فى البداية احب اقول ان التحول الجنسي ظاهرة صعدت على السطح خلال الفترة الأخيرة في مصر ، رفضها القانون والشرع ، ولكن يقرها خبراء علم النفس الذين يشيرون إلى أن عياداتهم لا تخلو من مثل هذه الحالات التي تعانى من اضطراب بالـ"هوية الجنسية" التى غالباً ما تلجأ إلى الانتحار ، بالرغم من تكامل هرمونات الذكورة أو الأنوثة ، وهذا يعنى أنه من الممكن أن يلجأ رجل كامل الذكورة إلى التحول إلى أنثي والعكس ، لعدم رغبته فى ذلك.
وظهرت حالات عديدة ترفض جنسها على طريقة "فوزية أم رجلين حلوة" التى مثلتها الفنانة معالي زايد بفيلم "السادة الرجال" وسعت إلى التحويل الجنسي من "فوزية" إلى "فوزي" كونها زوجة مقهورة ترفض الظلم ، وتختار أن تتحول برغبتها إلى رجل بالرغم من أنها أنثي كاملة .
من إسلام إلى نور
يبدو أن الأمر مرتبط بحالات عديدة مشابهة ، يريدون التخلي عن جنسهم ، كما فعل الشاب "إسلام صلاح - 22 سنة" الذي قرر التحول إلى نور ، الأمر الذي أثار بلبلة كونها مخالفة للقانون ، وتمت هذه الواقعة داخل مستشفى شهير بمحافظة أسيوط المصرية ، والتي أجراها الدكتور محمود العطيفى، أستاذ جراحة تجميل بكلية طب أسيوط بدون اللجوء إلى لجان علمية.
وتم اكتشاف هذه الواقعة بعد أن ذهبت والدة "نور" لتشكو الطبيب الذي رفض تقديم أي أوراق تثبت تحويل "إسلام" إلى "نور" .
وذكرت جريدة "المصري اليوم" أن "نور" ليست السابقة الوحيدة التي أجري لها الدكتور "محمود العطيفى" العملية بشكل سري ، ولكن هناك عدة عمليات من هذا النوع في أوقات سابقة، داخل نفس المستشفى ، وهى العمليات المجرمة قانوناً دون الحصول على موافقات الجهات المختصة كنقابة الأطباء ووزارة الصحة.
نور فى المستشفي أثناء تلقي العلاج
وبالرغم من أن الفحوص التي أجريت "لإسلام" جميعها ثبت أنه ذكر إلا أنه رفض الاعتراف بذلك ، نظراً لإصابته بما يسمي اضطراب بالهوية الجنسية ، وعرضت قناة "الحياة" خلال برنامج "الحياة اليوم" لقاء مع "نور" المتحولة من "إسلام" والذي بدا عليها مقومات الصوت والجسد الأنثوي.
قام بهذا الحوار د.سعد المغربي وكيل أول وزارة الصحة للعلاج الحر ، بعد مقاومة ورفض شديد من نور التي لم تهدأ إلا بعد أن تحدث معها المحاور بصيغة الأنثى وبدأ حواره معها بـ"عملتي اللي في دماغك" ابتسمت و أماءت برأسها ، وقالت : "اسمي في البطاقة إسلام صلاح أحمد وألان أصبح نور ، عمري 22 سنة من الإسكندرية ، خريجة مدرسة صنايع قسم كمبيوتر" ، ثم بدأت في سرد بعض التفاصيل : "طول عمري أشعر أني أنثي ، ألعب مع للبنات ولا أحب اللعب مع الصبيان ، ورغبتي في التحول بدأت في المرحلة الإعدادية ، عند انتقالي لمدرسة للأولاد فقط ، كنت أجد صعوبة في التأقلم معهم".
عند اكتشاف الأمر ، حولت المدرسة إسلام إلى العلاج النفسي بأحد مراكز الصحة النفسية ، استمر معهم لمدة 5 سنوات ، ثم صدر التقرير الطبي بأنه يعاني من اضطراب في الهوية الجنسية ، ثم تم تحويله إلى استشاري مسالك بولية الذي وافق أن يجري العملية بعد موافقة الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء ، وذلك عام 2003 من خلال لجنة آداب المهنة ، لم توافق اللجنة لعدم وجود رحم أو مبيض أو أى مظهر أنثوي بجسم "إسلام".
وفي هذه اللحظة تسائلت "نور" بمنتهي الجرأة : هل عدم وجود رحم أو مبيض يعني أنني لست أنثي أنه يعني أني سأحرم من الإنجاب ؟ هذه هي إعاقتي الوحيدة ، واندهشت من سر رفض الأطباء لإجراء العملية من البداية مؤكدة أنها أنثي طبيعية ، وهناك نساء كثيرات يعانين من مشاكل ويلجأن لاستئصال الرحم.
