الاستغفار سبب لدخول الجنة
مصداق ذلك قوله في حديث أوس بن شدّاد: "سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعد ما استطعت، أعوذك بك من شر ما صنعت، أبؤ لك بنعمتك علي، وأبؤ بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها في النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي دخل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة"( ).
الاستغفار سبب في مغفرة الذنوب ومحو الخطايا
قال قتادة - رحمه الله- "إن القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم أما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار" فهو سبب لمغفرة الذنوب ومحو الخطايا وتكفير السيئات.
قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ( ).
قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في كتاب الله عز وجل آيتان ما أذنب عبد ذنباً فقرأها واستغفر الله عز وجل إلا غفر الله تعالى له ثم ذكر الآية السابقة، ومن الآيات الدالة على فضل الله عز وجل وتكرمه بغفران الذنوب، وتكفير السيئات قوله عز وجل: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا( ).
عن علي - رضي الله عنه - قال: كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله حديثا نفعني الله عزّ وجلّ بما شاء أن ينفعني به، وإذا حدّثني أحد من أصحابه استحلفته؛ فإذا حلف صدّقته قال: وحدّثني أبو بكر وصدق أبوبكر –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله يقول: "ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله عز وجل إلا غفر له" ثم تلا قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ( ) ( ).
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني، ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان( ) السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي"( ) .. فانظر إلى عظيم فضل الله وجوده وكرمه.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله : "إذا أذنب العبد ذنباً فقال اللهم اغفر لي؛ فيقول الله عز وجل أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباً يأخذ بالذنب، ويغفر الذنب، عبدي اعمل ما شئت فقد غفرت لك"( ).
وقد جاء في الأثر عن إبليس - لعنه الله - أنه قال لربّ العزّة عندما لعنه الله: "يا ربّ وعزّتك لأغوينّ بني آدم ما دامت أرواحهم في أجسادهم" فقال عزّ وجلّ: "وعزتي وجلالي لأغفرنّ لهم ما داموا يستغفرونني".
وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: كنت ذرِب اللسان على أهلي فقلت يا رسول الله فقد خشيت أن يدخلني لساني النار فقال النبي : "فأين أنت من الاستغفار؟ فإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة"( ).
وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله : "من قال حين يأوي إلى فراشه استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر- أو عدد رمل عالج، أو عدد أوراق الشجر، أو عدد أيام الدنيا"( ).
وفي رواية زيد: "غفرت ذنوبه وإن كان فارّاً من الزحف"( ).
الاستغفار يدفع العقوبة والعذاب قبل وقوعهما
من القواعد المتعارف عليها أن الوقاية خير من العلاج، وقد قال الحسن البصري - رحمه الله-: "يا ابن آدم تركك الذنب أهون من طلبك التوبة"، ومن ثمرات الاستغفار أن الله عز وجل جعله سبباً في رفع العذاب والعقوبة قبل وقوعهما مصداقاً لقول الله عز وجل: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ( ).
قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه- كان لنا أمانان من العذاب ذهب أحدهما وهو كون الرسول فينا، وبقي الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا.. فالاستغفار أمان من الله لعباده.
الاستغفار سبب لرفع الدرجات بعد الموت
الاستغفار كما ينفع الإنسان في الدنيا يكون أيضاً سبباً فى رفع درجته في الجنة، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله : "إن الله ليرفع درجة العبد في الجنة فيقول يا رب أنى لي هذه؟ فيقول باستغفار ولدك لك"( ).
ففي الحديث دليل على أن الولد الصالح ينفع الله به والديه في الدنيا والآخرة مصداقاً لقول النبي : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع، أو ولد صالح يدعو له"( ).