ستمر الصراع لعدة أجيال في مختلف مناطق العالم، وكلا جانبي الصراع يسعيان لتحقيق نفس الهدف بينما يفصل بينهما أسلوب التنفيذ، ويلتزم أصحاب الفكر التقليدي بما يعتبرونه بأنه الطريقة الصائبة بينما يقول الإصلاحيون إن استراتيجيتهم هي أكثر تقدمية وحداثة، وكان محور المعركة هو الاختيار بين أسلوب حلاقة الذقن الجافة أو المبتلة.
وفي كل مكان تقريبا يثور جدل بين الرجال حول أفضل طريقة للحصول على وجه ناعم خال من الشعر، وهذا الجدل متواصل منذ ثمانين عاما أي منذ 18 آذار/ مارس 1931 عندما طرحت أول آلة كهربائية لحلاقة الذقن في السوق.
وتعد اللحية علامة على الرجولة، وترتبط في بعض الثقافات بالقوة، وثمة مناطق من العالم يستغرق البحث فيها عن رجل حليق اللحية وقتا طويلا، ومن ناحية أخرى كان الرومان القدماء يعتبرون اللحية علامة من علامات عدم التمدين، غير أنه بمرور القرون كانت هناك دائما تطورات تجميلية لللحى.
ومن بين أول 44 رئيسا للولايات المتحدة كان 15 منهم حليقي اللحية، وعندما ظهر إبراهام لينكولن ( 1809 – 1865 )على مسرح السياسة وتم انتخابه رئيسا للولايات المتحدة لم تكن له لحية ولكنه عندما أدى اليمين الدستورية كرئيس لأمريكا كانت لديه واحدة، وخلال الأعوام الخمسين كان لكل رئيس أمريكي منتخب باستثناء واحد فقط لحية، ولكن بنهاية هذه الفترة أصبح كل رئيس أمريكي أتى بعد ذلك حليق الذقن.
وقام يوهان بروكر وهو مخترع مهاجر بتسجيل براءة اختراع لموسى ميكانيكية، وتعهد بروكر بإمكانية أن يحلق اختراعه 15 ألف شعرة في المتوسط تنمو على وجه الرجل وكل شعرة منها لها صلابة سلك النحاس والتي يمكن أن تنمو بطول نصف ميلليمتر كل يوم، غير أن اختراع بروكر الذي كان يصدر صوتا عاليا ويعمل بقوة دوران عجلة لم يكن مناسبا للسوق، وعندما تم فقط وصل الموسى بمحرك كهربائي عام 1931 بدأ ظهور عصر الحلاقة الجافة.
ويقول بيتر فان جروس المطور الرئيسي بشركة فيليبس للإليكترونيات إن الوقت أصبح مهيئا لاستقبال شيء جديد، فالمحركات الكهربائية صارت تستخدم في كل مكان إلا أن حلاقة الذقن كانت لا تزال تتم باستخدام نصل حاد، ومثل هذا النصل لم يكن جيدا مثل ذلك الذي نستخدمه اليوم حيث كان المستخدم يجرح نفسه أثناء الحلاقة كل يوم.
وقد جاء زمن استخدام الموسى الكهربائي الحديث ولكن شراء واحد يتكلف 15 دولارا وهو مبلغ كبير في وقت يبلغ فيه ثمن الخبز الملفوف تسعة سنتات فقط، وتم تدشين أول موسى كهربائي من إنتاج فيليبس في السوق عام 1939 ويصفه فان جروس بأنه مزود بنصل دائري ويقول إن الناس أطلقوا عليه ساخرين لقب ” السيجار ” ومع ذلك أقبلوا على شرائه.
ويقول يورجن هوزر وهو مطور بشركة براون إنه لا يجب علينا أن ننسى أنه في تلك الأيام كان يتعين على الرجال أن يزوروا الحلاق إذا أرادوا أن يحلقوا ذقونهم جيدا بالطريقة المبتلة، وبعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية زاد عدد الرجال الذين يحلقون ذقونهم باستخدام آلة الحلاقة الكهربائية من نسبة 5 ر1 في المئة إلى 40 في المئة.
ويقارن هوزر الوضع في ذلك الوقت بما يحدث في الصين اليوم موضحا أن المواطنين أصبح لديهم فجأة مزيدا من الدخول لينفقوا منها وصاروا يريدون الآن أن يشتروا أشياء جديدة، ومن بين الأشياء التي اشتروها تكنولوجيا الحلاقة الحديثة بدلا من النصل القديم، وانتشر في الصين منذ عدة أعوام الإتجاه إلى استخدام آلات حلاقة الذقن الكهربائية.
ومع ذلك فغالبية الرجال في أوروبا يستخدمون رغوة الحلاقة والماء في إزالة شعر الوجه، وفي هذا الصدد يؤكد روبن فاوث رئيس شركة ويلكنسون لإنتاج أمواس الحلاقة إن طريقة الحلاقة المبتلة هي الأكثر كفاءة، ويقول إن كثيرا من الرجال يعتبرون أن التدفق النهائي للماء على الوجه بمثابة بدء يوم جديد، كما أن هذا الأسلوب أفضل بالنسبة للبشرة لأنه يقشر البشرة من الخشونة كل يوم وهو ما يفسر السبب في أن أطباء الجلد يوصون بحلاقة الذقن باستخدام الماء.
ومع ذلك يشير هوزر المهندس بشركة براون إلى أن آلات الحلاقة الكهربائية أكثر أمانا، ويقول إنك تستطيع أن تحلق ذقنك وأنت ترتدي قميصا أبيض بدون أن تخشي أن يتلوث بالدم النازف من حدوث جرح أو برغوة الحلاقة، كما يشير هوزر إلى أنه يمكن للمرء أن يحلق في أي مكان تقريبا سواء في المكتب أو داخل السيارة أو الطائرة، بينما يقول فان جروس إن عملية الحلاقة في هذه الحالة تكون سهلة بل وأرخص، ويضيف إن شراء الموسى يكلف الكثير من النقود هذه الأيام، وهذا هو السبب في أن أمواس الحلاقة تأتي في مقدمة قائمة الأشياء التي يسرقها نشالو المتاجر.
ومع ذلك فلا يوجد من هو على استعداد لأن يقول إلى أين سيمضي هذا الجدل، وباتت آلات حلاقة الذقن الكهربائية المزودة برغوة الحلاقة متاحة في الأسواق منذ سنوات، كما أصبح من الممكن الحصول على حلاقة بالطريقة المبتلة باستخدام نصل يعمل بالبطارية، ولايزال إبتكار نصل يعمل بالليزر حلما ينتظر التحقيق في المستقبل مثلما هو الحال مع النصل الذي يحتوي على رغوة حلاقة بداخله، وب يبدون أن الجدل حول الطريقتين سيتواصل.
وتقول كريستينا فانوشهويز المصممة الرئيسية بشركة جيليت وتعد من السيدات القليلات اللاتي يعملن في هذا المجال الخاص بالرجال إن حلاقة الذقن تعد نشاطا عاطفيا إلى حد كبير، مشيرة إلى القول الذي يردده الرجال على الدوام بأن حلاقة الذقن السيئة يمكن أن تفسد اليوم بأكمله.