الجالية الإسلامية في سان باولو ـ البرازيل
إطلالة تاريخية
إطلالة تاريخية
نص مقال من استطلاع جهاد يوسف وإعداد هدى كوراني، نشر على صفحات نور الإسلام العدد 75-76 أيار-مايو/حزيران 2001م-يونيو يتحدث عن أوضاع الجالية الإسلامية في سان باولو ـ البرازيل، ويعرض فيه لانطلاقة المسلمين ومحاولة استعادة الهوية، وقد آثرنا نشر هذا المقال وبتصرف على منتدى نجوم مصرية تعميماً للفائدة، ومما جاء فيه:
قبل الحديث عن أوضاع الجالية الإسلامية في سان باولو لا بد من أن نعرج في حديثنا على البرازيل لمعرفة طبيعة وخصوصيات تلك البلاد التي استهوت عدداً كبيراً من المهاجرين العرب والمسلمين منذ مطلع القرن العشرين، على الرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية التي عصفت بها.
الموقع والحدود والمساحة
تقع البرازيل في وسط وشمال شرقي أميركا الجنوبية، تحدّها شمالاً كولومبيا وفنزويلا وغويانا وسورينام، ومن الغرب بيرو وبوليفيا وباراغوي، وجنوباً الأرجنتين وأورغواي، وشرقاً المحيط الأطلسي، وتبلغ المساحة الإجمالية للبرازيل 8,511,965 كلم2.
المنـاخ
هو على العموم معتدل في المرتفعات والجبال، أما في سائر المناطق فهو حار ورطب، وتغلب على البلاد الأمطار المستمرة، خصوصاً في المناطق الاستوائية التي يبلغ متوسط الحرارة فيها بين 25 و26 درجة مئوية.
الجغرافيا الطبيعية
تسيطر المرتفعات الجبلية على ما يقارب نصف البلاد، كما تغلب عليها الغابات والأدغال الشاسعة التي تغطي القسم الأكبر من البلاد (3/2 من مجموع المساحة) وتعتبر منطقة حوض الأمازون (823,786 وكلم2) أكبر منطقة غابات استوائية في العالم.
أما السهول والأراضي الزراعية فهي تمتد من الجنوب حتى المرتفعات الوسطى، وكذلك أراضي الشريط الساحلي الشمالي الشرقي، فإنه يعد من السهول الخصبة.
الثروة المائية
البرازيل غنيّة بمواردها المائية، وأهم الأنهار فيها: الأمازون الذي اكتشف العلماء منذ سنوات أنه أطول من نهر النيل ببضعة أميال، وبذلك يكون أطول نهر في العالم (طوله 7025كلم)، وهناك نهر سان فرانسيسكو (طوله 2915كلم)، وأنهار بارانا وأوركوي وبلاتا، بالإضافة إلى أنهار ومصادر مائية ثانوية.
الجغرافيا الإنسانية وعدد السكان
ينحدر سكان البرازيل الحاليون من ثلاثة أصول رئيسة: أوروبي، وهندي أحمر، وزنجي أفريقي، ويشكل المتحدرون من أصول أوروبية 54% من مجموع سكان البلاد، ويشكل ذوو الأصول الأفريقية حوالي 31% من السكان، وهناك نسبة 12% من شتى الأعراق الأخرى.
أما الهنود الحمر ـ وهم السكان الأصليون ـ فإن عددهم الحالي، بعدما تعرضوا لأعمال الإبادة المتكررة، لا يتجاوز 250 ألف شخص حسب إحصائيات 1996، وغالبيتهم يتجمعون في مناطق الأمازون الأقصى.
عدد سكان البرازيل 169،6 مليون نسمة وفقاً للتعداد الذي أجراه معهد الإحصاء البرازيلي في العام 2000، يتركز معظم السكان على سواحل الأطلسي.
البرازيل ماضياً وحاضراً
اكتشفت البرازيل عام 1500م بعد وصول البحار البرتغالي "بيدرو كابرال"، ثم تدفق إليها البرتغاليون الذين عملوا على استعباد الهنود الحمر وتسخيرهم وقتلهم. ثم اتجهت الحكومة البرتغالية إلى جلب الرقيق من أفريقيا منذ عام 1550، وقد أخذ هؤلاء المستعمرون يتوغّلون في هذه البلاد ويؤسسون المدن، ويستفيدون من خيرات البلاد، وخاصة من الأشجار التي كانت تسمى "حطب البرازيل" ولعل تسمية البلاد جاءت من هذا الاسم.
