< ما التقديرات الإسرائيلية لثورة 25 يناير؟ وكيف فشلت الاستخبارات الإسرائيلية »الموساد« في التنبؤ بالثورة وهي المعروفة بدقتها وحرفيتها العالية؟ أم أن تلك الحرفية مبالغ فيها ونحن الذين صنعناها؟
- عندما اندلعت الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير 2011 ساد الاضطراب أوساط الحكومة الإسرائيلية وصدرت تحذيرات شديدة من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤداها أن الثورة المصرية ستقود الي ظهور نظام أصولي في مصر علي غرار النظام الايراني، وأن النظام الجديد في مصر سوف يبادر الي إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل ويعيد أجواء المواجهة مجددا، في الوقت نفسه بذلت الحكومة الإسرائيلية جهودا كبيرة لإقناع الإدارة الأمريكية بعدم التخلي عن نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك وبعد تقدم الثورة المصرية وتراجع نظام الرئيس السابق مبارك أمام الثوار وتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي عن التعليق علي ما يجري في مصر، وطلب من أعضاء حكومته التزام الصمت تماما وعدم الحديث الي وسائل الإعلام عن الشأن المصري، وجري التركيز علي مآل معاهدة السلام فقط، وهو الأمر الذي انتهي عمليا مع صدور البيان الرابع للمجلس العسكري الأعلي في الثاني عشر من فبراير 2011 الذي تضمن في البند الخامس »التزام جمهورية مصر العربية بكافة الالتزامات والمعاهدات الإقليمية والدولية«، فبصدور هذا البيان لم يكن هناك مجال لاستمرار التساؤل عن موقف الثورة المصرية من معاهد السلام مع إسرائيل، فقد أقرت القوات المسلحة المصرية التزام مصر بكافة المعاهدات الاقليمية والدولية.
أثار اندلاع الثورة في مصر جدلا حادا في إسرائيل انصب حول فشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في توقع الثورة لا سيما أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ـ أمان ـ أفيف كوخافي كان قد أكد قبل أسبوع من الثورة المصرية أن النظام في مصر مستقر، ولا يوجد خطر يتهدده، ومن هنا تعرضت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لحملة إعلامية وسياسية شديدة تتهم هذه الأجهزة بالتقصير، وهناك من أكد أن الفشل في توقع الثورة في مصر يعادل الفشل في توقع ما جري في السادس من أكتوبر عام 1973، ونتيجة لذلك طلب عدد من أعضاء لجنة الخارجية والأمن بالتحقيق في الفشل الجديد للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية في وقت لاحق تحتمل إسرائيل نتائج مثل هذا الفشل.
الفشل كان ذريعا لا سيما أن رجال الاستخبارات الإسرائيلية سبق وفاخروا بأنهم باتوا يعرفون كل كبيرة وصغيرة في مصر، وأنهم تمكنوا من اختراق المجتمع المصري وجمع معلومات كافية في كافة المجالات، أيضا الفشل هذه المرة تعلق ببقاء نظام سياسي مثل الركيزة الاستراتيجية لتل أبيب في المنطقة وباتت إسرائيل تري أن نظام مبارك »حفظ السلام والاستقرار في المنطقة واعتمد رؤساء الحكومات الإسرائيلية الثمانية علي مدار العقود الثلاثة الماضية علي الرئيس مبارك كركيزة استراتيجية حتي عندما خاضوا الحروب«.
من هنا بات واضحا أن اندلاع الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير شكل صدمة للقيادة السياسية الإسرائيلية التي رأت أحد أركان النظام الاقليمي الذي تمارس الهيمنة عليه ينهار، بفعل اندلاع ثورة شعبية وأن الحدث في ذاته أثبت عدم قدرة الاستخبارات الإسرائيلية علي توقع أحداث الثورة أو التنبؤ بها.
كما أن نجاح الثورة يقدم دليلا آخر علي عدم سلامة التقديرات العالية التي منحها البعض للأجهزة الأمنية الإسرائيلية علي النحو الذي جعل البعض يراها وراء كل »مصيبة« في مصر والعالم العربي، فهذه الأجهزة علي تنوعها، لديها جوانب للنجاح وأخري للفشل الذريع، الخطوة تأتي من »أسطرة« هذه الأجهزة أي التعامل معها باعتبارها أسطورة كما تأتي أيضا وبنفس القدر من التهوين الشديد في قدراتها، فهي أجهزة استخبارات قوية ومتطورة ولكنها لا هي أسطورية ولا »خايبة«.
