أفادت تقارير اولية صادرة عن وزارة الداخلية المصرية بان 3 اشخاص قد لقوا حتفهم وأصيب 4 آخرون جراء حريق ضخم اندلع في منطقة سوق التونسي التجارية جنوبي العاصمة القاهرة.

حريق 6 ساعات يدمر سوق الجمعة.. ويهدد كوبري التونسي
00 1سيارة إطفاء من الحماية المدنية والقوات المسلحة.. كافحت النيران
ملاكي مجنونة وراء الحادث. وتفحم ثلاثة بداخلها

شهدت منطقة الخليفة كارثة بسبب سيارة طائشة كانت تسير بسرعة جنونية أعلي كوبري التونسي فانقلبت أسفله وانفجرت في الحال واشتعلت النيران في سوق الجمعة بأكمله بعد ان امتدت ألسنة اللهب إلي مسافة كيلومتر مربع بسبب سرعة الرياح وقت وقوع الحريق في الثالثة فجراً محققاً خسائر بلغت 30 مليون جنيه بعد احتراق جميع الأكشاك الموجودة في المنطقة إلي جانب حدوث تشققات وشروخ في الهيكل الخرساني للكوبري بفعل ألسنة اللهب الأمر الذي قد يعرضه للانهيار مما دفع برجال المرور إلي غلقه أمام السيارات وتحويل مسارها.. شارك رجال القوات المسلحة في عمليات الاطفاء والانقاذ.
وأسفر الحادث عن وفاة ثلاثة أشخاص مجهولين كانوا يستقلون السيارة المتسببة في الحادث إلي إصابة 6 من رجال الاطفاء والباعة الموجودين بالسوق باختناقات من الأدخنة الكثيفة التي غطت المنطقة بالكامل وأحالتها لسحابة سوداء وتم اسعافهم في موقع الحادث.
تلقي المقدم أحمد خلاف مشرف غرفة عمليات الحماية المدنية بالقاهرة بلاغاً بنشوب الحريق في الثالثة فجراً فانتقلت إلي هناك 90 سيارة إطفاء إلي المنطقة التي تضم آلاف الأكشاك الخشبية الخاصة ببيع كافة أنواع الآثار المنزلي وجميعها من مواد تساعد علي الاشتعال.
وضع اللواء محمد نصير مدير ادارة الحماية المدنية ونائبه العميد زكريا طلبة خطة عاجلة لمكافحة النيران التي انتشرت في المنطقة بأكملها من خلال محاصرتها بسيارات الاطفاء التي ارتكزت أعلي الكوبري وأسفله إلي جانب محاصرتها من الجهة المقابلة من ناية جبل المقطم لمنع امتدادها لمنطقة المساكن.
شاركت في عمليات الاطفاء 10 سيارات تابعة للقوات المسلحة للسيطرة علي الحريق الذي استمر6 ساعات حوّل المنطقة خلالها لبقعة سواد بعد ان دمر المحال وأباد منطقة سوق الجمعة الشهير والذي كان يرتاده سكان القاهرة وضواحيها لشراء كافة احتياجاتهم في يوم الجمعة خاصة. بجانب بقية أيام الأسبوع.
وأصيب الباعة بالسوق بحالة من الذعر والانهيار حيث كان بعضهم نياماً داخل الأكشاك بالسوق واستيقظوا علي صوت طقطقة الأخشاب وشاهدوا النيران تحاصرهم من كل مكان فأخذوا يسابقون الرياح للنجاة بأرواحهم بعد ان شاهدوا النيران تدمر كل شيء من حولهم.
تحفظ رجال مباحث القاهرة علي السيارة المتسببة في الحادث وتبين ان بداخلها ثلاث جثث متفحمة تماماً ومجهولة المعالم وجاري تكثيف التحريات للوصول لهوية أصحابها ومن المرجح ان تكون لأسرة مكونة من زوج وزوجة وابنهما.
وتبين ان السيارة الطائشة كانت قادمة من الاتجاه من وسط البلد إلي المعادي وحلوان قبل انقلابها ووقوع الحادث الذي تسبب في كارثة.
