مقالات و اخبار الفوركس لسوق العملات– موقع الفوركس العربي
التجارة الدولية وسوق العملات العالمي
مقدم من كايا caya -الموقع الرائد في تداول العملات والاسهم العالمية
في الاقتصاد المفتوح الحديث أصبح من السهل تنفيذ عمليات التبادل التجاري بين الدول بصورة كبيرة. وكانت البداية إلى ذلك من بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبعد الانتهاء من ربط أسعار صرف العملات بالذهب وذلك من خلال اتفاقية “بريتون وودز” في يوليو 1944. ولكن حينها لم يكن هناك البنية التحتية المناسبة لدعم التجارة الدولية، ولكن استمر التطوير في الأدوات التي تساعد على التجارة الدولية بصورة مستمرة حتى وصلت إلى ما نراه الآن. ولعل العلاقات التجارية الضخمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين كانت سببا في تطوير الآليات التي ساهمت على تطوير الأداء التجاري العالمي بصورة كبيرة. وفي المقال سوف نعرض تاريخ التجارة الدولية وكيف تطورت وما هو دور سوق العملات في تطوير تلك العلاقات التجارية بين الدول المختلفة.التجارة الدولية وسوق العملات العالمي
مقدم من كايا caya -الموقع الرائد في تداول العملات والاسهم العالمية
البداية
كانت البداية عندما قامت دول الحلفاء بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بعقد اجتماع “بريتون وودز” عام 1944، والذي كان يحاول إزالة تأثير الحرب العالمية التي أدت إلى دخول الاقتصاد العالمي كله في حالة من الركود والكساد الكبيرة. وكانت تلك الاتفاقية تهدف إلى تكوين بعض المؤسسات المالية الكبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وكان الغرض من إنشاء تلك المؤسسات المالية الكبرى هو تسهيل عملية التبادل التجاري بين الدول وبعضها،.من ناحية أخرى فإنه من ضمن بنود تلك الاتفاقية أيضا هو الموافقة على عدم استخدام الذهب كسلعة رئيسية لتحديد قيمة العملات بناءا عليها. وتم الاكتفاء بربط أسعار العملات بالدولار الأمريكي الذي هو سوف يكون مربوطا بسعر 35 دولار من الذهب. وفي ذلك الوقت أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك ما يقرب من 65% من إجمالي احتياطي الذهب في العالم لتصبح الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك مركزا اقتصاديا هاما على مستوى العالم مع المناطق الناشئة الأخرى في ذلك الوقت مثل أوروبا واليابان.
نظرية “بريتون وودز” وسوق العملات
بعد فترة أصبح ذلك التكتل الدولي ممثلا للحزب الناجح، فدول مثل ألمانيا واليابان كانت تحتاج لمثل تلك التحالفات والاتفاقيات من أجل إعادة بناء الاقتصاد المحلي الخاص بهم بعد الحرب التي دمرت كل شيء معتمدين على قدرتهم على التصدير للخارج. وفي الحقيقة كان الطلب الأمريكي مساعدا قويا لدعم معدلات النمو العالمية، وذلك لاستهلاك الولايات المتحدة لكثير من المنتجات العالمية مثل “فلوكس واجين” و “سوني” و”فيليبس”. واستمرت الواردات الأمريكية في الارتفاع بصورة كبيرة حتى وصلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى مستويات العجز التجاري، وهو ما يعني ارتفاع الواردات الأمريكية عن صادراتها بصورة كبيرة.
ونظريا فإن السوق يتعامل مع بعضه وفقا لآليات العرض والطلب والتي تؤدي بصورة طبيعية إلى تكوين الفائض والعجز التجاري في الدول. ولكن عمليا كان نظام “بريتون وودز” كان أدى بصورة طبيعية إلى اتجاه السوق إلى بعض الأنظمة المشابهة لتداول أسعار صرف العملات بصورة طبيعية بدون تدخل من الدول نفسها. فعلى سبيل المثال كلما كان هناك ارتفاعا في معدلات الطلب على سلعة معينة يتم إنتاجها من دولة معينة، فإنه يكون من المتوقع ارتفاع قيمة تلك العملة مقابل العملات الأخرى. ولكن في ذلك الوقت كان يجب على البنوك المركزية التدخل دائما في الحفاظ على أسعار الصرف عند مستويات شبه ثابتة بقدر الإمكان والتي تم الاتفاق عليها في “بريتون وودز”، الأمر الذي نتج عنه بعد ذلك ظهور ما يسمى بسوق العملات (الفوريكس) وهو سوق متخصص فيه شراء الدولارات الأمريكية وبيع الباوند والمارك الألماني والين الياباني، الأمر الذي كان يؤدي إلى التحكم في أسعار العملات بصورة أكبر مما كان يتوقعه الكثيرين لعدم تأثير السوق على سوق العملات هذا بصورة مباشرة، وذلك من أجل تخفيض أسعار السلع المصدرة لتكون أكثر جذبا للمستهلكين الأمريكيين.
ولعل نظام “بريتون وودز” كان يعتمد بصورة كبيرة على مدى قابلية المشاركين فيه إلى دعمه، خاصة تلك الدول التي لديها كميات كبيرة من الدولارات الأمريكية كانت دوافعها لدعم نظام “بريتون وودز” أعلى من الدول التي لا تمتلك الكثير من الدولارات الأمريكية، ولكن بعد فترة انخفضت رغبة الكثير من الدول في الالتزام بذلك النظام لأنه من غير المنطقي أن تقوم تلك الدول بزيادة حجم أصول من المتوقع أن تنخفض قيمتها في المستقبل.
