موائد ''فيفي ودينا وروبي'' تصمد أمام غلاء الأسعار في رمضان
ارتبط شهر رمضان لدى البعض بموائد الرحمن، فهي من أبرز مظاهر الخير التي تميز الشهر الكريم، وتساهم في زيادة التلاحم والتكافل الاجتماعي بين المصريين.
ويتسابق دائمًا أهل الخير لتقديم أفضل الأطعمة للصائمين للفوز بالأجر والثواب العظيم الذي يمنحه المولى عز وجل لكل من أفطر صائم ولكن هذا العام تحالف الثلاثي "سوء الاحوال الاقتصادية، الاوضاع المادية المتدنية، وارتفاع الاسعار" ليحرموا المواطنين من الأجر والثواب والفقراء من الافطار " الشهي " المعتاد كل عام.
فأثر الغلاء الفاحش الذي اصاب جميع السلع الغذائية على موائد الرحمن من حيث الكم والكيف، فلم تعد الاعداد الكبيرة من الموائد التي تقام في الشوارع والميادين وعلى الطرق السريعة، ولم تعد الاطعمة الفاخرة العامرة بكل ما لذ وطاب هي وجبات ضيوف الرحمن على الموائد..
أثرت الظروف السياسية بجانب الاقتصادية على موائد الرحمن، حيث اتضح أن هناك اتجاه من الدولة ممثلة في الاجهزة المحلية لمنع جماعة الاخوان المسلمين والجماعات الاخرى من اقامة موائد الرحمن لمنع التجمعات والتجمهر كنوع من الاحتياطات الامنية ونرى ذلك في تصريحات محافظ الجيزة والقاهرة بمنع إقامة الموائد في الشوارع والميادين مما يحرم الفقراء من الانتفاع بهذا الخير خاصة ان عدد كبير من المواطنين قد تخلى عن مبدأ موائد الرحمن تخوفا من الدخول في صراعات مع المسئولين في الأحياء.
فكانت المائدة العام الماضي تحوي "الارز والخضار وقطع اللحوم أو الدواجن" طوال ايام الشهر ولكن هذا العام لم تشهد هذه الأمور فقد تم خفض كميات اللحوم والدواجن وقصرها على 4 أيام فقط في الأسبوع وباقي الأيام تكون وجبات " قرديحي "، كما تم تقليل الكميات من الأرز والخضروات نظرًا للارتفاع الجنوني الذي شهدته الخضروات والأرز والمكرونة، وغيرها من المكونات التي تدخل في إعداد موائد الرحمن، ولجأ البعض الى حيلة جديدة لترشيد الاستهلاك فبدلا من طرح جميع انواع الطعام بكميات كبيرة امام المواطنين الذين يجلسون على مائدة طويلة تم عمل وجبات جاهزة عبارة عن " عبوة " او "سيرفيس " او " صينية " صغيرة مقسمة إلى 3 أجزاء يتم فيها وضع كمية لا تتجاوز بضعة ملاعق صغيرة من الارز وكذلك الخضار ووضع قطع من اللحوم لا يتعدى وزنها 30جراما ولم تعد للعصائر والمشروبات الرمضانية مكانا على أغلب الموائد واستبدلها البعض بالمياه.
ووفقا لأخر الاحصائيات عن أعداد موائد الرحمن العام الماضي فقد كشف مركز المعلومات بمجلس الوزراء في دراسة مسحية، بلغ 13 ألفا و555 مائدة طبقا لعدد التصاريح الرسمية لإقامة الموائد وبلغت التكلفة التقديرية لها نحو 516 مليون جنيه، وأن عدد المترددين على تلك الموائد في الحضر يتراوح يوميا ما بين 18 و19 مليون مواطن ويبلغ متوسط التكلفة اليومية للمائدة الواحدة 1269 جنيها ومتوسط تكلفة الوجبة الواحدة للفرد9 جنيهات.
وأوضحت الدراسة أن87% من موائد الرحمن ينظمها أفراد مقابل 13% فقط للجمعيات الخيرية والشرعية وأن 88% من الجمعيات يعتمدون على التبرعات الخيرية في تمويلها وتليها وزارة التضامن الاجتماعي.
