بعض ما ورد عنه () بخصوص يوم الحساب: -
أولا: أمر الله لملائكته بإعداد خلقه للحساب:-
• عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي () انه قال " إن الله تبارك وتعالى ينادي يوم القيامة بصوت رفيع غير فظيع.. يا عبادي. أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون أحضروا حجتكم ويسروا جوابكم فإنكم مسئولون محاسبون , يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب" ( ) .
ثانيا: ما يسأل عنه العبد وكيفية السؤال:
• عن عدي بن عدي عن الصالحي عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – قال (): لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل أربع خصال: عن عمره فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟ ( )
ثالثا: تكليم الله لعباده المؤمنين:
• عن عدي بن حاتم قال: قال () ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان ! فينظر أيمن منه فلا يرى الا ما قدم وينظر أيسر منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ) ( ). وفي آخر (ولو بكلمة طيبة).
رابعا: القصاص ممن استطال في حقوق الناس:
• عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ()( قال أتدرون من المفلس ؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته قبل انقضاء ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار).
خامسا : امة محمد هي أول من يحاسب :
• روى ابن ماجه عن ابن عباس عن النبي () قال نحن آخر الأمم وأول من يحاسب , يقال أين الأمة الأمية ونبيها ؟ فنحن الآخرون الأولون .
• وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما ( فتفرح لنا الأمم عن طريقنا فنمضي غرا محجلين من آثار الوضوء فتقول الأمم كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها ) أخرجه أبو داوود في مسنده .
سادسا : أول ما يحاسب عليه العبد من عمله صلاته وأول ما تقضى فيه الدماء :-
• عن ابن مسعود قال : قال () : ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة الدماء ) ( ) رواه النسائي ( )
• وعن محمد بن كعب عن رجل من الأنصار . عن أبي هريرة قال : حدثنا () في طائفة من أصحابه يكون أول ما يقضى بينهم في الدماء ويأتي كل قتيل قتل فيحمل رأسه وتشخب أوداجه ( أي تنساق دماء عروق رقبته ) دما فيقول : يا رب . سل هذا فيم قتلني ؟! فيقول الله تعالى : وهو أعلم – فيم قتلته ؟ فيقول : يا رب قتلته لتكون العزة لك فيقول الله تعالى : صدقت . فيجعل الله وجهه مثل نور الشمس ثم تشيعه الملائكة إلى الجنان ثم يأتي كل من قتل يحمل رأسه وتشخب أوداجه دما : فيقول يا رب سل هذا فيم قتلني ؟ فيقول الله وهو أعلم فيم قتلته ؟- فيقول رب قتلته لتكون العزة لي فيقول الله تعالى تعست ( دعاء عليه بالشقاء ) ثم لا تبقى قتلة إلا قتل بها ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها وكان فى مشيئة الله تعالى أن شاء عذبه وإن شاء رحمه .. ( )
سابعا : في ذكر الكوثر الذي أعطي له () :
• ورد فى مسلم عن أنس قال بينما رسول الله () ذات يوم بين أظهرنا إذا أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : نزلت علي أنفا سورة فقرا : بسم الله الرحمن الرحيم " إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ , فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ , إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ " والأبتر هو المنقطع دابره أي لا نسل له – قال : (أتدرون ما الكوثر ؟ ) قلنا الله ورسوله أعلم .. قال ( فإنه نهر في الجنة وعدنيه ربي عليه خير كثير , هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة أنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول يا رب إنه من أمتي .. فيقال ما تدري ما أحدث بعدك !).
• وعن عبد الله بن عمر بن العاص قال : قال () : حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء أي( طوله يساوي عرضة ) وماؤه أبيض من الورق وريحه أطيب من المسك : كيزانه كنجوم السماء من ورد فشرب منه لم يظمأ بعده أبدا . ( أخرجه البخاري )
• وذكر البخاري عن أنس بن مالك عن النبي () قال بينما أنا – أسير في الجنة إذا بنهر في الجنة حافتاه قباب الدر المجوف .. قلت ما هذا يا جبريل ؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك فإذا طينه .. أو طينته مسك ازفر ....."
• وفي حديث أخر ( الكوثر نهر في الجنة حافتاه ذهب ومجراه الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج ) رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح ..
ثامنا : من هم أول الناس ورودا الحوض على النبي ()
خرج عن ثوبان مولى رسول الله () قال إن حوضي مابين عدن إلى البلقاء ماؤه أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل وأكوابه عدد نجوم السماء من شرب منه لا يظمأ بعدها أبدا . أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين الشعث رؤساء الدنس ثوبا الذين لا ينكحون المنعمات ولا يفتح لهم أبواب السدد .( )(أي لدى السادة والأمراء ).
تاسعا : من يطرد عن الحوض ؟:
رواه البخاري عنه () انه قال " ليردن علي الناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دونه فأقول : أصحابي فيقال لي : لا تدري ما أحدثوه بعدك ."
