طلقات الرصاص وشظايا الصواريخ تخترق أجساد الفلسطينيين وتحرقهم وتؤلمهم، ونحن نخوض في هذا العبث؟ نقول: نشجع.. لا نشجع.. أنتم تشجعون .. أنتم كنتم تشجعون... نحن كنا نشجع، أنا أشجع.. أنا لا أشجع.. أنا أشجع مصر.. أنا أشجع الجزائر.. أنا أشجع الأهلي.. ألا ترونها تعبيرات تدعو إلى السخرية؟ ما معنى التشجيع يا مشجعين؟ المشجعون ينفعلون أمام الشاشات ويصرخون إذا اقتربت الكرة من الشبكة، حتى نرى أن بعض المهووسين يشتمون اللاعب أمام الشاشة ويقولون: العب يا كذا.. شط يا ابن كذا.. أليس هذا هوسا؟ أين الوقار يا مسلمون؟
مالكم ترفعون قدر المنتخب أوالأهلي أوالزمالك كأنها جيوش مجاهدة تقاتل الأعداء في ميدان الجهاد؟ تصوروا أبا وأما وأولادهما أمام الشاشة يشربون ما لذ لهم من الأشربة الساخنة والباردة، ويشاهدون جيش مصر الكروي وهو يقاتل الأعداء ويسألون الله النصر المبين، ولا يجتمعون لصلواتهم كما يجتمعون لمشاهدة المعارك الكروية، فهل لتلكم الأسرة وقار؟ الرصاص يخترق أجساد إخوتهم في فلسطين وهم يخوضون في هذا العبث؟ هل هذا يليق بأسرة مسلمة؟ هل هذا يليق بأب مسلم وأم مسلمة؟ أولادهما يتعلمون منهما هذا العبث.
قال بعض المحققين في تاريخ كرة القدم الحديثة إنها غزت مصر بمخطط خبيث للأعداء، والمصريون بلعوا الطعم، فالملايين يتابعون المباراة أمام الشاشات خلال تسعين دقيقة أوأكثر، ينتظرون دخول الكرة في شبكة الخصم مرة أومرتين، يخوض المعركة اثنان وعشرون لاعبا يتخاطفون الكرة، فهل هذا حدث عظيم يستحق اجتماع الملايين لرؤيته؟ إذا كان اللاعبون يقوون أجسادهم فما شأن الملايين؟ هل اللاعبون يقوون أجساد المشاهدين عن بعد؟ ما شأنكم يا مشاهدين؟ من أراد الانتفاع بالرياضة فليمارسها هو، ولا يصح أن يجمع الملايين من الناس لمشاهدته.
فلنفكر في أسباب الهزيمة أمام اليهود والأمريكيين، الهزيمة لا تأتي إلا بذنب يجب البحث عنه، وعندما حوصر المسلمون الأوائل في إحدى المعارك بحثوا عن ذنب يقعون فيه، تصوروا ماذا وجدوا؟ اكتشفوا أنهم لا يستاكون، فاستاكوا فنصرهم الله.
وعندما كان صلاح الدين الأيوبي يمر على خيام المجاهدين كان إذا رأى النائمين ليلا يقول: أخشى أن نأتينا الهزيمة من هنا، وإذا رأى مقيمي الليل يقول: من هنا يأتي النصر، مع أن الجنود في ميدان الجهاد، فكيف نستحق نحن النصر إذا كنا نلهو في التشجيع ونضيع الصلوات المفروضة؟
واعلموا أن كتب اليهود مكتوب فيها أن الذين يفتحون فلسطين يصلون الفجر كما يصلون الجمعة، فهل نحن نعظم أمر صلاة الفجر كما نعظم أمر الكرة؟ فلنبحث عن مواضع الخلل التي منها تأتي الهزيمة، بدلا من التشجيع والكلام عن التشجيع.