مبارك كنز استراتيجي
< المعروف أن مبارك كان كنزا استراتيجيا لإسرائيل وفقا لتصريح بنيامين بن اليعازر.. ما أبرز الخدمات التي قدمها مبارك لإسرائيل؟ وهل هناك خدمات أخري غير معروفة مثل التمسك بمعاهدة السلام والصمت إبان حرب لبنان وغزة وإغلاق معبر رفح؟
- كان مبارك بالفعل كنزا استراتيجيا لإسرائيل وتحديدا منذ أن جند مصر بالكامل أجهزتها، مؤسساتها، ودورها الاقليمي، لخدمة مخط التوريث، فقد بدأ مبارك منذ عام 2004 في الإعداد لتوريث السلطة لنجله جمال، وعرض دور مصر الإقليمي للبيع خدمة لهذا المشروع، وفي تقديري أن مبارك استغل نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية التي جرت في يناير 2006 وفازت فيها حركة حماس، ليقول للأمريكيين والإسرائيليين والأوروبيين إن شعوب المنطقة غير جاهزة للديمقراطية وأن الرأي العام في مصر يتسم بالتطرف والتشدد، ومن ثم فإن أي انتخابات حرة نزيهة سوف تأتي بالإسلاميين كما حدث في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية، ومن ثم لابد من التوقف عن المطالبة بمزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان للمصريين، وعرض صفقة علي الإسرائيليين مؤداها أن يقنعوا الإدارة الأمريكية بوقف الضغوط علي النظام لمزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان مقابل أن يقوم النظام المصري بتلبية كل المطالب الإسرائيلية والأمريكية اقليميا ودوليا، من قبيل إحكام الحصار علي غزة، وعدم صدور أي رد فعل في حالة الاعتداء علي لبنان، مع التجهيز والتعاون الخفي في حال اتخاذ قرار بضرب إيران.. لكل ذلك اعتبرت إسرائيل أن نظام مبارك بمثابة كنز استراتيجي لها، ورأت في سقوطه خسارة عظيمة لإسرائيل، وأول كلمة نطقها نتنياها بعد إعلان خبر سقوط مبارك كانت: »لقد ضاعت الفرصة لضرب إيران«، وب يمكن القول بأن مبارك فعل كل ذلك و»باع« دور مصر الاقليمي من أجل خدمة مشروع توريث السلطة لنجله جمال، فهذا المشروع الكارثي هو المسئول عن تراجع دور مصر الاقليمي ورهن سياسة مصر الخارجية لصالح إسرائيل والولايات المتحدة.
إسرائيل والثورة المصرية
< يبدو أن الموقف الإسرائيلي من الثورة المصرية ملتبسا، فالموقف الرسمي من الثورة يتحفظ عليها خوفا من وصول الإسلاميين للحكم، ولكن في المقابل هناك قطاعات في الرأي العام الإسرائيلي ووسائل الإعلام خصوصا اليسار تبدو مرحبة بالثورة باعتبار الديمقراطية في صالح إسرائيل أولا وأخيرا.. ما رأيك؟
- شكل نجاح الثورة في مصر ورحيل نظام مبارك صدمة لإسرائيل وبدأت عملية مراجعة شاملة للقدرات الذاتية، الاستخباراتية والعسكرية علي خلفية عدم قدرة الأجهزة الإسرائيلية علي توقع الثورة من ناحية وعدم وضوح الرؤية بشأن طبيعة النظام المصري الجديد، وبدأت عملية المراحعة باتهام الحكومة الإسرائيلية بعدم حسن إدارة الأزمة فقد اتخذت الحكومة الإسرائيلية مواقف عدائية من الثورة ضد نظام مبارك، في حين أن الثورة لم تقع بسبب معاهدة السلام مع إسرائيل، أو العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية بل بسبب تطلع المصريين الي المستقبل، وإقامة نظام ديمقراطي.. مواجهة الفساد، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، استعادة دور مصر الاقليمي، ومن ثم تصاعدت المطالب لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يصمت ويتوقف تماما عن الحديث عن احتمال قيام نظام إسلامي أصولي في مصر علي غرار إيران عام 1979، ويعطي فرصة للمصريين لتأسيس نظام ديمقراطي جديد، ومن ثم هناك من دعا الحكومة الإسرائيلية الي تبني توجه ايجابي ازاء الثورة المصرية والتوقف تماما عن »معاداة ثوار التحرير«.
هناك أيضا من دعا إسرائيل الي اسقاط المعادلة التي كانت تستند علي نظام اقليمي مشكل من نظم حكم ديكتاتورية ومن ثم البدء فورا ودون إبطاء في مفاوضات للتسوية السياسية الحقيقية مع جيرانها العرب وذلك حتي تصبح إسرائيل »جارا مرغوبا فيه وتتمتع بالقبول من دول المنطقة«.
