ضمة القبر:
• قال () عند دفن أبنته رقية إذ جلس عند القبر فتربد وجهه ثم سرى عنه فقال له أصحابه رأينا وجهك أنفا ثم سرى فقال () تذكرت ابنتي وضعفها وعذاب القبر فدعوت الله ففرج عنها وأيم الله لقد ضمت ضمة سمعها من بين الخافقين". ( )
• كما ذكر عنه () عند دفن سعد بن معاذ فيما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه () قال: " هذا الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء وشهد له سبعون ألف من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه "( )
• وهذا يعني أن ضمة القبر حادثة لا محالة مثلها كخروج الروح ولكل روع وهلع والعياذ بالله.
• كما أنه روي سفيان الثوري عن عمر بن عبد العزيز عند مرضه وموت ابنه انه قال لابنه عبد الملك وهو مريض كيف تجدك قال في الموت قال لأن تكون في ميزاني أحب إلى أن أكون في ميزانك فقال له والله يا أبت لأن يكون ما تحب أحب إلى من أن يكون ما أحب. فلما مات ابنه عبد الملك قال عمر يا بني لقد كنت في الدنيا كما قال الله عز وجل (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ( ) ولقد كنت أفضل زينتها وإني لأرجوا أن تكون اليوم من الباقيات الصالحات التي هي خير ثوابا وخير أملا والله ما سرني أن دعوتك من جانب فأجبتني ولما دفنه قام عمر على قبره فقال ( مازلت مسرورا بك فقد بشرت بك وما كنت قط أسر إلى منك اليوم ثم قال اللهم اغفر لعبد الملك بن عمر ولمن استغفر له.. ولما قام الناس له قال يا معشر الناس إن تقوموا نقم وإن تقعدوا نقعد فإنما يقوم الناس لرب العالمين ) ( )
• نخرج من هذه المعالجة الموجزة لحياة البرزخ وما سبقها أيضا من ساعات احتضار وموت تساوي آلاف السنين من الألم والمعاناة. نخرج بحقيقة ثلاثية الأبعاد.. فالموت آت لا محالة فلا شفاعة فيه والبرزخ قادم لا ريب فهذا ما ورد عنه () ونص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى " النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ" ( ) فالبعد الأول إذن هو وجوب الاستعداد ليوم الرحيل إذ الزاد مهما كثر قليل والطريق طويل والاستعداد يكون بالطاعة لا بالمعصية بالإيمان لا بالشرك. بالوحدانية. لا بالتعدد والبعد الثاني هو أننا من التراب وإلى التراب نعود لقوله تعالى " مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى " ( ) ويعني هذا أنه ما دام التراب أصلنا ومآلنا فلم التكبر عليها والتجبر وهناك الجبار الأكبر فهنيئا لمن تواضع وأسلم أمره إلى الله تعالى فلا عز بغير طاعة ولا غني بغير قناعة ولا نجاح ونجاة وفلاح بغير اجتهاد في العبادة والاصطبار عليها. وأما البعد الثالث فهو قضية الحياة كلها فإن كان مآلنا لا محالة إلى الموت فالبرزخ فثم ساحة اعدل العادلين فلم إذن التكالب والتصارع عليها وهي قصيرة الأمد عديمة الفائدة سوى من عمل صالح يغتنمه المرء أو صدقة جارية تنفعه.. والإيمان بهذه الأبعاد الثلاثة أمر واجب إذا أصاب نفس المرء علم تام بأنه لا رازق غير الله. ولا مغن غيره ولا معز غيره. " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( ) وإن قال المرء هذا على علم ويقين أمن أنه لن يضره الجن والإنس ولو اجتمعوا على قلب رجل واحد إلا بشيء قد كتبه الله عليه ولن ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له فعن عبد الله بن عباس قال: كنت خلف النبي () فقال يا غلام إني أعلمك كلمات فأحفظها عني أحفظ الله يحفظك. أحفظ الله تجده تجاهك.. إذا سألت فاسال الله وإذا استعنت فأستعن بالله وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك.. ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.. رفعت الأقلام وجفت الصحف " ( ) ومادام أن الأمر كله إلى الله فحري بنا ألا نخرج من ساحته وألا ننس أنه مهما طالت الحياة فأمران ينتظران المرء حتما هما الموت وحياة البرزخ بكل ما سلف تبيانه من عذاب ونعيم حتى دار العذاب ودار النعيم