مازالت تجارة البشر تشكل خطرا شديدا علي الانسانية وتعد جريمة منظمة ضد حقوق الانسان . فقد بلغت تجارة البشر حسب تقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة بحوالي ٢٣ مليون ضحية في مختلف انحاء العالم.
واذا كانت العبودية في العصور القديمة قد اتخذت شكلا معينا واضحا في بيع الانسان وشرائه كسلعة فان الانسان المعاصر لم يكتف بذلك بل طورها وأضاف إليها اشكالا جديدة ابتداء من الاستغلال الجنسي للنساء مرورا باعمال الخدمة في البيوت والهجرة غير الشرعية، وبيع الأعضاء وتشغيل الأطفال في مهن خطرة. وأعمال السخرة بأجورة متدنية.
تجارة البشر تقوم علي رعايتها عصابات دولية منظمة تستغل الارباح في تمويل تجارة المخدرات وغسيل الاموال ودعم الاعمال الارهابية.
لكن الشيء المحزن للغاية أن هذه التجارة باتت تطل علينا من جديد واخذت شكلا مختلفا في مصر . حيث تقوم بعض الاسر ببيع بناتها بورقة زواج مؤقت وتهريب الباحثين عن مستقبل أفضل إلي الخارج ليلقوا حتفهم في البحر وقد زادت اوكار الأطفال الذين يعملون ضمن عصابات التسول والسرقة وتنتهك كرامتهم في أعمال شاقة أو مخالفة للآداب.. الحقائق مخيفة والأرقام مذهلة وكل يوم نجد شكلا جديدا من العبودية، وكأننا نعيش في الادغال اما تأكل او تؤكل ومن خلال هذا الملف الشائك نقتحم هذا العالم الاجرامي المظلم الذي بات الانسان فيه سلعة تباع وتشتري.
دعت الأمم المتحدة الحكومية المصرية إلي تكثيف جهودها للتصدي لظاهرة الاتجار في البشر بعد أن تنامت كثيرا في مصر، الأمر الذي جعلها تحتل مكانا متقدما علي قائمة المناطق الأكثر نشاطا في هذا المجال.. وأشارت مسئولة الأمم المتحدة المعنية بقضايا الاتجار بالبشر إلي أنه بالرغم من توصيف مصر بأنها بلد عبور، فإنه يمكن اعتبارها بلدا مصدرا ووجهة لضحايا التجارة، مشيرة إلي أن »التجارة الداخلية أكبر بكثير من التجارة الخارجية«.
وتتخذ التجارة بالبشر أشكالا عديدة منها زواج الأطفال وعمالة الأطفال.. والخدمة في المنازل، وأشكالا مختلفة من الاستغلال الجنسي والبغاء، وقد نشطت أعمال مافيا الاتجار بالبشر بشكل كبير في مصر في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية وارتفاع مستوي الفقر مقارنة بغلاء المعيشة وغياب دور حكومي صارم في محاربتها وردعها.
وترجع جوي نيجوزي ايزيليو، مقررة الامم المتحدة المعنية بمكافحة الاتجار في البشر، تنامي هذه الجرائم في مصر اشارت الي النقص في توعية الرأي العام حول خطورة هذه الآفة وغياب الأرقام الدقيقة حول تجارة البشر.
ودعت إلي ضرورة التصدي للأسباب الجذرية التي تقف وراء الاتجار في البشر مثل الفقر والبطالة والأمية والتمييز القائم علي نوع الجنس.. كما طالبت مصر بتحسين تدريب الشرطة وممثلي الهيئة القضائية حول هذه المسألة وتوعية وسائل الإعلام من اجل معالجة الاسباب العميقة للظاهرة، لا سيما الفقر والبطالة والتمييز بحق النساء.
فيما أشارت إلي أن هناك مؤشرات تدل علي ان الاتجار بهدف الاجبار علي الزواج والعمل ونقل الأعضاء والانسجة في مصر قد يكون أكبر بكثير من التقديرات الحالية. ونقلت اذاعة الامم المتحدة عن ايزيليو اعتقادها بان الاتجار الداخلي في البشر يزيد بكثير عن الاتجار عبر الحدود.