هناك من دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الي الموافقة علي مبادرة السلام العربية التي سبق وتجاهلها، فما هو مطلوب الآن هو مد يد السلام والعمل علي خلق شرق أوسط جديد ديمقراطي ومستقر، في كل الأحوال تدرك إسرائيل أنها وبنجاح الثورة المصرية خسرت رصيدا استراتيجيا لها في المنطقة، وأن نجاح الثورة المصرية مثل سقوطا لمعادلة اقليمية اعتمدت عليها إسرائيل كثيرا وهي معادلة قامت علي وجود نظم حكم تسلطية في الدول العربية وتحديدا دول الجوار، تقمع تطلعات شعوبها، حيث أبرمت تفاهما مع إسرائيل ومن خلفها واشنطن مؤداه »نحن أدري بشعوبنا«، هي معادية لكم وتكرهكم، وغير مؤهلة للديمقراطية، اتركونا نحكمها كما نشاء، وسوف نلبي لكم مطالبكم الاقليمية والدولية، فهذه المعادلة سقطت بنجاح الثورة المصرية، وإسرائيل لاتزال حتي الآن في مرحلة تأمل بحثا عن معادلة جديدة، أو انتظارا لتبلور ملامح نظام مصري جديد، تحدد بعد تشكله أسس سياستها تجاه المنطقة وعملية التسوية السياسية وفي المحصلة النهائية، فإن رحيل نظام مبارك مثّل خسارة كبيرة لإسرائيل التي بات عليها بناء سياسة جديدة بديلة في بيئة تتسم بالنسبة لها بالغموض الشديد.
< ما الدور الإسرائيلي لإجهاض الثورة؟ هل هناك مخطط إسرائيلي لإفشال الثورة فعلا كما تفعل بعض دول الخليج؟
- روجت إسرائيل من الأيام الأولي للثورة المصرية لرؤية تقول إن ما يجري في مصر هو محاولة من الأصوليين الإسلاميين للانقلاب علي نظام مبارك وتأسيس نظام أصولي علي غرار النظام الإيراني، وأن النظام الجديد سوف يبادر الي إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، ومن ثم يغلق قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية والتي يتم عبرها مرور نحو ثلث تجارة إسرائيل الخارجية، وهناك من استغل المناسبة لتوجيه إهانات لمصر والمصريين حيث قال: »في مجتمعات بدائية قد تفضي إرادة الأغلبية الي أنواع من القسوة ونفي حقوق الإنسان، وقد تفضي الي ما هو أسوأ من النظام الديكتاتوري. كما أن ظهور نظام سياسي أصولي في مصر سيؤدي الي استنساخ النظام في مختلف الدول العربية المجاورة وفق ما تقول »نظرية الدومينو« التي وقعت واشنطن أسيرة لها بعد الحرب العالمية الثانية، ووفق هذه الرؤية تتكرس الرؤية الإسرائيلية التي تري أن معاهدات السلام مع الدول العربية لا قيمة لها، ومن ثم فإن إسرائيل في حاجة الي زيادة قدراتها العسكرية حتي تحقق الردع المطلوب، القوة فقط هي التي تضمن أمن إسرائيل وسلامتها. لكل ذلك بذلت الحكومة الإسرائيلية جهودا ضخمة لإقناع الإدارة الأمريكية بعدم التخلي عن نظام مبارك ومساندته ويمكنني القول صراحة بأن إسرائيل عملت علي إفشال الثورة المصرية من اليوم الأول، وهو نفس الأمر الذي حاولته دول عربية رئيسة في الخليج، ولا تزال تحاول تطويع الثورة المصرية للتحول الي مجرد حركة تغيير فقط تكتفي بما تحقق حتي الآن من تغيير رأس النظام وإسقاط مشروع التوريث، واختصار مدة الرئاسة الي أربع بدلا من ست سنوات، ودورتين بدلا من مدي الحياة.
الفارق بين إسرائيل ودول عربية رئيسة في الخليج هو أن إسرائيل تراقب الموقف بعد الثورة، أما أشقاؤنا العرب في دول خليجية رئيسة فقد نزلوا الي الملعب وألقوا بثقلهم الديني والمالي من أجل جعل الصفحة الأخيرة من الثورة المصرية أكثر دموية وسوادا حتي يكون الشعب المصري عبرة لمن تسول له نفسه في أي دولة عربية محاولة استنساخ الثورة المصرية.
أقوال كثيرة
< ما حقيقة الاتصالات بين مبارك والقادة الإسرائيليين قبل تنحيه أو خلعه من الحكم؟ هل هناك مساعدات إسرائيلية لمبارك مثل القنابل المسيلة للدموع والقناصة وصلت مصر فعلا وتم استخدامها؟
- هناك أقوال كثيرة في هذه القضية، كانت هناك بالفعل اتصالات وزيارات كما نشرت معلومات في إسرائيل تقول: إن شخصيات سياسية إسرائيلية كانت تحصل علي مرتبات شهرية من الحكومة المصرية نظير الدفاع عن النظام في الكونجرس الأمريكي تحديدا، وذكر اسم بنيامين بن اليعازر تحديدا، وذكرت أنباء كثيرة إبان الثورة أن شحنات من أدوات مكافحة »الشعب« قد وصلت الي مصر قادمة من إسرائيل من بينها قنابل مسيلة للدموع وهراوات كهربائية وغيرها، ولكنها معلومات لم تتأكد بعد ومن هنا أدعو الي التحقيق فيها وكشف حقيقتها للرأي العام.
