عرف الإنسان القديم استخدام الزيوت في علاج كثير من الأمراض وشاع هذا النوع من العلاج في معظم الحضارات وهو ما يفسر قدرة الزيوت المستخلصة من النباتات والأعشاب على شفاء عدد من الأمراض لما لها من قدرة فائقة على النفاذ خلال طبقات الجلد نظرا لحجم جزئياتها المتناهي في الصغر وهو ما يجعلها تحدث تأثيرات علاجية سريعة فضلا عما تمتاز به من احتوائها على الكثير من الفيتامينات والأحماض الدهنية ومضادات الأكسدة. وفي الفترة الأخيرة كثر الحديث عن زيت أطلق عليه "زيت الأركان" يتم استخراجه من شجرة لا توجد إلا في المغرب حتى انه جاء في دراسة علمية نشرت نتائجها مجلة "لوفيغارو" أن استهلاك زيت الأركان اللذيذ الطعم يساهم في التقليل من احتمال ارتفاع ضغط الدم, كما يتميز بخصائص غذائية وتجميلية عدة فهو مرطب ومفيد للبشرة والشعر وله فوائد أخرى جعلت الكثيرين يلقبونه بالزيت السحري, فما حقيقة هذا الزيت وهل بالفعل له مفعول علاجي وتجميلي مؤثر? أم هو مجرد زيت نباتي عادي? يقول محمد نجيب المدرس بكلية العلوم قسم النبات: تنمو شجرة الأركان في المغرب وتعد رمزاً للحياة والبركة لأهالي المنطقة التي تنمو فيها, فضلا عن أنها مصدر عيش غالبية السكان الذين يعتقدون جدا في هذه الشجرة حتى انهم يحرصون على أن يكون أول شيء يدخل في جوف المولود هو قطرات من زيتها لتمنحه القوة والبركة حسب المعتقد الشعبي, ويتميز زيت الأرجان الذي يستخلص من ثمار هذه الشجرة والمعروف بالزيت السحري ويحظى بشعبية عالية في بلاد المغرب بقدرته الفائقة على علاج عدد من الأمراض الجلدية, لكنها تعد إلى حد كبير مجهولة خارج بلاد المغرب رغم الاهتمام الإعلامي بها في الآونة الأخيرة وقد أكدت الدراسات أن هذا الزيت يقلل من احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأيضا يقلل من نسبة الكوليسترول ويحتوي على 80 في المئة من حوامض الدهون غير المشبعة مثل الأولييك واللينولييك وفيتامين e كما تحتوي حبات الأركان على زيت أعتم لوناً من زيت الزيتون لكن بمسحة مائلة إلى الاحمرار وطعم مذاق يشبه مذاق الجوز ويستخرج زيت أرجان الذي يعرف في المغرب ب¯"الذهب السائل" بطريقة إنتاجية عتيقة تستغرق 20 ساعة عمل لإنتاج لتر واحد من الزيت. واق للبشرة ويؤكد الدكتور محمد فهمي أستاذ أمراض النبات بكلية الزراعة جامعة القاهرة أن زيت شجرة الأركان الملقب بالزيت السحري من الممكن فعلا أن يكون واقيا طبيعيا للبشرة من أشعة الشمس ومقوياً للأظافر ومضمداً للجروح وفعالاً في القضاء على بعض الأمراض الجلدية كالاكزيما وحب الشباب لكن سبحان الخالق فقد يكون هذا العلاج داخل بلاد المغرب فقط لتوافر الظروف البيئية والمناخية التي تكمل دور هذا الزيت في عملية العلاج ولعل خير دليل على هذا الكلام عندما اكتشف أن الملح الموجود بمنطقة سفاجا في مصر يشفي جميع الأمراض الجلدية بلا استثناء أخذوه الى بلاد الغرب ولكن فقد مفعوله ولم يعالج أي مرض هناك فسبحان الخالق! من اختراع العشابين ينفي د. صبري ابو الفتح رئيس وحدة الزيوت الطبيعية بالمركز القومي للبحوث وصف زيت الاركان بأنه سحري ويقول: لا يوجد ما يسمى بالزيوت السحرية ولابد من تصحيح المعلومات الخطأ الشائعة لدى قطاع عريض من الناس حيث يخدعهم بعض كبار العشابين بأن هناك زيوتا سحرية ويوميا يأتي لي من يطلب وصفات سحرية ودائما أقول إن الأعشاب الطبيعة والنباتات الطبيعية فعالة لعلاج كثير من الأمراض وذلك لاحتوائها على مواد وتركيبات تساعد في العلاج لكن لا توجد زيوت سحرية, وبالنسبة لشجرة الأركان وما يقال إنها منبع للزيت السحري فلو كان هذا صحيحا لاتجه العالم إلى المغرب طلبا للعلاج ولكن قد يكون الزيت المستخرج