بث موقع الشبكة الجهادية بيانا نعى فيه زعيم التنظيم أسامة بن لادن ، و قد جاء البيان تأكيدا للخبر الذي أعلنته السلطات الامريكية .
البيان الذي أصدرته القاعدة عنون ب : عشت حميدا و مت شهيدا .. بيان بشأن ملحمة الإباء، واستشهاد الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله .
"ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون"
كانت هذه هي الاية التي افتتح بها البيان الذي جاء ليضع حدا لمجموعة من الاقاويل التي أحاطة بمقتل بن لادن .
و في ما يلي نص البيان :
الحمد لله القائل :{وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران: 157]، والصلاة والسلام على نبيه الذي قال : (لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل)، وعلى آله وأصحابه الذين نشروا الحقَّ بعدلهم، وحفظوا الدين بنحورهم، وسكبوا لإعلائه دماءهم {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} [آل عمران: 146] وعلى من سلك طريقهم وجاهد جهادهم وصبر صبرهم إلى يوم الدين.
أما بعد :
ففي يومٍ تاريخيٍّ من أيام الأمة الإسلامية العظيمة، وبموقفٍ ليس ببدعٍ من مواقف أبطالها ورجالها عبْرَ عُمرها المبارك، وعلى طريقٍ ممهّدٍ سلكَه خيارُ سابقيها ولاحقيها، قُتِل الشيخُ المجاهدُ القائِدُ الزاهِد المهاجِر أبو عبد الله أسامة بن محمد بن لادن رحمه الله في موطنِ صِدقٍ صَدَّق فيه القولَ بالعمل والدعوى بالبيِّنةِ ليلحقَ بركبِ الأمة المهيبِ الذي امتدَّت مواكبه تترا بين قادةٍ عظماء، وجنودٍ أوفياء، وفرسانٍ شرفاءِ أبى فيه أن يعطي الدنيةَ في دينه، وأن يُسلِم قياده ويذلَّ لِمن ضُربت عليهم الذلة والمسكنة من المغضوب عليهم والضالينَ، فواجهَ السلاحَ بالسلاح، والقوةَ بالقوةِ، وقَبِل أن يتحدَّى جموعاً مستكبرةً خرجتْ بآلاتها وعتادها وطائراتها وحشودها بطراً ورئاء الناس، فما ضعفت أمامهم عزيمتُه ولا خارت قواه، بل وقفَ لهم وجها لوجهٍ طوداً شامخاً كما كانَ طوداً شامخاً، ولم يزل يخوضُ غمار معركةٍ قد اعتادَ أمثالها وألِف نظائرها بعد أن أعذرَ وأدى أمانتَه حتى تلقى طلقاتِ الغدر والكفر ليُسلِمَ الروحَ إلى بارئها وهو يردد :
وليختم حياته المُنيرة بِشارةِ العزِّة التي طلبها السنينَ الطوال وجابَ الأرضَ بحثاً عنها وحرصاً عليها فتلقَّاها مستبشراً حينما أقبلتْ عليه : إنها الشهادة في سبيل الله : {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت: 35]، وما برحت أصداءُ كلماته تدوِّي في الآفاق : فالسَّعيد من اتخذه الله شهيداً، ولم يكن ظنُّه ظنَّ العجز!
فهنيئاً لأمة الإسلام باستشهادِ ابنها البارّ أسامة، فبعد حياةٍ حافلةٍ بالجدِ والجهد، والعزيمة والصبر، والتحريض والجهاد، والجود والكرم، والهجرة والأسفار، والنُّصح وحسن التدبير، والحكمة والحنكة -طُوِيَ عُمُر شيخ الجهاد في هذا العصر لتبقى دماؤه وكلماتُه ومواقفه وخاتمتُه روحاً تسري في أوصال أجيال أمتنا الإسلاميةِ جيلاً بعد جيلٍ، وقد تعلَّموا منه أن الأمجادَ لا تبنى بالأماني والآمال، وأن القيادةَ ليست مناصِبَ ونياشين، والعقائدَ والمبادئ ليست مجرَّد كلماتٍ منمَّقة تلوكها الألسن، وأن الدينَ لا يُنصَرُ بفضولِ الأوقاتِ والأعمالِ والأقوال، وأن سبيل العزِّ-في الدنيا والآخرة- مفتوحٌ لِمن أراد أن يدفع ضريبته ويتحمَّل تبعته، وأن الإمامةَ في الدينِ لا تنالُ إلا بالصبر واليقينِ، وأنَّ رأس مال المرء هو الصدقُ والإخلاص.
