هو فارس السينما الذي برع في سباقات القدرة علي التجسيد الحي للشخصيات النابعة من باطن تلك الطينة المصرية الخالصة التي تشكل ملامحه, والتحمل لكافة الصعاب
فوق القمم الشاهقة أو بين الأدغال الموحشة, وهو الذي وضع نصب عينيه منذ طفولته الأولي التي قضاها بين الخيوط المتشابكة والعرائس الخشبية في كنف أبونا السقا أن يقدم ما يؤمن به.تربعه علي عرش نجومية السينما جاء بفضل موهبة لم تأت من فراغ حيث ينتمي إلي عائلة فنية فوالده المخرج صلاح السقا رائد مسرح العرائس الذي علم الشرق العربي أسس هذا الفن بكامله, وجده عبده السروجي أحد أهم علامات الغناء المصري الرصين.
عندما تجلس إليه سرعان ما تألف ملامحه, وفي دقائق معددوات تصبح صديق فكره وخياله, فسرعة بديهتة تجمع مابين براءة طفولية نادرة ورجولة تجسد كل قيم الشهامة التي نفتقدها في زمننا الحالي.
حين تتابع حديثه الساخن جدا الذي تتدافع عبره الكلمات بإيقاع سريع يصعب ملاحقته من فرط زخم أفكاره المتوقدة بالموهبة, وبراعة سرده الشجي المشحون بالألفة, لابد أن تحبه, فهو تارة يبدو مثل فراشة رقيقة ترفرف بخفي حنين في عوالم رومانسية حالمة, وتارة أخري مثل جواد أطلق العنان لتوه في البراري غير عابئ بالريح والبرد والصقيع تعلو قسمات وجهة علامات الإصرار علي الوصول إلي هدفه المنشود مهما كانت وعورة الدروب.
فإلي تفاصيل الجلسة الدافئة مع أحمد السقا والتي جرت داخل قاعة اجتماعات الدور الرابع بجريدة الأهرام
صلاح السقا
ابويا الله يرحمه ــ هو الذي علمني كل شئ, اختياراتي, تكويني وبالاضافه إلي والدي فانني تشكلت وجدانيا من حشد من ابزر نجوم الفكر والفن الذين كنت اقتربت منهم منذ صغري وكانوا اصدقاء لوالدي واذكر منهم ابراهيم سعفان, مصطفي حسين, عزت العلايلي, عادل امام, مصطفي متولي, صلاح ومحمود السعدني, محمد رضا, شوقي شامخ, محمد فريد, حسن حسني, بهجت قمر, سمير خفاجة, عمار الشريعي وأحمد عدوية; وغيرهم كما ان هناك مجموعة من الاصدقاء ساهموا في تكويني ووجداني وشغلي وفكري واذكر منهم محمود البزاوي الذي يحضر معانا هذا اللقاء فهو صديقي منذ ان كنت في سن الثامنة عشرة فهو بمثابه الاخ وايضا سليمان عيد اخ وصديق.
وقد عاش والدي الله يرحمه كل حياته محبا للجميع, لم يغضب احدا, ولم يخصم لاحد أثناء عمله في وزراة الثقافه فهو علي حد قوله كان محايدا ايجابيا كان يقول النصيحه دون ان يغضب احد من غير تجريح او إنصاف احد علي احد ولهذا في عهده لرئاسه البيت الفني المسرح تم تقديم العديد من المسرحيات التي كانت لها قيمتها الفكرية وحققت النجاح الجماهيري من أهمها أهلا يا بكوات, البهلوان, الملك هو الملك, المهر وغيرها.
