منع المرأة من الزواج من أعظم الأضرار
أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إلى أن عددًا من السعوديات أقمن دعاوى على أولي الأمر المسؤولين عنهن لمنعهن من الزواج للاستفادة من أموالهن ، منتهكين بذلك أحكام الشريعة، لأنهم يجبرونهن على البقاء دون زواج، وهى الممارسة التي تعرف باسم "العضل".
وعرضت الصحيفة بوالد أجبر ابنته الطبيبة، التي تبلغ من العمر 42 عامًا، على البقاء دون زواج رغم أنفها، بعدما رفض جميع عروض الزواج التي تقدَّم لها، حتى يتسنى له الاحتفاظ براتبها العالي ، ولم تجد الطبيبة بديلاً سوى اللجوء إلى القضاء.
وعن حكم العضل فى الشريعة أكد الأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور مبروك عطية لمجلة "لها" أن أشكال العضل للمرأة متنوعة ، سواء كانت مطلقة أو بكراً. وقد حصر القرآن بعض صوره، ومن أشهرها أن يَمتنع الولي عن تزويج المرأة، حتى إذا تقدم لخطبتها كفء سناً ونسباً وثقافة وقد رضيتْه، ومنعها الوليُّ طمعًا بمالها أو بطلبه مهرًا كبيرًا، وقد يرد الصالح التقي ويزوجها من شيخٍ كبير أو فاسقٍ عاصٍ، أو يصر على أن يزوجها من العائلة أو القبيلة، بدعوى المُحافظة على النسب أو تفاخرًا بالأحساب.
وذكر د. مبروك أن من صور العضل أيضاً أن تُمنع المطلقة أو الأرملة من الزَّواج ثانية، وكذلك ما يُسمى بـ«التحجير»، حيث يُعلن الولِيُّ أنَّ ابنته حِجْرٌ على ابن عمها أو قريبها، بصرف النظر عن دينه أو خُلقه، ويزوَّجها إياه بغير رضاها، فإنْ رفضت تظلَّ معلقة، ويقولون: «القريب أولى من الغريب». وهو نوع من الوَأْد الأشَدِّ قسوةً من الوأد القديم أيام الجاهلية. ومن صور العضل للمطلقة قوله تعالى: «وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» آية 232 سورة البقرة.
وقد فسرها الصحابي عبد الله بنُ عباس بأنها نزلت في الرجل الذي يطلِّق امرأتَه طلقة أو طلقتين فتنقضي عدَّتها، ثم يبغي ردَّها وتريد المرأة ذلك فيمنعها أولياؤها، وقد نهاهم الله أن يمنعوها حتى ولو كانت حجتهم في عدم الرجوع إليه جرح كرامة العائلة.
وكذلك من صور العضل ما جاء في قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ» آية 19 النساء. بمعنى أن يضيِّقَ الزَّوج على زوجته إذا كرهها، فيسيء عشرتها ويَمنعها حقوقها حتى تفتدي نفسها بمال أو تخالعه. ومن أنواع العضل المنهي عنه أيضاً ما جاء في قوله تعالى: «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ» آية 127 سورة النساء. وفي هذه الحالة يمتنع ولي اليتيمة من تزويجها لغيره، لرغبته في زواجها لنفسه من أجل مالها. فالقاعدة الشرعيَّة «لا ضَرَرَ ولا ضِرَار»، والعضل من أعظم الأضرار.