وفي القرن الثامن عشر الميلادي كان المهاجرون قد كثُر عددهم، فأخذت مستعمرة البرازيل تفكّر في الاستقلال، فظهرت ثورات عديدة منها ثورة عام 1711م، وثورة عام 1720م، وثورة 1798م، لكن الحكومة البرتغالية كانت تقمع كل تلك الثورات بالقوة وتقضي عليها.
وفي عام 1822م أعلن "دون بيدرو" استقلال البرازيل، ونصّب نفسه إمبراطوراً، وفي عام 1889م أعلنت الجمهورية البرازيلية، شهدت منذ استقلالها تغيّرات سياسية كبيرة، وتغيّرت أنماط الحكم من إمبراطوري إلى عسكري إلى ديكتاتوري إلى ديموقراطي.
كانت مدينة سلفادور البرازيلية العاصمة الأولى للبلاد ثم انتقلت إلى ريو دي جنيرو عام 1763م إلا أنها كانت بعيدة عن كثير من مناطق البرازيل الشاسعة، فكان الحل بإنشاء العاصمة الجديدة "برازيليا" عام 1960م في المنطقة الغربية وذلك لتسهيل حركة الاتصال بين العاصمة وسائر المناطق الأخرى.
اقتصاد البرازيل
يقدر الناتج القومي الإجمالي بنحو 230 بليون دولار، وعلى هذا تحتل البرازيل المرتبة الثامنة بالنسبة إلى اقتصاد دول العالم، وتحتل المرتبة الأولى في إنتاج البن والبرتقال والسكر، وفي احتياطي الذهب، والمرتبة الثانية في إنتاج الكاكاو وفول الصويا والحديد الخام، والثالثة في إنتاج الذرة واللحوم.
وإذا كانت البرازيل حتى الماضي القريب دولة زراعية، فإنها تمكنت منذ أواخر القرن التاسع عشر من تصنيع كل ما تحتاج إليه: من الطائرات إلى السيارات إلى الأجهزة الالكترونية والأسلحة وغير ذلك من الصناعات الثقيلة والخفيفة، لكنها دفعت ثمن ذلك اللجوء إلى الاقتراض من الحكومات والبنوك الأجنبية، فأمست صاحبة أكبر دين خارجي (104,4 بليون دولار) الأمر الذي ترك بصماته على الكيان الاجتماعي والسياسي للدولة، فارتفعت نسبة البطالة (8%)، وازداد الفقراء فقراً والأغنياء غنى، مع ما ترتب على ذلك من انتشار جرائم السطو المسلح والاعتداء على المتاجر، حتى احتلت البرازيل المرتبة الثانية بعد (كولومبيا) في عدد السرقات بالإكراه، الأمرالذي ترك تأثيره الضار في قطاع السياحة.
وصول المسلمين إلى البرازيل
يعود تواجد المسلمين على هذه الأرض إلى فجر اكتشاف القارة الأميركية، فعندما رست سفينة "كابرال" على ساحل البرازيل، كان برفقته ملاّحون مسلمون ذوو شهرة عظيمة أمثال شهاب الدين بن ماجد وموسى بن ساطع، ويؤكد المؤرخ البرازيلي الشهير جواكين هيبيرو في محاضرة ألقاها عام 1958م ونشرتها صحف البرازيل، أن العرب المسلمين زاروا البرازيل، واكشتفوها قبل اكتشاف البرتغاليين لها عام 1500م، وإن قدوم البرتغاليين إلى البرازيل كان بمساعدة البحارة المسلمين الذين كانوا أخصائيين ومتفوقين في الملاحة وصناعة السفن.
أ ـ وصول المسلمين الأندلسيين إليها:
هاجر بعض المسلمين الأندلسيين سراً إلى البرازيل هرباً من اضطهاد محاكم التفتيش في إسبانيا بعد هزيمة المسلمين فيها، ولما كثرت الهجرة الإسلامية الأندلسية إلى البرازيل، أقيمت هناك محاكم تفتيش على غرار محاكم التفتيش في إسبانيا، وحددت صفات المسلم، وعمدت إلى حرق الكثيرين منهم أحياء.