فلئن تمكَّن الأمريكان من قتل أسامة، فما ذلك بالعارِ ولا الشنار، وهل تقتل الرجال والأبطال إلا في ساحات النزال، ولكلِّ أجلٍ كتاب، ولكن هل يستطيع الأمريكانِ بإعلامهم وعملائهم وآلاتهم وعساكرهم واستخباراتهم وأجهزتهم أن يُميتوا ما عاش الشيخ أسامة لأجلِه وقُتلَ في سبيله؟ هيهات هيهات، فالشيخ أسامة لم يبنِ تنظيماً ليموتَ بموته ويذهب بذهابِه {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 8، 9]، ستظلُّ هذه الآيات سهاماً مسددةً في نحورِ هؤلاء الصم البكم الذين لا يعقلون، وسيبقى دين الله تعالى – ومنه الجهاد في سبيل الله- قائماً دائماً تحمل عقائدَهُ قلوبٌ صافية، وتعمل لإحيائه أيدٍ طاهرة، وتدأب لتمكينه جموعٌ صادقة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي وعدُ الله.
إن الشيخ أسامةَ بن لادن رحمه الله لم يكن نبياً أرسِلَ في القرن العشرين بل هو رجلٌ مسلمٌ من هذه الأمة المسلمة الكريمةِ أخذَ الكتابَ بقوةٍ وباع الدنيا بالآخرةِ وسعى لها سعيها كما نحسبه، فرفعه الله لما رفع دينه، وأعزه لما سعى لإعزاز كلمته، وأرعب به أمم الكفر كلَّها لما لم يخف إلا ربَّه، وإن الأمة التي أنجبت أسامة لأمة ولودٌ منجبة، وليأتينَّ منها من الرجالِ والأبطالِ أمثاُله وأمثاُله، ممن يستلذون التضحية ويستعذبون الصبر وينغصون عيش أعدائهم ويفتحون عليهم أبواب الجحيمِ أو يقودونهم إلى الجنةِ بالسلاسل؛ فجامعة الإيمان والقرآن والجهاد التي خرَّجت الشيخ أسامة بن لادن لم ولن توصد أبوابها، فكتابُ الله محفوظٌ وآياته تتلى آناء الليل وأطراف النهار ولن تمحى ولو اجتمع عليها من بأقطارها، كيف وأمتُنا المسلمةُ اليومَ أشدُّ إقبالا على دينها وتضحيةً من أجل عقيدتها وقوةً في مواجهة أعدائها وإدراكاً لحقيقة ما يُكاد لها، بعد أن نشأ فيها جيلٌ تقيٌّ نقيٌّ ساهم الشيخُ أسامة رحمه الله مساهمة طيبةً في غرسه مع سائر إخوانه من القادة الأبرار والدعاة الصالحين الأخيار، جيلٌ يستعلي بإيمانه ويعتزُّ بإسلامه ويحتقرُ الغربَ الكافرَ ويزدري حضارته الزائفة حضارة المجون والخنا والانحلال والدجل، جيلٌ يتخذُ مقتلَ قادته مغنماً لتوطيد ولائه للدينِ لا مغرماً ينتكسُ به على عقبيه، مردِّدين بإيمان ويقينٍ قولَ الله تعالى : {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 146 - 148].
ولو كان نور الإسلام والجهاد يمكن أن ينطفئَ بمقتلِ أو موتِ أحدٍ لذهبَ يوم أن مات سيِّدُ الخلقِ محمد صلى الله عليه وسلم وارتدَّ مَن ارتدَّ من العرب، أو لطويت صفحتُهُ يوم أن تضرَّج أمير المؤمنين عمر بدمه في محرابه، وعثمانُ عند مصحفه، وعليٌّ في طريقه رضي الله عنهم أجمعين، وكم وكم من القادة الذينَ ساروا على هديهم وقد ملئوا الأرضَ شرقاً وغرباً بذكرهم وفتوحاتهم وجهادهم فما خفَتَ نورُ الحق بمقتلهم ولا تراجع أتباعهم بغيابهم، بل ازدادوا بقتلهم غيظاً على أعدائهم وإصراراً على أخذِ ثأرهم ورايةُ الحقِّ بأيدهم وهم يتلون قولَ ربهم : {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23].
