بسم الله الرحمن الرحيم
أصبحت حكاية جامعة النيل موضوعاً للاهتمام العام بعد ما نشر عن أسلوب تكوينها وكيف آلت ملكيتها إلي جمعية أهلية صدر لها قرار باعتبارها ذات نفع عام بينما تحملت وزارة الاتصالات - ولا تزال - كامل قيمة الأرض والمنشآت والتجهيزات. وابتداء أؤكد أنني مع قيام جامعة تكنولوجية متميزة علي أساس جاد تنهض برسالة التعليم التكنولوجي وتضيف إلي المنظومة الوطنية للجامعات. ولكن يهمني أيضاً إبراز بعض الجوانب المهمة التي لم تحظ بقدر كافٍ من التحليل والتمحيص حتي الآن في موضوع تلك الجامعة. أول تلك الجوانب هو كونها جامعة خاصة لا تهدف إلي الربح كما نص علي ذلك قرار رئيس الجمهورية رقم 255 لسنة 2006 الصادر بإنشائها، ثم وبعد صدور قانون رقم 12 في شأن الجامعات الخاصة والأهلية في مارس 2009 اكتسبت جامعة النيل - دون غيرها صفة الجامعة الأهلية ذ ولا نعلم إن كان قد صدر قرار من رئيس الجمهورية بذلك، حيث تنص المادة رقم 12من القانون المذكور علي أن يصدر بإنشاء الجامعة الأهلية قرار من رئيس الجمهورية؟ وكون الجامعة قد اتخذت صفة "الأهلية" فإن ذلك يثير قضية مهمة، حيث الأصل في الجامعات الأهلية أن يقوم بإنشائها وتمويل عملياتها والإنفاق عليها مواطنون من الأهالي ذ ولذلك سميت أهلية نسبة إليهم ذ أو مؤسسات خيرية أو أوقاف تخصص للإنفاق علي الجامعات الأهلية. ولم نسمع في تاريخ الجامعات الأهلية في العالم أن هناك جامعة أهلية يتقدم بطلب إنشائها مؤسسة تتخذ شكل جمعية أهلية، بينما تتولي الدولة ممثلة في وزارة مهمة سداد قيمة الأرض التي تقام عليها الجامعة وتمويل كامل الاستثمارات اللازمة لإقامة منشآتها وتجهيزاتها. ومما يزيد الأمر غرابة أن الجامعة تصف نفسها علي موقعها في شبكة الإنترنت بأنها جامعة لا تسعي إلي الربح ومملوكة ملكية خاصة ومستقلة إدارياً، كما تؤكد الجامعة أنها الأولي من نوعها في مصر التي يتم إنشاؤها بأسلوب الشراكة بين القطاع الخاص وتمثله منظمة غير حكومية هي المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي والحكومة ممثلة في وزارة الاتصالات ثم الصناعة ممثلة في عدد من الشركات. وإذا كان الأصل في الشراكة أن يقدم كل شريك حصة في رأسمال المشروع الذي تشاركوا في إقامته، إلا في حالة جامعة النيل حيث لا نعلم ما هي مساهمات باقي الشركاء بخلاف وزارة الاتصالات! ومما يثير الشك أن يتضمن قانون الجامعات الخاصة والأهلية في المادة الرابعة منه تعديلاً ينص علي أن يستبدل بنص المادة 189 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة نصاً جديداً يتيح لتلك الجامعات أن تساهم في إنشاء ودعم الجامعات الأهلية! فهل القصد من ذلك التعديل فتح الأبواب أمام الجامعات الحكومية لكي تقدم مزيداً من الدعم والتمويل لجامعة النيل؟ وبرغم أن الجامعة تصنف علي أنها "أهلية" إلا أن انفراد وزارة الاتصالات بتحمل كافة نفقات إنشائها يمثل مخالفة واضحة للقانون رقم 12 لسنة 2009 بشأن الجامعات الخاصة والأهلية والذي تخضع له الجامعة، حيث تنص المادة رقم 13 منه علي أن " تتكون موارد الجامعة فضلاً ذ عما يؤول إليها ممن طلب إنشاءها ذ من المساهمات المالية والأصول العينية التي يقدمها لها المواطنون والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة والجمعيات الأهلية والمؤسسات ذات النفع العام وهيئات المجتمع المدني، وذلك بالإضافة إلي المصروفات الدراسية ومقابل الخدمات والموارد البحثية"، حيث لا دليل علي أن من طلب إنشاء جامعة النيل وهي المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي قد قدمت أي موارد للجامعة، بل علي العكس فقد آلت ملكية الجامعة إلي تلك المؤسسة! والسؤال الذي يحتاج إجابة واضحة ومحددة كيف تم تمليك الجامعة إلي الجمعية الأهلية التي تقدمت بطلب إنشائها، بينما لم يقدم أعضاء تلك الجمعية أي مساهمة مالية وتحملت وزارة الاتصالات كافة تكاليف الإنشاء شاملة قيمة الأرض؟ من جانب آخر، فإن اعتبارها جامعة أهلية يعفيها من الخضوع للضرائب علي خلاف الجامعات الخاصة التي ألغت الحكومة ما كانت تتمتع به من إعفاء ضريبي! الموضوع الثاني الذي يثير الاهتمام في حكاية جامعة النيل أنها مصنفة باعتبارها جامعة بحوث Research University في المقام الأول ويؤكد هذا التصنيف نص المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بإنشاء الجامعة بأنها " تهدف إلي إنشاء قاعدة علمية وتكنولوجية متميزة تعني أساساً بالبحث العلمي التطبيقي في كافة المجالات العلمية المتقدمة والتخصصات البينية من خلال شراكة وثيقة مع الصناعة ومؤسسات الأعمال المصرية وبالتعاون مع أكبر الجامعات والمراكز البحثية العالمية"، والأساس في جامعة البحوث أن البحث العلمي يمثل الجانب الأكبر من نشاطها، ولكننا لا نعلم حتي الآن أن جامعة النيل لها نشاط بحثي ملموس. وكان الواجب علي المهتمين بالدفاع عنها أن يبرزوا هذا الدور البحثي الذي تقوم به الجامعة، وما هي مجالات البحوث المنشغلة بها والمشاريع البحثية الجاري تنفيذها وحجم التمويل المخصص لها ومصادره. كما يجب علي الجامعة أن تبرز قوائم بأسماء وتخصصات الباحثين والعلماء الذين يشكلون قاعدتها العلمية والبحثية وتوضح خلفياتهم وإنجازاتهم العلمية سواء محلياً أو عالمياً. وإذا كان البحث العلمي هو الجناح الأول لأي جامعة بحثية، فإن الدراسات العليا تمثل جناحها الثاني. وبرغم أن المادة الرابعة عشرة من قرار رئيس الجمهورية تسمح للجامعة بمنح درجة البكالوريوس، إلا أن التركيز علي الدراسات العليا وبرامج الماجستير والدكتوراه كان ينبغي أن يكون هو محل الاهتمام الأكبر للجامعة، الأمر الذي يبدو متناقضاً مع عدم وجود برامج لدراسة الدكتوراه بها واتجاهها إلي التوسع في برامج البكالوريوس في مجالات مكررة بكثير من الجامعات الحكومية والخاصة والتي تركز أنشطتها أساساً في الجانب التعليمي. وثمة أمر يثير الدهشة أن جامعة النيل التي يتصور أنها أنشئت علي أعلي مستوي أكاديمي لا تتيح معلومات حول سعيها للحصول علي الاعتماد من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد التي تعتبر الحكومة أن إنشاءها كان واحداً من أهم إنجازاتها الستين! وفي موقع الجامعة بشبكة الإنترنت اعتراف بأنها لم تحصل علي "الاعتماد" وإن كانت الجامعات التي تتعاون معها تعترف بها! ونأتي إلي قضية أن الجامعة لا تهدف إلي الربح والتي تساق للتدليل علي استحقاقها صفة أنها جامعة أهلية تستحق الرعاية والدعم من الدولة، وهو قول حق يراد به باطل. فإذا كانت وزارة الاتصالات قد تكفلت بكافة متطلبات الجامعة ونفقاتها ابتداء من تخصيص مبان لها في القرية الذكية تباشر منها نشاطها لحين اكتمال مبانيها في موقعها الجديد بمدينة الشيخ زايد، فإن ما سوف تحصل عليه الجامعة من الرسوم الدراسية المرتفعة سوف ينفق في الأساس علي رواتب أعضاء هيئة التدريس والعاملين، ثم مكافآت إدارة الجامعة وأعضاء مجلس الأمناء، وهو الأمر الذي يوحي بأنها ستكون مكافآت سخية استناداً إلي ضخامة الرسوم والتي تبلغ مستويات قياسية حتي بالنسبة للجامعات الخاصة في مصر! وقد يكون لازماً أن تنشر الجامعة بياناً بإيراداتها ومصروفاتها وما تحقق من فائض أو خسائر عن سنوات عملها منذ إنشائها.