ب ـ المسلمون الزنوج:
تؤكد الوثائق التاريخية المحفوظة في المتاحف البرازيلية، أن أكثرية المتحدرين من الأفارقة الذين جيء بهم "كعبيد" إلى البرازيل هم من جذور إسلامية، وأنهم كانوا يقرأون القرآن باللغة العربية، وقد وصلت أفواج "الرقيق" إلى البرازيل عام 1538، ولم تمضِ 40 سنة حتى نقل إليها 14 ألف مسلم مستضعف والسكان لا يزيدون على 57 ألفاً، وفي السنوات أخذ البرتغاليون يزيدون من أعدادهم إذ جلبوا من أنغولا وحدها 642 ألف مسلم زنجي، وجلّ هؤلاء السود جيء بهم من غرب أفريقيا، على أن أبرز مجموعاتهم هي التي اختطفت من المناطق السودانية: مناطق داهوتي، وأشانتي، والهاوسا، والفولان، والبورنو، واليوربا..
وحُمِل هؤلاء المسلمون في قعر السفن بعد أن رُبطوا بالسلاسل الحديدية، ومات منهم من مات وألقي في البحر من أصيب بوباء أو حاول المقاومة.
اقتلع هؤلاء بالقوة من محيطهم ليكونوا آلات (خدماً مسخرين) في هذه البلاد، وليس سهلاً تقدير أعداد هؤلاء المنكوبين الذين كانوا يعدّون بالملايين، والذين ظلوا ينقلون من أفريقيا إلى البرازيل وإلى كل أميركا مدة تزيد عن ثلاثة قرون.
شهادة مؤرّخ
يقول المؤرّخ "فريري": كان هؤلاء المسلمون السود يشكلون عنصراً نشيطاً مبدعاً، ويمكن أن نقول إنهم من أنبل من دخل إلى البرازيل خلقاً، اعتبروهم عبيداً.. لم يكونوا حيوانات جر أو عمّال زراعة في بداية دخولهم.. لقد مارسوا دوراً حضارياً بارزاً، وكانوا الساعد الأيمن في تكوين البلد الزراعي.. إن البرازيل مدينة لهم في كل شيء: في قصب السكر والقهوة التي جلبوها والقطن والحبوب، حتى الأدوات الزراعية الحديدية كلها أفريقية، كانت وسائل التقنية عندهم أكثر تقدماً من وسائل الهنود ومن وسائل البرتغاليين أنفسهم.
كان هؤلاء المسلمون الزنوج أهم عنصر في عملية تحضّر البلاد، ويُذكر أن أسيادهم الأميين الذين جلبوهم لاسترقاقهم كانوا يتخاطبون مع الأوروبيين من خلال هؤلاء العبيد المتحضرين، يكتب العبد المسلم رسالة السيد إلى زميله السيد الآخر الذي يقرأ له الرسالة عبده المسلم المتعلّم!!
الصمود والشهادة
كان مع هؤلاء العبيد شيوخهم الذين يعظونهم ويرشدونهم ويفقهونهم في الدين، وينزلون معهم الأكواخ ويعلمونهم القرآن ومبادىء الشريعة الإسلامية السمحاء.
وبعد أن ازداد عددهم، وقويت عزيمتهم، قاموا بعدة ثورات إسلامية تحررية، كان من أهمها تجمع المتمردين منهم في "بالميرس" في شمالي البرازيل، في القرن السابع عشر، ولم تستطع السلطات البرتغالية إيقاف مد المسلمين إلا بعد مقاومة طويلة والاستعانة برجال الحدود من مقاطعة باوليستا أي "ساوباولو".
ثم حدثت سلسلة من الثورات في العقود الأولى من القرن التاسع، قام بها هؤلاء المسلمون في الأقاليم الساحلية خاصة في "باهيا" وكانت قيادة الثورات بأيدي شيوخ الهاوسا، لكن ثوراتهم سحقت بمنتهى الوحشية والقسوة، وقد أجبرهم البرتغاليون على ترك دينهم وتغيير أسمائهم، لكن المسلمين لم يستسلموا وظلت ثوراتهم تتكرر وآخرها تلك الثورة الشاملة التي قامت في "باهيا" عام 1835، بعد أن بلغ هؤلاء "العبيد" المسلمون من قوة الشكيمة في الدين ومن الاعتداد بعقيدتهم.
وقد قاد الثورة ووجّهها الشيوخ ومعظمهم من ممالك البورنو وسكوتو، وكانوا مؤدبين ووعاظاً وأئمة مساجد ومعلمين للقرآن الكريم، لكن البرتغاليين سحقوهم بوحشية، وظلّت جثث المسلمين تتعفن مدة طويلة على قارعة الطريق، وفي عتمة "السنـزالات" الخربة، وهذه السنـزالات عبارة عن أقبية كان البرتغاليون يودعون فيها أولئك المسلمين الذين سُحقت ثورتهم، ويقال إن كلمة "زنزانة" جاءت من هذه اللفظة البرتغالية.
