في نفس اليوم الذي نشرت فيه الاهرام تحقيقا عن حادث ميدان الجزائر الذي روع المعادي, وصدم الرأي العام في مصر كلها, اتصل بي المهندس محمود توكل مدير احدي شركات البترول
التي يقع مقرها الرئيسي قريبا من منطقة الحادث وقال انه يريد مقابلتي بشأن معلومات مهمة تتعلق بالحادث وما جري فيه بالتفصيل, واشترط ان تكون المقابلة خارج الاهرام, ليضمن حماية شاهد العيان وعدم تصويره..
وبالفعل كنت في اليوم عنده بمقر الشركة بالمعادي لكن ما لم اتوقعه ابدا ان ينتهي لقاؤنا بعد عدة ساعات- بالتوجه للنيابة لتسجيل اقوال مهمة وتفاصيل جديدة غير متوقعة, في القضية2642 جنح البساتين!
راكب الميكروباص
في شركة البترول قابلت كريم وهو شاب عمره24 عاما, يعمل سائقا بالشركة, ويوم الحادث كان بالصدفة راكبا في نفس عربة الميكروباص, التي اشتبك سائقها مع الضابط و انتهت بأعيرة نارية وضرب وركل وصراخ, وسائق وضابط مدرجين في الدماء وعلي وشك الموت, حملهما الناس تباعا لصندوق السيارة
( الدودج- الفضي) التي كان يستقلها الضابط من البداية.
وسأل الناس عن متطوع يقود السيارة لأقرب مستشفي, فركب كريم سيارة الضابط ذات الكبينة المزدوجة والصندوق الواسع و حاول الهروب بالمصابين سريعا قبل ان تتطور الامور لما هو اسوأ, لكن سائقي الميكروباص ومئات الغاضبين اعترضوا طريق السيارة, وانزلوا كريم منها, وبعضهم ـ علي حد قوله ـ انهال انتقاما علي سيارة الضابط يأخذ كل ما فيها, لدرجة ان بعضهم خلع الابواب, وصمم البعض علي بقاء الضابط بالذات مكانه وضربه حتي يصل الجيش ويتسلمه جثة هامدة!
ويكمل كريم شهادته: تركتهم في موقع الحادث وجريت نحو قسم شرطة صقر قريش, وابلغت من كان فيه وقتها لانقاذ الموقف, لكن احدا لم يتحرك ولم يهتم بشأن الحادث او بي, في الحقيقة كنت خائفا جدا من انتقام السائقين, خاصة اني اسكن في منطقة عشوائية قريبة لمكان تجمعهم في المعادي, وحاولت ان انسي ما حدث كأني لم اشارك فيه, لكن نفسيتي كانت محطمة وامضيت اياما لا استطيع النوم او العمل, حتي لاحظ بعض زملائي في الشركة فحكيت لهم, وعلم المدير وسألني.
قلت له اني اعلم ان السائق هو الذي بدأ بالسباب ورفع المطواة علي الضابط, لكني خائف من انتقام سائقي الميكروباص لو عرفوني..!
فقال لي ان كتم الشهادة ذنب كبير, وطمأنني انه سيأتي معي بنفسه للنيابة وسيكون معنا محام وستكون( الاهرام) شاهداعلي ما يجري خطوة بخطوة.
مجمع محاكم جنوب القاهرة
الطريف ان النيابة كانت قد استقبلت قبل ذهابنا اليها شاهدي نفي في نفس القضية(2642 جنح البساتين) احدهما سيدة تعمل في شركة كبيرة بالمعادي وطلبت عدم نشر اسمها وقد شهدت الحادث من بدايته, وعلي تليفونها المحمول مشاهد من الحادث يظهر فيها السائق وفي يده مطواه, اما الشاهد الثاني فهو ذو عمل مرموق ومن سكان المعادي ايضا, علم بالحادث وعرف من وسائل الاعلام اسم سائق الميكروباص( عاطف سيد ابراهيم) ورأي صورته في الاهرام, فتقدم للنيابة بنتيجة تحليل دم بتاريخ اليوم الخامس من يناير الماضي. تكشف ان السائق يتعاطي البانجو والحبوب المخدرة!