< قال الدكتور مصطفي الفقي قبل سقوط مبارك إن المرشح الرئاسي لمصر لابد أن يحظي برضا إسرائيل ومباركة واشنطن.. ما صحة ذلك؟ وهل المسألة لها علاقة باتفاقية السلام بين البلدين؟
- أعتقد أن د. مصطفي الفقي كان يشير الي جوهر المعادلة التي سبق وأشرت اليها وهي الصفقة التي أبرمها مبارك مع إسرائيل والولايات المتحدة والتي تم بموجبها التوصل الي تفاهم مؤداه أن تتوقف واشنطن وتل أبيب عن إثارة قضية الديمقراطية والحريات في مصر وأن توافق علي خلافة جمال لوالده مبارك، مقابل أن تفعل مصر كل ما يطلب منها إقليميا.
قضية فساد
< توقف تصدير الغاز المصري أثار العديد من الهواجس داخل إسرائيل بعد الثورة، ما حكاية صفقة الغاز وهل إسرائيل تستورد الغاز المصري بأسعار أقل؟ ماذا عن عمولة حسين سالم وجمال مبارك؟ وهل يتم اللجوء الي التحكيم الدولي لحل النزاع المصري الإسرائيلي حول تصدير الغاز؟
- قصة تصدير الغاز الطبيعي المصري لإسرائيل هي قصة فساد كبري، فمصر لا تصدر الغاز لإسرائيل مباشرة بل إن وزارة البترول المصرية كانت تبيع الغاز لشركة »شرق المتوسط« المملوكة لحسين سالم، الصديق المقرب لمبارك، الذي يشاركه في الأعمال التجارية والسمسرة في مجالات السلاح، وتصدير الغاز، وهذه الشركة كانت تقوم ببيع الغاز لإسرائيل، ولا أحد كان يعرف بأي سعر تشتري شركة شرق المتوسط الغاز المصري ولا بأي سعر تبيعه لإسرائيل.. إنها قصة فساد كبري، قصة نهب ثروات البلاد واقتسام أموال الشعب المنهوبة بين مبارك وشلة من الرفاق علي رأسهم حسين سالم.
< أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة المصرية تمسكه بالاتفاقيات المبرمة بين مصر وسائر الدول ومنها اتفاقية كامب ديفيد؟ هل تخشي من انهيار السلام بين البلدين الفترة المقبلة؟
- في الحقيقة جاء إعلان المجلس الأعلي للقوات المسلحة المصرية الالتزام بكافة الاتفاقات الدولية والاقليمية التي وقعتها مصر ليمثل استمرارا لنهج الدولة المصرية علي الدوام الذي يتعامل مع الاتفاقات التي توقعها أي حكومة مصرية باعتبارها التزامات دولة، عكس حال الكثير من الدول ومن بينها إسرائيل التي لا تحترم اتفاقاتها التعاقدية، وتتعامل مع الاتفاقات علي انها التزامات تخص الحكومة التي وقعتها ومن ثم فقد شنت إسرائيل حملة ضارية علي الثورة المصرية وروجت لمقولات تري أن مصر سوف تخرج علي معاهدة السلام مع إسرائيل، ومن هنا جاء بيان المجلس العسكري الأعلي ليؤكد التزام مصر بكافة الاتفاقات الدولية والإقليمية في رد غير مباشر علي الحملة الإسرائيلية، وفي تقديري أن السلام بين مصر وإسرائيل مستقر، والمتغير هنا هو طبيعة العلاقات المصرية الإسرائيلية التي ستتراوح ما بين السلام البارد والحرب الباردة في الفترة القادمة بعد أن ذهب مبارك بمرحلة السلام الساخن التي جاءت وليدة صفقة مقايضة دور مصر الاقليمي لقاء تمرير مشروع التوريث.
< هل تتوقع حربا بين مصر وإسرائيل في ظل المناخ المتوتر والانفلات الأمني في سيناء؟ وهل تخسر إسرائيل الحرب كما يتوقع العديد من خبراء العسكرية في العالم مثل كوردسمان؟ أم تحتل إسرائيل سيناء مجددا؟
- لا أتوقع ذلك علي الإطلاق، فكل من مصر وإسرائيل أدرك أن أي خلاف أو صراع بينهما لن يمكن حسمه عن طريق القوة، ومن ثم فإن الصراع بين البلدين سوف يدار بأدوات غير عسكرية في الفترة القادمة، ويمكن أن تشهد الفترة القادمة تصريحات حادة وتبادل للاتهامات إلا أنها لن تصل الي حالة الحرب بين البلدين.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية جاد:بدأت الحرب الباردة مع إسرائيل!