ومن هذا المنطلَق فإننا في تنظيم قاعدة الجهاد نعاهد الله سبحانه – ونسأله العون والتأييد والتثبيت– على المضيّ على طريق الجهادِ الذي سار عليه قادتُنا وعلى رأسهم الشيخ أسامة، غيرَ متوانين ولا مترددين، ولن نحيدَ عن ذلك أو نميل حتى يحكم الله بيننا وبين عدونا بالحقِّ وهو خير الحاكمين، ولا يضرُّنا بعد ذلكَ أن نرى النصرَ والظفر وندرك الفتحَ والتمكين أو نهلك دونَ ذلك : {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 74].
كما أننا نؤكد أن دماء الشيخ المجاهد أسامة بن لادن رحمه الله أثقل وأغلى عندنا وعند كل مسلمٍ من أن تذهب سُدىً، وستبقى بإذن الله تعالى لعنةً تطارِد الأمريكان وعملاءهم وتلاحقُهم خارجَ وداخلَ بلادهم، وعما قريبٍ –بعونِ الله- لتنقلبنَّ أفراحُهم أحزانا، ولتختلطنَّ دماؤهم بدموعهم، ولنُبِرَّنَّ قسمَ الشيخ أسامة رحمه الله : فلن تنعم أمريكا ولا مَن يعيش في أمريكا بالأمان حتى ينعمَ به أهلنا في فلسطين، وسيستمر جنود الإسلام جماعاتٍ ووحدانا يدبِّرون ويخطّطون بغير كلل ولا ملل ولا يأسٍ ولا استسلامٍ ولا خورٍ ولا فتورٍ حتى تُرموا منهم بداهيةٍ تُشيبُ الطفلَ من قبلِ المشيبِ.!
وإننا ندعو شعبنا المسلم في باكستان الذين قتل الشيخ أسامة على أرضهم أن يهبّوا ويثوروا لغسل هذا العار الذي ألحقه بهم شرذمة من الخونة واللصوص ممن باعوا كلَّ شيءٍ لأعداء الأمة، واستخفّوا بمشاعر هذا الشعب الكريم المجاهد، وأن ينتفضوا انتفاضةً قويةً عامةً لتطهير بلادهم (باكستان) من برجس الأمريكان الذين عاثوا فيها فساداً {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
هذا وقد أبي الشيخ أن يرحل عن هذه الدنيا قبل أن يشارك أمته الإسلامية أفراحها بثوراتها التي انتفضت بها في وجه الظلم والظالمين وسجل لها رحمه الله كلمة صوتية قبل مقتله بأسبوع واحدٍ ضمّنها تهنئةً ونصائحَ وتوجيهاتٍ، سننشُرُها قريبا بإذن الله، وختمها بهذه الأبيات :
ثم إننا نحذّرُ الأمريكان من أي مساسٍ بجثمانِ الشيخ رحمه الله أو تعرّضٍ بمعاملة غير لائقة له أو لأي أحدٍ من عائلته الكرام حيّهم وقتيلهم، وأن تُسلَّم الجثامين إلى أهلها، وإلا فإن أية إساءة ستفتح عليكم أبواباً مضاعفةً من الشرّ لا تلومون معها إلا أنفسكم. وندعو المسلمين كافةً إلى القيام بواجبهم في فرضِ هذا الحق.
كانت هذه هي الاية التي افتتح بها البيان الذي جاء ليضع حدا لمجموعة من الاقاويل التي أحاطة بمقتل بن لادن .
