كانت بين صفوف التوانسة وهم يعيشون واحدة من أعقد لحظاتهم التاريخية بعدما أطلقوا عليها «انتفاضة الياسمين»، نزلنا إلي الشارع الثائر والشعب المنتفض لنتلمس حال الثائرين وإلي أين هم سائرون؟
إنهم العامل والمثقف والعاطل والنقابي لا شريحة عمرية تجمعهم ولا فئة ثقافية مشتركين فيها، لكن وحّدهم مطلب واحد هو الحرية والكرامة ومن بعدهما الخبز..
وفي استطلاع رأي خاص أجرته «روزاليوسف» بين التوانسة وهم يهتفون «تونس حرة والتجمع برة» قال بوراوي الشريف -84 عاما: لا أنتمي إلي أية نقابة ولا حزب وبلادنا تتخبط منذ أكثر من 20 عاما تفشت فيها الرشوة والمحسوبية وإذا كنا صبرنا علي ذلك فلا صبر عندما يفتك بحقنا المكتسب .. فقد أخذت زبانية الأسرة الحاكمة في انتهاك حقوق المواطن ناهيك عن أملاك الدولة التي أصبحت مشاعا لهم.. لم نستطع أن نقول «لا» أمام بطشهم بل لزاما علينا أن نواسيهم في أحزانهم ونفرح لفرحهم ولا أحد منهم يعبأ بمن نام جائعا أو أم باكية علي فلذة كبدها في غياهب السجون.
يقول أحمد المرزوقي - طالب بكلية العلوم وعضو باتحاد طلبة تونس: حكومة اليوم ذر رماد علي العيون ولا أحد منها يمكن أن يمثل ثورتنا، نحن من قمنا بالثورة بينما هم استكانوا والفساد يمر من تحت أيديهم . نرفض جميع أذيال النظام البائد.
ويقول زهير الدين القاسمي -عامل يومي: لا أفهم في السياسة ولكن أفهم فيما يحتاجه بيتي .. كيف لي أن أعيش وأنا لا أستطيع أن أبلغ حد الكفاف، فالأسعار التهبت.. لماذا؟ لأن الأسرة الحاكمة تنهب خيرات البلاد، وهذا ما يرفع الأسعار فهم يكونون ثروات من دمنا نحن من أمناهم علي مصيرنا وعلي حياتنا.
ويقول محمد علي عمدوني - كاتب عام جهوي للنقابة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل: اليوم غير الأمس، اليوم نطالب برحيل جسد الفتنة والاستبداد بعد أن قطعنا رأسه. وجسد الفساد هو حزب التجمع الدستوري الديمقراطي.
ليلي الدريدي - حاصلة علي ليسانس في الحقوق: أضم صوتي في المطالبة بإعلان رسمي عن تفكيك الحزب وإبعاده عن أي سلطة في البلاد. لابد أن ترتقي الحكومة الجديدة إلي مستوي مطالب الشعب الذي فتح صدره إلي رصاص أبنائه من قوات الأمن وأخذ يطلق الرصاص والاثنان يموتان القاتل والمقتول. فلينظر بن علي ما تركت يداه.
رضا بن عاشور - نقابي بالاتحاد العام التونسي للشغل: نطالب بحكومة لا يوجد بها أي تمثيل لأي حزب لا المعارضة ولا الحزب الحاكم سابقا فمعارضتنا كرتونية تلك المعارضة التي كانت مداسا لأرجل النظام البائد وتتمسح علي أعتابه وأخري تنتظر المناسبات السياسية كي ترتزق بافتعال المشاركة والمنافسة للديكتاتور الراحل حتي تحلل له النجاح في الانتخابات.
وسيلة عياشي - أستاذة تعليم ثانوي: منذ بدء الانتفاضة والبلاد تعاني من فراغ سياسي بعد أن جعلها الطاغية بن علي فارغة من الدستور فرئيس الوزراء لا يستطيع أن يطبق الدستور ويقوم بتولي الحكم بالإنابة كيف هذا؟ وبعد ذلك كيف له أن يجري محادثة هاتفية مع الطاغية في منفاه ويناقش معه أمر البلاد.