- عندما اندلعت الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير 2011 ساد الاضطراب أوساط الحكومة الإسرائيلية وصدرت تحذيرات شديدة من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤداها أن الثورة المصرية ستقود الي ظهور نظام أصولي في مصر علي غرار النظام الايراني، وأن النظام الجديد في مصر سوف يبادر الي إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل ويعيد أجواء المواجهة مجددا، في الوقت نفسه بذلت الحكومة الإسرائيلية جهودا كبيرة لإقناع الإدارة الأمريكية بعدم التخلي عن نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك وبعد تقدم الثورة المصرية وتراجع نظام الرئيس السابق مبارك أمام الثوار وتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي عن التعليق علي ما يجري في مصر، وطلب من أعضاء حكومته التزام الصمت تماما وعدم الحديث الي وسائل الإعلام عن الشأن المصري، وجري التركيز علي مآل معاهدة السلام فقط، وهو الأمر الذي انتهي عمليا مع صدور البيان الرابع للمجلس العسكري الأعلي في الثاني عشر من فبراير 2011 الذي تضمن في البند الخامس »التزام جمهورية مصر العربية بكافة الالتزامات والمعاهدات الإقليمية والدولية«، فبصدور هذا البيان لم يكن هناك مجال لاستمرار التساؤل عن موقف الثورة المصرية من معاهد السلام مع إسرائيل، فقد أقرت القوات المسلحة المصرية التزام مصر بكافة المعاهدات الاقليمية والدولية.
أثار اندلاع الثورة في مصر جدلا حادا في إسرائيل انصب حول فشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في توقع الثورة لا سيما أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ـ أمان ـ أفيف كوخافي كان قد أكد قبل أسبوع من الثورة المصرية أن النظام في مصر مستقر، ولا يوجد خطر يتهدده، ومن هنا تعرضت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لحملة إعلامية وسياسية شديدة تتهم هذه الأجهزة بالتقصير، وهناك من أكد أن الفشل في توقع الثورة في مصر يعادل الفشل في توقع ما جري في السادس من أكتوبر عام 1973، ونتيجة لذلك طلب عدد من أعضاء لجنة الخارجية والأمن بالتحقيق في الفشل الجديد للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية في وقت لاحق تحتمل إسرائيل نتائج مثل هذا الفشل.
الفشل كان ذريعا لا سيما أن رجال الاستخبارات الإسرائيلية سبق وفاخروا بأنهم باتوا يعرفون كل كبيرة وصغيرة في مصر، وأنهم تمكنوا من اختراق المجتمع المصري وجمع معلومات كافية في كافة المجالات، أيضا الفشل هذه المرة تعلق ببقاء نظام سياسي مثل الركيزة الاستراتيجية لتل أبيب في المنطقة وباتت إسرائيل تري أن نظام مبارك »حفظ السلام والاستقرار في المنطقة واعتمد رؤساء الحكومات الإسرائيلية الثمانية علي مدار العقود الثلاثة الماضية علي الرئيس مبارك كركيزة استراتيجية حتي عندما خاضوا الحروب«.
من هنا بات واضحا أن اندلاع الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير شكل صدمة للقيادة السياسية الإسرائيلية التي رأت أحد أركان النظام الاقليمي الذي تمارس الهيمنة عليه ينهار، بفعل اندلاع ثورة شعبية وأن الحدث في ذاته أثبت عدم قدرة الاستخبارات الإسرائيلية علي توقع أحداث الثورة أو التنبؤ بها.
كما أن نجاح الثورة يقدم دليلا آخر علي عدم سلامة التقديرات العالية التي منحها البعض للأجهزة الأمنية الإسرائيلية علي النحو الذي جعل البعض يراها وراء كل »مصيبة« في مصر والعالم العربي، فهذه الأجهزة علي تنوعها، لديها جوانب للنجاح وأخري للفشل الذريع، الخطوة تأتي من »أسطرة« هذه الأجهزة أي التعامل معها باعتبارها أسطورة كما تأتي أيضا وبنفس القدر من التهوين الشديد في قدراتها، فهي أجهزة استخبارات قوية ومتطورة ولكنها لا هي أسطورية ولا »خايبة«.
