يبدو أن الكواليس والتفاصيل الدقيقة لثورة الغضب كانت أكثر صخباً وإثارة من أحداث الثورة نفسها، الأمر الذي دعا العديد من المؤلفين والمخرجين للتعبير عن رغبتهم القوية في تقديم أعمال فنية تتناول هذا الشأن. العديد من صناع السينما في مصر، والذين شاركوا في الثورة، وشاهدوا فعالياتها وكواليسها رأى العين، قد أعلنوا أنهم قد انتهوا بالفعل من إعداد سيناريوهات ومشروعات فنية تتمحور حول أحداث 25 يناير.
أربعة أفلام دفعة واحدة
فالمخرج سامح عبد العزيز والسيناريست أحمد عبد الله يقيمان حالياً ما يشبه المعسكر المغلق، بهدف الانتهاء من كتابة سيناريو فيلم سينمائي جديد بعنوان (حظر تجول)، الذي استوحى عبد الله أحداثه من تشكيل اللجان الشعبية التي انتشرت في مصر تماشياً مع انسحاب قوات الشرطة من الشارع المصري على خلفية أحداث 25 و 28 يناير الماضي، وما تبعها من فتح السجون للبلطجية للسطو على منازل السكان وترويع أمنهم. وينتظر الثنائي "عبد العزيز - عبد الله" الانتهاء من السيناريو لترشيح أبطاله والاتفاق مع الجهة الإنتاجية التي ستتولى تمويله، على أن يبدأ تصوير أحداثه خلال أبريل المقبل.
أما المخرج خالد الحجر فقد بدأ بالفعل في الإعداد لفيلم "شوارع الجنة" الذي يحكي يوميات 6 من الشباب الذين اعتصموا لأيام عدة في ميدان التحرير بوسط القاهرة للمشاركة في ثورة 25 يناير والتي انتهت بتنازل الرئيس حسني مبارك عن سلطاته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
الفيلم سيقوم بكتابته السيناريست أسامة حبشي، الذي أكد أن أحداث الفيلم ستركز على التكوين الاجتماعي المتباين للمشاركين في الثورة التي اتخذت من ميدان التحرير مقراً لها 18 يوماً متواصلة، وراح ضحيتها بحسب إحصاءات رسمية أكثر من 364 مصرياً.
من جانبه، يعد المخرج مجدي أحمد علي للبدء في تصوير فيلمه الجديد "الميدان" فور الانتهاء من كتابته مباشرة، مؤكداً أنه سيقوم باستغلال المشاهد الحية التي صورها خلال أحداث الثورة لتكون تأريخاً حقيقياً لهذا الحدث العظيم.
الفيلم تدور أحداثه حول الدكتور طارق حلمي، وهو جراح في عمليات القلب للنوع النادر ومنفصل تماماً عن العالم ولا يهتم فقط إلا بمرضاه، إلى أن جاءت الثورة ونزلت أسرته للميدان وطالبته بالنزول لإنقاذ الجرحى، وتتخلله قصص أخرى مازالت في مرحلة الكتابة. ومرشح لبطولته أحمد عبدالعزيز ونهى العمروسي ومنى هلا وأحمد مجدي.
وبدوره، أعلن الكاتب والسيناريست بلال فضل أنه سيقوم خلال الفترة القادمة بنقل قصص ميدان التحرير إلى الشاشة السينمائية، حيث أكد أنه سيقوم بكتابة فيلم يتحدث عن أيام الاعتصامات، لافتاً إلى أن الفيلم سيكون عبارة عن لقطات متتالية أو عدة أفلام قصيرة سيتم دمجها معاً لتأتي في النهاية كفيلم واحد، يشرف عليه بالكامل المخرج مروان وحيد حامد.
وأعلن فضل عن تطوع عدد من الفنانين الذين شاركوا بأنفسهم في المظاهرات لتجسيد شخصيات الفيلم، وذلك بدون أجر، ومنهم أحمد حلمي ومني زكي وعمرو واكد وخالد أبو النجا وآسر ياسين وكريم قاسم وعمرو عابد ويسرا اللوزي.
وأشار فضل إلى أنه يعد أيضاً لفيلم ضخم عن نفس الحدث، ولكنه سيغلفه بمسحة كوميدية مميزة، مؤكداً أنه سيتطلب عملا مكثفا ومجهودا كبيرا، وب لن يتم الانتهاء منه قريبا.
"أنا والأجندة" و10 أفلام تسجيلية لـ خالد أبو النجا
من ناحية أخرى، أكد خالد أبو النجا أنه تمكن خلال مشاركته في ثورة 25 يناير من تصوير أكثر من 16 ساعة بكاميرته الخاصة، لافتا إلى أن المادة التي جمعها تصلح لتقديمها في عدة أفلام تسجيلية قصيرة عن كواليس الثورة منذ بدايتها يوم 25 يناير وحتي نهايتها يوم 11 فبراير.
أبو النجا أوضح أنه سيقوم بتحويل مادته الفيلمية إلى حوالي 10 أفلام وثائقية، حيث تصل مدة كل منها إلى 10 دقائق، سيتولى إخراجها 9 مخرجين، بالإضافة إلى أنه سيقوم بنفسه بتولي إخراج أحد هذه الأفلام، كما سيسند فيلما آخر للمخرج أحمد عبد الله.
وقالت الفنانة داليا البحيري إنها تتمنى المشاركة في أي عمل فني حول بطولات الشباب خلال الثورة.
كما أعلنت المخرجة نيفين شلبى عن قرب انتهائها من مونتاج فيلمها الوثائقى الطويل الجديد "أنا والأجندة" الذي صورته أثناء التظاهرات، حيث اختارت مجموعة من شباب الثورة ليس لهم أى نشاط سياسى ومن فئات اجتماعية مختلفة، وليس لهم أى أجندات دولية لإسقاط نظام الحكم، ليكونوا هم أبطال العمل.
كواليس المطبخ الرئاسي في فيلم أمريكي
لم يكن ميدان التحرير أو بسالة الثوار أو تحضرهم في الدفاع عن المتحف المصري أو تنظيف الميدان، هو ما لفت منتجي هوليوود لإنتاج فيلم أمريكي عالمي عن المشهد الأبرز في مصر حاليا، ولكن صناع السينما الأمريكية اجتذبوا خيطا جديدا للرواية، حيث تم الاعلان عن نية بعض المنتجين انتاج عمل ضخم بعنوان "18 يوم"، يتناول كواليس مؤسسات صنع القرار في مصر خلال الـ 18 يوماً التي شهدت اندلاع الثورة، لرصد تصرفات وسلوك الرئيس السابق مبارك ومن حوله أثناء الأزمة وردود أفعالهم.
وتم ترشيح الممثل الإنجليزى "لان ماكشين" لأداء شخصية الرئيس مبارك، والممثل الأمريكى "ريتشارد دريفوس" لأداء شخصية نائب الرئيس عمر سليمان، والممثل "جيفرى تامبور" للقيام بدور محمد البرادعى الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية أحد أبرز المعارضين لنظام الرئيس مبارك، والممثل المغربى "سعيد طغموى" لأداء شخصية وائل غنيم.
والسؤال الآن: هل تقديم هذه الأعمال خلال الشهور القليلة القادمة، سيعكس رؤية واضحة وشاملة للثورة بمميزاتها وعيوبها، أم سيكون محاولة لامتصاص حماس الشباب واستقطاب أموالهم لتحقيق نجاحات فورية وغير جادة؟