عم هو نجل زكي مراد, وشقيق ليلي مراد, أنه أذن سليل أسرة فنية حفرت لنفسها مكانا بارزا في عالم الموسيقي والغناء, غير أن منير مراد 1922 ــ1981 خط لنفسه طريقا بدا مغايرا سواء عن أبيه وشقيقته, فهو لم يستمرطويلا في الغناء رغم طراوة صوته وتميزه, عاكفا علي وضع ألحان تغني بها آخرون, مازالت أصداؤها تطرب لها الأذن حتي الآن, وهذا لاشك يعود إلي تميزها وسمتها التجديدية الشعبية, فالصياغات الموسيقية التي أبدعها مراد جاءت متجاوزة السائد والمألوف, من حيث الأسلوب التلحيني,
بيد أن هذا الكائن الجميل الذي غادر دنيانا وهو في قمة عطائه الفني, استلهم مفردات اقتربت بصورة أو بأخري من الموسيقي الغربية, فالثابت أنه تأثر بتلك الامواج الهادرة من عوالم موسيقية انطلقت من عواصم الغرب الاوروبي واللاتيني وكان حلمها أن تتلاحم مع جمهور يعيش في الشوارع والمصانع والأزقة, يلهث من أجل قوت يومه, كان هذا مناخ عقدي الخمسينيات والستينيات وبطبيعة الحال لم ينفصل منير مراد عن تلك الاجواء فجاءت إيقاعات الحانه سريعة قصيرة موحية في دلالتها الموسيقية.
في السينما, وتلك مفارقة, لم يترك منير مراد سوي أفلام اربعة, فيلمان منهما شارك بأدوار ثانوية, وآخران كان هو بطلها الاساسي, ومكمن المفارقة هو ان هذين الشريطين في تصوري شكلا علامتين بارزتين في مسيرة الطرب والمطربين في السينما المصرية, فكلاهما استحق بحق أن يوصفا بالافلام الغنائية والاستعراضية قولا وفعلا, فلا إقحام للاغاني أو للاستعراضات التي شكلت جزءا لا يتجزأ من نسيج الفيلم, والدليل علي ذلك أنهما ينالان الاعجاب حين يعرضان علي شاشات التلفاز ولا مبالغة في القول بأن المرء وهو يشاهدهما يناتبه أحساس أنه يشاهدهما للمرة الاولي مستمتعا بالألحان وجمال الاداء التمثيلي معا. أن شئت فقل أنه الظرف بضم الظاء والخفة واللطافة, وفي نفس الوقت يمكن اعتبارهما درسين في الرقي دون إسفاف أو السقوط في متاهات التفاهة والحط بعقول المتلقين.
هنا القاهرة
في فيلم أنا وحبيبي كان هناك هدف هو أن يكون منير مراد هو محور العمل, غير أن الحاصل هو أن كل شخوص الشريط اعتبروا أبطالا وهذا يعود إلي روح الفريق, فيبدو أنهم اتفقوا فيما بينهم علي أن يقدموا ما في جعبتهم من أفيشات طريفة من إجل إسعاد الجمهور, وها هو عبدالسلام النابلسي1899 ــ1967 رغم أنه يؤدي دورا ثانويا كعادته إلا أن أداءه زاد من ثراء هذا الفيلم البسيط وكيف لنا أن ننسي طريقته في التمثيل وإطلاق العبارات ذات الكلمات الفرنسية والتي لا يمكن أن تسمعها سوي من النابلسي نفسه. في السياق ذاته تلمع أسماء مثل عبدالغني النجدي1915 ــ1980 فضلا علي زينات صدقي1913 ــ1978 وصرخاتها الدائمة: مدموزيل من فضلك ثم رد محمد التابعي1907 ــ1978 حاضر يامدام!!