وأوضحت الدراسة أن 885 من رواد موائد الرحمن يعتقدون أن كمية الوجبة المقدمة كافية، وأن97% من الوجبات المقدمة تحتوي على لحوم أو دواجن أو كبدة و76% تحتوي على أرز أو مكرونة و31% تحتوي على خضار مما يدل على اهتمام القائمين على اعداد هذه الموائد بنوعية الطعام المقدمة إلي الصائمين.
هذا بالنسبة للعام الماضي ولكن هذا العام لم تشهد معظم الموائد المنتشرة على مستوي القاهرة الكبري هذه الاشياء التي شهدتها العام الماضي كما ان اعداد الموائد لم يكن بأي حال من الأحوال مثل العام الماضي، لظروف الغلاء الذي اصاب كل شئ وبسبب الازمة الاقتصادية التي القت بظلالها على كل شئ ومنعت الكثير من المواطنين من اقامة موائد الرحمن هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي الدكتور احمد عبده موضحا ان هذا العام لن يشهد ارتفاع كبير في اعداد موائد الرحمن لان الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها نسبة كبيرة من المواطنين هذا بخلاف موجة الغلاء وارتفاع الاسعار التي اجتاحت البلاد ووصلت الي ذروتها في شهر رمضان الكريم موضحا ان زيادة معدلات الفقر بين المصريين تزداد يوما بعد الآخر حيث أدت تداعيات الأزمة المالية العالمية إلي ارتفاع نسبة المصريين الموجدين تحت خط الفقر حيث إن عدد المصريين الآن يصل إلي80 مليون نسمة منهم20 مليونا تحت هذا الخط وهو أمر يؤكد ضرورة تفعيل مبدأ التكافل الاجتماعي ولكن ما حدث هو العكس والسبب في ذلك هو فشل الحكومة في إحكام سيطرتها على الاسواق وترك التجار يتحكمون في الاسعار كيفما شاءوا دون رادع ودون رقابة ومتابعة.
ويلفت إلى أنه اذا كانت عدد الموائد العام الماضي قد تجاوزت 13 ألف مائدة فأنه من المتوقع ألا يصل عددها هذا العام إلى 10 الاف مائدة على مستوى الجمهورية لأن عادات إقامة الموائد التي كانت تعتمد على " الشراكة " بين المواطنين، وجمع الأموال من بعضهم وإقامة موائد لإفطار الفقراء قد تختلف بسبب سؤء الاحوال الاقتصادية اما موائد المشاهير وبعض الساسة واعضاء مجلسي الشعب والشوري فهي متواجدة ولكن تأثيرها محدود لانها تكون في نطاق ضيق ولا تخدم سوي اهل المنطقة التي يقطن فيها هذه الشخصية.
ونظرا للظروف الاقتصادية السيئة لجأ البعض إلى توزيع شنط رمضان بدلا من اقامة الموائد التي تتكلف مبالغ باهظة مع الارتفاع الرهيب في الاسعار كما ان اشتراك اصحاب المحلات في بعض الاماكن مع بعضهم لتقديم مائدة للفقراء هي خير دليل على التكافل الاجتماعي بين المواطنين.
ولكن هذا العام لم تعد لهذه الظاهرة أثر، فيؤكد "سيد عبد الحميد" صاحب محل لبيع الفاكهة، ببولاق الدكرور، أنه معتاد كل عام أن يقوم بتجميع مبلغ من المال بالاشتراك مع أصحاب المحلات المجاورة لإقامة مائدة إفطار وكانت تكفي لإطعام حوالي 60 صائما أو أكثر وكانت تكلفنا حوالي 1500 جنيه يوميا، ولكن مع ارتفاع الأسعار لم يعد هذا المبلغ يكفي لإفطار هذا العدد فلجأ البعض إلى استبدال الموائد بشنط رمضان بسبب ارتفاع أسعار جميع السلع خاصة اللحوم والدواجن والخضروات، ولجأ البعض إلى شراء مستلزمات البيوت من المواد التموينية من أرز وسكر وزيت وسمن وبعض من سلع رمضان من بلح وقمر الدين وغيرها وتم تعبئتهم في شنط وتوزع على المحتاجين كبديل للموائد والبعض قرر اعطاء المحتاجين اموالا نقدية لتصبح "صدقة نقدية".
