أكد رجل الأعمال السوري مالك تلفزيون "أورينت" غسان عبود أن موظفين سوريين في القناة، التي تبث من إمارة دبي، تلقوا اتصالات هاتفية من ضباط أمنيين كبار في دمشق هددوهم بترك العمل في القناة أو تعريض عائلاتهم داخل سوريا للاختطاف والملاحقة، وذلك على خلفية تغطية القناة للاحتجاجات في مدينة درعا ومدن سورية أخرى.
وأبلغ عبود "العربية.نت" أنه "عقب تلقي الموظفين هذه الاتصالات تقدم 3 منهم باستقالاتهم، وأن أجواءً من القلق والتوتر سادت المحطة، وعلى إثر ذلك قررت الإدارة وقف التغطية ريثما يستعيد الشباب معنوياتهم".
وشرح عبود أن "المحطة تلقت هذه التهديدات نتيجة إجرائها مقابلات مع معارضين من داخل سوريا، في إطار حرصها على تقديم الرأي الآخر، وهو ما يخالف السائد في الإعلام السوري".
وقناة "المشرق" أو "أورينت" هي قناة سورية خاصة استطاعت تحقيق نجاح كبير داخل سوريا وتبث برامجها من دبي، ويقول قائمون عليها إنها نجحت في أن تكون من بين أفضل 10 قنوات تلفزيونية عربية.
ورفض غسان عبود أن يفصح عن أسماء الضباط الذين اتصلوا بموظفي القناة، لكنه قال: "إنهم أكبر من آصف شوكت نفسه، لكنهم ليسوا آصف شوكت".
واللواء آصف شوكت هو زوج شقيقة الرئيس السوري بشار الأسد وأحد أهم الشخصيات الأمنية في سوريا. ونفى عبود أن يكون قد تلقى أي ضغوط من السلطات الإماراتية لثنيه عن إجراء تغطيات مفصلة للأحداث في سوريا.
امتداد الاحتجاجات إلى بلدة جاسم
وكانت وكالة "رويترز" نقلت عن شهود عيان، الاثنين 21-3-2011، أن الاحتجاجات في سوريا امتدت من مدينة درعا لتصل إلى بلدة جاسم، حيث تظاهر مئات الأشخاص هناك، ويأتي ذلك متزامناً مع تظاهر الآلاف في مدينة درعا خلال تشييعهم لمتظاهر قتل يوم أمس.
من جانبه، ذكر مراسل "العربية" في درعا أن الهدوء ساد المدينة بعدما دخل قائد كتيبة أمن منطقة درعا في تفاوض مع المتظاهرين الذين شكلوا لجنة من الشباب, لإيصال مطالبهم، والذين كانوا بدأوا الاحتجاجات منذ 4 أيام.
وأكدت مصادر ميدانية من درعا لـ"العربية.نت" أن أجهزة الأمن استخدمت أمس قنابل مسيلة للدموع من نوع مختلف، حيث تؤدي إلى اختناقات غريبة وارتعاشات جسدية وتغير في لون بشرة المصابين فيها، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع ثورة الشباب في درعا، علاوة على أنها تسبب لهم حروقاً شديدة عند محاولتهم ردّها باتجاه قوات الأمن.
وبحسب تلك المصادر، انطلقت ليل أمس الأحد فعاليات شبابية في مدينة داعل (15 كم شمال درعا) على دراجات نارية تنادي بما ينادي به الشباب المحتجون في درعا وسط غياب أمني لافت هناك، وقالت المصادر إن تلك الخطوة تأتي "إجراءً لتخفيف الأمني والعسكري على محافظة درعا (المدينة)".
من جانبها، ندّدت فرنسا مجدداً، الاثنين، على لسان وزارة الخارجية بأعمال العنف ضد المتظاهرين وطالبت بالإفراج عن كل الذين اعتقلوا لمشاركتهم في حركة الاحتجاج.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، خلال مؤتمر صحافي إن باريس "تحض الحكومة (السورية) على التعامل مع التطلعات التي عبّر عنها الشعب السوري بإجراء إصلاحات"، وذكر فاليرو بتمسك فرنسا "بحرية التظاهر سلمياً في كل الدول"، داعياً "سوريا الى تنفيذ التزاماتها الدولية على صعيد حقوق الإنسان وحرية التعبير".
وفي سياق متصل، نفى الشيخ محمد نادر النعيم، شيخ قبيلة النعيم، الأنباء التي تواترت عن انشقاق القبيلة عن النظام السوري ودعمها لما يحدث في درعا، وأضاف في تصريح لمراسل "العربية" أن هذه الأنباء عارية عن الصحة وأن القبيلة بأكملها تعلن دعمها وتأييدها للرئيس السوري بشار الأسد.
مصادر حقوقية: اعتقالات تعسفية
من جهة أخرى، أكدت منظمة سورية غير حكومية أن قوات الأمن السورية عمدت في الأيام الأخيرة إلى اعتقالات "تعسفية" في مناطق سورية عدة شهدت تظاهرات احتجاجية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إن "السلطات الأمنية اعتقلت خلال مظاهرة الجامع الأموي بدمشق (الجمعة الماضية) 11 شخصاً واعتقلت الأجهزة الأمنية ثلاثة أشخاص في مدينة بانياس الساحلية في اليوم للمظاهرة التي حدثت في المدينة الجمعة الماضي".
وأضاف أن "أجهزة الأمن في ريف دمشق اعتقلت قبل 10 أيام 4 طلاب في المرحلة الثانوية من مدرسة الباسل في دوما على خلفية كتابتهم شعارات على الجدران وأخرجتهم مكبلي الأيدي من صفوف دراستهم".
وأشار المرصد أيضاً الى "اعتقال 6 اشخاص خلال اعتصام وزارة الداخلية" الخميس الماضي "ولازال مصيرهم مجهولاً"، اضافة الى "32 ناشطة وناشطاً اعتقلوا في التاريخ نفسه وأحيلوا على القضاء بتهم النيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات العنصرية والمذهبية وتعكير العلاقة بين عناصر الأمة"