وأضافت الصحيفة نفسها: "ما يدور بين العاصمتين يوحي بالخيار الأول، فحتى الأيام القليلة المنصرمة كانت المعطيات المحيطة بالجهود السعودية ـ السورية لحلّ الأزمة اللبنانية، أفضت إلى أن الرياض ودمشق أنجزتا مسوّدة خطية لتسوية سياسية لم يطّلع على مضمونها سوى الملك السعودي عبدالله والرئيس السوري بشّار الأسد ومستشار الملك ونجله الأمير عبد العزيز، وأُحيطت المسوّدة بكتمان بالغ في بنودها وتفاصيلها حتى في الأوساط الوثيقة الصلة بعبد الله والأسد ومعاونيهما الذين لم يطّلعوا عليها، ثم بتكليف من الملك عبد الله، وضع نجله عبدالعزيز رئيس الحكومة سعد الحريري في أجواء مسوّدة التسوية، لكن من دون إطلاعه على مضمونها الحرفي، فيما استقبل الرئيس السوري المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل، وأطلعه بدوره على أجواء المسوّدة دون نصّها، وقد حملها الخليل إلى نصرالله، ثم عاد إلى دمشق حاملاً الجواب، ومفاده أنه قد تكون لـ"حزب الله" بعض الملاحظات الشكلية عليها، وكان تعقيب الأسد أن هذه الملاحظات تعالج في الوقت المناسب، وبذلك، عبّر الرئيس السوري عن رضاه عن الحلّ المقترح، ولم يرَ فيه "حزب الله" مصدراً لإقلاقه على مقاومته".
واقترنت هذه المعطيات، بحسب "الأخبار" بـ"المساعي التي أجرتها العاصمتان حتى قبل مرض الملك، إلا أنّ الاتصالات شبه الدائمة بينهما مذ ذاك عزّزت هذه الجهود"، مضيفةً: "سرعان ما وصلت أصداء المسوّدة إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الأحد الماضي (28 تشرين الثاني)، فأجرى الرئيس اتصاله الدوري بنظيره السوري وناقش معه الأوضاع، فأبدى له الأسد ارتياحه إلى الحوار المتقدّم بينه وبين العاهل السعودي". هذا، وكان سليمان ودائماً وفق "الأخبار"، قد "عبّر للرئيس السوري عن قلقه من الانقسام الداخلي وشلّ السلطة الإجرائية، وتزايد الضغوط المتبادلة بين قوى 8 و14 آذار فضلاً عن جدل وحملات إعلامية عالية النبرة، فأبرَز له الرئيس السوري انطباعات عبّرت بدورها عن ارتياحه النفسي والواقعي إلى مسار الاتصالات الدائرة مع الملك، الآيلة حتماً ـ بحسب الأسد ـ إلى تسوية سياسية، كما حضّه أيضاً على أن يكون مطمئناً إلى النتائج المتوخاة من الاتصالات ولو تطلّبت بعض الوقت، وأنّ التأخير في حال كهذه لا يعود مهمّاً ما دام سيفضي إلى حلّ للأزمة، وقد أخطره الأسد بأن الوضع في لبنان لا يبعث على قلقه، وهو تحت سيطرة الحوار السعودي ـ السوري".
إلى هذا، قالت "الأخبار": "كان الوزير غازي العريضي، موفد رئيس الحزب "التقدّمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط إلى دمشق، قد أبلغ معاون نائب الرئيس السوري اللواء محمد ناصيف أنه رأى في الليلة السابقة الحريري، عشية سفر الأخير إلى طهران، واستمع منه إلى موقف متقدّم من المحكمة الدولية والقرار الظني، مفاده أنه مستعدّ للذهاب في أي تسوية تتفق عليها الرياض ودمشق في شأنها، وأنه يحتاج إلى غطاء سعودي كامل في هذا الخيار. كما كان الأسد قد سمع العبارات نفسها من سليمان عندما أسرّ إليه موقف الحريري في القمّة التي جمعتهما في 16 تشرين الثاني في دمشق، وقد سمع ناصيف قبل ذلك من جنبلاط الموقف نفسه في 9 تشرين الثاني، وبذلك بات الخيار الذي ينتظر رئيس الحكومة، وهو الخروج من القرار الظني بادئ بدء ومن ثم من المحكمة الدولية، حتمياً".