مبارك كنز استراتيجي
< المعروف أن مبارك كان كنزا استراتيجيا لإسرائيل وفقا لتصريح بنيامين بن اليعازر.. ما أبرز الخدمات التي قدمها مبارك لإسرائيل؟ وهل هناك خدمات أخري غير معروفة مثل التمسك بمعاهدة السلام والصمت إبان حرب لبنان وغزة وإغلاق معبر رفح؟
- كان مبارك بالفعل كنزا استراتيجيا لإسرائيل وتحديدا منذ أن جند مصر بالكامل أجهزتها، مؤسساتها، ودورها الاقليمي، لخدمة مخط التوريث، فقد بدأ مبارك منذ عام 2004 في الإعداد لتوريث السلطة لنجله جمال، وعرض دور مصر الإقليمي للبيع خدمة لهذا المشروع، وفي تقديري أن مبارك استغل نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية التي جرت في يناير 2006 وفازت فيها حركة حماس، ليقول للأمريكيين والإسرائيليين والأوروبيين إن شعوب المنطقة غير جاهزة للديمقراطية وأن الرأي العام في مصر يتسم بالتطرف والتشدد، ومن ثم فإن أي انتخابات حرة نزيهة سوف تأتي بالإسلاميين كما حدث في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية، ومن ثم لابد من التوقف عن المطالبة بمزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان للمصريين، وعرض صفقة علي الإسرائيليين مؤداها أن يقنعوا الإدارة الأمريكية بوقف الضغوط علي النظام لمزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان مقابل أن يقوم النظام المصري بتلبية كل المطالب الإسرائيلية والأمريكية اقليميا ودوليا، من قبيل إحكام الحصار علي غزة، وعدم صدور أي رد فعل في حالة الاعتداء علي لبنان، مع التجهيز والتعاون الخفي في حال اتخاذ قرار بضرب إيران.. لكل ذلك اعتبرت إسرائيل أن نظام مبارك بمثابة كنز استراتيجي لها، ورأت في سقوطه خسارة عظيمة لإسرائيل، وأول كلمة نطقها نتنياها بعد إعلان خبر سقوط مبارك كانت: »لقد ضاعت الفرصة لضرب إيران«، وب يمكن القول بأن مبارك فعل كل ذلك و»باع« دور مصر الاقليمي من أجل خدمة مشروع توريث السلطة لنجله جمال، فهذا المشروع الكارثي هو المسئول عن تراجع دور مصر الاقليمي ورهن سياسة مصر الخارجية لصالح إسرائيل والولايات المتحدة.
إسرائيل والثورة المصرية
< يبدو أن الموقف الإسرائيلي من الثورة المصرية ملتبسا، فالموقف الرسمي من الثورة يتحفظ عليها خوفا من وصول الإسلاميين للحكم، ولكن في المقابل هناك قطاعات في الرأي العام الإسرائيلي ووسائل الإعلام خصوصا اليسار تبدو مرحبة بالثورة باعتبار الديمقراطية في صالح إسرائيل أولا وأخيرا.. ما رأيك؟
- شكل نجاح الثورة في مصر ورحيل نظام مبارك صدمة لإسرائيل وبدأت عملية مراجعة شاملة للقدرات الذاتية، الاستخباراتية والعسكرية علي خلفية عدم قدرة الأجهزة الإسرائيلية علي توقع الثورة من ناحية وعدم وضوح الرؤية بشأن طبيعة النظام المصري الجديد، وبدأت عملية المراحعة باتهام الحكومة الإسرائيلية بعدم حسن إدارة الأزمة فقد اتخذت الحكومة الإسرائيلية مواقف عدائية من الثورة ضد نظام مبارك، في حين أن الثورة لم تقع بسبب معاهدة السلام مع إسرائيل، أو العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية بل بسبب تطلع المصريين الي المستقبل، وإقامة نظام ديمقراطي.. مواجهة الفساد، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، استعادة دور مصر الاقليمي، ومن ثم تصاعدت المطالب لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يصمت ويتوقف تماما عن الحديث عن احتمال قيام نظام إسلامي أصولي في مصر علي غرار إيران عام 1979، ويعطي فرصة للمصريين لتأسيس نظام ديمقراطي جديد، ومن ثم هناك من دعا الحكومة الإسرائيلية الي تبني توجه ايجابي ازاء الثورة المصرية والتوقف تماما عن »معاداة ثوار التحرير«.
هناك أيضا من دعا إسرائيل الي اسقاط المعادلة التي كانت تستند علي نظام اقليمي مشكل من نظم حكم ديكتاتورية ومن ثم البدء فورا ودون إبطاء في مفاوضات للتسوية السياسية الحقيقية مع جيرانها العرب وذلك حتي تصبح إسرائيل »جارا مرغوبا فيه وتتمتع بالقبول من دول المنطقة«.