وقام عدد اخر من أهل الخير من القادرين بتقديم وجبات جاهزة للصائمين يتناولونها في منازلهم ويرون أن هذا حلاً عمليا لتقليل نفقات السرادق وحتي لايتعرض البعض لمضايقات من الحي، ويقول حسن عثمان أنه يقوم بهذا في منطقة المهندسين حيث أنه يرى أن فيه ستر لغير القادرين الذين يجدون حرجا في الجلوس على هذه الموائد إضافة إلى أن المحتاج ربما يكون من الأفضل له تناول هذه الوجبة في بيته مع أسرته خصوصا وأنها تكفي لأكثر من شخصين.
وأكد محمود عطا صاحب مائدة، أنه كان يشترك في مائدة واحدة مع بعض اصدقائه واقاربه، وكان يتم تقديم لحوم ودواجن وكانت الوجبات على أعلى مستوي وكانت المائدة تتسع لاكثر من 200 شخص يتم اطعامهم جميعا، ولكن هذا العام وبسبب الارتفاع الرهيب في الأسعار لم يعد كافيا ما كانوا ينفقونه لإطعام نصف العدد الذي كان يفطر معهم كما ان الكثير من اصدقائه لم يعد في استطاعته ان يدفع لإقامة الموائد هذا العام، وفضل ان يشتري بعض السلع التموينية من ارز ومكرونة وسكر وسمن وزيت وغيرها ويقوم بوضعها داخل شنط ويوزعها على الفقراء والمحتاجين كبديل أرخص لموائد الرحمن، مشيرا أن هذا العام قد اقام مائدة بمفرده لا تتسع سوى لـ50 فردا فقط كما تم تخفيض الكميات وتقديم وجبات جافة بدون لحوم بعض ايام الاسبوع كنوع من التوفير ليستطيع بالمبلغ الذي وضعة للمائدة ان يكمل باقي شهر رمضان.
هناك موائد تتسم بالبساطة سواء في طابعها او في الطعام المقدم خلالها وتنشر في المناطق الشعبية وهناك ايضا موائد فاخرة يعدها بعض كبار الساسة وكبار رجال الاعمال وبعض المشاهير مثل مائدة فيفي عبده ودينا وشيريهان والتي تحظى بشهرة واسعة لما تقدمه من طعام فاخر إضافة إلى مبلغ مالي يتم تقديمه لكل مواطن على المائدة وقد انضمت مؤخرا روبي وشيرين والراقصة بوسي سمير إلى قائمة الفنانات اللاتي يقدمن أفخر أنواع الطعام على الموائد التي يقيمونها هذا بخلاف التي يقيمها الدكتور فتحي سرور ورامي لكح وكذلك مائدة المحبة التي يقيمها الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية، لأبناء دائرته الانتخابية بحي شبرا لتدعيم أواصر الوحدة الوطنية وجميع هذه الموائد لم تتأثر بالظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها افراد الشعب.
وفي منطقة المهندسين وبالتحديد أمام مسجد مصطفي محمود تقام مائدة كبيرة تتسع لاكثر من الف شخص يجلسون جميعا ينتظرون مدفع الافطار ويقوم مجموعة من العاملين بتلبية جميع متطلبات المواطنين.