انتهاء “بريتون وودز” وبداية سوق العملات
انتهت اتفاقية “بريتون وودز” نهائيا في أغسطس 1971، وذلك عندما أعلن الرئيس الأمريكي “نيكسون” بأن البنوك المركزية الدولية لا يجب عليها ربط أسعار عملاتها بقيمة 35 دولار أمريكي للأوقية من الذهب ولدى البنوك مهلة لمدة عامين لعدم الاستمرار في التمسك بذلك النظام. وفي تلك الحالة أصبحت أسعار العملات تتحرك في سوق العملات وفقا لآليات العرض والطلب ولا يتم تحديد قيمتها بربطها بالدولار الأمريكي. وقد كانت الدول الأوروبية واليابان من أوائل الدول التي اعتمدت نظام تعويم العملات وفقا لآليات العرض والطلب على تلك العملات، وحينها انخفض الدولار الأمريكي بصورة عنيفة وارتفعت قيم العملات الأخرى في المقابل في سوق العملات. وبصورة عامة فإن تلك العملات الغير دولارية كان يحملها الأفراد حتى أكثر من البنوك المركزية نفسها.
ولكن على الرغم من استخدام نظام تعويم العملات إلا أن نظام ربط العملات بسعر الدولار الأمريكي لم ينتهي في كل الدول، حيث أن اليابان كانت ترى أنه من مصلحتها استمرار انخفاض الين الياباني وذلك لدعم الصادرات اليابانية وذلك لأنها العامل الوحيد الذي يعتمد عليه الاقتصاد الياباني في النمو والبقاء. وأيضا كان هناك اتجاه في الصين في بداية فترة الثمانينات عندما أعلن أحد القادة في الحزب الشيوعي الصيني أنه جاء الوقت من أجل البحث عن الثروات وكانت الصين لا تزال تتبع نظام تثبيت سعر الصرف الخاص بالعملة الصينية.
ولكن لم تستمر الدول الشيوعية الأوروبية مثل دول شرق أوروبا وروسيا في أن تكون جزءا من اتفاقية “بريتون وودز” واشتركوا في حزب “العولمة”، وبهذا فقط تم اكتشاف أسواق جديدة تساعد كلا من ألمانيا واليابان اللذان يحاولان تخطي آثار الحرب العالمية ببيع بضائعهم وخدماتهم في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وكانت كل تلك الدول سواء الصينية أو الدول المصدرة بشكل عام رأت أنه يجب عليهم الحفاظ على تخفيض قيمة عملاتهم من أجل تشجيع عملية الصادرات للدول الأخرى،.فاتفقت تلك الدول الآسيوية على محاولة تثبيت أسعار صرف العملات الخاصة بهم عند مستويات متدنية محاولين دعم الصادرات الخاصة بهم إلى الدول الأخرى، الأمر الذي دعا الكثير من المتابعين للوضع الاقتصادي الحالي بتسمية ذلك الوضع باتفاقية “بريتون وودز 2″، وفي الحقيقة فهي فعلا تشبه في طريقة عملها اتفاقية “بريتون وودز” الأصلية ولكن بدون استخدام الذهب في تقييم العملات.
مارد حجمه 1 تريليون دولار وأثره على سوق العملات
ارتفع العجز التجاري الأمريكي بصورة كبيرة بعد تصميم “بريتون وودز 2″ وذلك لأن الاستهلاك الأمريكي تضخم بصورة كبيرة للمنتجات خاصة الصينية والدول الناشئة الأخرى، الأمر الذي أدى إلى امتلاك الصين لأكبر احتياطي نقدي في العالم حيث بلغ الاحتياطي النقدي الصيني 1 تريليون دولار أمريكي. بالإضافة إلى البنك المركزي الهندي الذي هو أيضا يمتلك أكبر احتياطيات نقدية في العالم من الدولارات الأمريكية ، الأمر الذي يضع الحكومة الصينية تحت ضغوط مستمرة لتغيير سياسة الصرف الخاصة بها بتثبيت أسعار اليوان الصيني مقابل الدولار الأمريكي في سوق العملات. لهذا السبب فإن العلاقة السياسية الصينية والأمريكية تحمل الكثير من الحساسيات بسبب ذلك الموضوع أن الصين لها قدرة تنافسية عالية للغاية جعلها تحتكر جزءا كبيرا من حجم التجارة العالمي بسبب سياسات الحماية التي تتبعها على السوق الخاص بها.
الخلاصة
هناك بعض الأمور المشابهة لما في بنود اتفاقية “بريتون وودز” القديمة وما يحدث في الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي. ففي السابق كانت الدول الناشئة بعد الحرب العالمية الثانية مثل ألمانيا واليابان تستفيد من تثبيت أسعار الصرف من أجل دعم الصادرات الخاصة بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية،. ولكن اليوم فإن الصين تنتهج نفس النظام تقريبا من أجل دعم صادراتها للولايات المتحدة الأمريكية والإبقاء على سعر اليوان الصيني عند أدنى المستويات في سوق العملات. ويبدو ذلك طبيعيا عند محاولة فهم ذلك، فالسبب وراء دعم الدول الناشئة يوم أمس هي نفس العوامل التي تحتاجها الدول الناشئة اليوم من أجل دعم اقتصادها، وسوف تكون هي نفس العوامل التي سوف تعتمد عليها الدول الناشئة غدا. (للمزيد من المعلومات عن تاريخ سوق العملات يمكنك مراجعة المقال : تاريخ سوق العملات).