سنوات طويلة والمتخصصون في الطب والتغذية ينصحون بالإكثار من تناول الأغذية الغنية بالألياف لما لها من دور كبير في الوقاية من سرطان القولون والأمعاء.. إلا أن دراسة جديدة خرجت بنتيجة مختلفة عما كان معروفا اذ شككت هذه الدراسة - التي أجريت على ما يقارب 90 ألف امرأة أميركية - في أهمية هذه الأغذية في الوقاية من سرطان القولون والأمعاء, حيث تابع الباحثون النساء لأكثر من 16 سنة وخلال تلك الفترة الطويلة لم يجد الأطباء علاقة كبيرة أو واضحة بين السرطان والألياف الغذائية.. فما رد خبراء التغذية على هذه الدراسة? في البداية يتفق الدكتور عبدالحميد محمود استشاري التغذية العلاجية والصحة العامة مع بعض نتائج هذه الدراسة ويختلف مع البعض الآخر حيث يقول: الكثير من الدراسات أثبتت أن توافر الألياف الغذائية في الطعام يخفف من الإصابة بعدد من الأمراض التي تصيب الجهاز الهضمي والقولون وأنه كلما احتوى الطعام على أغذية مليئة بالألياف قلت احتمالات إصابة الشخص بسرطان القولون حيث إنها تؤدي إلى انتظام الحركة الدودية للأمعاء ما يحول دون الإصابة بالالتهابات والتقلصات والتقرحات التي قد تصيب الجهاز الهضمي وب تساعد بشكل كبير على حماية القولون.. ولكن هذا لا يعني انها تمنع تكون السرطان خاصة إذا كان لدى الشخص استعداد للمرض سواء عن طريق العامل الوراثي أو غيره. فوائد كثيرة ويؤكد الدكتور فوزي الشوبكي رئيس قسم التغذية بالمركز القومي للبحوث أن الألياف ليس لها أي قيمة غذائية للإنسان لكن لها فائدة صحية في التخفيف من الإصابة بسرطان القولون نظرا لاحتوائها على مركبات سيلولوزية والتي تكثر في الحبوب الكاملة كالقمح والذرة وتصنع في شكل بليلة القمح وفشار الذرة كما انها توجد في معظم الخضراوات الورقية الخضراء كالجرجير والقرنبيط والسبانخ والملوخية, كما أن الألياف تلعب دوراً مهماً في تنظيم حركة القولون وب تسهل عملية الإخراج والتخلص من الفضلات كذلك أثبتت الأبحاث في السنوات الماضية أن هناك علاقة بين استهلاك الألياف بكثرة وعدم الإصابة بسرطان القولون وهو ما يتناقض مع هذه الدراسة الحديثة بل ذهبت هذه الأبحاث إلى أبعد من ذلك حيث أكدت ان الألياف تقي أيضا من أمراض القلب وتصلب الشرايين وذلك من خلال تأثيرها على المواد الدهنية الذائبة الموجودة في الطعام حيث تعمل على تقليل امتصاصها وب خفض مدلولها في الدم وهو ما يشير إلى انخفاض مستوى الكوليسترول وما يترتب عليه من الوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين, ليس هذا فحسب بل وجد ان احتواء الوجبة الغذائية على الألياف يحمي الإنسان بشكل كبير من الإصابة بالسمنة حيث أنها تملأ المعدة فتقلل من السعرات الحرارية الداخلة للجسم علاوة على امتصاص المواد الدهنية الزائدة. وتتفق د. عفاف عزت استاذ الكيمياء العضوية والتغذية مع أن الالياف لها فائدة كبيرة لمن يعانون السمنة وتقول: تتميز الألياف بأنها مادة غروية تنتفخ مع الماء لذلك ينصح دائما بتناول الأغذية الغنية بها لمتبعي الحميات الغذائية لأنها تعطيهم إحساساً بالشبع حيث انها تعمل على تباعد جزيئات الطعام داخل القناة الهضمية وتساعد على حل مشاكل الهضم.. وبالاضافة