المسرح
انا خريج معهد فنون مسرحية, وكان مفروضا أن اكون معيدا في المعهد ولكن وجدت في ذلك تعارضا مع التمثيل, وتم تعييني في هيئة المسرح لأن ابويا كان نفسه ان يستمر اسم السقا, فتم انتدابي موظفا في مسرح العرائس, ولكني اخذت اجازة قبل وفاة والدي, وعندما مرض والدي وتعب اخذت اجازة; لأني كنت موجودا في المسرح حتي ارضيه, رغم اني واحد من ابزر اعظم لاعبي الماريونيت, وهناك ايضا محمد نور مدير مسرح العرائس حاليا, عماد ابوسريع, ايمن ياسر, هؤلاء الناس تستحق ندوة لكي نعرف الجمهور العالم السحري الرائع لمسرح العرائس, الذي كنا في وقت من الاوقات رقم واحد في العالم, وحاليا نحن خارج التصنيف; والدي هو الذي انشأ واسس مسرح العرائس وهو الذي اختار مقره الذي يقام عليه حاليا بتوجيهات مباشرة من الرئيس جمال عبد الناصر, وحتي بعد وفاته قالوا لي سنغير اسم المسرح من مسرح القاهرة للعرائس, الي مسرح صلاح السقا, قلت لهم لا! لان والدي هو الذي بني و انشأ هذا المسرح وهو من اختار له الاسم, وجعل من مسرح العرائس شأنا وتواجدا عالميا وتولي نائب رئيس اتحاد فناني العرائس في العالم, وكل دعوات المهرجانات كانت تأتي علي عنوان بيتنا, لانهم في الخارج لايعرفون سواه وكانت امي تقوم بتسليم الدعوات لوزراة الثقافه, وقد حصل والدي علي اكثر من65 جائزة دولية من معظم دول العالم والجائزة الوحيدة التي حطمها وكسرها هي التي ارسلها له اسرائيليين اعجبوا وابهروا بفنه اثناء عرض في فرنسا فارسلوا له جائزة فقام بتحطيمها.
الليلة الكبيرة
تم تقديم الليلة الكبيرة من خلال جيل رائع من لاعبي الماريونيت واذكر منهم الاساتذة ناجي شاكر, محمد شاكر, محمد مغربي, صبري صالح, عايده رياض, ومن وجهة نظري أن سر نجاحها الكبير يرجع الي ان والدي درس سينما فجعل منها صورة سينمائية علي المسرح, فخلال مدة العرض45 دقيقة, تشاهد عرض مسرحي عرائس متحرك وهذا هو الابداع وذلك من خلال تحريك ديكورات, ويتزامن معها حركة اللاعبين بحرفيه ومهارة ودقه لان كل عقلة في الاصبع لها وظيفة وليس مثل ما نشاهده من اعلانات هذه الايام واحد ماسك خشبة ويحركها فهذا عبث.. وان شاء الله سنعيد عرضها الجديد سوف أشارك فيه وألعب الشخصيات التي كان يحبها والدي الاراجوز والحصان وطار في الهو شاشي.
والليلة الكبيرة لم تظلم باقي أعمال والدي, وهو لم يحسبها بهذه الطريقة,فمن خلالها تم مشاهدة باقي أعماله,وحتي الآن لم يستطيعوا تقديمها كما قدمها,وقد تخرج في مسرح العرائس نجوم كبار وكانوا من لاعبي الماريونيت ومنهم يوسف شعبان, سعيد صالح, أحمد عقل, محمود الجندي, عهدي صادق شوقي شامخ.
افلام تاريخية تعجبني
فيلم الناصر صلاح الدين من الافلام التي اعشقها وزاد اعجابي بالفيلم بعد ان شاهدته قبل سنوات في اميركا كاملا, واكتشفت ان النسخة التي تعرض في مصرغير كاملة ومحذوف منها نص ساعة ولا اعرف السبب, وأتمني تقديم من الشخصيات التاريخية خالدبن الوليد, طارق بن زياد, أو واحدة من البطولات الحقيقية التي كان لها تأثير في العالم العربي,كما يعجبني فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي وأحرص علي مشاهدته عندما يعرض كل عام في أعياد أكتوبر,وكنت أتمني أن أكون أحد أبطاله,ونتمني أن تدعمنا الدولة ونقدم فيلما يليق بحرب أكتوبر العظيمة.
السينما الامريكية والعالمية
أمريكا بلا تاريخ وبلا شعوب اصليين ورغم ذلك استطاعت من خلال السينما ان تصنع تاريخ وقوة وحلما ولكن انتهي كل ذلك الي وهم, فالسينما الاميركية مرت بحقبة اظهار القوة العسكرية والرجال الاقوياء, ثم افلام جعلت صورة اميركا حلم للناس وبعد ذلك انهارت في الحقيقة صورة اميركا,من يتابع السينما يجد انها مرتبطة بالسياسية فعند ظهور اي قوة تقوم السينما بأخذ نجوم هذ البلاد ويصنعون منها نجوما في هوليود وهذا حدث مع نجوم من شرق اسيا واوربا.