وهكذا تعيش تونس اليوم، فالأطفال أمام شاشات التليفزيون يشاهدون المظاهرات بعد أن أدمع أعينهم دخان القنابل المسيلة للدموع.. وحفرت في ذاكراتهم أسماء وزراء ما كانت لتحفر في أذهان البسطاء وعرف المثقف والعالم ما معني رئيس انتقالي.
---
الحزب «الاجتماعي التحرري» من تلك الأحزاب التي وقع استثنائها من حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية لأنه يصنف ضمن أحزاب الموالاة للنظام المنهار اتفق أمينه العام منذر ثابت علي أن هناك مؤامرة للالتفاف علي ما أسماه الثورة الشعبية، والمقايضة علي دم الشهداء من أجل الكراسي، وقد حذر شباب تونس من الالتفاف علي آمالهم إلا أنه يقول أن الطريق الوحيد للحفاظ عليها أن يتحول الشباب الثائر إلي حرس ثوري ولملمة الصفوف من أجل الحفاظ علي مطالبه والسهر علي تحقيقها.
وكشف لـ«روزاليوسف» خلال لقاء خاص معه أن الوزير الأول «الغنوشي» استقبله وأحمد الأينوبلي الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي ومحمد بوشيحة أمين عام حزب الوحدة الشعبية وإسماعيل بولحية أمين عام حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ومنجي الخماسي أمين عام حزب الخضر للتقدم، ولم يطل اللقاء حتي أن البروتوكول شابه بعض الأخطاء.
وتطرق الوزير الأول إلي مشروع حكومة وحدة وطنية، وإذا كنا قد اتفقنا علي ضرورة الحكومة إلا أنني شخصيًا طرحت أسماء لابد من استشارتها منها حمادي الجبالي، حمة الهمامي، عبدالرازق الكيلاني، محمد الكيلاني، وعبدالقادر الزيتوني.. فلا يعقل أن نستثني هؤلاء الذين ناضلوا فلابد من توسيع الاستشارة، وفي النهاية لم تتم مراجعتنا بل باغتونا مما يدل علي احتمال وجود مشاورات أخري في الكواليس، واستقرت الحكومة علي الأحزاب الثلاثة التي علي ما يبدو أنها تدير عملية التفاوض، ومن خلال المعطيات التي وصلت إلينا أن هذه الأحزاب لديها «فيتو» وأصبحت محاكم ثورية جديدة وبجرة قلم تم استثناء خمسة أحزاب إضافة إلي تيارات أخري.
وقال إن الإقصاء مرفوض فهذا يهدد الثورة، ولا نحب أن تقوم أقلية بتنصيب نفسها والأخذ بشرعية ما أنجزه شباب تونس، وأضاف: إذا كانوا يتكلمون عن الموالاة.. فلابد منها، ففي منتصف التسعينيات قدموا تنازلات لـ«بن علي» بينما كان فاقدًا آنذاك للشرعية السياسية، وهم يقولون لابد من دعم هذه الأحزاب الـتي عانت - نحن لا نزيف التاريخ - نعم تعرضوا للضغط والتمييز لكن أيضًا كان لهم غطاء ودعم من الطبقة السياسية الفرنسية وغيرها.. وهناك من كانت لديه استمرارية في قناة الجزيرة بينما كانت مغلقة أمامنا، وكنا نتعرض للضغط والتعسف اللامرئي لأن استبداد النظام الماضي لم يكن في القمع والتعسف المباشر فقط، بل كان أيضًا في القمع الخفي مثل الإداري والاقتصادي والأمني غير المباشر وكانت أحزابنا مخترقة ولم نكن نستطيع غير أن نقدم تنازلات من أجل بناء نواة حزب صلب.
وقال: إن الذي قام بالثورة شباب تونس وشباب الفيس بوك والمدونات وغير ذلك فأنتم حرس الثورة، لأن النخب ليست أهلاً للثقة، فالنخب تتقاسم الكعكة، وفي أول مناسبة يبدو أن دماء الشهداء لا تساوي لديهم شيئًا.