ويأتي منير مراد بخفة دمه وأدائه السلسل ليشكل مع النابلسي دويتو كان في غاية الروعة, حتي الجنوح إلي الشر كما فعل النابلسي في محاولاته تارة لطرد غريمه منير من قبل صاحب التياترو عبدالحميد زكي1899 ــ1970 وتارة أخري لإفساد غرام بطلي الفيلم شادية ومنير مراد إلا أننا إستمتعنا به وليت شر العالم يكون مثل هذا الشر الجميل, نعود إلي الحكاية وفيها رأينا هذا الشاب البائس موهوبا ولكن لا احد يعرفه يعمل في تياترو بروض الفرج مرة بائع تذاكر ومرة أخري منولوجست إلي أن تأتي شادية الفنانة المشهورة لتشاهد عرضا من تلك المسارح الشعبية وهنا يلتقيان دون موعد وتتالي الاحداث الكوميدية ممزوجة بكم من الاستعراضات التي انطلقت بدورها من افكار بسيطة ولكنها ثرية بيد أنها كانت نسيجا متكاملا من رشاقة الحركة مع قدر من الفكاهة الراقية مثل هنا القاهرة, وإحنا تلاتة, وأهلا أهلا من كلمات فتحي قورة, وكذلك اسكتش الكورة وقرب قرب وكلاهما من تأليف فتحي قورة ولاحظنا في كلمات الأغاني أنها مستقاة من لغة الناس العاديين ومن ثم فهي لا تبعث علي الضجر بل علي السعادة. ولا بأس من مؤازة الواقع المعيش فلان الشريط انتج عام1953 أي بعد شهور من قيام ثورة يوليو, جاء أسكتش النهاية والذي وضع كلماته جليل البنداري بمثابة دعوة لمصر كي تقوم وتنهض.
علي غرار سامي سامي سامي المحامي في فيلم إسماعيل ياسين المليونير والذي أداه عباس فارس, يأتي سراج منير1904 ــ1957 في نهارك سعيد قصة ابراهيم مراد وحوار سيد بدير1915 ــ1986 وسيناريو واخراج فطين عبدالوهاب1913 ــ1972, باسم شاكر شاكر شاكر, التفاصيل جد مختلفة, ولكن الشخصيتين تفقان في روح الكوميديا المفرطة في رقيها ان الأخير رجل ثري يريد أن يكون ابنه مثله رجل اعمال بحيث يدير المصنع الذي يملكه بدلا من غريب لكن الابن ينحو منحي آخر فجل أمله هو الغناء والطرب وبالطبع يرفض الاب رفضا قاطعا أن يكون ابنه موسيقيا, لذا يطرده من منزله بشكل كوميدي في غاية الابتكار دون ميلودراما أو تراجيديا فجة بيد ان الجماهير تضحك من قلبها وهي تشاهد صراع الاب مع ابنه.
وتأتي المفارقات الضاحكة فالرجل الثري الذائع الصيت يعلن عن مسابقة لاسم منتج يقوم بتصنيعه وهو الصابون, يتقدم ابنه الذي يحلم بأن يتحول أوبريت من تلحينه إلي واقع يراه الناس إلي المسابقة لعله يكسب الجائزة ويستطيع توفير المال اللازم كي يخرج الاستعراض إلي النور, ويوافق عليه والده دون أن يدري أن صاحب الابتكار هو نجله فيشتاط غضبا ولكن كان عليه اعطاءه مبلغ الجائزة, وبالفعل يتم الاستعراض ويصل إلي الشهرة التي كان يتمناها. كل هذا جعل والده يغير نظرته للفن ويوافق أن يتيح له الفرصة أن يتزوج من الفتاة الذي أحبها.