هناك من دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الي الموافقة علي مبادرة السلام العربية التي سبق وتجاهلها، فما هو مطلوب الآن هو مد يد السلام والعمل علي خلق شرق أوسط جديد ديمقراطي ومستقر، في كل الأحوال تدرك إسرائيل أنها وبنجاح الثورة المصرية خسرت رصيدا استراتيجيا لها في المنطقة، وأن نجاح الثورة المصرية مثل سقوطا لمعادلة اقليمية اعتمدت عليها إسرائيل كثيرا وهي معادلة قامت علي وجود نظم حكم تسلطية في الدول العربية وتحديدا دول الجوار، تقمع تطلعات شعوبها، حيث أبرمت تفاهما مع إسرائيل ومن خلفها واشنطن مؤداه »نحن أدري بشعوبنا«، هي معادية لكم وتكرهكم، وغير مؤهلة للديمقراطية، اتركونا نحكمها كما نشاء، وسوف نلبي لكم مطالبكم الاقليمية والدولية، فهذه المعادلة سقطت بنجاح الثورة المصرية، وإسرائيل لاتزال حتي الآن في مرحلة تأمل بحثا عن معادلة جديدة، أو انتظارا لتبلور ملامح نظام مصري جديد، تحدد بعد تشكله أسس سياستها تجاه المنطقة وعملية التسوية السياسية وفي المحصلة النهائية، فإن رحيل نظام مبارك مثّل خسارة كبيرة لإسرائيل التي بات عليها بناء سياسة جديدة بديلة في بيئة تتسم بالنسبة لها بالغموض الشديد.
< ما الدور الإسرائيلي لإجهاض الثورة؟ هل هناك مخطط إسرائيلي لإفشال الثورة فعلا كما تفعل بعض دول الخليج؟
- روجت إسرائيل من الأيام الأولي للثورة المصرية لرؤية تقول إن ما يجري في مصر هو محاولة من الأصوليين الإسلاميين للانقلاب علي نظام مبارك وتأسيس نظام أصولي علي غرار النظام الإيراني، وأن النظام الجديد سوف يبادر الي إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، ومن ثم يغلق قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية والتي يتم عبرها مرور نحو ثلث تجارة إسرائيل الخارجية، وهناك من استغل المناسبة لتوجيه إهانات لمصر والمصريين حيث قال: »في مجتمعات بدائية قد تفضي إرادة الأغلبية الي أنواع من القسوة ونفي حقوق الإنسان، وقد تفضي الي ما هو أسوأ من النظام الديكتاتوري. كما أن ظهور نظام سياسي أصولي في مصر سيؤدي الي استنساخ النظام في مختلف الدول العربية المجاورة وفق ما تقول »نظرية الدومينو« التي وقعت واشنطن أسيرة لها بعد الحرب العالمية الثانية، ووفق هذه الرؤية تتكرس الرؤية الإسرائيلية التي تري أن معاهدات السلام مع الدول العربية لا قيمة لها، ومن ثم فإن إسرائيل في حاجة الي زيادة قدراتها العسكرية حتي تحقق الردع المطلوب، القوة فقط هي التي تضمن أمن إسرائيل وسلامتها. لكل ذلك بذلت الحكومة الإسرائيلية جهودا ضخمة لإقناع الإدارة الأمريكية بعدم التخلي عن نظام مبارك ومساندته ويمكنني القول صراحة بأن إسرائيل عملت علي إفشال الثورة المصرية من اليوم الأول، وهو نفس الأمر الذي حاولته دول عربية رئيسة في الخليج، ولا تزال تحاول تطويع الثورة المصرية للتحول الي مجرد حركة تغيير فقط تكتفي بما تحقق حتي الآن من تغيير رأس النظام وإسقاط مشروع التوريث، واختصار مدة الرئاسة الي أربع بدلا من ست سنوات، ودورتين بدلا من مدي الحياة.
الفارق بين إسرائيل ودول عربية رئيسة في الخليج هو أن إسرائيل تراقب الموقف بعد الثورة، أما أشقاؤنا العرب في دول خليجية رئيسة فقد نزلوا الي الملعب وألقوا بثقلهم الديني والمالي من أجل جعل الصفحة الأخيرة من الثورة المصرية أكثر دموية وسوادا حتي يكون الشعب المصري عبرة لمن تسول له نفسه في أي دولة عربية محاولة استنساخ الثورة المصرية.
أقوال كثيرة
< ما حقيقة الاتصالات بين مبارك والقادة الإسرائيليين قبل تنحيه أو خلعه من الحكم؟ هل هناك مساعدات إسرائيلية لمبارك مثل القنابل المسيلة للدموع والقناصة وصلت مصر فعلا وتم استخدامها؟
- هناك أقوال كثيرة في هذه القضية، كانت هناك بالفعل اتصالات وزيارات كما نشرت معلومات في إسرائيل تقول: إن شخصيات سياسية إسرائيلية كانت تحصل علي مرتبات شهرية من الحكومة المصرية نظير الدفاع عن النظام في الكونجرس الأمريكي تحديدا، وذكر اسم بنيامين بن اليعازر تحديدا، وذكرت أنباء كثيرة إبان الثورة أن شحنات من أدوات مكافحة »الشعب« قد وصلت الي مصر قادمة من إسرائيل من بينها قنابل مسيلة للدموع وهراوات كهربائية وغيرها، ولكنها معلومات لم تتأكد بعد ومن هنا أدعو الي التحقيق فيها وكشف حقيقتها للرأي العام.