عاشرا : أدلة وجود الصراط والميزان :
• لقد روى عنه () أنه قال تنصب الموازين يوم القيامة فيؤتى بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان . ولا ينشر لهم ديوان ويصب عليهم الأجر صبا بغير حساب )( )
• هذا بالنسبة إلى الميزان فماذا بالنسبة إلى الصراط ؟:
• خرج ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله ()يقول( يوضع الصراط بين ظهراني جهنم على حسك كحسك السعدان ثم يستجيز الناس ( أي يطلب منهم المرور فناج مسلم ومخدوج به ثم ناج ومحتبس به ومنكوس فيها ) ( ) ويقصد بحسك السعدان ( شوكة بنجد ) .
• وقال () فإذا صار الناس على طرف الصراط نادى ملك من تحت العرش : يا فطرة الملك الجبار (أي يا خلق الله ) جوزوا على الصراط وليقف كل عاص منكم وظالم فيا لها من ساعة ما أعظم خوفها !!! وما أشد حرها يتقدم فيها من كان في الدنيا ضعيفا وهينا ويتأخرعنها من كان في الدنيا عظيما مكينا( ذا مكانه ووجاهة ) ثم يؤذن لجميعهم بعد ذلك بالجواز على الصراط قدر أعمالهم في ظلمتهم وأنوارهم فإذا عصف الصراط بأمتي نادوا .. وامحمداه !! وامحمداه !! فأبادر من شدة إشفاقي عليهم وجبريل اخذ بحجزتي ( معقد الأزار) فأنادي رافعا صوتي . ربي . أمتي . أمتي . لا أسألك اليوم نفسي ولا فاطمة ابنتي والملائكة قيام على يمين الصراط وعن يساره ينادون : رب سلم . سلم وقد عظمت الأهوال واشتدت الأوجال ( المخاوف ) والعصاة يتساقطون عن اليمين وعن اليسار والزبانية يتلقونهم بالسلاسل والأغلال وينادونهم : أما نهيتم عن كسب الأوزار ؟ أما خفتم عذاب النار ؟ أما أنذرتم كل الإنذار ؟ أما جاءكم النبي المختار ()( ).
حادي عشر : أين مصير من استوت حسناته وسيئاته
ذكر خيثمة بن سليمان في مسنده عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله () توضع الموازين يوم القيامة فتوزن السيئات والحسنات فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال صؤابة دخل الجنة ومن رجحت سيئاته مثقال صؤابة على حسناته دخل النار قيل يا رسول الله فمن استوت حسناته وسيئاته ؟ قال أولئك أصحاب الأعراف"(لم يدخلوها وهم يطمعون)( ).ويقال أنه قرأ" فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم " ( ) ولقد سئل رسول الله () عن أصحاب الأعراف قال : هم آخر من يفصل بينهم من العباد فإذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد قال : أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار ولم تدخلوا الجنة فأنتم عتقائي فارعوا من الجنة حيث شئتم " ( )
ثاني عشر : هل هناك حقا صراطين :
روى ابن المبارك عن عبد الله بن سلام قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأنبياء نبيا نبيا وأمة أمة حتى يكون أخرهم محمد () وأمته ويضرب الجسر على جهنم وينادي مناد : أين أحمد وأمته فيقوم النبي () وتتبعه أمته برها وفاجرها حتى إذا كان على الصراط طمس الله أبصار أعدائه فتهافتوا في النار يمينا وشمالا ويمضي النبي () والصالحون معه ( فتتلقاهم الملائكة ) فيدلونهم على طريق الجنة .. على يمينك .. على شمالك .. حتى ينتهي إلى ربه فيوضع له كرسي من الجانب الأخر ثم يدعى نبي نبي وأمة أمة حتى يكون أخرها نوحا رحم الله نوحا .. ثم يستطرد القرطبي قائلا : اعلم رحمك الله إن في الآخرة صراطين أحدهما مجاز " أي معبر يجتازونه " وهو لأهل المحشر كلهم ثقيلهم وخفيفهم إلا من دخل الجنة بغير حساب أو من يلتقطه عنق النار فإذا خلص من خلص من هذا الصراط الأكبر الذي ذكرناه – ولا يخلص منه إلا المؤمنين الذين علم الله منهم أن القصاص لا يستنفذ حسناتهم – حبسوا على صراط خاص لهم ولا يرجعوا إلى النار من هؤلاء أحد إن شاء الله لأنهم قد عبروا الصراط الأول المضروب على متن جهنم الذي يسقط فيه من أوبقه ذنبه ( أي هلكه ) وأربى على الحسنات – بالقصاص – جرمه !! " أي زاد جرمه على حسناته بسبب القصاص منه لمن لهم مظلمة عنده " . ولله در من قال:
إذا مد الصراط على جحيم
فقوم في الجحيم لهم ثبور
وبان الحق وانكشف الغطاء
تصول على العصاة وتستطيل
وقوم في الخيام لهم مقيل
وطال الويل واتصل العويل
وبذلك نكون قد أتممنا قضية الحساب والصراط ما بين القران والسنة اللهم نجنا من المرور عليه وارحمنا يوم لا منج غير رحمتك .. آمين.
وإلى الحلقة الأخيرة من العقد المسمى بالحياة الآخرة والتي سنناقش فيها قضية الجنة والنار وما يدور فيهما من نعيم وعذاب دائمين أيضا ما بين القران والسنة.