سؤال: هل صحيح أن موسي عليه السلام لطم ملك الموت عندما أراد أن يقبض روحه؟
** يجيب فضيلة الدكتور زكريا أحمد محمد نور من علماء الأزهر الشريف فيقول،بحسب مجلة حريتى،:
روي مسلم عن أبي هريرة قال: أرسل ملك الموت إلي موسي عليه السلام فلما جاءه صكه ففقأ عينه. فرجع إلي ربه فقال: أرسلتني إلي عبد لا يريد الموت. قال : فرد الله إليه عينه وقال: أرجع إليه فقل له يضع يده علي متن ثور. فله بما غطت يده بكل شعرة سنة. قال: أي رب ثم مه؟ قال: ثم الموت
قال: فالآن. فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر: فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلي جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر".
ثم قال القرطبي: واختلف العلماء في تأويل لطم موسي عين الملك وفقئها علي أقوال. منها : أنها كانت عينا متخيلة لا حقيقة وهذا باطل لأنه يؤدي إلي أن ما يراه الأنبياء من صور الملائكة لا حقيقة له. ومنها أنها كانت عينا معنوية وإنما فقأها بالحجة وهذا مجاز لا حقيقة. ومنها أنه عليه السلام لم يعرف ملك الموت. وإنما رأي رجلاً دخل منزله بغير إذنه يريد نفسه فدافع عن نفسه فلطم عينه ففقأها وتجيب المدافعة في هذا بكل ممكن وهذا وجه حسن لأنه حقيقة في الحين والصك قاله الإمام أبوبكر بن خزيمة غير أنه اعترض عليه بما في الحديث وهو ان ملك الموت لما رجع لله تعالي قال: "يارب أرسلتني إلي عبد لايريد الموت. فلو لم يعرفه موسي لما صدق القول من ملك الموت. وايضا قوله في الرواية الأخري: أجب ربك . يدل علي تعريفه بنفسه.
ومنها ان موسي عليه السلام كان سريع الغضب اذا غضب خرج الدخان من قلنسوته ورفع شعر بدنه جبته وسرعة غضبه كانت سببا لصكه ملك الموت.
قال ابن العربي: وهذا كما تري . فإن الأنبياء معصومون من أن يقع منهم ابتداء مثل هذا في الرضا والغضب.
ومنها وهو الصحيح من هذه الأقوال أن موسي عليه الصلاة والسلام عرف ملك الموت. وأنه جاء ليقبض روحه. لكنه جاء مجييء الجازم بأنه قد أمر بقبض روحه من غير تخيير وعند موسي ما قد نص عليه نبينا صلي الله عليه وسلم من "أن الله لا يقبض روح نبي حتي يخيره" فلما جاء علي غير هذا الوجه الذي أعلم بادر بشهامته وقوة نفسه إلي أدبه. فلطمه ففقأ عينه امتحانا لملك الموت. إذ لم يصرح له بالتخيير.
ومما يدل علي صحة هذا أنه لما رجع اليه ملك الموت فخيره بين الحياة والموت اختار الموت واستسلم. هذا أصح ما قيل في وفاة موسي عليه السلام.والله بنبيه أحكم وأعلم.
والله أعلم