وحذر خبراء من ان الوضع في مصر يأخذ منحني خطيراً بسبب عدم الاعتراف الواضح والحقيقي بالظاهرة من قبل الأجهزة الحكومية والمعنية بالدرجة الاولي برصد وعلاج مشكل »الاتجار بالبشر«.
وكان تقرير صدر عن وزارة الخارجية الامريكية اشار إلي أن مصر أصبحت بالفعل بؤرة نشطة لتجارة الرقيق الابيض من النساء والاطفال الذين يتم نقلهم لاغراض العمل القسري والاستغلال الجنسي، وان بعضا من اطفال الشوارع في مصر المقدر عددهم بمليون طفل من الصبية والفتيات يتعرضون علي السواء للاستغلال قسرا في انشطة الدعارة والتسول، وان السياحة الجنسية في مصر تزداد يوما بعد يوم، وان اثرياء الخليج يسافرون الي مصر بهدف عقد زيجات مؤقتة مع فتيات دون سن الثامنة عشرة.
وتصنف المنظمات الدولية والحقوقية زواج القاصرات، المنتشر في عصر وغيرها من الدول العربية، علي انه شكل من اشكال الاتجار بالبشر، وهو أكثرها انتشارا في المجتمع المصري حيث ترتفع نسبة الفقر وعدد الاطفال في العائلة الواحدة بالاضافة إلي النظرة التقليدية السلبية عن الفتاة وأن الزواج يحميها من الانحراف.
ومما يزيد الوضع خطورة ان هذا الزواج في أكثر حالاته هو زواج مؤقت وموسمي، اشبه بالدعارة المقننة، يتم في صفقات بين ولي امر القاصر والعريس، الذي غالبا ما يكون سائحا غنيا لعدة أيام أو اسابيع مقابل مبالغ مالية.
ويعتبر مثل هذا الزواج مصدر رزق لبعض العائلات الفقيرة في مصر ويزدهر بالخصوص في موسم الصيف حيث يفد إلي مصر رجال اثرياء غالبا ممن يأتون من دول الخليج.
وتعد ظاهرة أطفال الشوارع ايضا من اهم أسباب زواج تجارة الرقيق الابيض في مصر، حيث تنتشر أعداد هائلة من هذه الطبقة الهشة في مختلف الشوارع المصرية ، وهي معرضة أكثر من غيرها للخطف وللاستغلال الجنسي وتجارة الاعضاء ويقعون بسهولة في أيدي مافيا المخدرات والجنس والخناسين.
ويعيب حقوقيون علي الجهات الحكومية في مصر عدم توفر أي أحصاء او تقدير رسمي دقيق لديها لعدد ضحايا الاتجار بالبشر، كما ان الدراسات والاحصاءات الموجودة بحاجة إلي اعادة نظر لاسيما في ظل عدم وجود مواد في القانون المصري تعالج جرائم الاتجار بالبشر وتحدد اركان الجريمة وتعاقب مرتكيبها.
بعد ان اتسع الحديث عن قضية الاتجار بالبشر في مصر وتحولها إلي »ترانزيت« اساسي لنقل »الرقيق« اقر مجلس الشعب بصفة نهائية مشروع قانون منع الاتجار في البشر كأول قانون يضاف للموسوعة التشريعية المصرية، ونص علي معاقبة كل من حرض علي ارتكاب جرائم هذا القانون بالسجن ولكنه أعفي من يبلغ عن الجريمة قبل وقوعها من العقوبة.
عصابات منظمة
وفي دراسة له في هذا السياق كشف مركز »الأرض« الحقوقي أن مصر أصبحت احد أهم مراكز العالم في الاتجار بالبشر بعد ان تسللت إليها عصابات منظمة تعمل بشكل سري. جعلتها بلد عبور للاتجار بالنساء والفتيات لاستغلالهن سرا في ممارسة البغاء.
