عشرون فستاناً، تلبسهن مجموعة من الفتيات اللواتي يعتلين المسرح بكل سحر وجاذبية، يجمعن الماضي بالحاضر، في لمسة ممزوجة بجمال وحيوية العصر ووقار وروعة التراث، كأنهن مبعوثات من عالم آخر يحيي القديم بالجديد ليصنع منه هجيناً حديثاً يجمع جمالية الإثنين معاً.
كان ذلك في عرض أزياء للمصممة الفلسطينية خولة الطويل من بيت لحم اجتمعت فيه الملابس العصرية من أطقم و"بنطالونات" وفساتين بكافة الأنواع والأقمشة والأشكال تخللها تصميمات من التراث الفلسطيني القديم تنتشر هنا وهناك لتزين هذه الأزياء الحديثة وتضفي عليها نكهة الماضي وجماليته.
فكانت النقشات المختلفة من كافة المدن الفلسطينية حاضرة بألوانها وأشكالها المتعددة حضوراً بارزاً يأبى الاندثار والتناسي كأنه يقول للحضور: ها أنا أعود إليكم بروح جديدة وزمن جديد بكل بساطته وحيوته وأقمشته وألوانه الزاهية الجذابة والداعية للتفاؤل والمرح.
فهذا هو العرض الأول -بحسب خولة الطويل- الذي تستخدم المصممة فيه هذه الألوان التي تعددت بين "الفوشي" و"الليلكي" و"الزيتي" و"السكني" و"الأزرق الفاتح" بعكس العروض الفائتة التي تميزت بالألوان القاتمة، في محاولة منها للخروج عن النمط التقليدي لتكون أكثر جرأة في استخدام الألوان والأشكال.
وتجمع خولة الزخارف الفلسطينية والنقشات معاً فليس هناك ثوب يختص في نقشة معينة أو مدينة محددة لأن الفكرة في الأساس -كما تقول خولة- هي التوحيد والجمع وليس التفريق لهذا فإن تصميماتها توحي بالشمولية أكثر من التمييز بين الألوان المتعددة.
وكخطوة هي الأولى من نوعها والأكثر دمجاً لأقصى أنواع الحديث بأقصة أنواع القديم تستخدم خولة في عرضها الأخير الملابس الأكثر عصرية المتمثلة ب"الجينز" واضعة فيها نقشات تراثية من التطريز الفلاحي مؤكدة ما تحاول ايصاله من رسالة مفادها أن هذه الملابس العصرية لا يجب لها أن تنسينا تراثنا الجميل والعريق.
وبما أن تراثنا الفلسطيني غني -كما تقول خولة- فقد أرادت الحفاظ عليه من الاندثار وإحياءه من جديد: "فمع انسياب حياتنا اليومية أخذنا ننسى شيئاً فشئياً تراثنا وغابت الأثواب الفلسطينية عن عادات ملبسنا فبات الجينز والتيشرت هي الملابس الطاغية، لذلك ارتأيت إحياء هذه الأثواب بطريقة تمزج بين النمطين حتى يستطيع الجميع ارتداءها دون أي معيقات".
وبالرغم من أن جميع الملابس والتصميمات المعروضة بدت كأنها خيالية في جمالها إلا أن فستان الزفاف المطرز كان ألمعها وأكثرها تألقاً حتى أبهر الجمهور ببياضه الناصع ونقشاته التراثية، وبهذا فإننا نستطيع وصف ذلك العرض الذي أتى على هامش العشاء الختامي لمؤتمر شبكة فلسطين، بكل ما فيه من تراث أو عصرية بأنه مزيج الماضي والحاضر عن جدارة.