وخمدت الثورة بعد ذلك إلى الأبد وتنصّر من المسلمين من تنصّر بالقوة واستشهد من استشهد، وعادت الوثنية إلى أعداد منهم، وما زالت بعض شعائر الوثنية تقام بينهم إلى اليوم في البرازيل.
وتقول الروايات أن النقوش الموجودة في سقوف كنائس باهيا والسلفادور فيها عدة آيات من القرآن الكريم دون أن يشعر القيمون عليها بذلك، لأنهم لا يجيدون العربية، ويتصوّرونها مجرد رسوم، وفي الأصل كانت هذه الكنائس مساجد.
قرار منع الرق
جاء قرار منع الرق وتحريمه في البرازيل عام 1888م متأخراً، حيث فقد هؤلاء الأفارقة هويتهم الإسلامية بعد ثلاثة أجيال من المعاناة والقهر والجهاد، وأصبح ابن الحفيد الأفريقي لا يعرف إلا أنه ابن حفيد متحدّر من جده الأعلى الذي جيء به عبداً إلى البرازيل.
وفي عام 1988م احتفلت ولاية "باهيا" بالذكرى المئوية لإلغاء الرق وبذكرى شهادة "زومبي" زعيم ثورة عام 1835م.
هجرات المسلمين في العصر الحديث
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بدأت طلائع المهاجرين الجدد تصل إلى البرازيل من بلاد الشام وفلسطين ولبنان، أملاً بكسب لقمة العيش، وبجمع المال بعد الفقر الذي عانوه في بلادهم، ولقد جاء هؤلاء المهاجرون الجدد بثقافة دينية عبارة عن عاطفة فطرية نحو هذا الدين، الأمر الذي أدّى إلى انعكاس هذا الضعف الديني على الجيل الأول، فخرج لا يعرف من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه.
وبعد الحرب العالمية الثانية، كثرت هجرات المسلمين إلى البرازيل ولا سيما بعد احتلال فلسطين وما رافق ذلك من توترات سياسية في المنطقة العربية.
يشكّل المسلمون اليوم في البرازيل ما نسبته 1،5% من مجموع عدد السكان، وأكثر تجمعاتهم في ولايات ساوباولو وريو دي جنيرو وبارانا وريوغراندي دي سول، ولا توجد إحصائيات دقيقة بالنسبة إلى عددهم، إذ تقدّر بعض المصادر عدد المسلمين في البرازيل حوالي مليونين.
والجدير بالذكر أن كلمة "توركو" كلمة يطلقها البرازيليون ـ ومن قبلهم أطلقها البرتغاليون ـ على كل عربي مهما كانت ديانته، وسبب هذه التسمية كما يقال في البرازيل، أن الدولة العثمانية العليا كانت تحكم كثيراً من أقطار العالم، وصادف أن عيّنت سفيراً لها في البرازيل، فعند وصول السفير العثماني إلى ميناء ريو دي جنيرو، أثناء احتفال البرازيل بكرنفال شباط، لم يحلُ للسفير العثماني ما يقام في الكرنفال، حيث الناس يكونون شبه عراة، فقطع زيارته على الفور، وعاد إلى بلاده، فغضبت حكومة البرازيل آنذاك، واعتبرته متخلفاً متوحشاً، وأطلق الناس على كل من يمت بصلة إلى الإسلام أو المسلمين أو للعروبة اسم "توركو".
واقع الجالية الإسلامية
عمل العرب والمسلمون عند وصولهم إلى البرازيل في بادىء أمرهم كباعة جوّالة وعمال في المصانع والمزارع، إلا أن التجارة طغت على نشاطهم الاقتصادي، ومع تطوّر الحياة الاقتصادية والاجتماعية، تمكّن هؤلاء من جمع ثروة لا باس بها مكنتهم من امتلاك محلات تجارية ومراكز مهمة في المصانع الكبرى.
ومن أبناء الجالية مَن تبوّأ مراكز مهمة في مرافق الدولة، محمّد سعيد مراد ـ لبناني الأصل ـ الذي انتخب لعضويّة بلدية ساوباولو، وهو الذي أنشأ المركز الثقافي العربي المعروف بنادي غزة في المدينة.