وأضاف التقرير انه في الوقت الذي تقدر فيه منظمة العمل الدولية عدد ضحايا الاتجار بالبشر في العالم بحوالي ٢١ مليونا و ٠٠٣ الف انسان فان الامر يزداد تعقيدا، لكون مصر لا يتوفر بها اي احصاء او تقدير رسمي دقيق لعدد ضحايا الاتجار بالبشر.
وتصنف المنظمات العالمية الاتجار بالبشر علي انه ثالث أكبر تجارة مربحة غير قانونية بعد الاسلحة والمخدرات حيث تكشف احصائيات منظمة التجارة العالمية ان »عبودية العصر الحديث« تدر مليارات الدولارات وان ما لا يقل عن نصف مليون امرأة يتم اجبارها علي البغاء بالاضافة إلي ملايين الفتيان والفتيات القصر.
تجارة الأطفال
لم تشهد مصر تجارة للعبيد منذ الحقبة الملكية لكنها الان اخذت تطل علينا من جديد بأشكالها القبيحة التي تتوافق مع العصر الذي نعيشة حيث شهدت مصر في السنوات الماضية انحدارا في منظومة القيم الاجتماعية واختلالا في الميزان الطبقي بظهور فئات شديدة الثراء وفئات تسبح في بحر الفقر والبطالة. الظاهرة تجلت في مصر في محاولات لجوء بعض الاسر لبيع ابنائها اما للعيش أو خوفا علي مستقبلهم المظلم في ظل عدم وجود قانون رادع لهم في التشريع يجرم هذه الممارسات اللاانسانية ولكن السؤال هنا لماذا وصلت الأم لتلك الدرجة وبيع فلذة كبدها، وقد رأينا في الآونة الاخيرة انتشار عصابات في مصر تخصصت في تجارة الأطفال . حيث كشفت أجهزة الامن عن اكبر عصابة لبيع الاطفال ترجع وقائع الجريمة عندما تقدمت السفارة الأمريكية بالقاهرة الي قسم قصر النيل بوجود سيدة مصرية أمريكية تطلب استخراج جوازات سفر لطفلين حديثي الولادة وادعت أنها انجبتهم في القاهرة من زوجها الأمريكي ومن خلال التحريات التي اجرتها أجهزة البحث تبين ان العصابة تتشكل من طبيبين ومحاسب في احد البنوك ومشرفة في احدي دور رعاية الايتام، وتم القاء القبض عليهم واعترفوا في التحقيقات انهم يحصلون علي الاطفال حديثي الولادة من امهاتهم اللاتي حملن فيهم »سفاحا« مقابل مبالغ مادية ثم يقومون ببيع الاطفال إلي أسر أمريكية تحضر إلي مصر خصيصا من اجل ذلك وبمقابل ٨ ألاف جنيه للبنت و ٤١ الفا للولد.
وفي بعض المحافظات تم الكشف عن بيع امهات لابنائهن.
فهل وصل بنا الحال إلي هذه الدرجة؟!
وشهدت مدينة الاسكندرية مؤخرا.
حادثا مماثلا عندما اقدمت سيدة علي بيع طفلها إلي سيدة عاقر مقابل ٥٦٣ دولارا وتم الكشف عن الواقعة عندما تقدم الزوج ببلاغ يتهم فيه زوجته باستغلال وجوده داخل السجن وفور دخوله السجن قامت الزوجة ببيع الطفل إلي سيدة عاقر حيث سافرت به إلي سوهاج واستخرجت له شهادة ميلاد جديدة نسبته فيها إلي زوجها وتم القبض عليهم واعترفوا بجريمتهم.
واقعة اخري وقعت احداثها في محافظة دمياط عندما قامت سيدة ببيع طفل وضعته ابنة شقيقتها سفاحا داخل مستشفي كفر سعد العام لسيدة عاقر وفرت هاربة . حيث كانت الفتاة ترتبط بعلاقة عاطفية مع احد الشباب الذي كان يعيش بنفس القرية حتي حملت منه سفاحا فحاولت التخلص منه كثيرا لكن كل المحاولات باءت بالفشل حتي حان موعد الوضع وذهبت إلي المستشفي العام وأدلت ببيانات خاطئة وبعد عملية الوضع حضرت خالتها وباعت الطفل لسيدة وفرت هاربة وتم القبض عليها واعترفت بالجريمة.
