لسنوات طويلة هي سنوات فراقنا ، اعتدت كلما التقيتك في تلك الردهة الفاصلة بين الفصول وحجرات المدرسين في تلك المدرسة التي نعمل بها ،ان اشيعك بذات نظرة البغض والكراهية ، فكما لم أعرف الحب إلا على يديك ، عرفت الكراهية أيضاً على يديك، فصار ديدني كلما التقيتك أن احدجك بتلك النظرة الحارقة ، ثم امضي لا مبالياً بوجودك ، فما الجديد إذن بعد كل هذه السنوات كي تستوقفيني فجأة وتناديني بعدما مررت بك بسؤالك هذا الذي باغتني : - هوا انت ليه مصر تعاملني كده ؟؟؟!!!!! تدرين .....لو كنتي سألتني هذا السؤال منذ سنوات قليلة مضت بعدما حدث ما حدث ، لأنفجرت في وجهك غضباً وقهراً وكمداً ، لربما لطمتك على وجهك وسط التلاميذ والمدرسين ، ولربما بصقت عليك فقط وانصرفت، فأكثر ما اثار غضبي يوم أن افترقنا ، تهوينك من شأن الفراق، وتقليلك من جرمك الذي ارتكبته ، اذكر يومها قلتي لي"عادي يعني ما تاخدش الأمور بحساسية اكتر من اللازم" لكم كان شيئاً حقيراً حقاً ، ان ترين في نهاية قصة حب عشناها سوياً، نهاية لا تزيد أهمية عن نهاية علاقة بين شخصان تعارفا في اتوبيس فثرثرا مع بعضهما قليلاً ثم افترقا عند محطة الوصول دون حتى ان يعرفا اسماء بعضهما، نعم كانت السنين جراح تجميل ماهر أزال كثيراً من آثار جراحك، وكثرة تفكيري فيما انتهى إليه الأمر من حقارة ربما جعلني اعتاده، تماماً كما نعتاد ألامنا المزمنة ونتعايش معها، ثم وجدتني بعدها متقبلاً أن هناك أناساً يستطيعون ان يصلوا لهذه الدرجة من الحقارة ،هؤلاء موجودون حقاً ، يعيشون بيننا ، يتكلمون مثلنا ويضحكون مثلنا ، ويمثلون أدوار البطولة في بعض قصص الحب مثلنا أيضا، لكن شيئاً من ألم صدمتي بك مازال يعيش في داخلي، مازال خنجراً منغرساً في قلبي، لأجل هذا الوجع الباق ، ولأجل الجراحات التي فشلت السنوات ان تمحوها ، لأجل الآلام التي لا نستطيع ان نتعايش معها ، مازلت انظر لك هذه النظرة، لكن مفاجأة استيقافك لي بعد كل هذه السنين صدمتني ، كان موقفاً لم اتخيل ان يحدث يوما ما فلم أجد إجابة على سؤالك فسكت ، شجعك سكوتي على الإستطراد،فابتسمت ابتسامتك العذبة التي هوت بي إلى قاع الجحيم ذات يوم، وسألتني : - مالك ؟؟ ، ما كنتش متوقع إني آجي أكلمك ؟؟ تعرف ، انا من زمان أوي نفسي أكلمك ، بس خايفة منك، .... ؟؟ ابتسم بينما يرتجف قلبي الذي لم يرتجف يوما خوفاً من أحد إلا منك، من منا يجب عليه أن يخاف من الآخر في هذه المواجهة التي لم احسب حسابها يوماً ما ، ها انا اقف امامك ارتجف من داخلي، انت يا ربيع عمري ويا خريفه ، يا شتاءه ويا صيفه ، يا عذابه ويا هناؤه ، انا الذي لم أعرف الخوف من كل من على وجه الأرض أجدني اليوم خائفاً ، فزعاً منك أنت يا امرأة العواصف والأعاصير والزوابع التي قلبت حياتي رأساً على عقب، تخافين مني ؟؟!! تخافين من رجل لم يكن يوماً سوى برداً وسلاماً عليك ، فأضحيت عليه جحيماً وشقاءً ، احاول أن الملم شتات نفسي ، أحاول ان اتكلم فيخرج مني الصوت ضعيفاً واهنا ، اسألك : -عايزة إيه ؟؟ تنظرين في عيني نظرة امرأة مزهوة بنصرها الذي ظهرت بشائره على صوتي الواهن ، تراقبين عن ثقة النصر الذي احرزته بضربة قاضية لم تكن في خاطري لحظة واحدة، ثم بأبتسامة تجيدين رسمها جيدة تقولين : - عايزاك أنت ، انا لسه بحبك ، ؟! أقف مذهولاً لموقف لم أحسب حسابه يوماً ما ، أحاول أن الملم شتات نفسي المبعثرة على أرض معركته صنعتها وانتصرت فيها ، اسأل نفسي هل مازال في قلبي شيء من حنين لحبك ؟؟!! آسف ان اقول نعم ، آسف أن أقول صراحة ، أن حنيناً دفينا تحت رماد الكراهية ظل راكداً ، لقد قلتي لي ذات يوم جملة طالما سمعتها على ألسن الناس ، لكنني لم أعي معناها إلا اليوم ..... اذكر يوم الفراق ، عندما قلت لك "أنا باكرهك" رددت علي ساعتها قائلة " يبقى عمرك ما حبتني ، اللي بيحب عمره ما بيقدر يكره" وأنا احببت، احببت بكل ما في الحب من معاني صافية ، وإخلاص ، ووفاء ، وأمل ، فكيف لي أن أكره حقاً ؟؟؟ كيف لي ألا تكون كراهيتي إلا كراهية تافهة بلهاء ، أحاول ان الملم بها كرامتي التي بعثرتها يوما ثم انصرفت، ببقايا هذا الحب تعذبت، وببقاياه اشعر بالهزيمة امامك اليوم، انت يا من قتلتني يوماً بدم بارد ووجه مبتسم ، اتأمل وجهك الذي كنت متيماً به ، اتأمل ابتسامتك العذبة المشهرة امامك سيفاً يذبح كل من تجرأ على النظر ، اندهش لجمالك ، ما زال لجمالك سطوة حتى بعد ان تجاوزت الثلاثين، ، اتأمل هذه البراءة التي تشع من عينيك، كم هو بريء ذلك الوجه ، وكم هو ملائكي ، وكم هو مبهر ، صحت في نفسي قائلاً " يا الله ، انى يكون لبعض الشياطين وجوه الملائكة ؟؟!!!" فجأة احسست أن علي اقطع سيل الوهن الذي اصابني أمامك ، اردت أن اجمع شتات نفسي ، ان اجمع بقاياي المبعثرة في انحائي ، اتذكر جرحك الذي جرحتني به فظللت لسنوات عدة متألماً تعباً مهزوماً ، اسألك سؤال انهي به هذه المهزلة التي اوقعتني فيها ، وأنهي به ضعفاً طالما خفت أن اقع فيه ذات يوم عند لقاء كنت اتوقعه احياناً، اقلب فجأة الطاولة عليك ، فأسألك بسخرية:- - وهوا ؟؟!! ترتبكين بشدة عند ذكره، كأنك تناسيت وجوده ، كان دائماً الغائب الحاضر ، وكان البطل الرئيسي ، ولم نكن سوى ممثلين مساعدين له ، لكنه كان نجم الشباك ، والفتى الذي خطفك ببريقه يوماً على حصانه الأبيض وانصرف وتركتماني صفر اليدين محطماً مكسورالقلب ، اتساءل عما جرى وكيف جرى ، تردين بإرتباك تحاولين إخفاؤه لكنه يفضحك: - هوا راح لحاله ، علاقتنا ما استمرتش اكثر من سنة ، وخلاص ، سبنا بعض اسألك بأهتمام أحاول أن اغلفه بشيء من اللامبالاة: - وسبتم بعض ليه ؟؟ تبتسمين منهزمة ثم تنظرين للأرض قائلة كممثلة محترفة: - كنت دايماً بقارنه بيك ، حسيت إنك كنت احسن منه ألف مرة ، واني غلطت يوم ما سبتك علشانه، ما اقدرتش اكمل معاه وسبنا بعض ابتسم ثم يشرد ذهني فيه، مسكين هو أيضاً ، تلاعبت بمشاعره كما تلاعبتي بمشاعري ذات يوم ، ثم تركته محطماً بائساً ، رفعته إلى السماء السابعة ، ثم هويتي به إلى قاع الأرض مرة واحدة ، اشعر بشفقة حقيقية نحوه ،أقول لكي ساخراً : - إذن ربح هو مرة ، وربحت انا مرة ، متعادلين إذن صرنا انا وهو ، تردين في أسى : - وخسرت انا في مرتين ، اقول لكي مزيداً نبرة السخرية ، : - لكنك امرأة لا تعرفي الخسارة ، لذا اتيت إلى تريدين ان تربحي ولو جولة واحدة ، تشعرين بإحراج وتزدادين ارتباكاً، فتحاولين ان تخرجي من موقفك هذا وانت تقولين : - تصدق أنا غلطانة اني كلمتك اساساً ابتسم ، بقوة لا اعرف من اين واتتني ، ارد عليكي : - تعرفي ، انا لسه من جوايا بحبك فعلا ، لكن مش حينفع نرجع لبعض تاني ، لسبب بسيط أوي ، انت امرأة لم تخلق للحب ، انت امرأة خلقت للتلاعب بالعواطف والمشاعر ، انت امرأة لم تخلق كي تُحَب ، انت امرأة خلقت كي تُكرَه ، ابتسم ، اصافحك مصافحة باردة ، انظر لك النظرة ذاتها، ثم امضي ، |
القصة جميلة شكرا لمجهودك
|
شكرا امرورك يا تيتو
|
كلمات وعبارات رائعة تمنياتى بالنجاح وابهار الجميع بالكلمات
|
بجد قصة واقعية وهى موجودة فى هذا الزمن
اشكرك جدا على هذه القصة |