و في ما يلي نص البيان :
بسم الله الرحمن الرحيم
[ تنظيم قاعدة الجهاد- القيادة العامة ]
عشتَ حميداً ومتَّ شهيداً
بيان بشأن ملحمة الإباء، واستشهاد الشيخ أسامة بن لادن
رحمه الله
رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :
ففي يومٍ تاريخيٍّ من أيام الأمة الإسلامية العظيمة، وبموقفٍ ليس ببدعٍ من مواقف أبطالها ورجالها عبْرَ عُمرها المبارك، وعلى طريقٍ ممهّدٍ سلكَه خيارُ سابقيها ولاحقيها، قُتِل الشيخُ المجاهدُ القائِدُ الزاهِد المهاجِر أبو عبد الله أسامة بن محمد بن لادن رحمه الله في موطنِ صِدقٍ صَدَّق فيه القولَ بالعمل والدعوى بالبيِّنةِ ليلحقَ بركبِ الأمة المهيبِ الذي امتدَّت مواكبه تترا بين قادةٍ عظماء، وجنودٍ أوفياء، وفرسانٍ شرفاءِ أبى فيه أن يعطي الدنيةَ في دينه، وأن يُسلِم قياده ويذلَّ لِمن ضُربت عليهم الذلة والمسكنة من المغضوب عليهم والضالينَ، فواجهَ السلاحَ بالسلاح، والقوةَ بالقوةِ، وقَبِل أن يتحدَّى جموعاً مستكبرةً خرجتْ بآلاتها وعتادها وطائراتها وحشودها بطراً ورئاء الناس، فما ضعفت أمامهم عزيمتُه ولا خارت قواه، بل وقفَ لهم وجها لوجهٍ طوداً شامخاً كما كانَ طوداً شامخاً، ولم يزل يخوضُ غمار معركةٍ قد اعتادَ أمثالها وألِف نظائرها بعد أن أعذرَ وأدى أمانتَه حتى تلقى طلقاتِ الغدر والكفر ليُسلِمَ الروحَ إلى بارئها وهو يردد :
من يبذُلِ الروحَ الكريم لربِّه --- دفعاً لباطلهم فكيف يُلامُ
ومن ظن ممن يلاقي الحروب --- بأن لا يصاب فقد ظن عجزا
فلئن تمكَّن الأمريكان من قتل أسامة، فما ذلك بالعارِ ولا الشنار، وهل تقتل الرجال والأبطال إلا في ساحات النزال، ولكلِّ أجلٍ كتاب، ولكن هل يستطيع الأمريكانِ بإعلامهم وعملائهم وآلاتهم وعساكرهم واستخباراتهم وأجهزتهم أن يُميتوا ما عاش الشيخ أسامة لأجلِه وقُتلَ في سبيله؟ هيهات هيهات، فالشيخ أسامة لم يبنِ تنظيماً ليموتَ بموته ويذهب بذهابِه {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 8، 9]، ستظلُّ هذه الآيات سهاماً مسددةً في نحورِ هؤلاء الصم البكم الذين لا يعقلون، وسيبقى دين الله تعالى – ومنه الجهاد في سبيل الله- قائماً دائماً تحمل عقائدَهُ قلوبٌ صافية، وتعمل لإحيائه أيدٍ طاهرة، وتدأب لتمكينه جموعٌ صادقة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي وعدُ الله.
إن الشيخ أسامةَ بن لادن رحمه الله لم يكن نبياً أرسِلَ في القرن العشرين بل هو رجلٌ مسلمٌ من هذه الأمة المسلمة الكريمةِ أخذَ الكتابَ بقوةٍ وباع الدنيا بالآخرةِ وسعى لها سعيها كما نحسبه، فرفعه الله لما رفع دينه، وأعزه لما سعى لإعزاز كلمته، وأرعب به أمم الكفر كلَّها لما لم يخف إلا ربَّه، وإن الأمة التي أنجبت أسامة لأمة ولودٌ منجبة، وليأتينَّ منها من الرجالِ والأبطالِ أمثاُله وأمثاُله، ممن يستلذون التضحية ويستعذبون الصبر وينغصون عيش أعدائهم ويفتحون عليهم أبواب الجحيمِ أو يقودونهم إلى الجنةِ بالسلاسل؛ فجامعة الإيمان والقرآن والجهاد التي خرَّجت الشيخ أسامة بن لادن لم ولن توصد أبوابها، فكتابُ الله محفوظٌ وآياته تتلى آناء الليل وأطراف النهار ولن تمحى ولو اجتمع عليها من بأقطارها، كيف وأمتُنا المسلمةُ اليومَ أشدُّ إقبالا على دينها وتضحيةً من أجل عقيدتها وقوةً في مواجهة أعدائها وإدراكاً لحقيقة ما يُكاد لها، بعد أن نشأ فيها جيلٌ تقيٌّ نقيٌّ ساهم الشيخُ أسامة رحمه الله مساهمة طيبةً في غرسه مع سائر إخوانه من القادة الأبرار والدعاة الصالحين الأخيار، جيلٌ يستعلي بإيمانه ويعتزُّ بإسلامه ويحتقرُ الغربَ الكافرَ ويزدري حضارته الزائفة حضارة المجون والخنا والانحلال والدجل، جيلٌ يتخذُ مقتلَ قادته مغنماً لتوطيد ولائه للدينِ لا مغرماً ينتكسُ به على عقبيه، مردِّدين بإيمان ويقينٍ قولَ الله تعالى : {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 146 - 148].