واقعة اخري شهدتها محافظة الجيزة عندما قامت سيدة ببيع طفلها الرضيع عندما انجبت ثلاثة أطفال ورغبة زوجها في شراء المخدرات قامت سيدة ببيع طفلها الرضيع لاحدي السيدات العاقرات مقابل مبلغ ٠٠٥١ جنيه، وتم القبض علي السيدة العاقر وبحوزتها الطفل وقررت أنها اشترت من والدته بعد ان أخبرتها بانها تحتاج إلي المال وعندها من الاطفال ما كيفيها . حادثة اخري وقعت احداثها مؤخرا في منطقة العمرانية عندما باعت ربة منزل طفلتها الرضيع وعمرها ٥١ يوما فقط لجارتها مقابل ٠٠٤ جنيه عندما كانت تمر بضائقة مالية فعرضت علي احدي الجارات الاقتراص.
قرضت جارتها، ثم توجهت إلي جارة اخري وطلبت منها المبلغ فعرضت عليها الجارة شراء الطفلة وبالفعل وافقت وبعد عدة أيام اكتشفت ان جارتها سجلت الطفلة باسمها واسم زوحها فابلغت عنها وادعت انها تركت طفلتها الرضيع لدي جارتها وعندما عادت لاخذها رفضت اعادتها ومن خلال التحريات التي اجرتها اجهزة البحث تبين انها كانت تمر بضائقة مالية وباعت طفلتها وتم ضبط الوسيط والجارة التي اشترت الطفل وتم حبسهم علي ذمة التحقيق وايداع الطفلة في احدي دور الرعاية.
وعن رأي الخبراء يقول الدكتور عبدالرحيم صدقي استاذ القانوني الجنائي بيع الاطفال جريمة تعد من الجرائم العالمية، وليست علي المستوي المحلي فقط فلا توجد مادة ولا نص تشريعي في قانون العقوبات يجرم بيع الابناءلان المشرع لم يتخيل انه سوف يأتي يوم تبيع الام طفلها فلا توجد جريمة بدون تشريع، ولا يمكن اثبات البيع الا عن طريق تزوير شهادة الميلاد الخاصة بالطفل وفي هذه الحالة يعاقب كمزور وتصل العقوبة إلي ٣ سنوات.
ويضيف صدقي وما نراه الان تعدد في اشكال الجريمة في مصر حيث تقوم الأسرة بترك الاطفال حديث الولادة في الشارع لتتلقفهم ايادي المجرمين.
وتضيف الدكتورة عزة كريم الاستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حوادث بيع الاطفال اصبحت تنتشر بشكل يجعلنا نضع العديد من علامات الاستفهام حولها ونري ما هو الدافع الذي يسول للام بيع طفلها.
ان حالة الفقر واليأس التي يمر بها الانسان في مرحلة من مراحل حياته هو ما يؤدي به الي عمل اي شيء لانه لم يعد قادرا علي مواجهة الواقع ويصاحب هذا العمل عدم التواجد في الحياة العامة فيلجأ الي تدمير ذاته والآخرين لاراحتها من هذه الالام النفسية الشديدة حتي يلجأ لبيع ابنائه . وتضيف عزة كريم ان هذا الشخص صاحب شخصية ضعيفة. محطمة نفسيا واجتماعيا بسبب الفقر والظروف المعيشية التي تمر بها الاسرة المصرية ولم تجد وسيلة الا الاستغناء علي الابن تحقيقا لاشباع مادي ناكرا لوجدان الاحساس بالامومة وهي شخصية في حد ذاتها محطمة فكريا ونفسيا وفاقدة للوعي الديني. فعندما نجد امهات تبيع اطفالهن . يجب ان نعرف ان هذه الشخصية يوجد لديها دافع اجرامي فتضطر لبيعة توفيرا للمتطلبات الاساسية لباقي افراد الاسرة فهذه الام تفتقد المشاعر الانسانية.