عالمية المصريين
يظل النجم الكبير عمر الشريف صاحب تجربة كبيرة ومميزة في السينما العالمية, وقد عرضت علي المشاركة في أفلام عالمية لكني رفضت,لأنني لا أحب أن أظهر كومبارس في أي فيلم عالمي,لأنني بطل في بلدي,لهذا لا أحترم من تجارب زملائي إلا تجارب عمرو واكد,خالد ابو النجا فهما افضل اثنين قدما تجارب ناجحة.
الفضائيات والتوك شو
الفضائيات لم تساعد علي العنف ولكنها جرأت الناس بشكل كبير, لا اقول انه قبل الفضائيات كانوا جبناء, لكنها جرأت المواطنين,وأذكر اننا زمان عندما كان شخصا يسئ للآخر أويخبط في كتفه دون قصد كنا نسمع كلمة الله يسامحك, معلش انا أسف لكن حاليا أبسط الاشياء تتحول الي معارك ودائما مانسمع كلمة إيه ماتفتح وهو ما أدي الي ضرب النخوة في مقتل,لهذا أتمني من برامج التوك شو ان تري الوجه الايجابي, وهنا لا اقصد الغاء السلبي وانما ما اقصده عدم تصدير الجدل من اجل الجدل وانما اتمني ان يحمل لنا الحوارمن خلال هذه البرامج وجهتي النظر وليس مجرد معارك بين الضيوف, نريد معالجة مشاكلنا من خلال طرح جاد فيه استفادة وليس مجرد استهلاك ليلي للقضايا والمشاكل وهذه مهمة كل انسان فينا اعلاميا وفنيا.
النظرة للفنان
أعتقد أن الإزدواجية الموجودة في المجتمع بالنسبة للفنان الذين يتهافتون علي التصوير معه, وفي نفس الوقت يسبونه علي الإنترنت راجع إلي الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا, فالكل بات مشغولا برسائل المحمول والــ0900 واستخدام الانترنت بشكل خاطئ وتحميل الاغاني, كل تلك التفاصيل انعكست سلبا علي أخلاقيات المجتمع والذي بات يشهد تراجعا للوراء, لذلك فالإساءة أصبحت أسهل شئ واصبحت شيئا عاديامثلا طول الوقت بسمع اني بتجوز وبطلق وعندي كبارية في عابدينالي اخر مثل هذه الشائعات الغريبة والتي تدهشني دائما.
الأدب والسينما
السينما المصرية عاشت فترة إزدهارها عندما كانت تعتمد علي روائع الادب وكبار الادباء, فمثلا الاديب العظيم نجيب محفوظ كتب للسينما, كما كتب أيضا العديد من السيناريوهات لعدد كبير من الأفلام بعضها كان مأخوذ من أعمال زميله الكاتب إحسان عبدالقدوس مثل الطريق المسدود وبالفعل هناك فترة شهدت انفصالا بين السينما والادب لذلك احتفينا بعمل مثل عمارة يعقوبيان للكاتب علاء الأسواني, وأعلم أن كثير من الأدباء الموجودين حاليا غاضب مننا كجيل لإننا لا نقدم أعمالهم, لكني كثيرا ما أذهب الي المكتبات واقوم بشراء الروايات والجديد في مجال الادب للعديد من الموهوبين, ولا أنكر ان هناك جيلا جديد ومختلفا ويملكون تكنيك وحرفية عالية في الكتابة, ولكن كثيرا ماتحمل ابداعاتهم سخرية زائدة من الواقع.
النقد
لست ضد ثقافة المعارضة, أوالنقد وانا من أكثر الفنانين الذين تم انتقادهم, واحيانا وصل الامر الي حد التجريح, وهذا ما كنت ــ ومازلت ــ أرفضه دائما, النقد الحقيقي سواء بالسلب أو الإيجاب لا يضايقني, ما يضايقني هو عدم وجود نبل في النقد اوالطرح.
التكنولوجيا
التكنولوجيا قتلت الرومانسية,فلم يعد هناك شاب يرسل لحبيبته جوابا غراميا مثلا, الحياة أصبحت ديجيتال, والتكنولوجيا قتلت الفطرة والرومانسية أي شاب يحب فتاة بيتصل بها في التليفون ويكلمها, لكن زمان كنا نرسل الجواب وياخذ مراحل الي ان يصل بعد حوالي5 ايام وننتظر الرد بعد5 ايام آخري, فالانتظار كان له لذة ومتعه.
