جُموعٌ متكدسةٌ في محطةِ الحافلاتِ، وُجوهٌ شاحبةٌ تَتَصَبَّبُ عرَقاً في هذا اليومِ الحارِّ، كأنَّها في يومِ الحشرِ، تَتَمايلُ على أَرْصِفَةِ المحطةِ المتهالكةِ... و ما زاد في حَرارتِهِ، غُبارُ الحافلات و أَبْخرتُها، و التي يَعودُ بعضُها إلى عامِ اخْتُرِعَتِ السَّيارة...
لِحُسْنِ الحظِّ أنَّه وَجَدَ مقعداً على الرصيفِ و لم يُضْظَرَّ أنْ يقضي انْتِظارهُ واقفاً. لكِنَّه لمْ يَغْبِطْ نفسَهُ كثيراً على الفُرصةِ، فبِجانِبِهِ امرأةٌ قد تكَشََّف ذِراعاها المُتَرَهِلانِ كَخِرقٍ باليةٍ... و جهُهَا يزْدحِمُ بِأنواعِ التجاعيدِ، تسيلُ فوقَها ألْوانُ موادِ التجميلِ كأنَّما هي خَرْبَشَةُ طفلٍ صغيرٍ... و تَفُوحُ مِنها رائحةٌ قويةٌ كادت تُفْقِدُهُ وَعْيَهُ. نظر إليها بِطَرْفِ عينه " وهل يُصْلِحُ العطَّارُ ما أفْسَدَ الدَّهرُ".
حاول تجاهل أمرِها. فتحَ جريدتَهُ التي قرأَها للمرَّة التي لا يعلمُ عددَها، في انْتِظَارِ الحافلةِ، لكن ما من شيءٍ مثيرٍ لِلانْتِباه. رَفعَ الجريدةَ فوقَ رأسِهِ احْتِمَاءاً من الشَّمسِ اللاَّهِبَةِ...يرفعُ عينيه... تُقابلُهُ فتاةٌ في خِمارٍ أزرقَ سماويٍ. وجهُها المُسْتَديرُ قد أكسَبَتْه الشَّمس احْمِراراً، لم تكنْ تَضعُ شيئاً عليه، و عيْناها المُخَفَضَتان تَحُفُّهُما أهدابٌ طويلةٌ جميلةٌ..." يَنْدُرُ وُجودُ صُوَرٍ طبيعيةٍ في أَيَّامِنا.."
لم يُعِرْهَا اهْتِماماً في البدايةِ..و لكنْ، دونَما شُعورٍ، وجدَ نفسَهُ يَعودُ لِلنَّظرِ إلَيها. كانَ فيها شيءٌ مميزٌ، لا يَعرِفُ ماهو...ربَّما سُكونُها، بساطتُها...أو انْشِغَالَها عنِ العالمِ حَوْلَها. لا يَدْرِي....أخذَهُ وجهُهَا بعيداً إلى عَوالِمَ غريبةٍ و جميلةٍ..فجأَةً يرى أكْوامَ النَّاسِ تَتجه إلى الحافلةِ القادمةِ من بعيدٍ، لم تُمْهِلها حتى الْتِقَاطَ أَنْفاسِها. ووسطَ الغُبارِ و الزِّحامِ، حاولَ ألاَّ يَفْقِدَ خُيوطَ حُلمِهِ الجميلِ. انْدَسَّ وسط الحُشودِ.. و أخيراً... استطاعَ الوُلوجَ إلى العربةِ. هيَ كذلك اسْتَقَلَّتْ حافِلتَها. بعد جهدٍ وصلَ إلى النافذةِ المطلةِ علَيْها، بَحثَ بيْنَ الوُجوهِ...الحمدُ لله هاهيَ... جَلَسَتْ عندَ النافذة تُطلُّ على الفراغِ... و في لحظةٍ عابرةٍ، الْتَقَتْ عيْناهُما...ثمَّ...انْطلقتِ الحافلةُ.
لِحُسْنِ الحظِّ أنَّه وَجَدَ مقعداً على الرصيفِ و لم يُضْظَرَّ أنْ يقضي انْتِظارهُ واقفاً. لكِنَّه لمْ يَغْبِطْ نفسَهُ كثيراً على الفُرصةِ، فبِجانِبِهِ امرأةٌ قد تكَشََّف ذِراعاها المُتَرَهِلانِ كَخِرقٍ باليةٍ... و جهُهَا يزْدحِمُ بِأنواعِ التجاعيدِ، تسيلُ فوقَها ألْوانُ موادِ التجميلِ كأنَّما هي خَرْبَشَةُ طفلٍ صغيرٍ... و تَفُوحُ مِنها رائحةٌ قويةٌ كادت تُفْقِدُهُ وَعْيَهُ. نظر إليها بِطَرْفِ عينه " وهل يُصْلِحُ العطَّارُ ما أفْسَدَ الدَّهرُ".
حاول تجاهل أمرِها. فتحَ جريدتَهُ التي قرأَها للمرَّة التي لا يعلمُ عددَها، في انْتِظَارِ الحافلةِ، لكن ما من شيءٍ مثيرٍ لِلانْتِباه. رَفعَ الجريدةَ فوقَ رأسِهِ احْتِمَاءاً من الشَّمسِ اللاَّهِبَةِ...يرفعُ عينيه... تُقابلُهُ فتاةٌ في خِمارٍ أزرقَ سماويٍ. وجهُها المُسْتَديرُ قد أكسَبَتْه الشَّمس احْمِراراً، لم تكنْ تَضعُ شيئاً عليه، و عيْناها المُخَفَضَتان تَحُفُّهُما أهدابٌ طويلةٌ جميلةٌ..." يَنْدُرُ وُجودُ صُوَرٍ طبيعيةٍ في أَيَّامِنا.."
لم يُعِرْهَا اهْتِماماً في البدايةِ..و لكنْ، دونَما شُعورٍ، وجدَ نفسَهُ يَعودُ لِلنَّظرِ إلَيها. كانَ فيها شيءٌ مميزٌ، لا يَعرِفُ ماهو...ربَّما سُكونُها، بساطتُها...أو انْشِغَالَها عنِ العالمِ حَوْلَها. لا يَدْرِي....أخذَهُ وجهُهَا بعيداً إلى عَوالِمَ غريبةٍ و جميلةٍ..فجأَةً يرى أكْوامَ النَّاسِ تَتجه إلى الحافلةِ القادمةِ من بعيدٍ، لم تُمْهِلها حتى الْتِقَاطَ أَنْفاسِها. ووسطَ الغُبارِ و الزِّحامِ، حاولَ ألاَّ يَفْقِدَ خُيوطَ حُلمِهِ الجميلِ. انْدَسَّ وسط الحُشودِ.. و أخيراً... استطاعَ الوُلوجَ إلى العربةِ. هيَ كذلك اسْتَقَلَّتْ حافِلتَها. بعد جهدٍ وصلَ إلى النافذةِ المطلةِ علَيْها، بَحثَ بيْنَ الوُجوهِ...الحمدُ لله هاهيَ... جَلَسَتْ عندَ النافذة تُطلُّ على الفراغِ... و في لحظةٍ عابرةٍ، الْتَقَتْ عيْناهُما...ثمَّ...انْطلقتِ الحافلةُ.