لكن بوتين ونظيره البولندي دونالد تاسك اتفقا على ضرورة أن يبذل مؤرخون من البلدين جهودا أكبر للكشف عن جوانب مظلمة لماضيهما المشترك لا تزال تخيم على العلاقات بين الدولتين بعد مرور 20 عاما على انهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية.
وتختلف روسيا مع الدول التي كانت تدور في فلكها مثل بولندا حول تصرفات الدكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين في عام 1939 عندما أبرم اتفاق عدم اعتداء مع ألمانيا النازية فتح الطريق أمام غزو بولندا والحرب العالمية.
وقال بوتين في مؤتمر صحفي بعد اجتماع مع تاسك في منتجع سوبوت ببولندا "اذا كنا سنتحدث بموضوعية عن التاريخ فيجب أن ندرك أنه لم يكن له لون واحد فقط. انه كان متنوعا وارتكبت كل الاطراف عددا هائلا من الاخطاء."
ومضى يقول "وكل هذه الافعال هيأت الظروف للعدوان الواسع النطاق الذي قامت يه ألمانيا النازية."
واشار بوتين الى محاولات بريطانيا وفرنسا لاسترضاء هتلر في عام 1938 والتي أدت الى قبولهما تدمير تشيكوسلوفاكيا وكذلك استيلاء بولندا نفسها على شريط من الاراضي التشيكية قبل فترة قصيرة من الغزو الالماني.
ومتحدثا امام عدد من قدامى المحاربين وزعماء أوروبيين اخرين في وقت لاحق قال بوتين ان اتفاقية عدم الاعتداء التي وقعها فياتشيسلاف مولوتوف وزير الخارجية في عهد ستالين ونظيره الالماني يواكيم فون ريبنتروب في أغسطس اب 1939 كانت خطأ لكنه أضاف قائلا "لدينا الان الحق قي أن نتوقع من دول أخرى قبلت الاتفاق مع النازيين أن تحذو حذونا" وتعترف بأخطائها.
ولن ترضي تصريحاته البولنديين وشعوب البلطيق التي ترى في تصرفات ستالين طعنة في الظهر وتتذكر أيضا عمليات الترحيل الجماعي واعدام مواطنيهم بعد وصول السوفيت.
وقال تاسك في كلمة عند نصب فيستربلات بالقرب من جدانسك حيث أطلقت القوات الالمانية الرصاصة الاولى التي أشعلت الحرب العالمية الثانية في أول سبتمبر أيلول 1939 ان الحقيقة التاريخية يجب أن تنتصر.
واضاف قائلا "التفسيرات المختلفة مسموح بها لكن الحقائق واحدة. نريد أن نتذكر هذه الحقائق لا أن نستخدم التاريخ ضد أحد وانما من أجلهم كي يكون أساسا للسلام."
واتفق بوتين وتاسك على أن يقدما للمؤرخين حرية وصول متبادلة للسجلات الوطنية في البلدين وتشكيل مجموعات مشتركة من الخبراء لدراسة قتل ضباط بولنديين في غابة كاتين في غرب الاتحاد السوفيتي في عام 1940 وهو حادث يمثل لدى البولنديين خيانة ستالين ووحشيته.
وقال الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي أمام حشد عند نصب فيستربلات " للبولنديين الحق في معرفة حقيقة هذه المأساة التي حلت بشعبنا ولا يمكن أن نتخلى عن هذا الحق."
وتطالب بولندا روسيا باعتذار عن قرار ستالين اعدام 20 ألف ضابط بولندي بالرصاص في كاتين. وأنحت موسكو لعقود طويلة باللائمة على النازيين لكنها اعترفت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بأنهم قتلوا بأوامر من ستالين.
وكانت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل ورئيسا وزراء ايطاليا وفرنسا ووزير خارجية بريطانيا من بين الضيوف الذين حضروا احتفالات احياء ذكرى بدء الحرب العالمية الثانية يوم الثلاثاء وأرسل الرئيس الامريكي باراك أوباما وفدا رفيعا يحمل رسالة تشيد بكفاح البولنديين من أجل الحرية ابان الحرب.
وفقدت بولندا أثناء الحرب العالمية الثانية نحو خمس سكانها ومن بينهم الغالبية العظمة من سكانها اليهود البالغ عددهم ثلاثة ملايين وحوالي خمس أراضيها. وبعد الحرب ظلت تحت السيطرة الروسية حتى عام 1989.
وقتل نحو 27 مليون مواطن سوفيتي في الحرب بعد أن نكث هتلر باتفاقه مع ستالين وغزا الاتحاد السوفيتي في عام 1941.