المهم أن القائمين علي الفيلم لم يبخلوا علي المشاهدين بشئ فأعطوهم لقطات ممتعة حملت أغاني هادفة وراقية والحانا مبتكرة سريعة تدغدغ مشاعر مستمعيها وأفكارا درامية يمكن تصديقها والاقتناع بها بل والسير علي نهجها الم يسع أبطال الفيلم إلي النجاح, وأن الأخير لا يمكن أن يأتي دون مجهود, كل هذا كان من شأنه أن يدفع المشاهدين إلي تكرار مشاهدتهم للشريط, وها هي الاجيال نفسها تحذو حذو السلف وأمام الشاشات الصغيرة تجلس مستمتعة مرة مع أنا وحبيبي وأخري مع نهارك سعيد.
بيد أن هذا الكائن الجميل الذي غادر دنيانا وهو في قمة عطائه الفني, استلهم مفردات اقتربت بصورة أو بأخري من الموسيقي الغربية, فالثابت أنه تأثر بتلك الامواج الهادرة من عوالم موسيقية انطلقت من عواصم الغرب الاوروبي واللاتيني وكان حلمها أن تتلاحم مع جمهور يعيش في الشوارع والمصانع والأزقة, يلهث من أجل قوت يومه, كان هذا مناخ عقدي الخمسينيات والستينيات وبطبيعة الحال لم ينفصل منير مراد عن تلك الاجواء فجاءت إيقاعات الحانه سريعة قصيرة موحية في دلالتها الموسيقية.
في السينما, وتلك مفارقة, لم يترك منير مراد سوي أفلام اربعة, فيلمان منهما شارك بأدوار ثانوية, وآخران كان هو بطلها الاساسي, ومكمن المفارقة هو ان هذين الشريطين في تصوري شكلا علامتين بارزتين في مسيرة الطرب والمطربين في السينما المصرية, فكلاهما استحق بحق أن يوصفا بالافلام الغنائية والاستعراضية قولا وفعلا, فلا إقحام للاغاني أو للاستعراضات التي شكلت جزءا لا يتجزأ من نسيج الفيلم, والدليل علي ذلك أنهما ينالان الاعجاب حين يعرضان علي شاشات التلفاز ولا مبالغة في القول بأن المرء وهو يشاهدهما يناتبه أحساس أنه يشاهدهما للمرة الاولي مستمتعا بالألحان وجمال الاداء التمثيلي معا. أن شئت فقل أنه الظرف بضم الظاء والخفة واللطافة, وفي نفس الوقت يمكن اعتبارهما درسين في الرقي دون إسفاف أو السقوط في متاهات التفاهة والحط بعقول المتلقين.
هنا القاهرة
في فيلم أنا وحبيبي كان هناك هدف هو أن يكون منير مراد هو محور العمل, غير أن الحاصل هو أن كل شخوص الشريط اعتبروا أبطالا وهذا يعود إلي روح الفريق, فيبدو أنهم اتفقوا فيما بينهم علي أن يقدموا ما في جعبتهم من أفيشات طريفة من إجل إسعاد الجمهور, وها هو عبدالسلام النابلسي1899 ــ1967 رغم أنه يؤدي دورا ثانويا كعادته إلا أن أداءه زاد من ثراء هذا الفيلم البسيط وكيف لنا أن ننسي طريقته في التمثيل وإطلاق العبارات ذات الكلمات الفرنسية والتي لا يمكن أن تسمعها سوي من النابلسي نفسه. في السياق ذاته تلمع أسماء مثل عبدالغني النجدي1915 ــ1980 فضلا علي زينات صدقي1913 ــ1978 وصرخاتها الدائمة: مدموزيل من فضلك ثم رد محمد التابعي1907 ــ1978 حاضر يامدام!!
