بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
والمعنى المراد: أنه أخبر تعالى بما لهم من النعيم الذي لم تعلمه نفس ولا بشر ولا ملك. وفي معنى هذه الآية: قال النبّي صلى الله عليه وسلم: ( قال الله عز وجل أعدت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر - ثم قرأ هذه الآية - "تتجافى جنوبهم عن المضاجع - إلى قوله - بما كانوا يعملون" ) خرجه الصحيح من حديث سهل بن سعد الساعدي. وقال ابن مسعود: في التوراة مكتوب: على الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقال ابن عباس: الأمر في هذا أجل وأعظم من أن يعرف تفسيره.
قلت: وهذه الكرامة إنما هي لأعلى أهل الجنة منزلا؛ كما جاء مبينا في صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سأل موسى عليه السلام ربه فقال يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة قال هو رجل يأتي بعدما يدخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله معه ومثله ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة رضيت رب فيقال هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت رب قال رب فأعلاهم منزلة قال أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر - قال - ومصداقه من كتاب الله قوله تعالى: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون". وقد روي عن المغيرة موقوفا قوله. وخرج مسلم أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرا بله ما أطلعكم عليه - ثم قرأ - "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين". وقال ابن سيرين: المراد به النظر إلى الله تعالى. وقال الحسن: أخفى القوم أعمالا فأخفى الله تعالى لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
" فلا تعلم نفس " : يدخل فيه جميع نفوس الخلق ، لكونه نكرة في سياق النفي . أي : فلا يعلم أحد
" ما أخفي لهم من قرة أعين " :من الخير الكثير ، والنعيم الغزير ، والفرح والسرور ، واللذة والحبور . كما قال تعالى على لسان رسوله : « أعددت لعبادي الصاحلين ، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر » . فكما صلوا في الليل ، ودعوا ، وأخفوا العمل ، جازاهم من جنس عملهم ، فأخفى أجرهم ، ولهذا قال : " جزاء بما كانوا يعملون "
فتأمل أخي المسلم كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس , و كيف قابل قلقهم و خوفهم و إضطرابهم على مضاجعهم حين يقومون إلى صلاة الليل بقرة أعين في الجنة
وفي الصحيحين من حديث أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( لقاب قوسين أحدكم في الجنة خير من مما طلعت عليه الشمس أو تغرب ) صدق رسول الله