إلى ذلك فإن القناة الهضمية تخرج الألياف الخام التي لا تهضمها حموضة المعدة خارج الجسم والجزء الآخر يمتصه الجسم ولهذا الجزء تأثير فسيولوجي كبير يعمل على تخفيض نسبة السكر في الدم وتقليل نسبة الدهون, لذلك تظهر الأهمية الكبرى لطبق السلاطة الذي لا غنى عنه على مائدة الطعام لاحتوائه على نسبة عالية من الألياف التي تمد الجسم الاحتياج اليومي منها علاوة على ما تقوم به من ملء المعدة والشعور بالشبع. ويقول الدكتور سمير عبدالغفار استشاري الأشعة التداخلية وعلاج الأورام بكلية طب جامعة عين شمس: حتى الآن لا توجد أي أطعمة تمنع إصابة الإنسان بالأورام السرطانية الا أن هناك بعض الأغذية إذا كانت غنية بالألياف تقلل من فرصة الإصابة ببعض أنواع السرطانات كأورام القولون. نتيجة عكسية يحذر د. حسن حسونة استاذ التغذية العلاجية بالمركز القومي للبحوث من الاكثار من تناول الألياف قائلا: تناول الألياف بكثرة يسبب متاعب صحية مثل انتفاخات البطن وتكوين الغازات وأحيانا التقيؤ, كما أن الزيادة الكبيرة في تناول الألياف تؤدي بنتيجة عكسية لانها تعمل على الإقلال من استفادة الجسم من بعض العناصر الغذائية المهمة كالعناصر المعدنية والحديد والزنك والكالسيوم وكذلك الإصابة بالأنيميا والكساح للأطفال وإصابة الكبار بلين في العظام وتذبذب مستوى السكر في الدم.. لكن كل هذا لا يقلل من أهمية هذه الألياف خاصة فيما يتعلق بقدرتها الكبيرة على زيادة الإحساس بالشبع والتحكم في وزن الجسم نتيجة تقليل كمية الطاقة التي يحصل عليها الإنسان بالإضافة إلى الوقاية من الإمساك حيث تعمل على زيادة الحركة الدودية للأمعاء وتقلل فترة وجود الفضلات فيها, بالإضافة إلى قدرتها على تحسين مستوى السكر في الدم عن طريق تنظيم امتصاص السكريات وأيضاً على خفض مستوى الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم والوقاية كذلك من سرطان القولون لأنها تعمل على الإقلال من تكوين المواد المسرطنة الناتجة عن نشاط بكتيري عن طريق توفير وسط حامضي يحد من تكوين المواد المسرطنة لذلك لا أتفق مع هذه الدراسة الحديثة التي تشكك في أهمية الألياف في الوقاية من الأورام. ويشير الدكتور عبدالغني محمود خليفة استاذ التغذية وعلوم الأطعمة إلى أن أهمية تناول الأطعمة الغنية بالألياف بصورة مستمرة يقي من الإصابه باضطرابات الجهاز الهضمي نظرا لأنها تعمل على طرد التخمرات التي تتم داخل الأمعاء, وتعمل على تقليل البكتيريا الموجودة داخل الجهاز الهضمي وكذلك الإقلال من افراز مادة "البترنوزامن" وهي من المركبات التي تساعد على تكون سرطان القولون وبذلك تحمي الألياف الجهاز الهضمي من الاصابة بالسرطان. ويرى د. سيد حجازي استاذ التغذية بالمركز القومي للبحوث: إن جسم الإنسان يحتاج إلى الألياف ولكن بشكل مقنن فلا يجب أن تزيد عن أربعة جرامات يومياً لأن الإكثار من تناول الأغذية الغنية بها أكثر من المطلوب يضر بمرضى الكلى والقولون وذلك بسبب طبيعة مركبات الألياف التي لا تستطيع أن تهضمها معدة الإنسان لعدم احتوائها على الإنزيمات المسؤولة عن هضمها ولكن يتم التخلص منها عن طريق عملية الإخراج حيث تتحول الألياف إلى ثاني اكسيد الكربون.