وسبب وجود هذا التحليل عند صاحب الشهادة, ان عاطف السيد كان قد طلب العمل عنده سائقا خاصا, فطلب منه صورة البطاقة وعينة دم للنظر في امره, وحين ظهرت نتيجة تحليل الدم, استغني عن خدماته.
مستشفي الشرطة
وفي سياق متصل يتابع3500 عضو علي صفحة الفيس بوك( كلنا صلاح السجيني) نشاطهم, الذي ادي لوقفة احتجاجية لزوجات الضباط وابنائهم وذويهم, امس الجمعة عند مستشفي الشرطة, بهدف ابداء حسن النية من جانبهم, ورغبتهم المخلصة في فتح صفحة جديدة مع الشارع المصري, رافضين الفوضي و محتجين علي حوادث التعدي علي رجال الشرطة بالسب او الضرب والقتل, او التحريض ضدهم في وسائل الاعلام كما سبق وفعل تامر امين مقدم برنامج مصر النهاردة بالتليفزيون المصري.
وكان تامر امين قد قدم اعتذارا لما أبده ضد الملازم اول صلاح السجيني, الذي كاد يفقد حياته في حادث المعادي الشهير, لكن اعتذاره علي الفيس بوك لم يقبل, حتي اعتذر في التليفزيون, بعدما كان1500 ضابط قد تقدموا ضده ببلاغات, علي رأسهم اللواء حسين ابو شناق مدير امن الشرقية, الذي رفع ضده بلاغا للنائب العام, اوضح فيه انه بغض النظر عن المخطئ وصاحب الحق في حادث المعادي فأنه من غير المقبول ابدا, التحريض او التشفي ضد رجال الداخلية, الذين ننادي الان بعودتهم للشارع وحماية المواطنين من البلطجة و تأمين الممتلكات والنساء في البيوت او الاطفال في المدارس, بينما نمارس ضدهم في نفس الوقت, كل اساليب الكراهية والأعتداء الادبي والجسدي.
الرأي العام
وبينما تتصاعد في مستشفي الشرطة يوما بعد يوم اعداد الحالات الحرجة والاصابات الخطيرة, بخلاف حالات الوفاة الناتجة عن حوادث التعدي المتوالية ضد افراد وعساكر وضباط الشرطة, علي اختلاف اماكن خدمتهم او القطاعات التي يتبعونها,
تتزايد علي مكتب وزير الداخلية طلبات الاستقالة المسببة و الجماعية والمنفردة, لدرجة فاقت حتي اليوم الـ4000 استقالة, لكن ذلك علي ما يبدو لم يكسر بعد الحاجز النفسي بينهم وبين جموع الناس في الشارع المصري, لدرجة ان اقترح البعض ضرورة تغيير لون ملابسهم الرسمية المعتادة وكذا شكل ولون سيارات الامن المركزي الضخمة, لمحو الصور الذهنية السيئة من النفوس والذاكرة الجمعية عن المواجهات مع الشرطة قبل واثناء الثورة, وقد تطرفت بعض الاراء لدرجة مطابة الشرطة بالعودة لعملها في الشارع بشرط ارتداء ملابس الجيش(!)
وما بين الشد والجذب والتخوف من عدم وجود ضمانات كافية لانصلاح حال الشرطة, في المستقبل القريب, تحذر بعض الاصوات العاقلة من دوام الانفلات الامني في مصر علي هذا النحو واستمرار تلك الحالة المحتقنة بين الناس والشرطة, والتي قد تضع البلاد في دائرة انتقام لا تنتهي, أو تنتهي باقتحام السجون من جديد, وهذه المرة سيهرب منها مساجين كبار سرقوا المليارات من دماء الشعب, ومحاكمتهم الان يجب ان تكون علي رأس الاولويات جميعا..
ملف الشرطة والفوضي والشارع المصري ما زال خطيرا وملتهبا ومفتوحا ويستحق المتابعة.