واذا كانت العبودية في العصور القديمة قد اتخذت شكلا معينا واضحا في بيع الانسان وشرائه كسلعة فان الانسان المعاصر لم يكتف بذلك بل طورها وأضاف إليها اشكالا جديدة ابتداء من الاستغلال الجنسي للنساء مرورا باعمال الخدمة في البيوت والهجرة غير الشرعية، وبيع الأعضاء وتشغيل الأطفال في مهن خطرة. وأعمال السخرة بأجورة متدنية.
تجارة البشر تقوم علي رعايتها عصابات دولية منظمة تستغل الارباح في تمويل تجارة المخدرات وغسيل الاموال ودعم الاعمال الارهابية.
لكن الشيء المحزن للغاية أن هذه التجارة باتت تطل علينا من جديد واخذت شكلا مختلفا في مصر . حيث تقوم بعض الاسر ببيع بناتها بورقة زواج مؤقت وتهريب الباحثين عن مستقبل أفضل إلي الخارج ليلقوا حتفهم في البحر وقد زادت اوكار الأطفال الذين يعملون ضمن عصابات التسول والسرقة وتنتهك كرامتهم في أعمال شاقة أو مخالفة للآداب.. الحقائق مخيفة والأرقام مذهلة وكل يوم نجد شكلا جديدا من العبودية، وكأننا نعيش في الادغال اما تأكل او تؤكل ومن خلال هذا الملف الشائك نقتحم هذا العالم الاجرامي المظلم الذي بات الانسان فيه سلعة تباع وتشتري.
دعت الأمم المتحدة الحكومية المصرية إلي تكثيف جهودها للتصدي لظاهرة الاتجار في البشر بعد أن تنامت كثيرا في مصر، الأمر الذي جعلها تحتل مكانا متقدما علي قائمة المناطق الأكثر نشاطا في هذا المجال.. وأشارت مسئولة الأمم المتحدة المعنية بقضايا الاتجار بالبشر إلي أنه بالرغم من توصيف مصر بأنها بلد عبور، فإنه يمكن اعتبارها بلدا مصدرا ووجهة لضحايا التجارة، مشيرة إلي أن »التجارة الداخلية أكبر بكثير من التجارة الخارجية«.
وتتخذ التجارة بالبشر أشكالا عديدة منها زواج الأطفال وعمالة الأطفال.. والخدمة في المنازل، وأشكالا مختلفة من الاستغلال الجنسي والبغاء، وقد نشطت أعمال مافيا الاتجار بالبشر بشكل كبير في مصر في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية وارتفاع مستوي الفقر مقارنة بغلاء المعيشة وغياب دور حكومي صارم في محاربتها وردعها.
وترجع جوي نيجوزي ايزيليو، مقررة الامم المتحدة المعنية بمكافحة الاتجار في البشر، تنامي هذه الجرائم في مصر اشارت الي النقص في توعية الرأي العام حول خطورة هذه الآفة وغياب الأرقام الدقيقة حول تجارة البشر.
ودعت إلي ضرورة التصدي للأسباب الجذرية التي تقف وراء الاتجار في البشر مثل الفقر والبطالة والأمية والتمييز القائم علي نوع الجنس.. كما طالبت مصر بتحسين تدريب الشرطة وممثلي الهيئة القضائية حول هذه المسألة وتوعية وسائل الإعلام من اجل معالجة الاسباب العميقة للظاهرة، لا سيما الفقر والبطالة والتمييز بحق النساء.
فيما أشارت إلي أن هناك مؤشرات تدل علي ان الاتجار بهدف الاجبار علي الزواج والعمل ونقل الأعضاء والانسجة في مصر قد يكون أكبر بكثير من التقديرات الحالية. ونقلت اذاعة الامم المتحدة عن ايزيليو اعتقادها بان الاتجار الداخلي في البشر يزيد بكثير عن الاتجار عبر الحدود.