ويأتي منير مراد بخفة دمه وأدائه السلسل ليشكل مع النابلسي دويتو كان في غاية الروعة, حتي الجنوح إلي الشر كما فعل النابلسي في محاولاته تارة لطرد غريمه منير من قبل صاحب التياترو عبدالحميد زكي1899 ــ1970 وتارة أخري لإفساد غرام بطلي الفيلم شادية ومنير مراد إلا أننا إستمتعنا به وليت شر العالم يكون مثل هذا الشر الجميل, نعود إلي الحكاية وفيها رأينا هذا الشاب البائس موهوبا ولكن لا احد يعرفه يعمل في تياترو بروض الفرج مرة بائع تذاكر ومرة أخري منولوجست إلي أن تأتي شادية الفنانة المشهورة لتشاهد عرضا من تلك المسارح الشعبية وهنا يلتقيان دون موعد وتتالي الاحداث الكوميدية ممزوجة بكم من الاستعراضات التي انطلقت بدورها من افكار بسيطة ولكنها ثرية بيد أنها كانت نسيجا متكاملا من رشاقة الحركة مع قدر من الفكاهة الراقية مثل هنا القاهرة, وإحنا تلاتة, وأهلا أهلا من كلمات فتحي قورة, وكذلك اسكتش الكورة وقرب قرب وكلاهما من تأليف فتحي قورة ولاحظنا في كلمات الأغاني أنها مستقاة من لغة الناس العاديين ومن ثم فهي لا تبعث علي الضجر بل علي السعادة. ولا بأس من مؤازة الواقع المعيش فلان الشريط انتج عام1953 أي بعد شهور من قيام ثورة يوليو, جاء أسكتش النهاية والذي وضع كلماته جليل البنداري بمثابة دعوة لمصر كي تقوم وتنهض.
علي غرار سامي سامي سامي المحامي في فيلم إسماعيل ياسين المليونير والذي أداه عباس فارس, يأتي سراج منير1904 ــ1957 في نهارك سعيد قصة ابراهيم مراد وحوار سيد بدير1915 ــ1986 وسيناريو واخراج فطين عبدالوهاب1913 ــ1972, باسم شاكر شاكر شاكر, التفاصيل جد مختلفة, ولكن الشخصيتين تفقان في روح الكوميديا المفرطة في رقيها ان الأخير رجل ثري يريد أن يكون ابنه مثله رجل اعمال بحيث يدير المصنع الذي يملكه بدلا من غريب لكن الابن ينحو منحي آخر فجل أمله هو الغناء والطرب وبالطبع يرفض الاب رفضا قاطعا أن يكون ابنه موسيقيا, لذا يطرده من منزله بشكل كوميدي في غاية الابتكار دون ميلودراما أو تراجيديا فجة بيد ان الجماهير تضحك من قلبها وهي تشاهد صراع الاب مع ابنه.
وتأتي المفارقات الضاحكة فالرجل الثري الذائع الصيت يعلن عن مسابقة لاسم منتج يقوم بتصنيعه وهو الصابون, يتقدم ابنه الذي يحلم بأن يتحول أوبريت من تلحينه إلي واقع يراه الناس إلي المسابقة لعله يكسب الجائزة ويستطيع توفير المال اللازم كي يخرج الاستعراض إلي النور, ويوافق عليه والده دون أن يدري أن صاحب الابتكار هو نجله فيشتاط غضبا ولكن كان عليه اعطاءه مبلغ الجائزة, وبالفعل يتم الاستعراض ويصل إلي الشهرة التي كان يتمناها. كل هذا جعل والده يغير نظرته للفن ويوافق أن يتيح له الفرصة أن يتزوج من الفتاة الذي أحبها.
المهم أن القائمين علي الفيلم لم يبخلوا علي المشاهدين بشئ فأعطوهم لقطات ممتعة حملت أغاني هادفة وراقية والحانا مبتكرة سريعة تدغدغ مشاعر مستمعيها وأفكارا درامية يمكن تصديقها والاقتناع بها بل والسير علي نهجها الم يسع أبطال الفيلم إلي النجاح, وأن الأخير لا يمكن أن يأتي دون مجهود, كل هذا كان من شأنه أن يدفع المشاهدين إلي تكرار مشاهدتهم للشريط, وها هي الاجيال نفسها تحذو حذو السلف وأمام الشاشات الصغيرة تجلس مستمتعة مرة مع أنا وحبيبي وأخري مع نهارك سعيد.