ومن الشخصيات المسلمة التي كان لها مكان مرموق في المجتمع البرازيلي: السيد حسين جمعة الذي رأس الاتحاد الإسلامي في ضاحية بارتيوس في ساوباولو ووضع حجر الأساس لمشروع إقامة مسجد في هذه الضاحية.
وعند وفاته، أغلقت الدوائر الرسمية أبوابها وحيّاه سرب من الطائرات منذ خروجه من داره حتى وضع في مثواه الأخير.
بدايات العمل الإسلامي
يقطن في ساوباولو حوالي 700 ألف مسلم ينتشرون في مركزها والضواحي، واللافت أن العدد الكبير منهم يعمل في التجارة، فمدينة ساوباولو مدينة تجارية بامتياز، إذ سرعان ما يتعلم الوافد إليها أصول التجارة فيها، ومع هذا فإن منهم من يمارس مهنة الطب والمحاماة والهندسة، لقد حرص المغتربون على تعليم أبنائهم، إلا أن العمل بالتجارة يكاد يستهوي الجميع.
وعند الحديث عن بدايات العمل الإسلامي في ساوباولو، يعيدنا محدّثون من أبناء الجالية بالذاكرة إلى باكورة هذه الأعمال وهي: الجمعية الخيرية في ساوباولو التي تعتبر أقدم الجمعيات الإسلامية في البرازيل والمعروفة بأم الجمعيات وتعتبر أول جمعية خيرية إسلامية تأسست في جنوب القارة الأميركية، وترجع جذورها إلى عام 1926م، حيث تشكلت أول لجنة من المهاجرين المسلمين، وكان من أهداف هذه الجمعية بناء بيت يذكر فيه اسم الله، وحال دون ذلك إمكانيات المسلمين المادية الضعيفة والحرب العالمية الثانية، فتأخر بناء المسجد حتى عام 1957.
وكانت هذه الجمعية قد أصدرت صحيفة "النشرة" عام 1933، ثم صحيفة "الذكرى" 1937، ثم صحيفة "الرسالة" ثم "العروبة" أخيراً.
وفي بداية السبعينات، أسست الجمعية أول مدرسة إسلامية عربية سمّيت باسم الحي الذي أنشئت فيه، وهي مدرسة "فيلا كارون"، واستطاعت الجمعية بفضل الله تعالى الحصول على قطعة أرض واسعة اتخذت كمقبرة لدفن موتى المسلمين، وهذه المقبرة تقع في منطقة غواروليوس، وتبعد حوالي 25كلم عن مسجد ساوباولو.
وفي بداية السبعينات عقد أول مؤتمر إسلامي في البرازيل، بل في القارة الجنوبية، وكان قد نظم هذا المؤتمر وزارة الأوقاف المصرية بالتعاون مع دوائر الأزهر. واشترت الجمعية البناء المجاور للمسجد وأقامت فيه طابقين يستخدم للمحاضرات، ولأفراح المسلمين وأحزانهم.
ومن الجمعيات التي أنشئت في البرازيل، الجمعية الإسلامية لأبناء المسلمين الشيعة، في منطقة برايس، ومن أبرز ما قامت به إنشاء مسجد "محمد رسول الله" الذي يمارس إلى جانب كونه مكاناً لإقامة الصلاة، توجد فيه حسينية وتُحيا فيه المناسبات الإسلامية كذكرى عاشوراء وولادات الأئمة ووفياتهم وإقامة موائد الإفطار في شهر رمضان، وإقامة الأعراس الخاصة بأبناء الجالية الإسلامية، ومجالس الفاتحة عن أرواح المتوفين منهم، وهناك مكتبة وإلى جانبه شيِّدت مدرسة صغيرة.
وبالنسبة للمراكز الأخرى في هذه المدينة وفي ضواحيها، فإن عددها أخذ في الازدياد في الثمانينات من القرن الماضي. ومن تلك المراكز: الجمعية الخيرية الإسلامية في سانتو أمارو، جمعية الثقافة والرفاه الإسلامية، الاتحاد الخيري في باريتوس، الجمعية الخيرية في جوندايائي، المركز الإسلامي في كامبيناس، الرابطة الثقافية العربية البرازيلية، مؤسسة الإغاثة والتنمية العالمية، مركز الدعوة الإسلامية لأميركا اللاتينية، مستشفى ابن سينا الإسلامي، إلى... وغيرها من المؤسسات.