يقول سبحانه وتعالى في سورة المائدة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35).
وإنَّ مِن آداب الدعاء العظيمة التوسلَ إلى الله تبارك وتعالى بين يدي الدعاء بما شرعه وأحبَّه ورضيَه لعباده وسيلةً تقرِّبهم إليه .
أولا: التوسُّلُ إلى الله بأسمائه الحسنى.
ثانياً: التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحةِ التي يقوم بها العبدُ.
ثالثاً: التوسل إلى الله تعالى بدعاء الصالحين الأحياء، بأن يطلب المسلم من أخيه الحيّ الحاضر أن يدعو الله له،
فهذا النوع من التوسل مشروعٌ لثبوته عن بعض الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان بعضهم يأتيه صلوات الله وسلامه عليه ويطلب منه الدعاء له أو لعموم المسلمين، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَمِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ قَالَ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا .. " ، إلى آخر الحديث.
ومثله كذلك توسل الصحابة رضي الله عنهم بدعاء العباس رضي الله عنه، وهو في صحيح البخاري من حديث أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ .
والمراد بقوله " إناَّ نتوسّل إليك بعمِّ نبيِّنا " أي بدعائه. أنظر كتاب فقه الأدعية والأذكار /عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
وذكر النووي في الأذكار "باب استحباب طلب الدعاء من أهل الفضل وإن كان الطالب أفضل من المطلوب منه ، والدعاء في المواضع الشريفة"
إعلم أن الأحاديث في هذا الباب أكثر من أن تحصر ، وهو مجمع عليه ، ومن أدل ما يستدل به ما روينا في كتابي أبي داود والترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قَالَ : اسْتَأذَنْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في العُمْرَةِ ، فَأذِنَ لِي ، وَقالَ : (( لاَ تَنْسَنا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ )) فَقَالَ كَلِمَةً مَا يَسُرُّنِي أنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا .
وفي رواية : وَقالَ : (( أشْرِكْنَا يَا أُخَيَّ في دُعَائِكَ )) .حديث صحيح رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: (( حديث حسن صحيح )) .