مع بداية شهر إبريل المقبل سترتفع المرتبات بنسبة 15% لجميع الموظفين العاملين فى الدولة .. هذا ما أعلنته الحكومة فى الأيام الماضية، وهو ما أثار مخاوف الكثيرين من الوقوع مرة أخرى فى جنبات "الدائرة الحلزونية"، فما إن تزداد المرتبات ترتفع الأسعار أوتوماتيكيا، حتى أصبح الأول من شهر مايو وشهر يوليو، من كل عام، مثار قلق العاملين بإعتبارهما أشهر زيادة المرتبات سنويا ويصاحبهما إرتفاع جامح لأسعار السلع والخدمات، لكن الخبراء أكدوا أن هذا العام مختلف تمام، مستبعدين ارتفاع الأسعار مع ارتفاع الأجور هذه المرة تحديدا.
ينفي الدكتور أحمد غنيم، مدير مركز البحوث الإقتصادية، وجود إرتباط شرطي بين زيادة الأجور وإرتفاع الأسعار، كما كان يحدث فى السنوات الماضية، قائلا "هذه نقرة وتلك أخرى، فهذا الارتباط راجع إلى جشع التجار وعدم وجود آلية لضبط السوق"، مؤكدا عدم وجود علاقة حقيقية بينهما.
وتتفق معه الدكتورة كريمة كريم، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، مشيرة إلى أن جشع التجار هو السبب فى زيادة الأسعار فى السنوات الماضية، بالإضافة إلى عدم قيام الحكومة بأي دور لإحداث التوازن فى إقتصاد السوق، موضحة "فى المرحلة الماضية كانت القوانيين تفصل لصالح أصحاب الأعمال ومعظمهم فى نفس الوقت مسئولين فى الدولة ، فلم يتم تفعيل قوانيين منع الإحتكار بشكل حقيقي، ولم توضع عقوبات رادعة لمخترقى مثل تلك القوانين، كما أنه لم تتم إدارة السوق بشكل متوازن وحقيقي، ولم يحدث تنظيم لقوانين الاستيراد كبديل فى حالة إحتكار فرد لسلعة معينة".
ويستبعد الدكتور عيسى فتحي، الخبير الاقتصادي، ارتفاع الأسعار مع زيادة المرتبات فى هذه المرة مقارنة بالمرات السابقة، قائلا " مع توقف السياحة، وخلو الفنادق من السياح انخفضت طلبات الفنادق على السلع المختلفة مثل اللحوم والخضروات، واستقرت الأسعار، بل وانخفضت كذلك، لتعويض جزء من طلب ناقص فعليا"، مضيفا "فى إحدى الممرات السابق مع زيادة الأجور إرتفع البنزين وبالتالى ارتفعت أسعار كل الأشياء الأخرى بالتبعية حتى الطعام والخضروات التى يتم نقلها باستخدام السيارات، لكن لن يحدث ذلك مرة أخرى فى ظل سياسة اقتصادية سليمة"، ويتفق معه دكتور ياسر كمال،الخبير بمركز دراسات الإستثمار والتخطيط وإدارة المشروعات بالمعهد القومي للتخطيط، والذى نفى وجود علاقة بين زيادة المرتبات وارتفاع الأسعار، قائلا "قد تحدث زيادة محتملة فقط فى بعض السلع نتيجة وقف الاستيراد، لكن ما كان يحدث فى السابق بناء على اجتهادات شخصية لاعلاقة لها بالاقتصاد، ولاوجود فعلى لارتفاع الأسعار بناء على زيادة المرتبات"، مشيرا إلى أن زيادة الأجور تتم حاليا بشكل مدروس وإن كان جزءا منها يتم بشكل عشوائي من أجل تهدئة الموظفين المحتجين على أوضاعهم المادية فى قطاعات الدولة المختلفة. وكانت الدولة قد قدمت منح لموظفيها تراوحت بين 300 جنيها و400 جنيه ،الشهر الماضي، اعتبرها البعض نوع من تهدئة الموظفين المحتجين فى القطاعات المختلفة، ويشير كمال إلى أن تلك الزيادة من الممكن ألاتحدث عجزا فى موازنة الدولة أو زيادة فى التضخم إذا تم "سد" منافذ الفساد فى البلاد.
ولكن على العكس يرى الدكتور غنيم أن هناك ضغوطا كثيرة على الاقتصاد المصري، مضيفا "الزيادة العشوائية فى الأجور لها تأثير على عجز الموازنة، وآثار تضخمية كبيرة".
فى حين تؤكد الدكتورة كريمة على أن الأسعار لن ترتفع مصاحبة لإرتفاع المرتبات، خاصة إذا كان هناك إنتاج محلي حقيقي للسلع، قائلة "زيادة معدل النمو إلى 8% كما قيل فى وقت سابق، هي زيادة وهمية لأنها كانت زيادة فى الخدمات وليست فى السلع، لكن النمو الحقيقي يقاس بزيادة السلع الحقيقية فى الزراعة والصناعة، وإذا حدث إنتاج محلي حقيقي ستتوافر السلع بكميات كبيرة، وفى تلك الحالة سيتيح زيادة المرتب الحصول على تلك السلع دون إرتفاع أسعارها وهو ما يخلق نوعًا من التوازن، العمل والإنتاج الفعلى سيحافظ على استقرار الأسعار".