ويؤكد المسئول عن تنظيم الموائد بمسجد مصطفي محمود انه كان يتم توزيع 5 الاف وجبة افطار يوميا في العام الماضي والأعوام السابقة ولكن هذا العام قل عدد الوجبات بسبب موجة "التهاب " الاسعار التي شهدتها البلاد ووصل إلى 3500 وجبة فقط، ومعظم هذه الوجبات يتم توصيلها ديليفري على المنازل وكان يتم توزيع 600 وجبة سحور، ولكن هذا العام أصبحت 500 فقط مشيرا الي انهم يعتمدون على اموال التبرعات في شراء تلك الوجبات وانهم يقدمون هذا العمل الخير منذ اكثر من 25 سنة وانهم يقدمون ايضا وجبات للفقراء والمحتاجين في غير رمضان.
وانتشرت العام الماضي موائد على الطرق السريعة الصحراوية والسريعة للمساهمة في افطار الصائمين المسافرين أو العائدين من السفر ولكن هذا العام اقتصرت هذه الموائد على توزيع بعض من التمر والعصير لركاب السيارات وذلك بسبب ارتفاع الاسعار ايضا.
ويري الدكتور مصطفي عطية استاذ الاجتماع بمركز البحوث أن موائد الرحمن هي نموذج للتكافل الاجتماعي خاصة في شهر رمضان الذي يعتبر شهر التودد والتعاون بين المسلمين وهو باب من أبواب الخير حيث يوجه المال في شهر رمضان إلى إطعام الفقراء والمحتاجين والتسابق في عمل الخيرات وهو سمة الصالحين ولكن يوجد ما يسمي "بموائد التباهي " التي يقيمها بعض المشاهير وبعض النواب كنوع من الوجاهة الاجتماعية أو كنوع من الدعاية الانتخابية، وقال أن 9 جنيهات في اليوم ميزانية افطار الفرد على الموائد هو مبلغ قليل جدا ولا يصلح هذا العام لان بل يجب مضاعفته لكي تكون المائدة على قدر متوسط من الوجاهة فكيلو الطماطم الان وصل إلى 5 جنيهات في بعض المناطق وكيلو اللحوم وصل إلى 90 جنيها والبصل 3 جنيهات والبطاطس 3 جنيهات للكيلو، فأمام هذا الارتفاع لا يستطيع المواطن الذي يريد التبرع لاقامة موائد الرحمن ان يصمد طوال ايام الشهر الكريم.
ارتبط شهر رمضان لدى البعض بموائد الرحمن، فهي من أبرز مظاهر الخير التي تميز الشهر الكريم، وتساهم في زيادة التلاحم والتكافل الاجتماعي بين المصريين.
ويتسابق دائمًا أهل الخير لتقديم أفضل الأطعمة للصائمين للفوز بالأجر والثواب العظيم الذي يمنحه المولى عز وجل لكل من أفطر صائم ولكن هذا العام تحالف الثلاثي "سوء الاحوال الاقتصادية، الاوضاع المادية المتدنية، وارتفاع الاسعار" ليحرموا المواطنين من الأجر والثواب والفقراء من الافطار " الشهي " المعتاد كل عام.
فأثر الغلاء الفاحش الذي اصاب جميع السلع الغذائية على موائد الرحمن من حيث الكم والكيف، فلم تعد الاعداد الكبيرة من الموائد التي تقام في الشوارع والميادين وعلى الطرق السريعة، ولم تعد الاطعمة الفاخرة العامرة بكل ما لذ وطاب هي وجبات ضيوف الرحمن على الموائد..
أثرت الظروف السياسية بجانب الاقتصادية على موائد الرحمن، حيث اتضح أن هناك اتجاه من الدولة ممثلة في الاجهزة المحلية لمنع جماعة الاخوان المسلمين والجماعات الاخرى من اقامة موائد الرحمن لمنع التجمعات والتجمهر كنوع من الاحتياطات الامنية ونرى ذلك في تصريحات محافظ الجيزة والقاهرة بمنع إقامة الموائد في الشوارع والميادين مما يحرم الفقراء من الانتفاع بهذا الخير خاصة ان عدد كبير من المواطنين قد تخلى عن مبدأ موائد الرحمن تخوفا من الدخول في صراعات مع المسئولين في الأحياء.