وأنصح من جاء متأخرًا ويريد أن يركب الأحداث أن يختار مجالاً آخر للنشاط لعله الرياضة، وهناك أطراف طلبت مني التدخل لدي بعض المسئولين قبل فرار الرئيس السابق بـ24 ساعة وجدتها اليوم راديكالية ثورية منقلبة تطالب بمحكمة ثورية.
وأضاف: إننا كنا ننادي بإعادة البناء ودفع الاقتصاد وننادي أيضًا بتكوين جمعية تأسيسية وصياغة دستور جديد، فالإشكال ليس بن علي أو حمة الهمامي أو راشد الغنوشي أو منصف المرزوقي فأي شخص سيوضع وفق الدستور الراهن سيصبح ديكتاتورًا لأن كل صلاحيات الدولة تجتمع بين يديه.
وأؤكد أنه لابد من تمثيل الثورة بشاب مثقف يكون هو المكلف بالإعداد التقني لقيام اتحاد شباب ديمقراطي. و«تولستوي» كان يقول: «إن الثورة هي عفوية الجماهير ومؤامرة النخبة»، والنخبة تتآمر علي الشباب وتقايض علي دمه بمجالس ومقاعد وزارية وهذا نرفضه لذا نطالب الشباب باليقظة، وأن يكون حرسًا ثوريًا .
وقال: إن المعارضة الآن في مواجهة الشباب الغاضب، فأحمد الشابي مثلاً عندما قبل بحقيبة التنمية الجهوية أصبح أمام شبح البوعزيزي الشهيد الرمز الذي سيطارده.
---
من ناحيته لم ينكر الأمين العام لحزب «الخضر للتقدم» منجي الخماسي قربه من الحكم المنهار ورئيسه المخلوع، بل إنه أقر أنه كان لابد من التقارب من أجل بناء الحزب حيث يستحيل البناء بعيداً عن النظام الذي كان قائماً.
وقال: دعونا إلي إرجاع الأمن والطمأنينة إلي قلوب التونسيين مما يساعد علي إعادة تحريك عجلة الاقتصاد والتنمية في بلادنا وهذا كان علي قمة النقاط التي تضمنتها المشاورات مع الوزير الأول، ومحاسبة كل من تورط في قضايا رشوة وفساد وكسب غير مشروع ونهب المال العام مع المطالبة الفورية بنشر قائمة اسمية لرموز الفساد.
وطالب باحترام المادة 57 من الدستور التونسي الذي يكلف رئيس البرلمان برئاسة الجمهورية في مدة أدناها 45 يوماً وأقصاها 60 يوما حيث يتم خلالها تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة يسهر علي حسن سيرها مراقبون وملاحظون أجانب وتكون علي إثرها حكومة وفاقية تسيرها كفاءات تونسية وتشارك فيها جميع الأحزاب القانونية ومن ثم المرور إلي إجراء انتخابات برلمانية ديمقراطية تشارك فيها كل الأحزاب السياسية.
نري أن الحل الأمثل للأزمة السياسية هو اللجوء بعد الانتخابات التشريعية إلي تنقيح دستوري يُلغي بمقتضاه النظام الرئاسي ويتغير نظام الحكم في تونس إلي نظام برلماني يقوم أساساً علي الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية ويشكل فيه الوزراء في الفرع التنفيذي من البرلمان ويكون رئيس الحكومة هو الرئيس التنفيذي.
وهؤلاء الذين شاركوا في الحكومة الانتقالية أقرب إلي السلطة منا،وأستطيع أن أذكر لكم بالأسماء، وهناك من أوفد من طرف الرئيس السابق رسميا إلي اليمن وهناك من كان عضوا في الحزب الدستوري وهناك من شغل العديد من المناصب في الدولة كلهم يلعبون علي إرادة الشعب.
