دار بخاطري اليوم هذ التساؤل خاصة بعدما لفت نظري موضوع الفتاة التي تسيء للاسلام علي الفيس بوك دار وبعدماصعقت مما رايت من صور وتعليقات وكاريكاتيرات مشنة مهينة للنبي صلي الله عليه وسلم المنزه عن كل اساءة بل وما زاد الطين بلة ان تلك الفتاة اخطات في حق الجليل سبحانه وتعاليمما حرك بداخلي احساس مضمونه (لازم نعمل حاجة) ففكرت اني انشر في هذا الموضوع نبذة عن الاسلام ونشاته لعل البعض ممن خسروا انفسهم يقراه ويعتبر ويرتد لعقله ويتوقف عن هذه الاساءات
نشاة الاسلام:-
تظهر حاليا دراسات جديدة تعيد النظر في نشأة الإسلام انطلاقا من المعطيات الأثرية والبحوث الحديثة التي تناولت الإسلام المبكر، دون الاعتماد على الرواية الإسلامية للتارخ تلك الحقبة، بسبب من الالتباسات الكثيرة والقضايا الغامضة وغير المفهومة التي تلابس الرواية الإسلامية.
ضمن هذه الطريق الجديدة التي تشقها هذه الدراسات التي تتعامل مع الرواية الإسلامية كنص أسطوري لا يُركن إليه، يبدو عمل الراحل سليمان بشير المعنون بـ"مقدمة في تاريخ الآخر، نحو قراءة جديدة للرواية الإسلامية"، والذي نشر في القدس عام 1984 ، عملا بالغاالأهمية وسباقا في مجال دراسات هذه التاريخية النقدية، فهو قد افتتح طريقا لم يسلكها أحد بعده من العرب.
وإضافة إلى الخشية من الإهمال الذي قد يتعرض له عمل بشير وخاصة مع الأسبقية التي يحوزها دوما الوافد الغربي إلينا، فإن هناك سببا آخر لأهمية التعريف بعمل بشير مقارنة بعمل الآخرين. فبشير لا يتجاوز الرواية الإسلامية كما سيفعل بوب،أو كرونه وكوك في عملهما "الهاجريون"، بل
سيعمد إلى استكشاف الجذر التاريخي الذي تستند إليه الرواية الإسلامية، والتي تشكل في النهاية المصدر الوحيد الذي يروي لنا بداية الإسلام، بغياب أية وثائق خارجية.
نقد الرواية، وهو المقدمة لأي "تاريخ آخر" كما سيعنون بشير كتابه، هو الخطوة التي ينجزها بشير في مؤلفه هذت، وهذه الخطوة هي مصدر أهمية عمل بشير والأرضية التي سيبني عليها نتائجه، وإن لم يحاول تقديم رواية متكاملة لما حصل على العكس من عمل بوب (والآخرون الذين اشتركوا معه) وكرونه/كوك، إلا أنه يمكننا بناء هذه عبر نتائجه ومقارنتها مع عمل بوب بشكل أساسي.
فلنبدأ بعرض عمل بشير.
إن إشكالية تاريخ الفترة الأولى من الإسلام تعود لغياب أية أدلة على وجوده قبل فترة عبد الملك بن مروان، بل أن أول الأدلة التي تشير إلى وجود القرآن تعود إلى الربع الأخير من القرن الهجري الأول. مع هذا الغياب تبدو الرواية الإسلامية كمصدر وحيد برغم ما تعانيه من إشكاليات متعددة، فتواريخها مضطربة إلى درجة كبيرة حتى أن المرء يعجز عن إيجاد تاريخ متفق عليه بين مختلف الروايات.
يبدو هذا جليا في قضية مثل عملية جمع القرآن التي تنسب إلى عثمان بن عفان، إلا أنه توجد روايات أخرى تنسبها إلى أبي بكر الصديق أو عمر بن الخطاب، في حين تتحدث روايات أخرى عن عمليات جمع تمت على عهد محمد نفسه. أما الرواية الشيعية فتعطي لعلي بن أبي طالب دورا مميزا في هذا الأمر، بل يصل الاضطراب إلى الحجّاج الذي قام بتنقيط القرآن، وربما بجمعه وتحقيقه كما أشار إلى ذلك الإمبراطور البيزنطي ليو الثالث في مراسلاته مع عمر بن عبد العزيز، وكيف قام الحجاج بإتلاف "كتابات المهاجرين" و"إنه جمع كل كتاباتكم القديمة وألف أخرى حسب ميوله ووزعها على أمتك في كل مكان.... ولم ينج من هذه الإبادة سوى القليل من أعمال أبي تراب لأنه لم يستطع القضاء عليها كليا".
