تقاليد لا تتأثر بتحضر ولا تمدن ولا حتى بطبيعة سكان.. إنها التقاليد البدوية التى تجاوزت العولمة ومظاهر المدنية، إلى سنوات مضت استدعت منها القبيلة هذه التقاليد والتى تبدأ وتنتهى عند مبدأ واحد: البنت اللى تكمل تعليمها تبقى خرجت عن عرفنا وموتها أحسن.
فى قبيلة «المزينة» البدوية فى جنوب سيناء الكائن الرسمى هو الرجل، فلا صوت ولا إرادة لنساء القبيلة، ليس تقليلاً من شأنهن، ولكن لأن تقاليدهم تقضى بذلك.. وسط كل هذا خرجت زينب عيد مبارك، وتشبعت من تقاليد قبيلتها بما يحبط أى أمل فى التميز أو رغبة فى الخروج عن المألوف، لكنها حاربت كل هذا، وأصبحت ابنة الـ٢٧ عامًا واحدة من أهم نساء القبيلة، بل محافظة جنوب سيناء كلها.
لم تمنعها تقاليد قبيلتها البدوية من استكمال دراستها الجامعية والحصول على الليسانس، والعمل رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية ومسؤول لجنة الفتيات فى المجلس الشعبى المحلى لمركز ومدينة نويبع.. لم تتوقف زينب عند حد التعليم والوظيفة، إذ تجاوزتهما إلى العمل العام، الذى أرادت من خلاله أن تثبت: خدمة المجتمع دور ما بيفرقش بين راجل وست..
التحدى عرف طريقه إلى حياة زينب منذ سنوات بعيدة، بدأت بنبذ قبيلتها للمتعلمات اللائى يخرجن للتعليم، مرورًا ببعد مدرستها الثانوية عن قبيلتها وانتهاء بإقامتها فى القاهرة بمفردها طوال ٤ سنوات مدة دراستها الجامعية.
الغريب فى قصة زينب أن والدها كان متحمسًا لها، لكنها كانت تواجه رفضًا شديدًا من والدتها: أمى مازالت تتمسك بالتقاليد البدوية، ودائمًا حاربت رغبتى فى استكمال تعليمى، رغم موافقة والدى، وبسبب بُعد مدرستى عن القبيلة لم أستطع تحقيق حلمى فى المذاكرة لساعات طويلة والحصول على مجموع يؤهلنى للالتـحـــــاق بكلية الطب، لأصبح أول طبيبة فى القبيلة، فأخذتها من قصيرها ودخلت «أدبى» والحمد لله ربنا وفقنى وبقيت حاجة على مستوى القبيلة.
http://www.almasry-alyoum.com/articl...6&IssueID=1413
مع التحاقها بالجامعة ظهرت المشكلة الحقيقية! فبنات القبيلة لا يخرجن من بيوت آبائهن إلا لبيوت أزواجهن، لكنها حاربت هذه العادة واستطاعت إقناعهم بسفرها إلى القاهرة والإقامة فى المدينة الجامعية بجامعة الأزهر طوال مدة الدراسة: فى القاهرة تعلمت كل شىء، واكتسبت كل خبراتى، خاصة أن البدوى لا يعرف شيئًا عن طباع أبناء القاهرة، وتقريبًا ما بنشوفهمش غير فى رحلات السفارى.
تعليمها وخروجها من القبيلة كان ولايزال مشكلة تواجه زينب فى الارتباط: فرص الزواج بالنسبة للمتعلمة فى القبيلة تكاد تكون منعدمة، فلا أحد فى القبيلة يتقدم لها، لأنها فى نظرهم «لفت ودارت» وخرجت بره القبيلة: يعنى لو ما كنتش متعلمة كنت اتجوزت واحد من أبناء عمى وخلفت كمان من وأنا بنت ١٤ سنة.. والحمد لله ربنا عوضنى وأربى أشقائى التوأم الصغار.
جزء من مشكلة زينب فى الارتباط بأحد أبناء قبيلتها هو رفضها طريقة الزواج المنتشرة فى قبائل جنوب سيناء وهى الزواج بـ«القصبة»: معندناش مأذون فى قبائلنا، وعندما أتزوج سأذهب إلى شرم الشيخ أو العريش لأعقد قرانى على يد مأذون، لأحصل على حقوقى التى كفلها لى القانون بموجب عقد الزواج الموثق.