أشار تقرير حقوقي إلى تورط بعض الجهات عن قصد في أحداث ميدان التحرير الدامية يومي 28 و29 يونيو/حزيران، والتي أدت إلى إصابة أكثر من ألف متظاهر بميدان التحرير منهم
عدد من أسر شهداء الثورة.
وأصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان اليوم تقريرا تضمن نتائج لجنة تقصي الحقائق، وانتهى إلى أن مسار الأحداث يؤكد وجود ترتيب مسبق من بعض الجهات وتفاعل عفوي من أهالي الشهداء والمصابين.
وفي مؤتمر صحفي أكدت اللجنة أن قيام الشرطة باعتقال بعض المواطنين أثناء إسعافهم واستخدام الشرطة للقوة المفرطة ساهم في إثارة المواطنين وانضمام أعداد كبيرة منهم إلى المتظاهرين.
كما أكدت وجود سيارات لا تحمل لوحات معدنية قامت بنقل الحجارة إلى مواقع الأحداث وافتعال أزمة غير مبررة في احتفالية تكريم بعض أسر الشهداء في مسرح البالون، أعقبها الاقتحام غير المبرر لمرافق المسرح والقيام ببعض الأعمال التخريبية ومحاولة جذب المعتصمين من أهالي الشهداء من أمام ماسبيرو لمسرح الأحداث.
ليسوا بلطجية
وقال عضو لجنة تقصي الحقائق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان عمرو حمزاوي إن اللجنة ترفض وصف المتظاهرين يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين بصفة البلطجية، كما ترفض اللجنة إطلاق هذه الصفة على أسر الشهداء الذين كانوا يعبرون سلميا عن غضبهم إزاء غياب منهجية واضحة من الحكومة للتعامل مع ملف أسر الشهداء.
وأكد حمزاوي للجزيرة نت أن مهمة اللجنة اقتصرت على الوقوف على حقيقة ما حدث من خلال شهادات لشهود العيان ومقابلات مع الأشخاص المتواجدين بالساحة، بهدف الوصول إلى رواية حقيقية لما جرى، نافيا أن تكون مهمتها تحديد الجهة المسؤولة عن هذه الأحداث.
وأكد أن "تحديد المسؤولية السياسية عن هذه الأحداث يتجاوز عمل اللجنة"، مشيرا إلى وجود قدر كبير من الالتباس والغموض الذي أحاط بالوقائع, ما يؤدي إلى صعوبة التوصل إلى من كان يحرك هذه العناصر.
وأضاف حمزاوي "لقد كنا حريصين على عدم تسييس التقرير أو التوصيات التي خلص إليها، وهذا ما جعلنا نركز أكثر في تحديد ما جرى بدقة دون الالتفات إلى تحديد المسؤول عن هذه الأحداث حتى لا يؤثر ذلك على مصداقية التقرير".
ووفقا للتقرير، تأكد للجنة استخدام الشرطة المفرط للقوة متمثلا في إطلاق عدد كبير من القنابل المسيلة للدموع لا يتناسب مع إجمالي أعداد المتظاهرين، وكذلك استخدام طلقات الخرطوش على نحو أدى إلى ارتفاع عدد المصابين، وبفحص نوعية بعض الفوارغ من القنابل المسيلة للدموع التي تحصل عليها أعضاء اللجنة تبين أنها من طراز (518، و501، و560، و350) التي تتفاوت في المدى والقوة.
أسباب
ورصدت اللجنة ثلاثة أسباب للأحداث، أولها شعور المصابين وأسرهم بعدم اهتمام الدولة والرأي العام بمعاناتهم، في غياب ما وصفته برؤية منهجية من قبل الدولة للتعامل مع ملف ضحايا الثورة وترك الأمر لمجموعة من المبادرات الأهلية غير المنظمة.
إضافة إلى الشعور السائد بالقلق من جانب المجتمع تجاه مسار تحقيق أهداف الثورة والتباس المسار السياسي، مما يخلق بيئة صالحة لشيوع الاضطراب في المجتمع، ووجود أطراف مستفيدة من الانفلات الأمني عملت على الحيلولة دون عودة أجهزة الشرطة لاستئناف دورها المهني في الضبط الاجتماعي.
وطالب عضو اللجنة حافظ أبو سعدة بضرورة التأكيد على مبدأ رفض إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري، مشيرا إلى أنه في كل مرة تحدث تظاهرة أو احتجاجات يحال بعدها عدد من المدنيين إلى القضاء العسكري بالمخالفة لمعايير المحاكمات العادلة وبما يمثل شبهة انتهاك لحقوق الإنسان.
وأكد أبو سعدة للجزيرة نت أن المجلس أوصى بإعداد قائمة تمثل قاعدة بيانات أساسية حول عدد الشهداء والمصابين وإعلان قرار من المجلس العسكري يتضمن هذه الأعداد بدقة، وكذلك طالب بتطبيق لائحة وزارة الدفاع فيما يتعلق بالحقوق المالية للشهداء والمصابين.
وأوصى التقرير بضرورة التعجيل في إجراء المحاكمات المتعلقة بالمتهمين والمشتبه بهم في جرائم قتل وإصابة المتظاهرين سلميا أثناء الثورة على نحو عاجل وعادل وعلني دون إخلال بمعايير المحاكمة العادلة التي يكفلها القانون الوطني والمعايير الدولية، وناشدت اللجنة مجلس القضاء الأعلى إصدار قرار بتفرغ الدوائر التي تتولى هذه المحاكمات في نظر جرائم قتل المتظاهرين فقط.
كما أوصى التقرير بضرورة أن يسمح بحضور ممثلي الضحايا في المحاكمات المعنية لمتابعة إجراءات المحاكمة، باعتباره حقا من حقوق الضحايا وفقا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة والمنصفة، وكذلك سرعة تفعيل المؤسسة التي أنشأتها الدولة لرعاية أسر الشهداء والمصابين.
بالإضافة إلى سرعة إصدار اللائحة التنفيذية للمؤسسة، وتوفير الإعلام الكافي بشأنها للمستفيدين بخدماتها, وحث مؤسسات المجتمع المدني المعنية لدعم أسر الضحايا ماديا لتنسيق دعمها المادي مع مؤسسات الدولة.