وحذر خبراء من ان الوضع في مصر يأخذ منحني خطيراً بسبب عدم الاعتراف الواضح والحقيقي بالظاهرة من قبل الأجهزة الحكومية والمعنية بالدرجة الاولي برصد وعلاج مشكل »الاتجار بالبشر«.
وكان تقرير صدر عن وزارة الخارجية الامريكية اشار إلي أن مصر أصبحت بالفعل بؤرة نشطة لتجارة الرقيق الابيض من النساء والاطفال الذين يتم نقلهم لاغراض العمل القسري والاستغلال الجنسي، وان بعضا من اطفال الشوارع في مصر المقدر عددهم بمليون طفل من الصبية والفتيات يتعرضون علي السواء للاستغلال قسرا في انشطة الدعارة والتسول، وان السياحة الجنسية في مصر تزداد يوما بعد يوم، وان اثرياء الخليج يسافرون الي مصر بهدف عقد زيجات مؤقتة مع فتيات دون سن الثامنة عشرة.
وتصنف المنظمات الدولية والحقوقية زواج القاصرات، المنتشر في عصر وغيرها من الدول العربية، علي انه شكل من اشكال الاتجار بالبشر، وهو أكثرها انتشارا في المجتمع المصري حيث ترتفع نسبة الفقر وعدد الاطفال في العائلة الواحدة بالاضافة إلي النظرة التقليدية السلبية عن الفتاة وأن الزواج يحميها من الانحراف.
ومما يزيد الوضع خطورة ان هذا الزواج في أكثر حالاته هو زواج مؤقت وموسمي، اشبه بالدعارة المقننة، يتم في صفقات بين ولي امر القاصر والعريس، الذي غالبا ما يكون سائحا غنيا لعدة أيام أو اسابيع مقابل مبالغ مالية.
ويعتبر مثل هذا الزواج مصدر رزق لبعض العائلات الفقيرة في مصر ويزدهر بالخصوص في موسم الصيف حيث يفد إلي مصر رجال اثرياء غالبا ممن يأتون من دول الخليج.
وتعد ظاهرة أطفال الشوارع ايضا من اهم أسباب زواج تجارة الرقيق الابيض في مصر، حيث تنتشر أعداد هائلة من هذه الطبقة الهشة في مختلف الشوارع المصرية ، وهي معرضة أكثر من غيرها للخطف وللاستغلال الجنسي وتجارة الاعضاء ويقعون بسهولة في أيدي مافيا المخدرات والجنس والخناسين.
ويعيب حقوقيون علي الجهات الحكومية في مصر عدم توفر أي أحصاء او تقدير رسمي دقيق لديها لعدد ضحايا الاتجار بالبشر، كما ان الدراسات والاحصاءات الموجودة بحاجة إلي اعادة نظر لاسيما في ظل عدم وجود مواد في القانون المصري تعالج جرائم الاتجار بالبشر وتحدد اركان الجريمة وتعاقب مرتكيبها.
بعد ان اتسع الحديث عن قضية الاتجار بالبشر في مصر وتحولها إلي »ترانزيت« اساسي لنقل »الرقيق« اقر مجلس الشعب بصفة نهائية مشروع قانون منع الاتجار في البشر كأول قانون يضاف للموسوعة التشريعية المصرية، ونص علي معاقبة كل من حرض علي ارتكاب جرائم هذا القانون بالسجن ولكنه أعفي من يبلغ عن الجريمة قبل وقوعها من العقوبة.
عصابات منظمة
وفي دراسة له في هذا السياق كشف مركز »الأرض« الحقوقي أن مصر أصبحت احد أهم مراكز العالم في الاتجار بالبشر بعد ان تسللت إليها عصابات منظمة تعمل بشكل سري. جعلتها بلد عبور للاتجار بالنساء والفتيات لاستغلالهن سرا في ممارسة البغاء.