فكانت المائدة العام الماضي تحوي "الارز والخضار وقطع اللحوم أو الدواجن" طوال ايام الشهر ولكن هذا العام لم تشهد هذه الأمور فقد تم خفض كميات اللحوم والدواجن وقصرها على 4 أيام فقط في الأسبوع وباقي الأيام تكون وجبات " قرديحي "، كما تم تقليل الكميات من الأرز والخضروات نظرًا للارتفاع الجنوني الذي شهدته الخضروات والأرز والمكرونة، وغيرها من المكونات التي تدخل في إعداد موائد الرحمن، ولجأ البعض الى حيلة جديدة لترشيد الاستهلاك فبدلا من طرح جميع انواع الطعام بكميات كبيرة امام المواطنين الذين يجلسون على مائدة طويلة تم عمل وجبات جاهزة عبارة عن " عبوة " او "سيرفيس " او " صينية " صغيرة مقسمة إلى 3 أجزاء يتم فيها وضع كمية لا تتجاوز بضعة ملاعق صغيرة من الارز وكذلك الخضار ووضع قطع من اللحوم لا يتعدى وزنها 30جراما ولم تعد للعصائر والمشروبات الرمضانية مكانا على أغلب الموائد واستبدلها البعض بالمياه.
ووفقا لأخر الاحصائيات عن أعداد موائد الرحمن العام الماضي فقد كشف مركز المعلومات بمجلس الوزراء في دراسة مسحية، بلغ 13 ألفا و555 مائدة طبقا لعدد التصاريح الرسمية لإقامة الموائد وبلغت التكلفة التقديرية لها نحو 516 مليون جنيه، وأن عدد المترددين على تلك الموائد في الحضر يتراوح يوميا ما بين 18 و19 مليون مواطن ويبلغ متوسط التكلفة اليومية للمائدة الواحدة 1269 جنيها ومتوسط تكلفة الوجبة الواحدة للفرد9 جنيهات.
وأوضحت الدراسة أن87% من موائد الرحمن ينظمها أفراد مقابل 13% فقط للجمعيات الخيرية والشرعية وأن 88% من الجمعيات يعتمدون على التبرعات الخيرية في تمويلها وتليها وزارة التضامن الاجتماعي.
وأوضحت الدراسة أن 885 من رواد موائد الرحمن يعتقدون أن كمية الوجبة المقدمة كافية، وأن97% من الوجبات المقدمة تحتوي على لحوم أو دواجن أو كبدة و76% تحتوي على أرز أو مكرونة و31% تحتوي على خضار مما يدل على اهتمام القائمين على اعداد هذه الموائد بنوعية الطعام المقدمة إلي الصائمين.
هذا بالنسبة للعام الماضي ولكن هذا العام لم تشهد معظم الموائد المنتشرة على مستوي القاهرة الكبري هذه الاشياء التي شهدتها العام الماضي كما ان اعداد الموائد لم يكن بأي حال من الأحوال مثل العام الماضي، لظروف الغلاء الذي اصاب كل شئ وبسبب الازمة الاقتصادية التي القت بظلالها على كل شئ ومنعت الكثير من المواطنين من اقامة موائد الرحمن هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي الدكتور احمد عبده موضحا ان هذا العام لن يشهد ارتفاع كبير في اعداد موائد الرحمن لان الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها نسبة كبيرة من المواطنين هذا بخلاف موجة الغلاء وارتفاع الاسعار التي اجتاحت البلاد ووصلت الي ذروتها في شهر رمضان الكريم موضحا ان زيادة معدلات الفقر بين المصريين تزداد يوما بعد الآخر حيث أدت تداعيات الأزمة المالية العالمية إلي ارتفاع نسبة المصريين الموجدين تحت خط الفقر حيث إن عدد المصريين الآن يصل إلي80 مليون نسمة منهم20 مليونا تحت هذا الخط وهو أمر يؤكد ضرورة تفعيل مبدأ التكافل الاجتماعي ولكن ما حدث هو العكس والسبب في ذلك هو فشل الحكومة في إحكام سيطرتها على الاسواق وترك التجار يتحكمون في الاسعار كيفما شاءوا دون رادع ودون رقابة ومتابعة.