< قال الدكتور مصطفي الفقي قبل سقوط مبارك إن المرشح الرئاسي لمصر لابد أن يحظي برضا إسرائيل ومباركة واشنطن.. ما صحة ذلك؟ وهل المسألة لها علاقة باتفاقية السلام بين البلدين؟
- أعتقد أن د. مصطفي الفقي كان يشير الي جوهر المعادلة التي سبق وأشرت اليها وهي الصفقة التي أبرمها مبارك مع إسرائيل والولايات المتحدة والتي تم بموجبها التوصل الي تفاهم مؤداه أن تتوقف واشنطن وتل أبيب عن إثارة قضية الديمقراطية والحريات في مصر وأن توافق علي خلافة جمال لوالده مبارك، مقابل أن تفعل مصر كل ما يطلب منها إقليميا.
قضية فساد
< توقف تصدير الغاز المصري أثار العديد من الهواجس داخل إسرائيل بعد الثورة، ما حكاية صفقة الغاز وهل إسرائيل تستورد الغاز المصري بأسعار أقل؟ ماذا عن عمولة حسين سالم وجمال مبارك؟ وهل يتم اللجوء الي التحكيم الدولي لحل النزاع المصري الإسرائيلي حول تصدير الغاز؟
- قصة تصدير الغاز الطبيعي المصري لإسرائيل هي قصة فساد كبري، فمصر لا تصدر الغاز لإسرائيل مباشرة بل إن وزارة البترول المصرية كانت تبيع الغاز لشركة »شرق المتوسط« المملوكة لحسين سالم، الصديق المقرب لمبارك، الذي يشاركه في الأعمال التجارية والسمسرة في مجالات السلاح، وتصدير الغاز، وهذه الشركة كانت تقوم ببيع الغاز لإسرائيل، ولا أحد كان يعرف بأي سعر تشتري شركة شرق المتوسط الغاز المصري ولا بأي سعر تبيعه لإسرائيل.. إنها قصة فساد كبري، قصة نهب ثروات البلاد واقتسام أموال الشعب المنهوبة بين مبارك وشلة من الرفاق علي رأسهم حسين سالم.
< أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة المصرية تمسكه بالاتفاقيات المبرمة بين مصر وسائر الدول ومنها اتفاقية كامب ديفيد؟ هل تخشي من انهيار السلام بين البلدين الفترة المقبلة؟
- في الحقيقة جاء إعلان المجلس الأعلي للقوات المسلحة المصرية الالتزام بكافة الاتفاقات الدولية والاقليمية التي وقعتها مصر ليمثل استمرارا لنهج الدولة المصرية علي الدوام الذي يتعامل مع الاتفاقات التي توقعها أي حكومة مصرية باعتبارها التزامات دولة، عكس حال الكثير من الدول ومن بينها إسرائيل التي لا تحترم اتفاقاتها التعاقدية، وتتعامل مع الاتفاقات علي انها التزامات تخص الحكومة التي وقعتها ومن ثم فقد شنت إسرائيل حملة ضارية علي الثورة المصرية وروجت لمقولات تري أن مصر سوف تخرج علي معاهدة السلام مع إسرائيل، ومن هنا جاء بيان المجلس العسكري الأعلي ليؤكد التزام مصر بكافة الاتفاقات الدولية والإقليمية في رد غير مباشر علي الحملة الإسرائيلية، وفي تقديري أن السلام بين مصر وإسرائيل مستقر، والمتغير هنا هو طبيعة العلاقات المصرية الإسرائيلية التي ستتراوح ما بين السلام البارد والحرب الباردة في الفترة القادمة بعد أن ذهب مبارك بمرحلة السلام الساخن التي جاءت وليدة صفقة مقايضة دور مصر الاقليمي لقاء تمرير مشروع التوريث.
< هل تتوقع حربا بين مصر وإسرائيل في ظل المناخ المتوتر والانفلات الأمني في سيناء؟ وهل تخسر إسرائيل الحرب كما يتوقع العديد من خبراء العسكرية في العالم مثل كوردسمان؟ أم تحتل إسرائيل سيناء مجددا؟
- لا أتوقع ذلك علي الإطلاق، فكل من مصر وإسرائيل أدرك أن أي خلاف أو صراع بينهما لن يمكن حسمه عن طريق القوة، ومن ثم فإن الصراع بين البلدين سوف يدار بأدوات غير عسكرية في الفترة القادمة، ويمكن أن تشهد الفترة القادمة تصريحات حادة وتبادل للاتهامات إلا أنها لن تصل الي حالة الحرب بين البلدين.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية جاد:بدأت الحرب الباردة مع إسرائيل!