بل يتعلق هذا التضارب بالرسول نفسه، بين روايات ثبّتت أميته وأخرى تجعله يتقن السريانية التي علمه إياها جبريل. فضلا عن إننا لا نعرف بشكل دقيق عدد أبنائه ولا حتى سنة ميلاده أو وفاته.
وتلك هي أيضا حال الروايات التي تتناول نسب الرسول، فهي مضطربة بشكل كبير على العكس من الرواية السائدة والتي تجعله ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، مما دفع بعض إلى اعتباره مجهول النسب. بل أن هناك رواية تُنسب إلى عمر أنه سأله "يا رسول الله مالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ قال: كانت لغة إسماعيل درست فجاء جبريل فحفظتها".
كما أن هناك أحاديث تروى عن الرسول تناسب فترات لاحقة، كما في حديث عبد الله بن عمر "القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدا وإليه يعود"، وكذلك الحال مع الآيات القرآنية، مثل الآية 33 من سورة الإسراء "وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا" والتي تنطبق على قتل عثمان، أو الآية 55 من سورة النور"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" في مسألة الخلافة.
إن نشوء الرواية التاريخية استند إلى الحاجة الدينية مقدما، كما في علم تفسير القرآن (أسباب النزول) حيث سعت الرواية إلى إعطاء الآيات القرآنية مضمونا تاريخيا عبر ربطها بأحداث معينة أو شخصيات، يضاف إليها الحاجة إلى ضبط الإسناد وتوحيده مع ازدياد ظاهرة الحديث عن الرسول والتي ازدادت بكثرة في نهاية العصر الأموي وبداية العباسي (القرن الثاني للهجرة)، على العكس مما سبق حيث كان الحسن البصري يروي دون إسناد.
هذه الرواية –إضافة إلى أسباب أخرى سنأتي عليها- هي التي أعطت المأثور الإسلامي إطاره التاريخي والذي يبدو أنه هو المشكلة برغم محاولات عقلتنه.
إن الإطار التاريخي الذي يبدو أنه يناسب الأحداث هو إطار متأخر عن الإطار الذي تتحرك الرواية الإسلامية ضمنه وهو منتصف القرن الهجري الأول، أي فترة الحرب الأهلية الثانية والتي دارت أحداثها بين المختار الثقفي وعبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان.
فالتقاطعات بين أحداث الرواية السائدة لهذه الفترة والأحداث اللاحقة، كما بين شخصيات الفترتين، كبيرة ومهمة.
تبدو شخصية الرسول وكأنها بنيت على أساس من شخصية محمد بن الحنفية، فكلاهما كني بابي القاسم، برغم نهي الرسول عن أن يجتمع اسمه وكنيته لأحد من بعده، إلا أن الرواية تجد مخرجا في رخصة حصل عليها علي لابنه، وكلاهما لديه ابنة تدعى فاطمة وكنيتها (أم أبيها).
ومن أوجه الشبه الأخرى بين الشخصيتين الحصار الذي ضربه ابن الزبير على محمد بن الحنفية وأهله من بني هاشم بعد رفضه مبايعته، فأرسل المختار "الخشبية" لفك الحصار وفيها صدى لأقوال الرسول ونهيه عن حمل السلاح، وهناك مرويات عن أن الحصار دام ثلاث سنوات.
بعد مقتل المختار يهاجر ابن الحنفية باتجاه آيلة شمالا، وفي رواية أخرى انه هاجر بعد ذهابه إلى الطائف مع ابن العباس، وهنا يدخل عبد الملك مسرح الأحداث ويسمح لابن الحنفية بالدخول إلى أراضيه، فيهاجر إليه بسبعة آلاف ولكن في الطريق لا يبقى منهم إلا 900 في تشابه بيّن مع مسيرة الرسول إلى تبوك والآيات القرآنية التي تتحدث عن المتخلفين.