لم "ييأس" إسلام أمام رغبته الملحة ، ولجأ إلى تناول الهرمونات بدون وصف طبي عن طريق الحقن وحبوب منع الحمل ، وإجراء تحاليل للهرمونات للتأكد من زيادة نسبة هرمونات الأنوثة لديه ، حيث كان يتمكن من رفعها وخفضها
استعان إسلام بذلك خلال الكمبيوتر ، لجمع أكبر قدر من المعلومات حول عمليات التحول الجنسي فى العالم ، ورأي عمليات كاملة تمت بنجاح ، الأمر الذي شجعه أكثر على الإقدام على هذه الخطوة لإجراء العملية وإخراج الأنثى من داخله .
أجريت لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء التحاليل اللآزمة للمرة الثانية ،وخلالها هدد "إسلام" النقابة أن القانون في صفه تماماً لحريته في تقرير مصيره بنفسه ، ولا يوجد نص بالدستور يمنع ذلك ، بالإضافة إلى أن مصر وقعت علي إتفاقية مع منظمة الصحة العالمية بإجراء عملية التحويل لمثل هذه الحالات سواء كان يحمل الشخص يحمل xx أو xy بدون وضع أي شروط للتحويل الجنسي ، وفترة معايشة سنتين ، بحسب "نور" خلال الحوار.
نور
وعرف إسلام الطبيب الذي أجري له العملية ، عندما أرسلته النقابة إلى أحد المستشفيات لعمل تحاليل وأشعة فقابل هناك حالة مشابهة له ، ودلته على اسم الطبيب الذي يجري مثل هذه الحالات بدون الرجوع إلى النقابة ، ومن الدليل تمكن إسلام من الوصول إليه هاتفياً والاتفاق معه على التفاصيل والأجر.
واشترطت "نور" إسلام سابقاًَ مع الطبيب على إجراء العملية بمستشفي فى أسيوط ، وأن تحصل على نتيجة بعد التحول مماثلة للعمليات التى تجري بالخارج ، ليصبح بنت بأعضاء طبيعية 100% ، ولكن اشترط الطبيب ألا تطلب أى أوراق ، أو فاتورة للعملية التي تكلفت 27 ألف جنيه ، 7 آلاف لتكبير الثدي أجريت فى وقت سابق ، و20 ألف جنيه لبقية الأعضاء .
يذكر أن إسلام لجأ إلى ارتداء ملابس النساء ووضع مساحيق التجميل منذ عام 2006 ، الأمر الذي جعل أسرته تتنقل من مكان لمكان بسبب مضايقة الجيران ونبذهم له ، وعلقت نور فى النهاية " كنت أنظر في المرآة لا أري نفسي رجل ، وأن أنثي محبوسة بداخلي ، هذه المشاعر اختفت ، وارتحت نفسياً بعد إجراء هذه العملية".
وظهرت بالحلقة حالة أخري رفضت ذكر أسمها أو توضيح معالم للوجه ، لرجل بهرمونات ذكورية يظهر فى شكل انثي كاملة الانوثة وصوت انثوي ، عاش طول عمره على أنه أنثي ، ورفض هذه الحقيقة ، وهو فى انتظار إجراء عملية لتحويله إلى أنثي من الناحية العضوية ، لتتزوج "يتزوج" من الشخص الذي تحبه ويقدر حالتها.
ومن عدد الحالات الفعلي المشابهة يؤكد د.سعد المغربي وكيل أول وزارة الصحة أنه لا توجد إحصائيات عن الأعداد الفعلية لمثل هذه الحالات ، ولكن لا توافق نقابة الأطباء على إجراء عمليات التحول الجنسي ، ويرفضها الشرع والدين ، ولكن ما يوافق عليه هو إجراء عمليات للأطفال المخنثين ، غير محددين الهوية ، الذين يولدون بأعضاء ذكورة وأنوثة مختلطة ، وما يغلب وفقاً للتحاليل ، يجري له عملية تصليح.
ضرورة طبية أحياناً
أما من الناحية النفسية أشار د.هاشم بحري أستاذ الطب النفسي جامعة الأزهر ببرنامج ضرب نار على قناة المحور أن الهرمونات تشكل جزء هام جداً من هوية الإنسان كذكر أو أنثي ، وفي مثل هذه الحالات يكمن الأمر فى المخ الذي يحدد توافق جنسه مع الأعضاء.