ويلفت إلى أنه اذا كانت عدد الموائد العام الماضي قد تجاوزت 13 ألف مائدة فأنه من المتوقع ألا يصل عددها هذا العام إلى 10 الاف مائدة على مستوى الجمهورية لأن عادات إقامة الموائد التي كانت تعتمد على " الشراكة " بين المواطنين، وجمع الأموال من بعضهم وإقامة موائد لإفطار الفقراء قد تختلف بسبب سؤء الاحوال الاقتصادية اما موائد المشاهير وبعض الساسة واعضاء مجلسي الشعب والشوري فهي متواجدة ولكن تأثيرها محدود لانها تكون في نطاق ضيق ولا تخدم سوي اهل المنطقة التي يقطن فيها هذه الشخصية.
ونظرا للظروف الاقتصادية السيئة لجأ البعض إلى توزيع شنط رمضان بدلا من اقامة الموائد التي تتكلف مبالغ باهظة مع الارتفاع الرهيب في الاسعار كما ان اشتراك اصحاب المحلات في بعض الاماكن مع بعضهم لتقديم مائدة للفقراء هي خير دليل على التكافل الاجتماعي بين المواطنين.
ولكن هذا العام لم تعد لهذه الظاهرة أثر، فيؤكد "سيد عبد الحميد" صاحب محل لبيع الفاكهة، ببولاق الدكرور، أنه معتاد كل عام أن يقوم بتجميع مبلغ من المال بالاشتراك مع أصحاب المحلات المجاورة لإقامة مائدة إفطار وكانت تكفي لإطعام حوالي 60 صائما أو أكثر وكانت تكلفنا حوالي 1500 جنيه يوميا، ولكن مع ارتفاع الأسعار لم يعد هذا المبلغ يكفي لإفطار هذا العدد فلجأ البعض إلى استبدال الموائد بشنط رمضان بسبب ارتفاع أسعار جميع السلع خاصة اللحوم والدواجن والخضروات، ولجأ البعض إلى شراء مستلزمات البيوت من المواد التموينية من أرز وسكر وزيت وسمن وبعض من سلع رمضان من بلح وقمر الدين وغيرها وتم تعبئتهم في شنط وتوزع على المحتاجين كبديل للموائد والبعض قرر اعطاء المحتاجين اموالا نقدية لتصبح "صدقة نقدية".
وقام عدد اخر من أهل الخير من القادرين بتقديم وجبات جاهزة للصائمين يتناولونها في منازلهم ويرون أن هذا حلاً عمليا لتقليل نفقات السرادق وحتي لايتعرض البعض لمضايقات من الحي، ويقول حسن عثمان أنه يقوم بهذا في منطقة المهندسين حيث أنه يرى أن فيه ستر لغير القادرين الذين يجدون حرجا في الجلوس على هذه الموائد إضافة إلى أن المحتاج ربما يكون من الأفضل له تناول هذه الوجبة في بيته مع أسرته خصوصا وأنها تكفي لأكثر من شخصين.
وأكد محمود عطا صاحب مائدة، أنه كان يشترك في مائدة واحدة مع بعض اصدقائه واقاربه، وكان يتم تقديم لحوم ودواجن وكانت الوجبات على أعلى مستوي وكانت المائدة تتسع لاكثر من 200 شخص يتم اطعامهم جميعا، ولكن هذا العام وبسبب الارتفاع الرهيب في الأسعار لم يعد كافيا ما كانوا ينفقونه لإطعام نصف العدد الذي كان يفطر معهم كما ان الكثير من اصدقائه لم يعد في استطاعته ان يدفع لإقامة الموائد هذا العام، وفضل ان يشتري بعض السلع التموينية من ارز ومكرونة وسكر وسمن وزيت وغيرها ويقوم بوضعها داخل شنط ويوزعها على الفقراء والمحتاجين كبديل أرخص لموائد الرحمن، مشيرا أن هذا العام قد اقام مائدة بمفرده لا تتسع سوى لـ50 فردا فقط كما تم تخفيض الكميات وتقديم وجبات جافة بدون لحوم بعض ايام الاسبوع كنوع من التوفير ليستطيع بالمبلغ الذي وضعة للمائدة ان يكمل باقي شهر رمضان.
