنتم بأسمع للحديث
منهم". فالموتى يسمعون بل وسمعهم أقوى من سمع الأحياء .
- والدليل الثاني على أن الأموات لديهم حواس أقوى من حواس الأحياء وهو حديث
مشهور ثبتت فيه قوة حاستي السمع والنطق رواه أيضاً أنس بن مالك اتفق على
صحته البخاري ومسلم ورواه أحمد في مسنده وكذلك النسائي وأبوداود في سننهم
ونصه" إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، حتى إنه يسمع قرع
نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لمحمد.
فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال: انظر إلى مقعدك من
النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة. فيراهما جميعا، ويفسح له في قبره
سبعون ذراعا، ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون. وأما الكافر أو المنافق
فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول
الناس. فيقال له: لا دريت ولا تليت. ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين
أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين، ويضيق عليه قبره حتى تختلف
أضلاعه" . والشاهد هنا هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم أن الميت " يسمع
قرع نعال أصحابه وهم يتولون عنه" وماتعجب له هنا ليس فقط أن الميت يسمع بل
الأعجب هو أنه يسمع قرع نعالهم وهم يبتعدون عنه وبعض الناس من الأحياء ربما
تمشي بجواره ولايسمع قرع نعالك .فمن العجيب أن يسمع الميت -وهو تحت الأرض
وبينه وبينك طبقات من الأرض- قرع نعالك وأنت بعيد عنه. والشاهد الثاني في
الحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم عن الميت" فيصيح صيحة يسمعها من يليه
غير الثقلين" والتساؤل هنا هو عن هذه الصيحة التي لايسمعها الثقلان الإنس
والجن ؟ وقد ثبت علمياً أن الأصوات إذا ارتفعت فوق حد معين فلا يستطيع
الإنسان أن يسمعها ، وإذن فنطق الميت هو أكثر قوة من نطق الحي ويصل إلى
درجات عالية جداً بل ولعله لايتحرك إلا في هذه الدرجات العالية فهما حاول
أن يتكلم مع الأحياء فإنهم لايسمعونه.
وأطرف شيء بعد الموت هو أن الإنسان يتحقق له أحد أهم أحلامه التي كان يحلم
بها في الحياة وهو "الرؤية والإحساس بالآخرين دون أن يكونوا هم قادرين على
رؤيته والإحساس به".
لكن هل يستطيع الميت الاتصال بالآخرين بعد الموت؟ كثير من الناس وعلى رأسهم
ابن القيم رحمه الله يرون أن الميت يستطيع الاتصال بالأحياء . ولكن هذا
الاتصال لايتحقق إلا في المنام الذي هو موتة صغرى تنطلق فيه الروح من الجسد
لبعض الوقت فتدور روح الحي في السماء فربما التقت مع بعض روح ميت من
الأموات فأخبرتها روح الميت بشيء تطلعه فيه على معلومة أو وصية أو نصيحة
لهذه الروح الحية أو تطلب من روح الحي إيصال هذه المعلومة الوصية أو
النصيحة لشخص آخر ويأتي هذا الاتصال عبر الأحلام فعندما تلتقي روح الميت مع
روح الحي وتتصل بها يتضح هذا الاتصال للحي كحلم. وأشهر مافي ذلك تلك الرؤى
التي تتكرر لكثير من الصالحين عن رسول الله فهم لايرون رسول الله صلى الله
عليه وسلم بل تجتمع أرواحهم بروحه والدليل على أن ذلك حق وليس من تصوير
الشيطان هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المتفق عليهمن رآني فقد رأى
الحق، فإن الشيطان لا يتزيى بي).
والقصص الموثوقة عن اتصال الأموات بالأحياء عبر الأحلام كثيرة لكن أشهرها
قصتان:
- أولاهما ماجاء في مستدرك الحاكم عن عطاء الخراساني عن ابنة الصحابي
الجليل ثابت بن قيس بن شماس قالت لما كان يوم اليمامة مع خالد بن الوليد،
استشهد أبي، فرآه رجل من المسلمين في منامه فقال:
إني لما قتلت، انتزع درعي رجل من المسلمين، وخبأه في أقصى العسكر، وهو
عنده، وقد أكب على الدرع بُرمة، وجعل على البرمة رحلا، فائت الأمير فأخبره،
وإياك أن تقول:
هذا حلم، فتضيعه.وإذا أتيت المدينة، فائت فقل لخليفة رسول الله -صلَّى الله
عليه وسلَّم-:
إن علي من الدين كذا وكذا، وغلامي فلان من رقيقي عتيق، وإياك أن تقول:
هذا حلم فتضيعه.قال: فأتاه فأخبره الخبر، فوجد الأمر على ما أخبره، وأتى
أبا بكر فأخبره، فأنفذ وصيته).