وكشفت المعاينة المبدئية لرجال المباحث ان الحريق وقع علي مساحة كيلومتر مربع وتسبب في احتراق آلاف الأكشاك والتي كانت تضم العديد من غرف الأثاث المنزلي والستائر وعدد كبير من الأبواب والشبابيك إلي جانب إتلاف كميات هائلة من الزجاج والسيراميك والأبواب الحديدية ونفوق كميات هائلة من الحيوانات المنزلية والتي كانت تباع بالسوق ويصل سعر الواحد منها لالاف الجنيهات كما يقول الباعة وكذلك طيور الزينة وأحواض الأسماك والملابس المستعملة والتي كان يقبل علي شرائها عدد كبير من المواطنين وقدرت الخسائر المبدئية ب 30 مليون جنيه.
من ناحية أخري تسبب الحريق في احتراق أحد المساجد بعد ان امتدت ألسنة اللهب إليه وشارك المصلون الذين كانوا يستعدون لأداء صلاة الفجر في اخماد النيران خشية انتقالها لباقي المساكن بعد ان دمرت محتويات المسجد وأتت علي الأثاث بداخله إلي جانب سيارة نصف نقل كانت وسط السوق ووقف صاحبها يبكي بجوارها بعد ان تحولت لهيكل حديدي واحترقت 4 غرف تابعة لموقع خاص بمشروعات شركة أبناء حسن علام حيث احترقت غرف الأمن ومكتب شئون العاملين وأخري خاصة بالعاملين ورابعة للحراس الذين شاركوا في عمليات الاطفاء.
ولم تتوقف الخسائر عند هذا الحد حيث تسببت ألسنة اللهب في ظهور تشققات بالهيكل الخرساني لكوبري التونسي وسقوط أجزاء منه الامر الذي تسبب في ارتباك مروري بعد غلق الطريق أمام السيارات وتحويلها لشارعي الكورنيش وصلاح سالم لتصاب منطقة جنوب القاهرة بشلل مروري مما دفع رجال المرور لاعادة تشغيله مرة أخري أمام السيارات الصغيرة فقط مع منع سيارات النقل والأتوبيسات من الصعود عليه تماماً خوفاً من تأثير حمولتها علي جسم الكوبري وتزايد الخسائر لحين انتداب لجنة هندسية لمعاينته وبيان مدي سلامته وتأثير الحريق عليه في الوقت الذي ناشد رجال المرور السائقين وأصحاب السيارات باتخاذ طرق بديلة لتقليل الحمولة أعلي الكوبري.
قامت لجنة من مرور القاهرة بفحص السيارة المتفحمة لبيان رقم الشاسيه الخاص بها للوصول إلي مالكها والتعرف علي شخصية الجثث الثلاث الذين لقوا مصرعهم داخل السيارة.
كما قامت لجنة من هيئة السكة الحديد لفحص قضيبي السكك الحديد التي تمر وسط السوق وبيان سلامتها والتأكد من عدم تأثرها.
انتقلت "الجمهورية" لموقع الحادث والتقت ببعض أصحاب الأكشاك الذين التهمت النيران جميع أكشاكهم.. قال سلامة محمود صاحب كشك لبيع الالومنيوم انه فوجيء باتصال هاتفي من أحد الأشخاص أخبره بنشوب حريق بالسوق بالكشك الخاص به فهرع لموقع الحادث وفوجيء باشتعال النيران في جميع محتويات الكشك فيه بضائع ب 500 ألف جنيه.
قال جابر محمد صاحب كشك لبيع الأخشاب انه كان في منزله وقت اندلاع النيران وعلم بالحريق من أحد العمال لديه فتوجه إلي السوق وشاهد ألسنة اللهب تنتشر في السوق وتلتهم محتوياته.
قرر ان الخسائر التي لحقت به تقدر ب 70 ألف جنيه وأضاف ان هذا الحريق التهم ما يملك ويطالب بالتعويض من الحكومة عن الأضرار التي لحقت به.