ولو كان نور الإسلام والجهاد يمكن أن ينطفئَ بمقتلِ أو موتِ أحدٍ لذهبَ يوم أن مات سيِّدُ الخلقِ محمد صلى الله عليه وسلم وارتدَّ مَن ارتدَّ من العرب، أو لطويت صفحتُهُ يوم أن تضرَّج أمير المؤمنين عمر بدمه في محرابه، وعثمانُ عند مصحفه، وعليٌّ في طريقه رضي الله عنهم أجمعين، وكم وكم من القادة الذينَ ساروا على هديهم وقد ملئوا الأرضَ شرقاً وغرباً بذكرهم وفتوحاتهم وجهادهم فما خفَتَ نورُ الحق بمقتلهم ولا تراجع أتباعهم بغيابهم، بل ازدادوا بقتلهم غيظاً على أعدائهم وإصراراً على أخذِ ثأرهم ورايةُ الحقِّ بأيدهم وهم يتلون قولَ ربهم : {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23].
ومن هذا المنطلَق فإننا في تنظيم قاعدة الجهاد نعاهد الله سبحانه – ونسأله العون والتأييد والتثبيت– على المضيّ على طريق الجهادِ الذي سار عليه قادتُنا وعلى رأسهم الشيخ أسامة، غيرَ متوانين ولا مترددين، ولن نحيدَ عن ذلك أو نميل حتى يحكم الله بيننا وبين عدونا بالحقِّ وهو خير الحاكمين، ولا يضرُّنا بعد ذلكَ أن نرى النصرَ والظفر وندرك الفتحَ والتمكين أو نهلك دونَ ذلك : {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 74].
كما أننا نؤكد أن دماء الشيخ المجاهد أسامة بن لادن رحمه الله أثقل وأغلى عندنا وعند كل مسلمٍ من أن تذهب سُدىً، وستبقى بإذن الله تعالى لعنةً تطارِد الأمريكان وعملاءهم وتلاحقُهم خارجَ وداخلَ بلادهم، وعما قريبٍ –بعونِ الله- لتنقلبنَّ أفراحُهم أحزانا، ولتختلطنَّ دماؤهم بدموعهم، ولنُبِرَّنَّ قسمَ الشيخ أسامة رحمه الله : فلن تنعم أمريكا ولا مَن يعيش في أمريكا بالأمان حتى ينعمَ به أهلنا في فلسطين، وسيستمر جنود الإسلام جماعاتٍ ووحدانا يدبِّرون ويخطّطون بغير كلل ولا ملل ولا يأسٍ ولا استسلامٍ ولا خورٍ ولا فتورٍ حتى تُرموا منهم بداهيةٍ تُشيبُ الطفلَ من قبلِ المشيبِ.!
وإننا ندعو شعبنا المسلم في باكستان الذين قتل الشيخ أسامة على أرضهم أن يهبّوا ويثوروا لغسل هذا العار الذي ألحقه بهم شرذمة من الخونة واللصوص ممن باعوا كلَّ شيءٍ لأعداء الأمة، واستخفّوا بمشاعر هذا الشعب الكريم المجاهد، وأن ينتفضوا انتفاضةً قويةً عامةً لتطهير بلادهم (باكستان) من برجس الأمريكان الذين عاثوا فيها فساداً {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
هذا وقد أبي الشيخ أن يرحل عن هذه الدنيا قبل أن يشارك أمته الإسلامية أفراحها بثوراتها التي انتفضت بها في وجه الظلم والظالمين وسجل لها رحمه الله كلمة صوتية قبل مقتله بأسبوع واحدٍ ضمّنها تهنئةً ونصائحَ وتوجيهاتٍ، سننشُرُها قريبا بإذن الله، وختمها بهذه الأبيات :
فقول الحق للطاغي --- هو العز هو البشرى
هو الدربُ إلى الدنيا --- هو الدربُ إلى الأخرى
فإن شئتَ فمتْ عبداً --- وإن شئتَ فمت حرّا
ولله الأمرُ من قبلُ ومن بعد، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله وسلم تسليما كثيراً.
تنظيم قاعدة الجهاد/ القيادة العامة
الثلاثاء 29جمادى الأولى1432هـ
الموافق : 3مايو2011م
المصدر : ( مركز الفجر للإعلام )