وأضاف التقرير انه في الوقت الذي تقدر فيه منظمة العمل الدولية عدد ضحايا الاتجار بالبشر في العالم بحوالي ٢١ مليونا و ٠٠٣ الف انسان فان الامر يزداد تعقيدا، لكون مصر لا يتوفر بها اي احصاء او تقدير رسمي دقيق لعدد ضحايا الاتجار بالبشر.
وتصنف المنظمات العالمية الاتجار بالبشر علي انه ثالث أكبر تجارة مربحة غير قانونية بعد الاسلحة والمخدرات حيث تكشف احصائيات منظمة التجارة العالمية ان »عبودية العصر الحديث« تدر مليارات الدولارات وان ما لا يقل عن نصف مليون امرأة يتم اجبارها علي البغاء بالاضافة إلي ملايين الفتيان والفتيات القصر.
تجارة الأطفال
لم تشهد مصر تجارة للعبيد منذ الحقبة الملكية لكنها الان اخذت تطل علينا من جديد بأشكالها القبيحة التي تتوافق مع العصر الذي نعيشة حيث شهدت مصر في السنوات الماضية انحدارا في منظومة القيم الاجتماعية واختلالا في الميزان الطبقي بظهور فئات شديدة الثراء وفئات تسبح في بحر الفقر والبطالة. الظاهرة تجلت في مصر في محاولات لجوء بعض الاسر لبيع ابنائها اما للعيش أو خوفا علي مستقبلهم المظلم في ظل عدم وجود قانون رادع لهم في التشريع يجرم هذه الممارسات اللاانسانية ولكن السؤال هنا لماذا وصلت الأم لتلك الدرجة وبيع فلذة كبدها، وقد رأينا في الآونة الاخيرة انتشار عصابات في مصر تخصصت في تجارة الأطفال . حيث كشفت أجهزة الامن عن اكبر عصابة لبيع الاطفال ترجع وقائع الجريمة عندما تقدمت السفارة الأمريكية بالقاهرة الي قسم قصر النيل بوجود سيدة مصرية أمريكية تطلب استخراج جوازات سفر لطفلين حديثي الولادة وادعت أنها انجبتهم في القاهرة من زوجها الأمريكي ومن خلال التحريات التي اجرتها أجهزة البحث تبين ان العصابة تتشكل من طبيبين ومحاسب في احد البنوك ومشرفة في احدي دور رعاية الايتام، وتم القاء القبض عليهم واعترفوا في التحقيقات انهم يحصلون علي الاطفال حديثي الولادة من امهاتهم اللاتي حملن فيهم »سفاحا« مقابل مبالغ مادية ثم يقومون ببيع الاطفال إلي أسر أمريكية تحضر إلي مصر خصيصا من اجل ذلك وبمقابل ٨ ألاف جنيه للبنت و ٤١ الفا للولد.
وفي بعض المحافظات تم الكشف عن بيع امهات لابنائهن.
فهل وصل بنا الحال إلي هذه الدرجة؟!
وشهدت مدينة الاسكندرية مؤخرا.
حادثا مماثلا عندما اقدمت سيدة علي بيع طفلها إلي سيدة عاقر مقابل ٥٦٣ دولارا وتم الكشف عن الواقعة عندما تقدم الزوج ببلاغ يتهم فيه زوجته باستغلال وجوده داخل السجن وفور دخوله السجن قامت الزوجة ببيع الطفل إلي سيدة عاقر حيث سافرت به إلي سوهاج واستخرجت له شهادة ميلاد جديدة نسبته فيها إلي زوجها وتم القبض عليهم واعترفوا بجريمتهم.
واقعة اخري وقعت احداثها في محافظة دمياط عندما قامت سيدة ببيع طفل وضعته ابنة شقيقتها سفاحا داخل مستشفي كفر سعد العام لسيدة عاقر وفرت هاربة . حيث كانت الفتاة ترتبط بعلاقة عاطفية مع احد الشباب الذي كان يعيش بنفس القرية حتي حملت منه سفاحا فحاولت التخلص منه كثيرا لكن كل المحاولات باءت بالفشل حتي حان موعد الوضع وذهبت إلي المستشفي العام وأدلت ببيانات خاطئة وبعد عملية الوضع حضرت خالتها وباعت الطفل لسيدة وفرت هاربة وتم القبض عليها واعترفت بالجريمة.
