أنا متغاظ
فراج إسماعيل | 04-10-2010
لا استطيع أن اتجمل وأداري على غيظي الشديد من "العجل" التونسي كما سماه زميلنا التلقائي جدا في ظهوره التلفزيوني الأستاذ ابراهيم حجازي.
وأحمد الله أنني لم ولن أكون مسئولا أمنيا في يوم من الأيام، لأنني كنت سأمر باطلاق الرصاص الحي على ذلك (العجل) وأترابه من الثيران والبقر الوحشي التي أخفت الشماريخ (المحظورة) في أماكن حساسة وتمكنت من إدخالها لأستاد القاهرة وإطلاقها وقت اللزوم!
لا أعرف الوقت الذي استغرقته "الشماريخ" في تلك الأماكن.. هل من أول رحلة القدوم من تونس الخضراء، أم من لحظة الخروج من فندق الإقامة في القاهرة؟!.. هذا الأمر سيحتاج إلى خبير، خصوصا أن مدير استاد القاهرة قال في تصريحه لحجازي بقناة نايل سبورت أنهم كانوا مخمورين، وتدخل مسئول شركة سياحية مندهشا من السماح لهم بإدخال كميات كبيرة من الخمور عبر مطار القاهرة!
اعتذر عن صفاقتي ونزعاتي الشريرة فما زلت تحت تأثير الغيظ الشديد من حفلة الضرب لعسكري المطافئ المسكين الذي فقد الذاكرة وربما يكون قد ودع الدنيا كلها عندما ينشر هذا المقال.
ظل الأمن متراخيا متفرجا على الحفلة (المريرة) ولا أظن أن واحدا من كبار الرتب المتواجدين يتلذذ من التعذيب حتى لو كان ضد جنوده المساكين الذين جاءوا لأستاد القاهرة من الصباح الباكر لحفظ الأمن وربما باتوا ليلتهم في خدمة الباشا وتلبية أوامر المدام والعيال!
لن يضيرهم أن يفقد هذا الجندي ذاكرته. العدد في الليمون. هو واحد من شعب يهان في الداخل والخارج. شعب عظيم طيب كما قالت لي زميلة صحفية تونسية أمس لا يستحق أن يكون ظهره مداسا لباشوات البلد وضيوفها!
يعني إيه تدخل شماريخ لأن الحسناوات التونسيات أخفينها في أماكن لا يجوز الوصول إليها أو الاقتراب منها؟!
المعنى الوحيد أن ذلك يسري على إدخال القنابل والمتفجرات فلا حيلة للأمن في تلك المناطق. لماذا لم نر تلك الشهامة في التعامل مع المتظاهرات والناشطات المصريات وحتى اللاتي لا ناقة لهن ولا جمل.
ما أكثر قصص التحرش بهن ومهاجمتهن بكتائب نهش الأعراض. اذهب إلى أي قسم شرطة في الصعيد ستجد النساء أول من يتم القبض عليهن حتى يسلم المطلوب نفسه، وطبعا لا حظر ولا يحزنون، كل شئ مباح من الرأس حتى القدمين!
لن أتحدث عن الكرامة ولا إهانة مصر. هذه حدوته لا نستحقها، ففاقد الشيء لا يعطيه ونحن داس باشواتنا على كرامتنا ولم يتركوا للغريب ما يتحسس منه أو يراعي فيه ظروفنا. نزلوا بخمورهم وشماريخهم على عزبة ليس لها صاحب، القوي يفرض كلمته وقانونه، والضعيف مثل "العسكري" الذي "هروه" ضربا وركلا وهو يحاول انقاذ طفاية الحريق باعتبارها "مال دولة" ففقد ذاكرته وحرم منه أهله الغلابة حيا أو ميتا.
لو كان يدري أن مال الدولة سايب ما ضحى بنفسه ولفعل مثل رئيسه الضابط الذي كان يرتدي ملابس مدنية متمتعا بالفرجة على ثورة الثيران. مليارات تنهب جهارا. أراض تباع بثمن بخس. ملايين لا يجدون الطعام. رشاوى وعمولات وسمسرة تنهب البقية الباقية من مصر، فماذا يضيرنا أن يأخذ الشباب التونسي طفاية حريق.. ماذا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها!
هذا المقال ليس دعوة لتكرار مهزلتنا الحربية الكلامية مع الجزائر. الشعب التونسي شعب شقيق مضياف له عندي كل تقدير كما الشعب الجزائري وليس أدل على ذلك من حالة الغضب والخجل التي انتابته أمس وهو يرى الثيران والبقر المخمورة تفعل ما فعلته.
إنني متغاظ فقط من حالنا الذي لا يرضى به إنسان، فعندما يغيب القانون وتضعف الدولة وتتآكل هيبتها تصير مستباحة للجميع.