ومصر بعد ثورة25 يناير تستحق الامن والخير والحب, وبالتأكيد تستحق العيش خارج دائرة الانتقام
التي يقع مقرها الرئيسي قريبا من منطقة الحادث وقال انه يريد مقابلتي بشأن معلومات مهمة تتعلق بالحادث وما جري فيه بالتفصيل, واشترط ان تكون المقابلة خارج الاهرام, ليضمن حماية شاهد العيان وعدم تصويره..
وبالفعل كنت في اليوم عنده بمقر الشركة بالمعادي لكن ما لم اتوقعه ابدا ان ينتهي لقاؤنا بعد عدة ساعات- بالتوجه للنيابة لتسجيل اقوال مهمة وتفاصيل جديدة غير متوقعة, في القضية2642 جنح البساتين!
راكب الميكروباص
في شركة البترول قابلت كريم وهو شاب عمره24 عاما, يعمل سائقا بالشركة, ويوم الحادث كان بالصدفة راكبا في نفس عربة الميكروباص, التي اشتبك سائقها مع الضابط و انتهت بأعيرة نارية وضرب وركل وصراخ, وسائق وضابط مدرجين في الدماء وعلي وشك الموت, حملهما الناس تباعا لصندوق السيارة
( الدودج- الفضي) التي كان يستقلها الضابط من البداية.
وسأل الناس عن متطوع يقود السيارة لأقرب مستشفي, فركب كريم سيارة الضابط ذات الكبينة المزدوجة والصندوق الواسع و حاول الهروب بالمصابين سريعا قبل ان تتطور الامور لما هو اسوأ, لكن سائقي الميكروباص ومئات الغاضبين اعترضوا طريق السيارة, وانزلوا كريم منها, وبعضهم ـ علي حد قوله ـ انهال انتقاما علي سيارة الضابط يأخذ كل ما فيها, لدرجة ان بعضهم خلع الابواب, وصمم البعض علي بقاء الضابط بالذات مكانه وضربه حتي يصل الجيش ويتسلمه جثة هامدة!
ويكمل كريم شهادته: تركتهم في موقع الحادث وجريت نحو قسم شرطة صقر قريش, وابلغت من كان فيه وقتها لانقاذ الموقف, لكن احدا لم يتحرك ولم يهتم بشأن الحادث او بي, في الحقيقة كنت خائفا جدا من انتقام السائقين, خاصة اني اسكن في منطقة عشوائية قريبة لمكان تجمعهم في المعادي, وحاولت ان انسي ما حدث كأني لم اشارك فيه, لكن نفسيتي كانت محطمة وامضيت اياما لا استطيع النوم او العمل, حتي لاحظ بعض زملائي في الشركة فحكيت لهم, وعلم المدير وسألني.
قلت له اني اعلم ان السائق هو الذي بدأ بالسباب ورفع المطواة علي الضابط, لكني خائف من انتقام سائقي الميكروباص لو عرفوني..!
فقال لي ان كتم الشهادة ذنب كبير, وطمأنني انه سيأتي معي بنفسه للنيابة وسيكون معنا محام وستكون( الاهرام) شاهداعلي ما يجري خطوة بخطوة.
مجمع محاكم جنوب القاهرة
الطريف ان النيابة كانت قد استقبلت قبل ذهابنا اليها شاهدي نفي في نفس القضية(2642 جنح البساتين) احدهما سيدة تعمل في شركة كبيرة بالمعادي وطلبت عدم نشر اسمها وقد شهدت الحادث من بدايته, وعلي تليفونها المحمول مشاهد من الحادث يظهر فيها السائق وفي يده مطواه, اما الشاهد الثاني فهو ذو عمل مرموق ومن سكان المعادي ايضا, علم بالحادث وعرف من وسائل الاعلام اسم سائق الميكروباص( عاطف سيد ابراهيم) ورأي صورته في الاهرام, فتقدم للنيابة بنتيجة تحليل دم بتاريخ اليوم الخامس من يناير الماضي. تكشف ان السائق يتعاطي البانجو والحبوب المخدرة!