وقال: نحن لا نتلون كالحرباء فهذا إجراء تكتيكي ليس الإشكال في استقالة هذا أو ذاك فالتغيير الحقيقي في صلب المجتمع.. هم يحاولون الإيهام بتفاعلهم مع الإرادة الشعبية التي طالبت بالقطع مع الحزب الحاكم سابقاً التجمع الدستوري الديمقراطي، فهناك تقاسم أدوار بطريقة ذكية يقوم بها هؤلاء لتقاسم الكعكة نحن اخترنا أن نمشي بنبض الشارع لكن للأسف الإعلام كان مجحفاً في حقنا لم يسمعنا لأنه كان موضوعا من طرف الحزب الحاكم ونعتبر أن هذا تلاعب بمطالب الشعب.
وقلنا له: كأنك تتحدث عن مؤامرة للالتفاف علي الانتفاضة. فأجاب: نعم هناك مؤامرة من العديد من الأطراف للاستحواذ عليها، وهنا أحيي الجيش التونسي والأمن الوطني وأعتبره مستقلا تماما وبعيداً عن كل هذه المؤامرات.
---
وعن تصاعد المطالب بحل التجمع الدستوري الديمقراطي أو الحزب الحاكم سابقاً، قال: له من العمر 70 سنة ويمثل شرايين جميع أجهزة الدولة مدة 55 سنة تقريباً فبعد ما احتضنه الحبيب بورقيبة لمدة 30 سنة كانت هناك نية لتواصل الحزب الدستوري - وهذا اسمه آنذاك - من طرف بورقيبة ولتواصل الاستراتيجية المعتنقة من طرف مناضلي هذا الحزب ثم تولي بن علي المنخلع - الذي نأسف لمغادرته سدة الحكم بمثل هذه الطريقة اللامسئولة - بعدها بقي بن علي 23 سنة وأعتقد أنه لم تكن هناك آنذاك نية للتغيير الفعلي مثل إيجاد أحزاب ديمقراطية.. وما إلي ذلك، واستمر في نفس نهج بورقيبة.
---
يمكنني القول إن بورقيبة احتضن الحزب والحزب احتضن بن علي وطالت المدة وعندما بدأ بن علي يفكر في الإصلاح بعد ضغوط عليه من أطراف عديدة في قضايا حريات وغير ذلك.. حاول الإصلاح لكن أعلن عليه العصيان من داخل القصر من مستشاريه فقرر الهرب إلي الأمام حتي وقعت الكارثة.
وليس من السهل أن يتفكك حزب التجمع الدستوري وهو تكتيكيا موجود وبصدد رص صفوفه، فالتجمع كان قد أعلن عن 2 مليون منخرط علي 8 ملايين مواطن إبان هذا الإعلان ولذا سيكون متواجداً بنسبة ما، سيغير اسمه واستراتيجيته وتكتيكه ولكن لن يندثر.
ومظاهرات الشعب ليست هي بعض المظاهرات التي تندلع في كل مكان وحتي لا أكون ظالماً هناك نسبة كبيرة من الصادقين في هذه الثورة ولكن هناك أيضاً من يحاولون منهم الالتفاف حول هذه الثورة لتأجيج المشاعر وغير ذلك.
ومن يحب تونس لا ينادي باجتثاث التجمع الدستوري من جذوره ومن يريد مصلحة تونس فليعرف أن تونس مفتوحة لجميع الحساسيات لكن بنسب محترمة ومعقولة فالحزب الحاكم سابقا قد يمثل 20 أو 25 بالمائة والنسبة المتبقية ستوزع علي جميع الأحزاب كل حسب تعاطف المواطن معه.
ونتمني أن تكون الانتخابات الحرة بحضور مراقبين علي ألا تبقي الحكومة ستة أشهر كما يقولون حتي لا يضعوا سيناريو يلتفون به علي مطالب الشعب.
ويبدو أن الانتفاضة الشعبية كشفت المعارضة ولهثها وراء الكرسي وهذا واضح وهمها هو الحكم وقد تابعتم في الفضائيات أن هؤلاء بين عشية وضحاها انقلبوا علي مطالبهم.
وأكيد ستسقط عاجلاً أم آجلاً هذه التحالفات المعارضة إذا لم تشارك جميع الأحزاب السياسية. وأخيرا لا أملك إلا أن أدعو الله عز وجل أن تمر الأحداث الحالية علي خير، وتعود الأمور إلي نصابها، وتعود تونس تكتسي الأخضر، ويعود الهدوء إلي البلاد، وتعود الطمأنينة إلي الشعب التونسي.
