إن قليلاً من الصد والتمنع في العلاقات العاطفية ، أمر مفهوم وربما كان لابد منه .. وهذا الصد والتمنع يساعد المرأة على الحفاظ على ثقتها بنفسها وعلى أنها محبوبة ومطلوبة ..
وعادة .. يزيد الصد والتمنع من حماس الرجل ومن جهوده كي يفتن المراة ويظفر بها بعد أن يبرهن لها عن حبه بمختلف الوسائل .. حيث يعني الصد له تحدياً يحتاج إلى المقاومة والصراع .. إلى أن ينتهي الأمر لصالحه وينتصر في معركته مع المرأة .. ولو إلى حين ..
ومن المعروف أن " كل معروض متروك " وأيضاً لابد من الصعاب للحصول على كل ماهو ثمين ..
ويمكننا اعتبار الصد والتمنع نوعاً من الدلال الأنثوي الذي يجعلها ترفض وتصرح وتقوم بإبعاد الرجل عنها .. مع أنها تريده في أعماقها وترغب فيه .. ونجد في هذا الأسلوب تعبيرات عن الغضب والعدوانية والانزعاج من الرجل .. وبعض هذه التعبيرات يتم بشكل سلبي أو مخفف أو غير واضح في كثير من الأحيان ..مما يضفي على المرأة صفات الغموض والتغير وتقلب العواطف ..فهي تقول " لا " وتقصد " نعم " .. كما أن " سكوتها علامة رضاها " .
ومما لاشك فيه أن هذه الأساليب التعبيرية مرتبطة بظروف المرأة قديماً .. وشخصيتها ووضعية القهر التي نشأت فيها .. والمرأة المعاصرة ربما أصبحت أكثر وضوحاً وأكثر ثباتاً ومنطقية .. ولايزال الموروث الثقافي والتربوي شائعاً وبدرجات متفاوتة في مجتمعاتنا ..
وعندما يتعلق الرجل بإمرأة يستحيل عليه أن يرتبط بها .. فهو يؤكد بسلوكه هذا أنه غير واقعي وأن قدراته الحقيقية على الحب والتبادل والعطاء غير ناضجة أو ضعيفة ..وأنه نرجسي يحب نفسه أولاً وأخيراً .. وأنه عملياً لايمكنه أن يمتد إلى الآخر ويتشارك معه .. وتنطبق نفس التحليلات على المرأة في حال تعلقها برجل يستحيل عليها الارتباط به ..
ويمكن للحب المستحيل أن يعكس تعويضاً عن مشاعر النقص والحرمانت المتنوعة .. إضافة إلى التعلق المرضي بالأب أو الأم ( وفقاً لكون العاشق إمرأة أو رجلاً ) .
وفي بعض الحالات المرضية الشديدة غير الشائعة والتي تعرف في الطب النفسي باسم " ذهان العشق " يحدث أن تتعلق المرأة برجل عظيم أو مشهور وهي تظن أنه يبادلها الحب والمشاعر وهي تعيش في سلسلة من الأوهام المترابطة الخيالية ..
ويمكن للرجل أيضاً أن يتعلق بإمرأة ترفضه تماماً .. وهو يظهر لها تعلقاً غريباً وحباً جنونياً ذهانياً ( كما في عدد من الأفلام ) .. وكل هذه الحالات تحتاج إلى العلاجات الدوائية والمراقبة المستمرة نظراً للسلوكيات الغريبة والخطرة التي يمكن أن تنتج عنها .
وأخيراً .. لابد من القول أن العلاقات العاطفية تحتاج إلى النضج والمعرفة والسلوك المتوازن .. ولابد من الوضوح دائماً .. ومن التفاهم المنطقي العقلاني .. ولايتعارض ذلك مع مقولة " إن الحب هو جنون مؤقت " عموماً .
ويمكن اعتبار مرحلة المراهقة وبداية الشباب بالنسبة للجنسين مرحلة مؤقتة تتميز بالخيال المفرط ، والحساسية الزائدة ، والعواطف المتأججة والمتقلبة ، وبعدم تقبل الإحباط بسهولة ، إضافة لكونها مرحلة للتجارب المتنوعة ..
وهي مرحلة تؤدي إلى النضج والرشد بعيداً عن المستحيلات والخيال الجامح .. ولاسيما إذا توفرت لها الرعاية الكافية والتوجيه الصحيح ..