أطلت قناة الجزيرة على المشاهد العربي كأول قناة إخبارية متخصصة وتغطياتها وبرامجها مثار جدل كبير، ليس عربيا فقط بل ودوليا. فقد تسببت في أحيان كثيرة في توسيع هوة الشقاق العربي العربي، وأحيان اخرى في قطع علاقات. هاجمها إعلام دول عربية وأجنبية، ودافع عنها أيضا إعلام دول عربية وأجنبية.
لكن الجدل طرح تساؤلات كثيرة حول دورها ومن يقف وراءها. وعلى برنامج "الرابعة" الذي بثته قناة حنابعل التونسية مساء الأربعاء الماضي واستضاف عددا من أبرز الكتاب والمثقفين والإعلاميين العرب من مصر وتونس ولبنان، أكد هؤلاء أن هذه التساؤلات الذي تثيرها الجزيرة تطال الإعلام العربي كله
منذ بداية الحلقة شن ضيوفها في الاستديو هجوما حادا على مجمل الفضائيات العربية، اتهمت القنوات فيه بالتزوير السياسي والفني والديني، حيث لفت الكاتب الصحفي المصري مجدي الدقاق النظر الى أن هذه الفضائيات، وفي ظل غياب المصداقية، تدعو للغثيان. ورأى المحلل اللبناني يونس عودة أن أكثرها يدعو للتفرقة وإحداث نوع من البلبلة، مشبها الرقص الفاجر بالتطرف القاتل ومشيرا إلى أنه لا توجد قناة ثقافية عربية متخصصة.
وقد استثمر البرنامج وجود نخبة من المثقفين والكتاب العرب في تونس فاستطلع آرائهم في الفضائيات العربية حيث رأى البعض أن الرؤية الأيديولوجية تحكم هذه الفضائيات وان "كل قناة لها مآربها".
لكن الهجوم الأكبر والذي استحوذ على الحلقة التي استمرت لما يزيد عن ساعتين ونصف الساعة انصب على قناة الجزيرة، حيث طرح مقدم البرنامج العديد من التساؤلات الهامة حول دور الجزيرة وأجندتها وعلاقاتها واستهدافها لاستقرار أكثر من دولة منها مصر وتونس، من خلال تضخيم بعض الأخبار الهامشية غير المصيرية، حتى يبدو الأمر وكأن القيامة ستقوم في هذا البلد أو ذاك، في الوقت الذي تعتم فيه على نجاحات كبرى مثل تلك التي تتحقق في تونس.
وتساءل مجدي الدقاق لماذا لا تفتح المساحات للصور المضيئة عربيا، لصور التحديث والبناء، وللعلماء الذين أنجزوا سبقا علميا عالميا، في حين تفتح لأيمن الظواهري وعنف البندقية والجهاد المزيف لإعطاء صورة سيئة عن العرب والمسلمين.
وأكد الصحبي سماره أن الجزيرة تسير في ركب أو سياق سياسي يتعلق بالمنطقة العربية ككل، وتساءل: هذا السياق منْ يقف وراءه، وما هي مصلحة الجزيرة للعب دور الواجهة الإعلامية لهذا المشروع؟ ورد: ربما مشروع الشرق الأوسط الكبير. وبعد رحيل إدارة بوش استمر هذا المشروع رهانا عند قناة الجزيرة، أي تفكيك البنية السياسية والاجتماعية عربيا وإثارة النعرات الداخلية والمشاكل داخل المجتمعات، مما يخلق الفوضى ومن ثم فتح الطريق أمام إعادة ترتيب المشهد المجتمعي والسياسي داخل المنطقة على الشاكلة التي أريد لها أن تكون وفقا لمشروع الشرق الأوسط الكبير.
وحول التمويل ودور رأس المال أوضح حاتم علي أن لا توجد قناة فضائية عربية غير مرتهنة بالتمويل ووجهة نظر رأس المال الداعم لها، الأمر الذي أيده د.رياض كمال نجم حين قال "القناة تحمل وجهة نظر مالكها بصرف النظر عمن يملكها". ونفت هناء الركابي وجود قناة عربية مستقلة، وقالت: كل قناة وراءها من يمولونها، إذا بحثت عن صاحب رأس المال تجد أن القناة تصب في مصلحته