إنهم العامل والمثقف والعاطل والنقابي لا شريحة عمرية تجمعهم ولا فئة ثقافية مشتركين فيها، لكن وحّدهم مطلب واحد هو الحرية والكرامة ومن بعدهما الخبز..
وفي استطلاع رأي خاص أجرته «روزاليوسف» بين التوانسة وهم يهتفون «تونس حرة والتجمع برة» قال بوراوي الشريف -84 عاما: لا أنتمي إلي أية نقابة ولا حزب وبلادنا تتخبط منذ أكثر من 20 عاما تفشت فيها الرشوة والمحسوبية وإذا كنا صبرنا علي ذلك فلا صبر عندما يفتك بحقنا المكتسب .. فقد أخذت زبانية الأسرة الحاكمة في انتهاك حقوق المواطن ناهيك عن أملاك الدولة التي أصبحت مشاعا لهم.. لم نستطع أن نقول «لا» أمام بطشهم بل لزاما علينا أن نواسيهم في أحزانهم ونفرح لفرحهم ولا أحد منهم يعبأ بمن نام جائعا أو أم باكية علي فلذة كبدها في غياهب السجون.
يقول أحمد المرزوقي - طالب بكلية العلوم وعضو باتحاد طلبة تونس: حكومة اليوم ذر رماد علي العيون ولا أحد منها يمكن أن يمثل ثورتنا، نحن من قمنا بالثورة بينما هم استكانوا والفساد يمر من تحت أيديهم . نرفض جميع أذيال النظام البائد.
ويقول زهير الدين القاسمي -عامل يومي: لا أفهم في السياسة ولكن أفهم فيما يحتاجه بيتي .. كيف لي أن أعيش وأنا لا أستطيع أن أبلغ حد الكفاف، فالأسعار التهبت.. لماذا؟ لأن الأسرة الحاكمة تنهب خيرات البلاد، وهذا ما يرفع الأسعار فهم يكونون ثروات من دمنا نحن من أمناهم علي مصيرنا وعلي حياتنا.
ويقول محمد علي عمدوني - كاتب عام جهوي للنقابة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل: اليوم غير الأمس، اليوم نطالب برحيل جسد الفتنة والاستبداد بعد أن قطعنا رأسه. وجسد الفساد هو حزب التجمع الدستوري الديمقراطي.
ليلي الدريدي - حاصلة علي ليسانس في الحقوق: أضم صوتي في المطالبة بإعلان رسمي عن تفكيك الحزب وإبعاده عن أي سلطة في البلاد. لابد أن ترتقي الحكومة الجديدة إلي مستوي مطالب الشعب الذي فتح صدره إلي رصاص أبنائه من قوات الأمن وأخذ يطلق الرصاص والاثنان يموتان القاتل والمقتول. فلينظر بن علي ما تركت يداه.
رضا بن عاشور - نقابي بالاتحاد العام التونسي للشغل: نطالب بحكومة لا يوجد بها أي تمثيل لأي حزب لا المعارضة ولا الحزب الحاكم سابقا فمعارضتنا كرتونية تلك المعارضة التي كانت مداسا لأرجل النظام البائد وتتمسح علي أعتابه وأخري تنتظر المناسبات السياسية كي ترتزق بافتعال المشاركة والمنافسة للديكتاتور الراحل حتي تحلل له النجاح في الانتخابات.
وسيلة عياشي - أستاذة تعليم ثانوي: منذ بدء الانتفاضة والبلاد تعاني من فراغ سياسي بعد أن جعلها الطاغية بن علي فارغة من الدستور فرئيس الوزراء لا يستطيع أن يطبق الدستور ويقوم بتولي الحكم بالإنابة كيف هذا؟ وبعد ذلك كيف له أن يجري محادثة هاتفية مع الطاغية في منفاه ويناقش معه أمر البلاد.