الأب أحمد السقا
لا تسألوني عن أولادي الآن لأنني منذ فترة وبالتحديد من بعد وفاة والدي أشعر باليتم, ومقصر في حق أولادي, ولا أراهم, وأشعر أن عمري توقف عند18 سنة, هذه الفترة التي تشكل وجدان البني آدم, لكني ادعوا الله ان استطيع ان اغرس في أولادي ربع ما غرسه, والدي الراحل صلاح السقا الذي توفي وهو لايملك سوي سيرته الطيبة, واصراره علي التميز وان يكون رقم واحد في مهنته,وأحمد الله انني تربيت أنا وشقيقتي وتعلمنا وتزوجنا بمعاش والدي الذي كان يصل بالبدلات والحوافز الي1750 جنيها, واتذكر ان التليفزيون الملون اشتريناه بالتقسيط, ولا ارغب في تصدير صورة انني شخص ينشد المثالية ولكن للاسف انا أخشي من كل ماهو قادم علي مستوي العلاقات الانسانية خصوصا اننا منذ15 سنة بنعاني من فض الستر في كل امور حياتنا وما اقصده هنا ان هناك مساحة دائما بين الواقع ومايجب ان يقال ويعلن.
علي هامش الحوار
> كل شئ طلبته من ربنا أعطاه لي10 أضعاف, فقد تمنيت أن أكون ممثلا معروفا ولذيذا, وعندي سيارة جيب, وحصان وقد تحقق كل هذا والحمد لله.
> من يحبه ربنا يجعل متعه في الحياة بسيطة,وفي الماضي كان سر سعادة الناس في أحلامهم البسيطة.
> بحب أي صوت فيه
سلطنة بحب صوت شيرين عبدالوهاب,مدحت صالح, علي الحجار, محمد الحلو, وبعض أغاني عمرو دياب, تامر حسني ومحمد فؤاد, أماالطفل العجوزمحمد منير,فهو بالنسبة لي حاجة تانية وتجربة لها خصوصيتها وأعشق كل مايقدمه من ابداع.
> لا اخاف الا الله وعمري توقف عند18 سنة, فأنا كفنان اريد ان اعيش واموت وانا محترم, نفسي جنازتي وعزايا يكونوا مثل ماحدث مع والدي رحمه الله.
> أبدأ تصويرفيلم المصلحة خلال3 اسابيع وسأقوم ببطولته مع احمد عز فهو رجل وفنان محترم, وأتمني أن نقدم معا فيلما مميزا وتجربة تحسب لنا,وبالمناسبة عز اتربي في بيتنا.
> أومن بالمقولة التي تقول المستقبل ينتمي إلي من يؤمنون بجمال أحلامهم
> نصيحة يحيي الفخراني سبب نجوميتي,ففي أحد الأيام عندما زارني الإحباط وفكرت في الذهاب عند أخوالي في الخارج أن قال لي أعمل الذي تحبه وليس مهما أن تعرف الناس إنك صح حاليا,إن شاء الله يعرفوا إنك صح بعد ما تموت, لكن لو صح سوف تدخل التاريخب.
> أنا متفائل بمستقبل السينما المصرية,لكن مشكلة بيع تراث السينمائي هي التي تقلقني,وأتمني ممن اشتري هذا التراث المحافظة عليه.
> أتمني أن أعيش وأموت رجل محترم عندي هيبة, أحب دائما أن أجلس مع ناس أتعلم منهم, لا أحب أجلس مع ناس تنافقني وتقولي يا نجم.
> أنا رجل مصري جدا وأعشق بلدي وأغير عليها, ودمي حر ولا أطيق أن يصيبها أحد أو يتحدث عنها بالسوء,عندما أذهب إلي أي برنامج خارج مصر لا اسمح بتشوية صورة بلدي ابدا, انا اقول ما يحلو لي لان القيادات الموجودة بالدولة هم موظفين لدي الشعب المصري فأنا مواطن ادفع الضرائب من حقي ان اتكلم عن بلدي داخل بلدي لكن لا اوفق ابدا ان افضح ما يحدث داخلها, ولايملك احد غيرنا حق انتقادها.