هناك موائد تتسم بالبساطة سواء في طابعها او في الطعام المقدم خلالها وتنشر في المناطق الشعبية وهناك ايضا موائد فاخرة يعدها بعض كبار الساسة وكبار رجال الاعمال وبعض المشاهير مثل مائدة فيفي عبده ودينا وشيريهان والتي تحظى بشهرة واسعة لما تقدمه من طعام فاخر إضافة إلى مبلغ مالي يتم تقديمه لكل مواطن على المائدة وقد انضمت مؤخرا روبي وشيرين والراقصة بوسي سمير إلى قائمة الفنانات اللاتي يقدمن أفخر أنواع الطعام على الموائد التي يقيمونها هذا بخلاف التي يقيمها الدكتور فتحي سرور ورامي لكح وكذلك مائدة المحبة التي يقيمها الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية، لأبناء دائرته الانتخابية بحي شبرا لتدعيم أواصر الوحدة الوطنية وجميع هذه الموائد لم تتأثر بالظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها افراد الشعب.
وفي منطقة المهندسين وبالتحديد أمام مسجد مصطفي محمود تقام مائدة كبيرة تتسع لاكثر من الف شخص يجلسون جميعا ينتظرون مدفع الافطار ويقوم مجموعة من العاملين بتلبية جميع متطلبات المواطنين.
ويؤكد المسئول عن تنظيم الموائد بمسجد مصطفي محمود انه كان يتم توزيع 5 الاف وجبة افطار يوميا في العام الماضي والأعوام السابقة ولكن هذا العام قل عدد الوجبات بسبب موجة "التهاب " الاسعار التي شهدتها البلاد ووصل إلى 3500 وجبة فقط، ومعظم هذه الوجبات يتم توصيلها ديليفري على المنازل وكان يتم توزيع 600 وجبة سحور، ولكن هذا العام أصبحت 500 فقط مشيرا الي انهم يعتمدون على اموال التبرعات في شراء تلك الوجبات وانهم يقدمون هذا العمل الخير منذ اكثر من 25 سنة وانهم يقدمون ايضا وجبات للفقراء والمحتاجين في غير رمضان.
وانتشرت العام الماضي موائد على الطرق السريعة الصحراوية والسريعة للمساهمة في افطار الصائمين المسافرين أو العائدين من السفر ولكن هذا العام اقتصرت هذه الموائد على توزيع بعض من التمر والعصير لركاب السيارات وذلك بسبب ارتفاع الاسعار ايضا.
ويري الدكتور مصطفي عطية استاذ الاجتماع بمركز البحوث أن موائد الرحمن هي نموذج للتكافل الاجتماعي خاصة في شهر رمضان الذي يعتبر شهر التودد والتعاون بين المسلمين وهو باب من أبواب الخير حيث يوجه المال في شهر رمضان إلى إطعام الفقراء والمحتاجين والتسابق في عمل الخيرات وهو سمة الصالحين ولكن يوجد ما يسمي "بموائد التباهي " التي يقيمها بعض المشاهير وبعض النواب كنوع من الوجاهة الاجتماعية أو كنوع من الدعاية الانتخابية، وقال أن 9 جنيهات في اليوم ميزانية افطار الفرد على الموائد هو مبلغ قليل جدا ولا يصلح هذا العام لان بل يجب مضاعفته لكي تكون المائدة على قدر متوسط من الوجاهة فكيلو الطماطم الان وصل إلى 5 جنيهات في بعض المناطق وكيلو اللحوم وصل إلى 90 جنيها والبصل 3 جنيهات والبطاطس 3 جنيهات للكيلو، فأمام هذا الارتفاع لا يستطيع المواطن الذي يريد التبرع لاقامة موائد الرحمن ان يصمد طوال ايام الشهر الكريم.