وهكذا تعيش تونس اليوم، فالأطفال أمام شاشات التليفزيون يشاهدون المظاهرات بعد أن أدمع أعينهم دخان القنابل المسيلة للدموع.. وحفرت في ذاكراتهم أسماء وزراء ما كانت لتحفر في أذهان البسطاء وعرف المثقف والعالم ما معني رئيس انتقالي.
---
الحزب «الاجتماعي التحرري» من تلك الأحزاب التي وقع استثنائها من حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية لأنه يصنف ضمن أحزاب الموالاة للنظام المنهار اتفق أمينه العام منذر ثابت علي أن هناك مؤامرة للالتفاف علي ما أسماه الثورة الشعبية، والمقايضة علي دم الشهداء من أجل الكراسي، وقد حذر شباب تونس من الالتفاف علي آمالهم إلا أنه يقول أن الطريق الوحيد للحفاظ عليها أن يتحول الشباب الثائر إلي حرس ثوري ولملمة الصفوف من أجل الحفاظ علي مطالبه والسهر علي تحقيقها.
وكشف لـ«روزاليوسف» خلال لقاء خاص معه أن الوزير الأول «الغنوشي» استقبله وأحمد الأينوبلي الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي ومحمد بوشيحة أمين عام حزب الوحدة الشعبية وإسماعيل بولحية أمين عام حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ومنجي الخماسي أمين عام حزب الخضر للتقدم، ولم يطل اللقاء حتي أن البروتوكول شابه بعض الأخطاء.
وتطرق الوزير الأول إلي مشروع حكومة وحدة وطنية، وإذا كنا قد اتفقنا علي ضرورة الحكومة إلا أنني شخصيًا طرحت أسماء لابد من استشارتها منها حمادي الجبالي، حمة الهمامي، عبدالرازق الكيلاني، محمد الكيلاني، وعبدالقادر الزيتوني.. فلا يعقل أن نستثني هؤلاء الذين ناضلوا فلابد من توسيع الاستشارة، وفي النهاية لم تتم مراجعتنا بل باغتونا مما يدل علي احتمال وجود مشاورات أخري في الكواليس، واستقرت الحكومة علي الأحزاب الثلاثة التي علي ما يبدو أنها تدير عملية التفاوض، ومن خلال المعطيات التي وصلت إلينا أن هذه الأحزاب لديها «فيتو» وأصبحت محاكم ثورية جديدة وبجرة قلم تم استثناء خمسة أحزاب إضافة إلي تيارات أخري.
وقال إن الإقصاء مرفوض فهذا يهدد الثورة، ولا نحب أن تقوم أقلية بتنصيب نفسها والأخذ بشرعية ما أنجزه شباب تونس، وأضاف: إذا كانوا يتكلمون عن الموالاة.. فلابد منها، ففي منتصف التسعينيات قدموا تنازلات لـ«بن علي» بينما كان فاقدًا آنذاك للشرعية السياسية، وهم يقولون لابد من دعم هذه الأحزاب الـتي عانت - نحن لا نزيف التاريخ - نعم تعرضوا للضغط والتمييز لكن أيضًا كان لهم غطاء ودعم من الطبقة السياسية الفرنسية وغيرها.. وهناك من كانت لديه استمرارية في قناة الجزيرة بينما كانت مغلقة أمامنا، وكنا نتعرض للضغط والتعسف اللامرئي لأن استبداد النظام الماضي لم يكن في القمع والتعسف المباشر فقط، بل كان أيضًا في القمع الخفي مثل الإداري والاقتصادي والأمني غير المباشر وكانت أحزابنا مخترقة ولم نكن نستطيع غير أن نقدم تنازلات من أجل بناء نواة حزب صلب.
وقال: إن الذي قام بالثورة شباب تونس وشباب الفيس بوك والمدونات وغير ذلك فأنتم حرس الثورة، لأن النخب ليست أهلاً للثقة، فالنخب تتقاسم الكعكة، وفي أول مناسبة يبدو أن دماء الشهداء لا تساوي لديهم شيئًا.