واقعة اخري شهدتها محافظة الجيزة عندما قامت سيدة ببيع طفلها الرضيع عندما انجبت ثلاثة أطفال ورغبة زوجها في شراء المخدرات قامت سيدة ببيع طفلها الرضيع لاحدي السيدات العاقرات مقابل مبلغ ٠٠٥١ جنيه، وتم القبض علي السيدة العاقر وبحوزتها الطفل وقررت أنها اشترت من والدته بعد ان أخبرتها بانها تحتاج إلي المال وعندها من الاطفال ما كيفيها . حادثة اخري وقعت احداثها مؤخرا في منطقة العمرانية عندما باعت ربة منزل طفلتها الرضيع وعمرها ٥١ يوما فقط لجارتها مقابل ٠٠٤ جنيه عندما كانت تمر بضائقة مالية فعرضت علي احدي الجارات الاقتراص.
قرضت جارتها، ثم توجهت إلي جارة اخري وطلبت منها المبلغ فعرضت عليها الجارة شراء الطفلة وبالفعل وافقت وبعد عدة أيام اكتشفت ان جارتها سجلت الطفلة باسمها واسم زوحها فابلغت عنها وادعت انها تركت طفلتها الرضيع لدي جارتها وعندما عادت لاخذها رفضت اعادتها ومن خلال التحريات التي اجرتها اجهزة البحث تبين انها كانت تمر بضائقة مالية وباعت طفلتها وتم ضبط الوسيط والجارة التي اشترت الطفل وتم حبسهم علي ذمة التحقيق وايداع الطفلة في احدي دور الرعاية.
وعن رأي الخبراء يقول الدكتور عبدالرحيم صدقي استاذ القانوني الجنائي بيع الاطفال جريمة تعد من الجرائم العالمية، وليست علي المستوي المحلي فقط فلا توجد مادة ولا نص تشريعي في قانون العقوبات يجرم بيع الابناءلان المشرع لم يتخيل انه سوف يأتي يوم تبيع الام طفلها فلا توجد جريمة بدون تشريع، ولا يمكن اثبات البيع الا عن طريق تزوير شهادة الميلاد الخاصة بالطفل وفي هذه الحالة يعاقب كمزور وتصل العقوبة إلي ٣ سنوات.
ويضيف صدقي وما نراه الان تعدد في اشكال الجريمة في مصر حيث تقوم الأسرة بترك الاطفال حديث الولادة في الشارع لتتلقفهم ايادي المجرمين.
وتضيف الدكتورة عزة كريم الاستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حوادث بيع الاطفال اصبحت تنتشر بشكل يجعلنا نضع العديد من علامات الاستفهام حولها ونري ما هو الدافع الذي يسول للام بيع طفلها.
ان حالة الفقر واليأس التي يمر بها الانسان في مرحلة من مراحل حياته هو ما يؤدي به الي عمل اي شيء لانه لم يعد قادرا علي مواجهة الواقع ويصاحب هذا العمل عدم التواجد في الحياة العامة فيلجأ الي تدمير ذاته والآخرين لاراحتها من هذه الالام النفسية الشديدة حتي يلجأ لبيع ابنائه . وتضيف عزة كريم ان هذا الشخص صاحب شخصية ضعيفة. محطمة نفسيا واجتماعيا بسبب الفقر والظروف المعيشية التي تمر بها الاسرة المصرية ولم تجد وسيلة الا الاستغناء علي الابن تحقيقا لاشباع مادي ناكرا لوجدان الاحساس بالامومة وهي شخصية في حد ذاتها محطمة فكريا ونفسيا وفاقدة للوعي الديني. فعندما نجد امهات تبيع اطفالهن . يجب ان نعرف ان هذه الشخصية يوجد لديها دافع اجرامي فتضطر لبيعة توفيرا للمتطلبات الاساسية لباقي افراد الاسرة فهذه الام تفتقد المشاعر الانسانية.