يمثل الدكتور فتحى سرور «رقما صعبا» فى معادلة السياسة المصرية، فالرجل الذى عاش فى دهاليزها ٢٥ عاماً منذ اختياره وزيراً للتعليم عام ١٩٨٦، وتربع بعدها على منصة رئاسة مجلس الشعب، لمدة ٢١ عاما، محققاً رقماً قياسياً لم يسبقه إليه أحد من قبل. الرجل الذى عاش معظم الأحداث، قرر أن يتحدث للمرة الأولى بعد تحرره من «المنصب». «سرور» -الذى عرف بتصريحاته «اللاذعة» أحيانا و«الصادمة» فى أحيان أخرى -قرر أن يعطى التاريخ حقه، ويحكى بعض الوقائع والأسرار التى جرت فى الفترة الماضية، وأن يتعرض لبعض الأدوار التى قام بها رجال الحكم فى مصر، بداية من أحمد عز وحبيب العادلى مروراً بصفوت الشريف ود.زكريا عزمى، وحتى جمال مبارك والرئيس مبارك نفسه.. كما رد على الاتهامات التى أثيرت حوله.. وإلى الحوار: ■ كيف ترى مصر حاليا، وأنت بعيد عن المنصب؟ - أراها فى ثوب جديد أكثر إشراقاً، ومن حيث الديمقراطية أنا أستبشر خيراً بالتعديل الدستورى الذى سيعقبه دستور جديد بإذن الله.لا شك أن المرحلة السابقة، رغم ما حققته من إنجازات، شابتها بعض العيوب التى نبهت لها المسؤولين لكنهم لم يستمعوا.. ولم يرتدعوا. ■ نبهت من؟ - صفوت الشريف وزكريا عزمى وأحمد عز.. وغيرهم. ■ وعندما كنت تنبههم، بماذا كانوا يردون عليك؟ - لا يستمعون، ولكن للأمانة زكريا عزمى كان ينتقد أداء أحمد عز. ■ كيف؟ - ينتقده فى كل شىء، ولكن عندما نبهت إلى خطورة عملية استئثار الحزب بكل المقاعد فى المجلسين الحالى والسابق، وإلى ضرورة إشراك المعارضة فى كل اللجان، كانوا يرفضون. ■ من الذى كان يرفض؟ - الحزب، وعندما طلبت منهم أن يشركوا المعارضة المحدودة فى مكاتب اللجان لنعوض هذا النقص فى المعارضة، قالوا لى: «أحمد عز ماوافقش». وأنا لولا أن الرئيس مبارك كلمنى بنفسه، وقال لى رشح نفسك فى الانتخابات، لم أكن لأرشح نفسى. ■ يعنى الرئيس مبارك هو الذى طلب منك أن تكون رئيساً لمجلس الشعب؟ - كنت فى ندوة فى «الاهرام» وطلبنى الرئيس تليفونيا، وقال: «يا فتحى قدم ترشيحك عشان لابد أن ترشح نفسك»، فرددت: «يا ريس أنا مكتفى بهذه المرحلة»، لكنه عاد وقال: «معلش كمل.. المجلس الجديد متوقع يكون (تقيل).. عايز رئيس قديم». ■ لكن تردد وقتها أنه سيرشح الدكتور مفيد شهاب بدلاً منك؟ - حديث الرئيس لى لم يشر إلى ذلك. هل كنت تتوقع قيام الثورة؟ - كنت أتوقع أن يحدث شىء، ليس ثورة بالضبط، ولكن أزمات شديدة لأننى لم أكن، شخصياً، راضياً عن كثير من الأداء، سواء بالنسبة لوزارة الداخلية أو الحزب الوطنى خاصة فى الانتخابات. ■ لكن مجلس الشعب كان يحمى وزير الداخلية الذى لم يكن يحضر إلى المجلس بتاتا، ولا تناقش ضده استجوابات؟ - شكوت وزير الداخلية لرئيس الجمهورية، ولم يفعل شيئا. ■ وشكوته بماذا تحديداً؟ - من عدم الحضور. «أعمله إيه أكتر من كده»، ووزير الداخلية ذات مرة أرسل لى مساعده أحمد ضياء الدين، الذى أصبح فيما بعد محافظاً للمنيا، لكى يحضر نيابة عنه الجلسة العامة، فقلت له «ممنوع الوزير ينيب عنه أحداً»، فعندما بلغ ذلك وزير الداخلية «اتضايق وراح منقص الحراسة عنى للنص»، فتحدثت إلى الدكتور زكريا عزمى، وقلت له: «مش عايز حراسة، ده أنا راجل نائب بامشى فى الدايرة.. أنا مش عايز حراسة»، وبعد احتجاجى هذا زودوا لى أمين شرطة واحد. ■ هذا معناه أن البلد كانت «ماشية بعملية شخصية جدا» أى بنظام العزبة ولم يكن بلداً حقيقياً؟ - «طبعا.. طبعا، أمال ليه أنا كنت ساخط، وماكانوش بيحكوا لى على كل حاجة، لأنى كنت باخد الجانب المعارض دايما، لهذا كنت عايز أول فرصة أسيب، لولا مكالمة رئيس الجمهورية اللى قالى فيها رشح نفسك، وبعدها الأمين العام صفوت الشريف قال لى الرئيس بيقولك رشح نفسك». أيضا أنا بطبعى من النوع المقاتل، ويكفى أننى بشرت بالثورة، فقبل الثورة بحوالى شهر، وتحديدا فى ٢٠ ديسمبر فى برنامج «مصر النهارده» مع الإعلامى خيرى رمضان، عندما قلت حوالى ٧ مرات «فيه حاجة غلط»، ونبهت إلى أن نتيجة الانتخابات «مش عاجبانى»، وأن المجلس ليست به معارضة، وأننى لا أقبل بوجود نائب مزور. ■ ومن الذى زور الانتخابات؟ - كنا فى انتظار تقارير محكمة النقض. ■ لكن فى الدورة قبل الأخيرة كان لديكم ٧٧ تقريراً من محكمة النقض، ولم تفعلوا شيئاً، خاصة القضية الشهيرة بدائرة المعادى لـ«أكمل قرطام» و«محمد مرشدى»؟ - من قال ذلك، لقد فصلنا فى عدد كبير منها، واللجنة التشريعية طلبت بعض الاستيفاءات فى بعض الأوراق، ولكن أحمد عز كان يتدخل مع أعضاء اللجنة لتعطيل أعمالها. اللجنة طلبت استيفاءات من محكمة النقض، ولكن محكمة النقض لم ترد على طلب الاستيفاءات. ■ يعنى لم تكن هناك «إرادة سياسية» لتقديم تقارير المحكمة؟ - كانت هناك مقاومة مستمرة بينى وبين أحمد عز، بسبب الطعون الانتخابية لدرجة أننى من على المنصة، وذلك مسجل فى المضبطة، كنت أستعجل اللجنة التشريعية للفصل فى الطعون الانتخابية، والدكتورة آمال عثمان تعرف هذا، لأنها كانت تشتكى لى، وتقول لى: «أحمد عز مربط الأعضاء عشان مايشفوش حاجة». ■ إذن، نستطيع أن نقول إن أحمد عز هو من كان يدير المجلس فى الفترة الأخيرة؟ - فى أى برلمان يجب أن نفرق بين القوى السياسية فى البرلمان والقوى الإدارية. رئيس المجلس يدير، ولكن القوى السياسية فى يد الأغلبية، ولو الأغلبية فى حزب واحد، فإن ممثل الأغلبية أو مدير الأغلبية هو صاحب التأثير المباشر. وعندما كنا نطلب التصويت مثلا، إذا ما رفع أحمد عز يده بالموافقة.. يوافق نواب الأغلبية، وإذا لم يرفع يده لا يوافقون، وهكذا. إذن، هو الذى كان يعطى التعليمات لهم بالموافقة، أما رئيس المجلس فيعرض الموضوع للتصويت، ودورى أن أفسح الحديث بالكامل للمعارضة، وكثيراً ما كان يحتج أحمد عز على ذلك. ■ وما أشهر الوقائع التى احتج فيها عليك؟ - أشهرها عندما أراد أحد نواب الأغلبية أن يعطل أحد نواب المعارضة أثناء حديثه، فقلت للأخير «استمر.. اتفضل اتكلم»، فتدخل أحمد عز وحرض الأعضاء بأن «يغلوشوا عليا بالتصفيق، وأنا عملت نفسى مش هنا». ■ هل شكوت أحمد عز للرئيس أو للأمين العام للحزب صفوت الشريف؟ - أولا، الرئيس الناجح يمارس سلطاته ولا يشتكى، ولكننى شكوته لـ«صفوت الشريف». ■ وبماذا كان يرد صفوت الشريف؟ - «بيسكت». وزكريا عزمى كان ينتقده، وقال لى: «غلط اللى بيعمله»، وكمال الشاذلى أثناء حياته كان ينتقده بشدة، ولكن أحمد عز كان يقول دائما: «أنا أؤدى دورى». ■ ومن أين له كل هذا النفوذ؟ - من موقعه كأمين التنظيم، فالأعضاء يعتقدون أن له تأثيراً فى ترشيح الحزب لهم من عدمه، وهذا دائما من شأن أمين التنظيم، وهذا كان أيضا ضمن نفوذ كمال الشاذلى، وبالتالى كانوا يعملون له ألف حساب. بالإضافة إلى ذلك، صلته القوية بـ«جمال مبارك»، التى كانت تعطيه تأثيراً أكبر، ولكن يكفى أن أحمد عز لم يرهبنى وأحلته للتحقيق مع طلعت السادات عندما رفع الأخير الحذاء فى وجه الأول فى مناقشة حادة، واتهمه بالفساد فى هيئة سوق المال. وخرج أحمد عز يستشيط غضباً، وتم التحقيق معه، ورغم أن رئيس هيئة سوق المال أرسل خطاباً رد فيه على اتهامات طلعت السادات، برأ فيه أحمد عز، فإن مجرد إحالة أحمد عز للتحقيق «كسر هيبته» وقتها. ■ ومن هم أكثر ٣ أو ٤ شخصيات ساهمت أخطاؤها فى قيام الثورة؟ - أولا: نتائج الانتخابات الصادمة، التى لم أكن راضيا عنها، ووصفتها لأكثر من شخص بأنها كانت «غباء سياسياً»، ثانيا: التفاف الحكومة على مطالب نواب الشعب من الأغلبية ومن المعارضة. للإنصاف كانت لنواب الأغلبية أيضا مطالب فى تحسين الأجور، وانضموا للمعارضة فى هذا الشأن، لكن الحكومة كانت «مستعفية»، ويكفينى فخراً أننى كنت أستقبل أصحاب الشكاوى من المواطنين، والمظاهرات أمام المجلس. وثالثا: الفساد الكثير الذى كان يظهر فى طلبات الإحاطة والاستجوابات، التى احتوت على وقائع فساد خطيرة، ولكن الحكومة كانت ترد عليها، وينتقل المجلس إلى جدول الأعمال باقتراح من الأغلبية. ولقد انتقدت الأغلبية فى كثير من الأحوال لتصفيقها للوزير كثيراً قبل حتى أن يرد على الاستجواب، فقلت لهم «ماتردوا يا جماعة». وحدث أن قلت للوزراء الذين لم يكونوا يحضرون للمجلس أكثر من مرة: «الحكومة فى عصمة المجلس وليس المجلس فى عصمة الحكومة»، ولكن قوة الأغلبية. أيضا الفساد الذى كان يستشعره نواب المجلس من الأ غلبية ومن المعارضة، وليس المعارضة فقط، ويكفى أن هشام مصطفى خليل هو الذى أثار موضوع «آمون»، كما أن بعض نواب الأغلبية أثاروا موضوعات مشابهة، ولم يكونوا قادرين على توجيه الاستجوابات بحكم أنهم من الأغلبية، حتى إن أحد نواب الأغلبية عوقب لأنه صمم على الاستجواب. ورابعا: ما أشيع حول موضوع التوريث، فالشائعة كادت تصل إلى حد التصديق. ■ إلى حد «التصديق» أم إلى حد «الحقيقة»؟ - «الحقيقة» لا، لأن الرئيس مبارك لم يخبرنى، ولم يخبر أحداً من المسؤولين الذين أعرفهم، ومنهم الأمين العام للحزب، بأنه يرغب فى أن يكون جمال مبارك خليفة له. أنا سألتهم، وسألت زكريا عزمى، فقال لى «ماقلناش»، وسألت صفوت الشريف، فقال لى أيضا «ما قلناش». ولكن الناس كانوا يخشون جمال مبارك وأحمد عز وتحركاتهما، وأحسوا بقرب احتمال كبير لقرب تنفيذ التوريث، الأمر الذى أدى بهم إلى الإحساس بالتشاؤم والضياع وضياع الفرصة، لأنه من غير المقبول أن تحتل عائلة واحدة الحكم فترة طويلة. كما أن أى رئيس جمهورية جديد لازم يكون له رصيد من الأداء، وليس رصيداً من العائلة، فكثير من الناس كانوا يهمهمون فى السر بما لا يستطيعون قوله فى العلن، ويا ريت الرئيس مبارك كان استمع إلى هذه الهمهمات، لأن كثيراً من القريبين منه لم تكن تعجبهم شائعات التوريث. ■ كثيرون من القريبين منه؟ - نعم، وأنا منهم. ■ وهل أبلغته بذلك؟ - هو لم يفتح معى حواراً فى هذا الشأن، لكنه ذات مرة قال لى: «يا فتحى ماتصدقش حكاية التوريث دى لأن إحنا مش سوريا». ■ ومتى كان ذلك؟ - منذ حوالى عامين أو ثلاثة. ■ لكن ألا ترى أن ظواهر الأمور كانت تؤدى إلى التوريث؟ - كنت أستشعر عندما يأتى أحمد عز، فى المؤتمر الحزبى الأخير، ويقول «جمال مبارك مفجر ثورة التطوير». هذا كلام لا يقال، ولا حتى تنظيميا، لأنه ينبئ بما هو قادم. ■ ألا ترى أن مبارك أخطأ كثيراً؟ - التاريخ هو الذى سيحكم ولن أسىء للرئيس.. أخلاقى لا تسمح بذلك.. عيب. ■ ومن الذى كان أكثر نفوذاً: صفوت الشريف أم زكريا عزمى أم جمال مبارك أم أحمد عز؟ - من الناحية التنظيمية طبعا صفوت الشريف، أما من الناحية الفعلية.. جمال مبارك وأحمد عز. ■ ألم تحدث ذات مرة مظاهر تؤكد صحة شائعة التوريث؟ - حضور جمال مبارك فى اجتماعات مهمة يعقدها الرئيس مع قيادات مهمة وأنا منهم كان يثير لدى التساؤل: بأى صورة يحضر؟ إذا كان حضور زكريا عزمى معقولاً لأنه رئيس الديوان، فحضور جمال مبارك لم يكن منطقياً، فهو مجرد أمين إحدى الأمانات الحزبية وأمين مساعد، وليس له أن يحضر وفقا للقواعد، ولا يوجد اجتماع مهم مثل هذا أو ذاك يحضره ابن الرئيس، إلا إذا كان يعطيه أهمية سياسية معينة أو يدربه على عمل معين، فكانت هذه المسائل تثير التساؤلات بداخلنا. ■ وكان يطرح آراءه فى الاجتماعات؟ - لا، كان يصمت ولا يتكلم. ■ وهل كان جمال مبارك يتصل بك ليطلب منك أموراً فى المجلس؟ - لم يتصل بى ولو لمرة واحدة، ولا أنا كنت أتصل به. كنت أحترم نفسى «أنا مالى.. أنا رئيس مجلس الشعب.. أتصل برئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس الشورى، وليست لى علاقة بالحزب الحاكم». أنا عضويتى فى المكتب السياسى عضوية وفق النظام الأساسى للحزب، بحيث انتهت مع صفتى رئيساً لمجلس الشعب، ولم أعد عضوا فى المكتب السياسى ولا أذهب للحزب إلا ليوم واحد فقط فى المؤتمر العام السنوى، وبخلاف ذلك ليست لى زيارات للحزب. ■ لكنك كنت تحضر ندوات جمال مبارك فى المؤتمر؟ - داخل المؤتمر.. طبعا كنت أحضر، فهو مؤتمر الحزب وكنت أحضره «مش لجمال مبارك بس.. لأ ولغيره». ■ وهل كان الدكتور زكريا معترضاً على هذه الأوضاع داخل الحزب؟ - كان «بيلسن»، وللأمانة كان «بيلسن ويتريق على نفوذ أحمد عز». ■ وهل كان يتحدث معك عن قصة التوريث؟ - لا، ومرة قال لى إن الرئيس «ماجابلناش سيرة الموضوع ده.. ما يريحنا ويقولنا هو عايز إيه». قال لنا هذا الكلام أكثر من مرة. ■ وهل تحدثت مع صفوت الشريف فى التوريث؟ - أيضا قال لى إن الرئيس «ماقالوش حاجة». ■ البعض كان يرى أنه لو حدث مانع دائم للرئيس، ستتولى منصب رئيس جمهورية مؤقتاً، الأمر الذى يجعلك «مهندس عملية التوريث»؟ - البعض يتخيل هذا، لكن أنا معروف بالشرعية، كنت سأقول كيف نتجه من الناحية الشرعية «أهندسها إزاى.. مش عندنا الناحية الشرعية والدستور..اللى ينتخب الرئيس هو الشعب». ■ ولماذا تم وضع المادة ٧٦ إذن؟ - أولا، لا تنسوا أن رئيس الجمهورية هو من وضع مبدأ التعديل ومؤشراته، وهو من عرض مبادئ المادة ٧٦، وكانت مهمة المجلس بعد ذلك فى اللجنة التشريعية صياغة المادة وفقاً للتعديلات التى أرادها الرئيس، فالرئيس هو المسؤول عن المادة ٧٦ التى وافق عليها المجلس بأغلبية الأصوات من الحزب الوطنى. ■ كل الأفكار التى جاءت فى المادة ٧٦ لم يكن لك دخل بها؟ - لا دخل لى بها، أنا دورى هو إدارة المناقشة. ■ وهل كنت راضيا عنها؟ - بالطبع لم أكن راضيا. ■ لكنك لم تعلن موقفك؟ - أثناء المناقشات كانوا يقولون: «فى دساتير أخرى يجب أن يكون منصب رئيس الجمهورية محصنا»، وأنه إذا لم يتم وضع هذه الشروط ممكن ييجى رئيس جمهورية مصروف عليه من الخارج. ■ ومن الذى صاغ المادة ٧٦؟ - «هى جاية كده من الحزب». ■ من الذى سلمها لحضرتك ومن الذى تناقشت معه حولها؟ - عرضت فى اللجنة التشريعية، وكان هناك محمد الدكرورى وغيره من الأعضاء، وزكريا عزمى. ■ لكنك من ناقشت الرئيس فى المادة ٧٦؟ - المادة ٧٦ عرضت فى اجتماع بعد ذلك ضم كل رؤساء مجالس الدولة.. الشعب والشورى والوزارة وغير ذلك من المسؤولين ومدير المخابرات ووزير الداخلية. ■ وهل وافق جميعهم أم كانت هناك مناقشات؟ - أثيرت ملاحظات، وكانت النغمة السائدة: نريد أن نحمى البلد فى هذه الظروف، وأن يأتى الرئيس من الشعب ولا يكون تابعا لجهة أجنبية. ■ وهل كانت لك ملاحظات عرضتها فى هذا الاجتماع؟ - كانت لى ملاحظات، وعرضتها بالفعل، لكنهم لم يأخذوا بها، و«الألعن بقى» فى المادة ١٧٩ الخاصة بالإرهاب، لأنه كانت لى ملاحظات، وقلت لهم: «يا جماعة ما تفضحوناش فى الخارج.. هذه المادة التى تبيح إجراءات استثنائية لمواجهة الإرهاب هيكون لها رد فعل ضد مصر». وعندما وافقوا عليها طلبت اجتماعا آخر لإعادة النظر فى هذه المادة، وقلت ملاحظاتى، لكن للأسف الشديد كأننى كنت أتحدث فى الشارع «محدش وافقنى.. والرئيس بص لى وقالى: لو موافقين عليها يا فتحى نعمل إيه؟». ■ كانت المجموعة نفسها أيضا؟ - نعم. ■ وما ملاحظاتك على المادة ٧٦؟ - ملاحظاتى أنها مقيدة وتضع شروطا كثيرة، ولكن كان الرد أننا فى هذه المرحلة نريد أن نحمى مصر ضد من يأتى مدعما بنفوذ أو إنفاق خارجى. ■ بصراحة، ألم تشعر بأن التمسك بالمادة ٧٦ يصب فى مصلحة جمال مبارك، وأنها «مفصلة» على مقاسه؟ - داخليا خفت أن يكون مقصوداً به جمال مبارك، ولكن قلت لنفسى «الكلمة فى النهاية للشعب ومحدش عارف الظروف السياسية هتبقى إيه»، وكأننى كنت أقرأ المستقبل. ■ وهل كان يحضر جمال مبارك هذه الاجتماعات؟ - حضرها جميعا. ■ ولم يتناقش حول المادة ٧٦؟ - لا، كان يصمت. ■ .. والمادة ٧٧؟ - بالنسبة للمادة ٧٧ اقترحت أن تكون الرئاسة لمدتين فقط، وأيدنى زكريا عزمى فى ذلك، ومع المناقشة فى حضور الرئيس، انتهينا إلى أن تكون ٣ مدد بعد أن قاوموا مدتين، ثم فوجئت بالتعديل يخالف ما اتفقنا عليه مع الرئيس. |