قال جمعة عبدالستار صاحب كشك لبيع الأدوات الصحية والدموع تنهمر من عينه "راحت فلوسك يا جمعة.. وخسرت كل شيء" وبعد ان تمالك أعصابه تساءل من يعوضني عن الخسائر التي لحقت بي وأضاف ان قيمة خسائره وحده وصلت إلي 400 ألف جنيه وانه قام بشراء تلك البضائع بالقسط للتجارة فيها. والتقت "الجمهورية" مع نور الدين علي مراقب تشغيل بشركة حسن علام للمقاولات الذي قرر أن النيران التهمت بعض الغرف الخاصة بالموقع وامتدت إلي المكتب الخاص بالأمن وغرفة شئون العاملين وغرفة خاصة بالعاملين بالشركة إلا أن رجال الشركة قاموا بالسيطرة علي ألسنة اللهب باستخدام طفايات حريق موجودة بالموقع.
قال محمد مصطفي صاحب كشك لبيع الأثاث المنزلي إنه فقد كل ما لديه في الحريق وأنه أصبح "علي الحديدة" وأضاف أن قائد السيارة الطائشة تسبب بسرعته الجنونية في تدمير أكثر من ألف أسرة تعمل بالسوق وأشار إلي أن خسائره في الحادث بلغت 250 ألف جنيه وناشد المسئولين الوقوف بجانبهم وعدم التخلي عنهم وتعويضهم لإعادة بناء السوق مرة أخري فهو مصدر رزقهم الوحيد.
"حسبنا الله ونعم الوكيل" قالها أحمد نصر صاحب كشك لبيع الأبواب الحديدية وهو في صدمة مما حدث بعد أن فقد كل ما لديه من بضائع في الحريق وأضاف أنه بتلك الكارثة تعرض لمصيبة كبيرة وأن الخسائر التي لحقت به تقدر ب 150 ألف جنيه.
باشرت نيابة الخليفة بإشراف المستشار محمد غراب المحامي العام الأول لنيابات جنوب القاهرة التحقيق في الحادث. انتقل إلي موقع الحادث محمد عبدالمنعم رئيس نيابة حوادث جنوب القاهرة الكلية ووليد السنباطي رئيس نيابة الخليفة وتبين أن الحريق شب في الثالثة فجراً أثناء قدوم سيارة يستقلها ثلاثة أشخاص في الاتجاه أعلي الكوبري بسرعة جنونية أثناء وجود رياح شديدة فاختلت عجلة القيادة في يد قائدها لتخترق السور الحديدي وتسقط من أعلاه وتنفجر في الحال وأمسكت النيران بها وامتدت ألسنة اللهب للمنطقة وساعدت العشش والأكشاك الخشبية علي سرعة انتشار النيران..تبين من خلال معاينة النيابة أن السيارة كان يستقلها ثلاثة أشخاص وتفحموا جميعاً واختفت معالم السيارة تماماً فأمرت النيابة بانتداب مهندس فني من إدارة المرور لفحص السيارة للوصول لأرقام الموتور والشاسيه ومعرفة أرقامها والتوصل إلي مالكها..صرحت النيابة بنقل الجثث الثلاثة لمشرحة زينهم وانتداب الطب الشرعي لتشريحها وأخذ عينة من dna للوصول لهوية الضحايا.
واستمعت النيابة لأقوال 11 شاهداً الذين كانوا متواجدين في السوق وقت اشتعال النيران حيث أكدوا أن سرعة الرياح كانت شديدة الأمر الذي ساهم في وقوع الحادث وامتداد الحريق لمساحة كيلو متر مربع..أكد شهود العيان وجميعهم من الباعة أصحاب العشش التي في السوق أنهم كانوا نائمين داخل العشش عندما سمعوا في الثانية والنصف صباحاً صوت فرقعة شديدة وانفجار فأسرعوا إلي الخارج فشاهدوا سيارة تطير في الهواء مشتعلة تستقر داخل السوق محدثة الحريق الذي امتد علي مساحة 2 كيلو متر مربع.
وأشار الشهود أمام وليد السنباطي رئيس نيابة الخليفة أنهم يعملون في هذا السوق منذ عشرات السنين لبيع جميع أنواع السلع للمواطنين من خلال 225 عشة تتواجد بصفة دائمة إلي جانب مئات العشش التي يتم نصبها يوم الجمعة حيث يبدأ السوق عمله منذ الفجر ويستمر حتي العشاء ويرتاده الآلاف لما يتميز به من انخفاض في الأسعار مقارنة بالأسواق العادية وكانوا يتعرضون لمضايقات مستمرة من قبل رجال الحي لصدور قرار بإزالة السوق لكونه عشوائياً وأن الحريق سيؤدي لإزالته بالطبع وضياع مصدر رزقهم الوحيد.
