موت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
موت آدم عليه السلام
عَنْ عُتَيٍّ ، قَالَ : رَأَيْتُ شَيْخًا بِالْمَدِينَةِ يَتَكَلَّمُ ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ ، فَقَالُوا : هَذَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، فَقَالَ : " إِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ : أَيْ بَنِيَّ إِنِّي أَشْتَهِي مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ ، فَذَهَبُوا يَطْلُبُونَ لَهُ ، فَاسْتَقْبَلَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَمَعَهُمْ أَكْفَانُهُ وَحَنُوطُهُ ، وَمَعَهُمُ الْفُؤُوسُ وَالْمَسَاحِي وَالْمَكَاتِلُ ، فَقَالُوا لَهُمْ : يَا بَنِي آدَمَ ، مَا تُرِيدُونَ وَمَا تَطْلُبُونَ ، أَوْ مَا تُرِيدُونَ وَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ؟ ، قَالُوا : أَبُونَا مَرِيضٌ فَاشْتَهَى مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ ، قَالُوا لَهُمْ : ارْجِعُوا فَقَدْ قُضِيَ قَضَاءُ أَبِيكُمْ . فَجَاءُوا ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ حَوَّاءُ عَرَفَتْهُمْ ، فَلَاذَتْ بِآدَمَ ، فَقَالَ : إِلَيْكِ عَنِّي فَإِنِّي إِنَّمَا أُوتِيتُ مِنْ قِبَلِكِ ، خَلِّي بَيْنِي وَبَيْنَ مَلَائِكَةِ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى . فَقَبَضُوهُ ، وَغَسَّلُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَحَنَّطُوهُ ، وَحَفَرُوا لَهُ وَأَلْحَدُوا لَهُ ، وَصَلَّوْا عَلَيْهِ ، ثُمَّ دَخَلُوا قَبْرَهُ فَوَضَعُوهُ فِي قَبْرِهِ وَوَضَعُوا عَلَيْهِ اللَّبِنَ ، ثُمَّ خَرَجُوا مِنَ الْقَبْرِ ، ثُمَّ حَثَوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ ، ثُمَّ قَالُوا : يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ "
وَعنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ : " لَمَّا تُوُفِّيَ آدَمُ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالْمَاءِ وِتْرًا ، وَلُحِدَ لَهُ ، وَقَالَتْ : هَذِهِ سُنَّةُ آدَمَ وَوَلَدِهِ "
وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ : " إِنَّ أَبَاكُمْ آدَمَ كَانَ طِوَالًا مِثْلَ النَّخْلَةِ السَّحُوقِ ، سِتِّينَ ذِرَاعًا . وَكَانَ طَوِيلَ الشَّعْرِ ، مُوَارِيًا الْعَوْرَةَ . فَلَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ بَدَتْ لَهُ سَوْأَتُهُ ، فَخَرَجَ هَارِبًا فِي الْجَنَّةِ . فَلَقِيَتْهُ شَجَرَةٌ ، فَأَخَذَتْ بِنَاصِيَتِهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : يَا آدَمُ أَفِرَارًا مِنِّي ؟ قَالَ : لَا يَا رَبِّ ، وَلَكِنْ حَيَاءً مِمَّا جِئْتُ بِهِ . قَالَ : فَأَهْبَطَهُ اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ , فَلَمَّا حَضَرَتْ وَفَاتُهُ ، بَعَثَ اللَّهُ بِكَفَنِهِ وَحَنُوطِهِ مِنَ الْجَنَّةِ . فَلَمَّا رَأَتْ حَوَّاءُ الْمَلَائِكَةَ ذَهَبَتْ لِتَدْخُلَ دُونَهُمْ ، فَقَالَ : خَلِّي بَيْنِي وَبَيْنَ رُسُلِ رَبِّي ، فَمَا لَقِيتُ مَا لَقِيتُ إِلَّا مِنْ قِبَلِكِ وَمَا أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إِلَّا فِيكِ . فَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وِتْرًا ، وَكَفَّنُوهُ فِي وِتْرٍ مِنَ الثِّيَابِ،وَأَلْحَدُوا لَهُ ، وَدَفَنُوهُ، وَقَالُوا : هَذِهِ سُنَّةُ وَلَدِ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ "
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ، ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ ذُرِّيَّتُكَ ، فَرَأَى رَجُلا مِنْهُمْ ، فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ فِي آخِرِ الأُمَمِ يُقَالُ لَهُ : دَاوُدُ ، قَالَ : يَا رَبِّ ، كَمْ جَعَلْتَ عُمْرَهُ ؟ قَالَ : سِتِّينَ سَنَةً ، قَالَ : زِدْهُ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً ، قَالَ : إِذًا يُكْتَبُ وَيُخْتَمُ وَلا يُبَدَّلُ ، فَلَمَّا انْقَضَى عُمْرُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، فَقَالَ : أَوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً ؟ قَالَ : أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ ؟ فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ ، وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ ، وَخَطِئَ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ.
فجحد آدم أي ذلك لأنه كان في عالم الذر فلم يستحضره حالة مجيء ملك الموت له قاله ابن حجر، فجحدت ذريته لأن الولد سر أبيه، ونسي آدم إشارة إلى أن الجحد كان نسيانا أيضا، إذ لا يجوز جحده عنادا، فأكل من الشجرة قيل نسي أن النهي عن جنس الشجرة أو الشجرة بعينها فأكل من غير المعينة ،وكان النهي عن الجنس والله أعلم، فنسيت ذريته ،ولذا قيل :أول الناس أول الناسي وخطأ بفتح الطاء، أي في اجتهاده من جهة التعيين والتخصيص وخطأت ذريته، والأظهر أن خطأ بمعنى عصى لقوله تعالى :{ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} (121) سورة طـه ، ولحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : : كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ" .
وفي الحديث إشارةٌ إلى حديث أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -- « يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ فِيهِ اثْنَتَانِ : الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ.» .
وابن آدم وارد على سبيل الاستطراد وإن ابن آدم مجبول من أصل خلقته على الجحد والنسيان والخطأ إلا من عصمه الله تعالى .
ـــــــــــــــ