وسبب وجود هذا التحليل عند صاحب الشهادة, ان عاطف السيد كان قد طلب العمل عنده سائقا خاصا, فطلب منه صورة البطاقة وعينة دم للنظر في امره, وحين ظهرت نتيجة تحليل الدم, استغني عن خدماته.
مستشفي الشرطة
وفي سياق متصل يتابع3500 عضو علي صفحة الفيس بوك( كلنا صلاح السجيني) نشاطهم, الذي ادي لوقفة احتجاجية لزوجات الضباط وابنائهم وذويهم, امس الجمعة عند مستشفي الشرطة, بهدف ابداء حسن النية من جانبهم, ورغبتهم المخلصة في فتح صفحة جديدة مع الشارع المصري, رافضين الفوضي و محتجين علي حوادث التعدي علي رجال الشرطة بالسب او الضرب والقتل, او التحريض ضدهم في وسائل الاعلام كما سبق وفعل تامر امين مقدم برنامج مصر النهاردة بالتليفزيون المصري.
وكان تامر امين قد قدم اعتذارا لما أبده ضد الملازم اول صلاح السجيني, الذي كاد يفقد حياته في حادث المعادي الشهير, لكن اعتذاره علي الفيس بوك لم يقبل, حتي اعتذر في التليفزيون, بعدما كان1500 ضابط قد تقدموا ضده ببلاغات, علي رأسهم اللواء حسين ابو شناق مدير امن الشرقية, الذي رفع ضده بلاغا للنائب العام, اوضح فيه انه بغض النظر عن المخطئ وصاحب الحق في حادث المعادي فأنه من غير المقبول ابدا, التحريض او التشفي ضد رجال الداخلية, الذين ننادي الان بعودتهم للشارع وحماية المواطنين من البلطجة و تأمين الممتلكات والنساء في البيوت او الاطفال في المدارس, بينما نمارس ضدهم في نفس الوقت, كل اساليب الكراهية والأعتداء الادبي والجسدي.
الرأي العام
وبينما تتصاعد في مستشفي الشرطة يوما بعد يوم اعداد الحالات الحرجة والاصابات الخطيرة, بخلاف حالات الوفاة الناتجة عن حوادث التعدي المتوالية ضد افراد وعساكر وضباط الشرطة, علي اختلاف اماكن خدمتهم او القطاعات التي يتبعونها,
تتزايد علي مكتب وزير الداخلية طلبات الاستقالة المسببة و الجماعية والمنفردة, لدرجة فاقت حتي اليوم الـ4000 استقالة, لكن ذلك علي ما يبدو لم يكسر بعد الحاجز النفسي بينهم وبين جموع الناس في الشارع المصري, لدرجة ان اقترح البعض ضرورة تغيير لون ملابسهم الرسمية المعتادة وكذا شكل ولون سيارات الامن المركزي الضخمة, لمحو الصور الذهنية السيئة من النفوس والذاكرة الجمعية عن المواجهات مع الشرطة قبل واثناء الثورة, وقد تطرفت بعض الاراء لدرجة مطابة الشرطة بالعودة لعملها في الشارع بشرط ارتداء ملابس الجيش(!)
وما بين الشد والجذب والتخوف من عدم وجود ضمانات كافية لانصلاح حال الشرطة, في المستقبل القريب, تحذر بعض الاصوات العاقلة من دوام الانفلات الامني في مصر علي هذا النحو واستمرار تلك الحالة المحتقنة بين الناس والشرطة, والتي قد تضع البلاد في دائرة انتقام لا تنتهي, أو تنتهي باقتحام السجون من جديد, وهذه المرة سيهرب منها مساجين كبار سرقوا المليارات من دماء الشعب, ومحاكمتهم الان يجب ان تكون علي رأس الاولويات جميعا..
ملف الشرطة والفوضي والشارع المصري ما زال خطيرا وملتهبا ومفتوحا ويستحق المتابعة.
ومصر بعد ثورة25 يناير تستحق الامن والخير والحب, وبالتأكيد تستحق العيش خارج دائرة الانتقام