وتوصلت المعاينة التي أجراها محمد عبدالمنعم رئيس نيابة حوادث جنوب القاهرة إلي أن الحريق وقع بسبب سيارة ماركة "كيا سيراتو" كانت تسير بسرعة جاوزت 180 كيلو متراً في الساعة الأمر الذي أدي لانحرافها لتصطدم بعامود بسور الكوبري وتسقط علي السوق وتنفجر.
ولم تتوصل المعاينة إلي ما إذا كانت السيارة قد اشتعلت أعلي الكوبري أثناء اصطدامها بالعامود الكهربائي أم انفجرت أثناء أو بعد سقوطها علي السوق.
من ناحية أخري استمعت النيابة لأقوال المصابين الستة وهم 5 من الباعة داخل السوق. بالإضافة لمجند بإدارة الحماية المدنية والذين أشاروا إلي أن ألسنة اللهب كانت تتصاعد بصورة رهيبة ساهمت في تحويل المكان لكتلة من السحابة السوداء لم يتمكنوا معها من البقاء في المكان وأثناء محاولتهم الهرب أصيبوا بحالة اختناق وأغشي عليهم علي اثرها .
وقررت النيابة في التحقيقات التي جرت بإشراف المستشار محمد غراب المحامي العام الأول لنيابات جنوب القاهرة انتداب خبراء الأدلة الجنائية لمعاينة موقع الحادث وبيان سبب الحريق وتحديد نقطة البداية والنهاية وانتداب مهندس فني من المرور لمعاينة السيارة المتسببة في الحريق وقام بتحديد أرقام الموتور والشاسيه للسيارة وتم إرسالهما لإدارة مرور القاهرة للكشف عن بيانات السيارة للوصول لصاحبها.
وطلبت النيابة من هيئة الأرصاد الجوية تقريراً عن اتجاه الريح في الفترة التي وقع فيها الحادث لبيان سبب انتشاره لمسافة 2 كيلو متر بسرعة كبيرة وما إذا كان لسرعة الرياح دخلا في انحراف السيارة وانقلابها ولتحديد ما إذا كانت هناك شبهة جنائية وراء الحادث من عدمه.
وقامت النيابة بانتداب فريق من هيئة الطرق والكباري لمعاينة كوبري التونسي وبيان مدي تأثره بالنيران وتسلمت تقريراً مبدئياً يجيز مرور السيارات الخفيفة فقط مع ضرورة عمل تنكيس خلال يومين وعمليات تبريد حتي لا ينهار.
وانتدبت نيابة حوادث جنوب القاهرة خبيراً من هيئة السكة الحديد لمعاينة شريط القطار بعد احتراق 30 متراً منه لتحديد ما إذا كان لهذا تأثير علي سلامة القضبان .
وتسلمت نيابة حوادث جنوب القاهرة ملفاً كاملاً عن سوق التونسي من حي الخليفة تبين من خلاله أنه كان يحوي 225 عشةثابتة خاصة بالسيراميك والأدوات الكهربائية هذا بخلاف مئات العشش التي يتم نصبها يوم الجمعة لعرض البضائع الأخري من الجديد والمستعمل.
وتبين أن الحريق تسبب في اتلاف 30 متراً من شريط السكة الحديد الذي يمر أسفل الكوبري إلي جانب 8 أمتار من السور الحديدي للكوبري.
كما تسلمت النيابة تقريراً مبدئياً عن تشريح الجثث الثلاث التي احترقت في موقع الحادث من مصلحة الطب الشرعي حيث تبين أن اثنين منهم لذكرين أحدهما يبلغ من العمر 15 عاماً والأخري لم يتم تحديد عمرها بعد. في حين تبين أن الجثة الثالثة عبارة عن 4 قطع متفحمة تماماً صعب معها تحديد ما إذا كانت لذكر أم أنثي بل رجحت بعض الآراء أنها من الممكن أن تكون غير آدمية..واستمعت النيابة لمسئولين من حي الخليفة أكدوا أن السوق كان مقاماً بطريقة عشوائية وصدر له قرار إزالة وكان من المقرر نقله لمنطقة أخري إلا أن رفض البائعين للنقل آخر من تنفيذ القرار.