وبحسب الحالات التي تتردد على أطباء علم النفي يؤكد د.البحري أن خلالها يأتي شاب أو فتاة ، يرفض من عمر سنتين اسمه الذكر ويرتدي ملابس بنات ، ولا يجد هوية إلا أن يكون أنثي فقط ، لا يلعب إلا مع البنات ويرى نفسه مثلهم ، وعلى العكس صحيح تصاب البنت بصدمة فى مرحلة البلوغ لرفضها أن تكون بنت ، لأن من داخلها تشعر بأنها ذكر ، كل هذه الحالات تشخص بأنها إضراب فى الهوية الجنسية تحتاج إلى علاج نفسي ، وأحياناً يكون الحل الأمثل لها هو إجراء الجراحة بدلاً من الانتحار.
ويؤكد أن رفض إجراء الجراحة للتحويل فى مثل هذه الحالات كارثة كبيرة ، وما يحدث هو لجوء الشخص المريض بالتحول الجنسي إلى الأزهر ليطلب الموافقة ، ولكن طلبه يقابل بالرفض ، بعدها يخرج بالرفض على أي سفارة يأخذ حق اللجوء الديني معللاً أن الدين ضد مصلحته الطبية ، ثم يسافر إلى أي دوله ويجري العملية ويأخذ الجنسية وتستقر حالته النفسية ، ويلغي فكرة الانتحار من رأسه .
ويشدد د. البحري بأن المسألة ليست كما يعتقد البعض "دلع" ولكن تشخيص لمرض خطير له أبعاد نفسية كبيرة ،ولا يقتصر على أم تترك طفلها "يربي شعره" ، ولكن يأس مثل هذه الحالات يعرضهم للانتحار ، وأقدم كثيرون منهم فعلاً على ذلك، مشيراً إلى أن هذه العمليات كانت تجري بمنتهي السهولة إلا أن حدث تحول سيد إلى سالي ، ثم ظهرت فتوي التحريم وعدم الإجراء.
ويقترح د. البحري حلاً للتغلب على هذه المشكلة بعمل لجان متخصصة لأي حالة تحول جنسي ، تحتوي على مجموعة من المتخصصين وأطباء النفس لأنها حالة طبية فى المقام الأول ، يستشار فيها رجال الدين ، ونحن نحتاج لرؤية جديدة ومنطقية نظراً لظهور أمراض حديثة تحتاج إلى اجتهاد العلماء ، وهذا لا يعني أنه من الضرورة إجراء العملية لكل الحالات.
حرام شرعاً
ورفض د. أحمد السايح أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر تماماً إباحة مثل هذه العملية اعتماداً على الحالة النفسية ، مشيراً إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال "كل ميسر لما خلق له" ، وب تيسير الله سبحانه هو الذي يجعل الإنسان مؤهل نفسياً لما هو مؤهل له إذا كان ولداً أو بنتاً .
أما عمليات التصحيح فهي علاج ، والعلاج أحله الإسلام ، أما التحويل فمخالف للشرع ، وأكد د.السايح أن التحويل ليس تصحيحاً باعتبار أن هناك أمور ترجع للتربية والبيئة ، كنشأة البنت في وسط أولاد والعكس ، وكلها أمور لا يجب القياس عليها علمياً.
بعض المجتمعات والأسر ترحب بتحويل البنت إلى ذكر ، ولكنها مخالفة لشرع الله ، وأوضح د. السايح أن هذه الأمور قطع الله فيها وخصص ، وترجع فى المقام الأول إلى مشيئة الله كما قال تعالي " لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ . أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) .
ويؤكد د. السايح أن الاجتهاد الديني موجود ، والتقدم العلمي يحبه الإسلام طالما هو في خدمة الإنسان ، ولكن التغيير مرفوض ، ولا يوافق الشرع على إجراء تغيير ، لأنه مخالف للقرآن الكريم والسنة النبوية ، وحتى القرآن أبعد تحويل أذن الإبل (وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِيَنَّهُمْ وَلآمُرَنُّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِياًّ مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً )، والرسول عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري ومسلم وكتب السنة ومسند الإمام أحمد بن حنبل " لعن الله النامصة والمتنمصة" المغيرة لشكلها وخلقة الله ، إذا التغيير ممنوع شرعاً ، لأن الله سبحانه وتعالي خلق الإنسان فى أحسن تقويم ، ولا دخل لنا بقوانين أوروبا وأمريكا لأنها لا تعنينا كمجتمع إسلامي ، ولله في خلقه شئون ولا تبديل لخلق الله.