والشاهد هنا واضح على قدرة الأموات على الاتصال بالآخرين فثابت بن قيس اتصل
بذلك الشخص عبر الحلم ليخبره بأشياء نسي أن ينفذها قبل موته وهي سداد دينه
الذي إن لم يسدد سيكون حاجزاً دون دخول روحه إلى الجنة،وإعتاق عبده. وكان
ثابت رضي الله عنه ذكياً وهو يقول الوصية للرجل فذكر للرجل الذي جاءه في
المنام دليلاً يثبت أن هذه الرؤية حق وهي الدرع التي سرقت منه. كما أن في
هذه القصة دليلاً أيضاً على قوة حواس الميت فثابت رأى الشخص الذي سرق درعه
فتابعه بنظره إلى أقصى المعسكر ورأى أين وضعه. والذي يدلنا بقوة على أن
الصحابة كانوا يؤمنون بهذا الاتصال بين أرواح الأحياء والأموات أن أبا بكر
رضي الله عنه أنفذ وصية ثابت بإعتاق العبد وسدد دينه.
- وثاني القصص المشهورة التي تدل على قدرة اتصال الأحياء بالأموات هي تلك
القصة الموثوقة المشهورة المذكورة في عدد من كتب الحديث والتاريخ والتي
وردت بعدة طرق في مسند الإمام أحمد عن نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان بن
عفان وعن مسلم أبي سعيد مولى عثمان وأوردها أبو يعلى مروية عن عبدالله بن
عمر؛ ومجموعها أن عثمان بن عفان لما حاصره الخوارج في بيته وجاء بعض
الصحابة وأبنائهم للدفاع عنه غفا غفوة ثم صحا منها وقال لزوجته نائلة "
ليقتلنني القوم" ، فقالت له "كلا إن شاء الله لم يبلغ ذاك" ، فقال" إني
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي وأبو بكر وعمر فقالوا: تفطر
عندنا الليلة" ، ثم لبس وشد السراويل التي يلبسها من لديه ظن كبير أنه
سيقتل حتى لاتكشف عورته عندما يموت ، وأعتق عشرين من مماليكه ،ثم أشرف من
بيته على المدافعين عنه من الصحابة وأبنائهم وقال"إني رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم في المنام فقال: ياعثمان إنك تفطر عندنا الليلة" وبعد ذلك
فرق عثمان-رضي الله عنه-كل من استطاع تفريقه عنه من أحبابه ومواليه ومن
المدافعين عنه من الصحابة وأبنائهم ، ثم دعا بالمصحف فنشره بين يديه فقُتل
وهو بين يديه. وفي هذه القصة دليل كبير على أن الأموات من الممكن أن يتصلون
بالأحياء، بل وكان عدد من الصحابة موقنين بهذه الإمكانية وعلى رأسهم أبو
بكر كما سبق أن ذكرنا وعثمان كما عرفنا من هذه القصة ، والدليل على ذلك أن
عثمان لما سمع كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في المنام قام موقناً
أنه سيقتل من ليلته وقال ذلك لزوجته وتجهز بملابس الأموات وأعتق عبيده وفرق
المدافعين عنه حتى لايقتلون معه ، ولو كان عند عثمان أدنى شك من عدم
واقعية اتصال الأموات بالأحياء لما صدق الحلم ولما فعل كل هذه الأشياء. وفي
هذه القصة إشارة إلى أنه من الممكن أن تجتمع أرواح متعددة وتتكلم مع روح
حية كما اجتمعت أرواح الرسول صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر للتكلم مع
روح عثمان الحية.
ولكن مع كل هذه القدرات التي أثبتناها للأموات فإنهم لايستطيعون التأثير
على حياتنا الطبيعية إلا بذلك الاتصال البسيط الذي نعلم من القصص أنه ليس
سهلاً على هذه الأرواح في كثير من الحالات فلو كان سهلا جداً لما كلم ثابت
بن قيس ذلك الرجل ولكلم أبو بكر أو على الأقل خالد بن الوليد ولو كان لديهم
قدرة أكبر من تلك القدرة البسيطة لما ترك ثابت الرجل يسرق درعه ، بل ولكان
في إمكانه أن يسدد دينه بنفسه،ولما توانى الكثير من الصحابة الأموات في
الدفاع عن عثمان بن عفان ليلة مقتله، بل أعظم من ذلك أنه حتى روح أعظم
البشرمحمد صلى الله عليه وسلم ليست لديها تلك القدرة العظيمة على الاتصال
بالبشر بل إن روحه صلى الله عليه وسلم وأرواح كثير غيره تتصل بمن تصادف ممن
يكرمها الله بالقدرة على الحديث معه من أرواح الأحياء ، وإلا لو كانت تلك
القدرة عظيمة لدى روح الرسول صلى الله عليه وسلم لاستطاع عليه السلام رد
الحسين بن علي رضي الله عنه عن الذهاب إلى مقتله في كربلاء