وأنصح من جاء متأخرًا ويريد أن يركب الأحداث أن يختار مجالاً آخر للنشاط لعله الرياضة، وهناك أطراف طلبت مني التدخل لدي بعض المسئولين قبل فرار الرئيس السابق بـ24 ساعة وجدتها اليوم راديكالية ثورية منقلبة تطالب بمحكمة ثورية.
وأضاف: إننا كنا ننادي بإعادة البناء ودفع الاقتصاد وننادي أيضًا بتكوين جمعية تأسيسية وصياغة دستور جديد، فالإشكال ليس بن علي أو حمة الهمامي أو راشد الغنوشي أو منصف المرزوقي فأي شخص سيوضع وفق الدستور الراهن سيصبح ديكتاتورًا لأن كل صلاحيات الدولة تجتمع بين يديه.
وأؤكد أنه لابد من تمثيل الثورة بشاب مثقف يكون هو المكلف بالإعداد التقني لقيام اتحاد شباب ديمقراطي. و«تولستوي» كان يقول: «إن الثورة هي عفوية الجماهير ومؤامرة النخبة»، والنخبة تتآمر علي الشباب وتقايض علي دمه بمجالس ومقاعد وزارية وهذا نرفضه لذا نطالب الشباب باليقظة، وأن يكون حرسًا ثوريًا .
وقال: إن المعارضة الآن في مواجهة الشباب الغاضب، فأحمد الشابي مثلاً عندما قبل بحقيبة التنمية الجهوية أصبح أمام شبح البوعزيزي الشهيد الرمز الذي سيطارده.
---
من ناحيته لم ينكر الأمين العام لحزب «الخضر للتقدم» منجي الخماسي قربه من الحكم المنهار ورئيسه المخلوع، بل إنه أقر أنه كان لابد من التقارب من أجل بناء الحزب حيث يستحيل البناء بعيداً عن النظام الذي كان قائماً.
وقال: دعونا إلي إرجاع الأمن والطمأنينة إلي قلوب التونسيين مما يساعد علي إعادة تحريك عجلة الاقتصاد والتنمية في بلادنا وهذا كان علي قمة النقاط التي تضمنتها المشاورات مع الوزير الأول، ومحاسبة كل من تورط في قضايا رشوة وفساد وكسب غير مشروع ونهب المال العام مع المطالبة الفورية بنشر قائمة اسمية لرموز الفساد.
وطالب باحترام المادة 57 من الدستور التونسي الذي يكلف رئيس البرلمان برئاسة الجمهورية في مدة أدناها 45 يوماً وأقصاها 60 يوما حيث يتم خلالها تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة يسهر علي حسن سيرها مراقبون وملاحظون أجانب وتكون علي إثرها حكومة وفاقية تسيرها كفاءات تونسية وتشارك فيها جميع الأحزاب القانونية ومن ثم المرور إلي إجراء انتخابات برلمانية ديمقراطية تشارك فيها كل الأحزاب السياسية.
نري أن الحل الأمثل للأزمة السياسية هو اللجوء بعد الانتخابات التشريعية إلي تنقيح دستوري يُلغي بمقتضاه النظام الرئاسي ويتغير نظام الحكم في تونس إلي نظام برلماني يقوم أساساً علي الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية ويشكل فيه الوزراء في الفرع التنفيذي من البرلمان ويكون رئيس الحكومة هو الرئيس التنفيذي.
وهؤلاء الذين شاركوا في الحكومة الانتقالية أقرب إلي السلطة منا،وأستطيع أن أذكر لكم بالأسماء، وهناك من أوفد من طرف الرئيس السابق رسميا إلي اليمن وهناك من كان عضوا في الحزب الدستوري وهناك من شغل العديد من المناصب في الدولة كلهم يلعبون علي إرادة الشعب.
وقال: نحن لا نتلون كالحرباء فهذا إجراء تكتيكي ليس الإشكال في استقالة هذا أو ذاك فالتغيير الحقيقي في صلب المجتمع.. هم يحاولون الإيهام بتفاعلهم مع الإرادة الشعبية التي طالبت بالقطع مع الحزب الحاكم سابقاً التجمع الدستوري الديمقراطي، فهناك تقاسم أدوار بطريقة ذكية يقوم بها هؤلاء لتقاسم الكعكة نحن اخترنا أن نمشي بنبض الشارع لكن للأسف الإعلام كان مجحفاً في حقنا لم يسمعنا لأنه كان موضوعا من طرف الحزب الحاكم ونعتبر أن هذا تلاعب بمطالب الشعب.
