ربما يعتقد المصريون وغيرهم من الشعوب العربية أن أفراد الأسرة العلوية التي حكمت مصر منذ 1804 إلى 1952 لا تزال تتمتع برغد العيش، وأن الثورة عندما صادرت ممتلكات أحفاد محمد علي تركت ما يضمن لهم التمتع بحياة كريمة في بلدهن مصر.
لكن بعد 85 عامًا من الثورة بدت القصور التي تعيش فيها أميرات أسرة محمد علي أقرب إلى الخراب، فمن ولدن وفي فمهن "ملعقة من الذهب" بتن يعشن في منازل أقل من العادية بل لا ترتقي لمستوى المواطن المصري المتوسط.
وعندما شاهدنا أحداث المسلسل الرمضاني "ملكة في المنفى" وتفاصيل حياة الأميرات داخل القصر الملكي، قررنا البحث عن الأميرات اللواتي مازلن على قيد الحياة ويعشن في مصر لسؤالهن عن رأيهن في أحداث المسلسل ومدى تطابقه مع حياتهن.
فذهبنا أولاً إلى القصر الذي تعيش فيه الأميرة فوزية أخت الملك فاروق، إذ توقعنا أن يكون بيتها هو السمة المميزة لمنطقة "سموحة" الراقية بالإسكندرية لمكانتها كأميرة وإمبراطورة سابقة.
لكن فوجئنا أن معظم أهالي الحي لا يعرفون أن هناك أميرة مصرية تعيش بينهم، كما أن كثيرون أبدوا دهشتهم لكونها ما زالت على قيد الحياة.
وبعد بحث إستغرق أكثر من 30 دقيقة، رسمنا خلالها صورة لفيلا الأميرة والتي توقعناها قصرًا في غاية الأناقة والجمال من الخارج محاط بسور فخم كما يظهر في الأفلام، فلم نستغرب عندما وجدنا كل تلك المواصفات في منزل كائن في الشارع نفسه الذي نتوجه إليه، لكن عندما اقتربنا من حارسه أكد انه ليس ملكًا لأي من الأمراء، وأشار بدوره إلى فيلا أخرى مهجورة تعود إلى بدايات القرن العشرين أشجارها كثيفة، سورها صغير، ولا أحد يهتم بها على الإطلاق، وأكد لنا أن الفيلا المجاورة ذات الباب الأخضر الخشبي المتهالك هي التي نبحث عنها.
عندما تدخل من الباب الخارجي تجد ممرًا يصل طوله إلى 150 مترًا تقريبًا ينتهي بإسطبل للخيول مهجور، أما حديقة الفيلا فتجدها على يمين الباب الخارجي ولا تسطع السير فيها بسبب الشجر الكثيف الذي يغطيها، ونمو الأعشاب فيها بدرجة تشعرك بأن هذه الحديقة لم يمر بها أي إنسان منذ سنوات.
"الأميرة فوزية مش موجودة ومفيش أي كلام هيتقال" هكذا جاءنا صوت الخادم الذي ظهر من خلف شباك حديدي على سلالم الفيلا المواجهة للإسطبل، حيث رفع الحديد الموجود على الشباك ونطق بهذه الكلمات المقتضبة لينهي رحلتنا داخل الفيلا التي شعرنا بداخلها أننا عدنا بالزمن 100 عاماً الى الوراء.
قصر "شدس" مكون من طابقين غير مكتملي البناء
منطقة "شدس" احد الأحياء الشعبية بالإسكندرية، على طول الطريق تجد أسواق للخضار والفاكهة ومنازل متهالكة مكونة من ثلاثة طوابق على الأكثر. وعندما سئلنا عن قصر "شدس" وهو القصر الذي يحمل اسم المنطقة منذ زمن بعيد وتعيش فيه حاليا الأميرة نيفين عباس حليم، ابنة النبيل عباس حليم لم نجد من يدلنا عليه، فأهالي الحي لم يلحظوا وجود أي قصر أو منزل فخم في منطقتهم قط.
لكن وبعد استفسارات متعددة، قال أحد الأشخاص " كيف لا تعرفون جاركم النبيل عباس حليم" وأشار إلى منزل متهالك مكون من طابقين غير مكتملين وأكد أن الأميرة التي نسأل عنها تقطن في هذا المنزل.
وبعد أن تخيلنا أن يكون السور الذي يحيط بالمنزل المشار إليه فرعي وان تكون بوابة القصر على واجهة شارع رئيس، أكد بائعو الخضروات الذين يفترشون السور أن ذلك المبنى ذي الباب الخشبي المتهالك والبناء غير المكتمل هو الذي تعيش بداخله الأميرة نيفين عباس حليم وشقيقها، اللذين كانا في الوقت الذي ذهبنا فيه إليهما يقضيان شهر رمضان والعيد مع باقي أفراد عائلتهما في سويسرا وذلك حسبما أكدت لنا "أم خالد" السيدة العجوز التي تتولى استقبال ضيوف الأميرة وخدمتها.