من نباتها فعالا في علاج بعض الأمراض لكنه ليس بالزيت السحري.. فهذه الشجرة مثلها مثل معظم النباتات والأعشاب تحتوي على زيوت طبية وطبيعية منها ما يحتوي على زيوت طيارة مثل البابونج والريحان والشمر والبقدونس والحصى البان ومنها ما يحتوي على زيوت ثابتة مثل جنين القمح وحبة البركة والجرجير والسمسم والجوجوبا التي يتم استخلاصها بعدة طرق معروفة مثل التقطير المائي أو التقطير بالبخار أو باستخدام المذيبات أو عن طريق استخدام غاز ثاني اكسيد الكربون, أما الزيوت الثابتة فتستخلص بالعصر الهيدروليكي أو ما يطلق عليه بالعصر البارد. ويقول الدكتور ناجي محمود خليفة أستاذ الكيمياء العلاجية بالمركز القومي للبحوث: معظم النباتات والأعشاب الموجودة في العالم لها فوائد وتساهم في علاج الكثير من الأمراض على أساس علمي وليس عن طريق الوصفات ولا يوجد ما يسمى بالزيوت السحرية فأي نبات يحتوي على مركبات كثيرة لكن يجب ان تحضر بطريقة علمية ومعملية وأي نبات به أوراق خضراء أي يحتوي على مادة الكلوروفيل يستخدم في علاج الكثير من الأمراض مثل السرطانات ومكافحة البلهارسيا والملاريا عن طريق فصل الكلورفيل النشط (A) عن الكلوروفيل (b) غير النشط وعمل تفاعلات حمضية وقاعدية ثم حقنها ضد السرطانات وتعرضها لأشعة الليزر فتمتص الضوء وتدمر الورم. مواد سامة ويرى الدكتور صلاح سيد أستاذ النباتات الطبية بالمركز القومي للبحوث انه لا خلاف حول جدوى النباتات الطبية وفائدتها العلاجية وهناك الكثير من النباتات الطبية تستخدم في الصناعات الصيدلية والتصدير إلى دول العالم ومن أشهر هذه النباتات البردقوش والعتر والينسون والكسبرة وغيرها وتستخدم في علاج الجهاز الهضمي والتنفسي وزياد المناعة ولكن لابد من الأخذ في الحسبان ان المركبات الفعالة الموجودة في هذه النباتات تتأثر بالتغيرات المناخية لذا يتم استخلاص الزيوت منها في وقت معين من السنة وفي ظروف جوية محددة وساعات معينة.. كما يجب استخدام الأعشاب الطبية بحرص شديد فيجب أولا التأكد من نوعية العشب المستخدم ومدى احتوائه على المادة الفعالة وتحديد الجرعة حيث أن هناك بعض النباتات تحتوي على مواد فعالة سامة. ويقول د. ابراهيم كامل استشاري جراحات التجميل والليزر: لا علاقة للزيوت بعمليات التجميل ومن يقل ذلك فهو مخادع كبير من اجل الحصول على مكاسب مادية ونحن لا نستخدم هذا الزيت في عمليات التجميل .. وإذا كان يعالج الأمراض الجلدية كما يزعمون ويدخل في صناعة المستحضرات التجميلية فلماذا نجد إقبالا كبيرا جدا من الأخوة العرب وخصوصاً بلاد المغرب العربي على القدوم لمصر لإجراء عمليات التجميل?! وينفي الدكتور عادل ولسن أستاذ جراحة التجميل بطب القصر العيني وجود ما يسمى بالزيت السحري قائلا: جميع الأدوية والمستحضرات الطبية تحتوي على مستخلص النباتات الطبيعية مضافا اليها بعض الكيماويات ولكن كل هذا قائم على أساس علمي ومجرب على بعض الحيوانات قبل استخدامه لعلاج الإنسان وان ادعاء البعض بوجود أشجار أو نباتات تخرج منها زيوت تعالج بعض الأمراض دون اسانيد علمية او أبحاث تؤكد ذلك ما هو الا وهم كبير. كذلك يؤكد الدكتور وائل محمد حسنين استشاري جراحة التجميل: أنه لا توجد أشجار او نباتات تعطى زيوتاً سحرية ولكن هذا لا ينفي وجود بعض النباتات التي تستخدم كمواد خام في تحضير الكثير من المستحضرات الطبية وهناك الكثير من الأدوية المستخلصة من النباتات الطبيعية تساعد في علاج أمراض البشرة مثل الحبوب والإكزيما وغيرها من الأمراض الجلدية وأيضا تدخل في المستحضرات التي تعمل للوقاية من أشعة الشمس حيث تعكس الإضاءة وتعالج الآثار التراكمية كما تمنع العجز للبشرة والأورام السرطانية