وقلنا له: كأنك تتحدث عن مؤامرة للالتفاف علي الانتفاضة. فأجاب: نعم هناك مؤامرة من العديد من الأطراف للاستحواذ عليها، وهنا أحيي الجيش التونسي والأمن الوطني وأعتبره مستقلا تماما وبعيداً عن كل هذه المؤامرات.
---
وعن تصاعد المطالب بحل التجمع الدستوري الديمقراطي أو الحزب الحاكم سابقاً، قال: له من العمر 70 سنة ويمثل شرايين جميع أجهزة الدولة مدة 55 سنة تقريباً فبعد ما احتضنه الحبيب بورقيبة لمدة 30 سنة كانت هناك نية لتواصل الحزب الدستوري - وهذا اسمه آنذاك - من طرف بورقيبة ولتواصل الاستراتيجية المعتنقة من طرف مناضلي هذا الحزب ثم تولي بن علي المنخلع - الذي نأسف لمغادرته سدة الحكم بمثل هذه الطريقة اللامسئولة - بعدها بقي بن علي 23 سنة وأعتقد أنه لم تكن هناك آنذاك نية للتغيير الفعلي مثل إيجاد أحزاب ديمقراطية.. وما إلي ذلك، واستمر في نفس نهج بورقيبة.
---
يمكنني القول إن بورقيبة احتضن الحزب والحزب احتضن بن علي وطالت المدة وعندما بدأ بن علي يفكر في الإصلاح بعد ضغوط عليه من أطراف عديدة في قضايا حريات وغير ذلك.. حاول الإصلاح لكن أعلن عليه العصيان من داخل القصر من مستشاريه فقرر الهرب إلي الأمام حتي وقعت الكارثة.
وليس من السهل أن يتفكك حزب التجمع الدستوري وهو تكتيكيا موجود وبصدد رص صفوفه، فالتجمع كان قد أعلن عن 2 مليون منخرط علي 8 ملايين مواطن إبان هذا الإعلان ولذا سيكون متواجداً بنسبة ما، سيغير اسمه واستراتيجيته وتكتيكه ولكن لن يندثر.
ومظاهرات الشعب ليست هي بعض المظاهرات التي تندلع في كل مكان وحتي لا أكون ظالماً هناك نسبة كبيرة من الصادقين في هذه الثورة ولكن هناك أيضاً من يحاولون منهم الالتفاف حول هذه الثورة لتأجيج المشاعر وغير ذلك.
ومن يحب تونس لا ينادي باجتثاث التجمع الدستوري من جذوره ومن يريد مصلحة تونس فليعرف أن تونس مفتوحة لجميع الحساسيات لكن بنسب محترمة ومعقولة فالحزب الحاكم سابقا قد يمثل 20 أو 25 بالمائة والنسبة المتبقية ستوزع علي جميع الأحزاب كل حسب تعاطف المواطن معه.
ونتمني أن تكون الانتخابات الحرة بحضور مراقبين علي ألا تبقي الحكومة ستة أشهر كما يقولون حتي لا يضعوا سيناريو يلتفون به علي مطالب الشعب.
ويبدو أن الانتفاضة الشعبية كشفت المعارضة ولهثها وراء الكرسي وهذا واضح وهمها هو الحكم وقد تابعتم في الفضائيات أن هؤلاء بين عشية وضحاها انقلبوا علي مطالبهم.
وأكيد ستسقط عاجلاً أم آجلاً هذه التحالفات المعارضة إذا لم تشارك جميع الأحزاب السياسية. وأخيرا لا أملك إلا أن أدعو الله عز وجل أن تمر الأحداث الحالية علي خير، وتعود الأمور إلي نصابها، وتعود تونس تكتسي الأخضر، ويعود الهدوء إلي البلاد، وتعود الطمأنينة إلي الشعب التونسي.