أصبحت حكاية جامعة النيل موضوعاً للاهتمام العام بعد ما نشر عن أسلوب تكوينها وكيف آلت ملكيتها إلي جمعية أهلية صدر لها قرار باعتبارها ذات نفع عام بينما تحملت وزارة الاتصالات - ولا تزال - كامل قيمة الأرض والمنشآت والتجهيزات. وابتداء أؤكد أنني مع قيام جامعة تكنولوجية متميزة علي أساس جاد تنهض برسالة التعليم التكنولوجي وتضيف إلي المنظومة الوطنية للجامعات. ولكن يهمني أيضاً إبراز بعض الجوانب المهمة التي لم تحظ بقدر كافٍ من التحليل والتمحيص حتي الآن في موضوع تلك الجامعة. أول تلك الجوانب هو كونها جامعة خاصة لا تهدف إلي الربح كما نص علي ذلك قرار رئيس الجمهورية رقم 255 لسنة 2006 الصادر بإنشائها، ثم وبعد صدور قانون رقم 12 في شأن الجامعات الخاصة والأهلية في مارس 2009 اكتسبت جامعة النيل - دون غيرها صفة الجامعة الأهلية ذ ولا نعلم إن كان قد صدر قرار من رئيس الجمهورية بذلك، حيث تنص المادة رقم 12من القانون المذكور علي أن يصدر بإنشاء الجامعة الأهلية قرار من رئيس الجمهورية؟ وكون الجامعة قد اتخذت صفة "الأهلية" فإن ذلك يثير قضية مهمة، حيث الأصل في الجامعات الأهلية أن يقوم بإنشائها وتمويل عملياتها والإنفاق عليها مواطنون من الأهالي ذ ولذلك سميت أهلية نسبة إليهم ذ أو مؤسسات خيرية أو أوقاف تخصص للإنفاق علي الجامعات الأهلية. ولم نسمع في تاريخ الجامعات الأهلية في العالم أن هناك جامعة أهلية يتقدم بطلب إنشائها مؤسسة تتخذ شكل جمعية أهلية، بينما تتولي الدولة ممثلة في وزارة مهمة سداد قيمة الأرض التي تقام عليها الجامعة وتمويل كامل الاستثمارات اللازمة لإقامة منشآتها وتجهيزاتها. ومما يزيد الأمر غرابة أن الجامعة تصف نفسها علي موقعها في شبكة الإنترنت بأنها جامعة لا تسعي إلي الربح ومملوكة ملكية خاصة ومستقلة إدارياً، كما تؤكد الجامعة أنها الأولي من نوعها في مصر التي يتم إنشاؤها بأسلوب الشراكة بين القطاع الخاص وتمثله منظمة غير حكومية هي المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي والحكومة ممثلة في وزارة الاتصالات ثم الصناعة ممثلة في عدد من الشركات. وإذا كان الأصل في الشراكة أن يقدم كل شريك حصة في رأسمال المشروع الذي تشاركوا في إقامته، إلا في حالة جامعة النيل حيث لا نعلم ما هي مساهمات باقي الشركاء بخلاف وزارة الاتصالات! ومما يثير الشك أن يتضمن قانون الجامعات الخاصة والأهلية في المادة الرابعة منه تعديلاً ينص علي أن يستبدل بنص المادة 189 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة نصاً جديداً يتيح لتلك الجامعات أن تساهم في إنشاء ودعم الجامعات الأهلية! فهل القصد من ذلك التعديل فتح الأبواب أمام الجامعات الحكومية لكي تقدم مزيداً من الدعم والتمويل لجامعة النيل؟ وبرغم أن الجامعة تصنف علي أنها "أهلية" إلا أن انفراد وزارة الاتصالات بتحمل كافة نفقات إنشائها يمثل مخالفة واضحة للقانون رقم 12 لسنة 2009 بشأن الجامعات الخاصة والأهلية والذي تخضع له الجامعة، حيث تنص المادة رقم 13 منه علي أن " تتكون موارد الجامعة فضلاً ذ عما يؤول إليها ممن طلب إنشاءها ذ من المساهمات المالية والأصول العينية التي يقدمها لها المواطنون والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة والجمعيات الأهلية والمؤسسات ذات النفع العام وهيئات المجتمع المدني، وذلك بالإضافة إلي المصروفات الدراسية ومقابل الخدمات والموارد البحثية"، حيث لا دليل علي أن من طلب إنشاء جامعة النيل وهي المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي قد قدمت أي موارد للجامعة، بل علي العكس فقد آلت ملكية الجامعة إلي تلك المؤسسة! والسؤال الذي يحتاج إجابة واضحة ومحددة كيف تم تمليك الجامعة إلي الجمعية الأهلية التي تقدمت بطلب إنشائها، بينما لم يقدم أعضاء تلك الجمعية أي مساهمة مالية وتحملت وزارة الاتصالات كافة تكاليف الإنشاء شاملة قيمة الأرض؟ من جانب آخر، فإن اعتبارها جامعة أهلية يعفيها من الخضوع للضرائب علي خلاف الجامعات الخاصة التي ألغت الحكومة ما كانت تتمتع به من إعفاء ضريبي! الموضوع الثاني الذي يثير الاهتمام في حكاية جامعة النيل أنها مصنفة باعتبارها جامعة بحوث Research University في المقام الأول ويؤكد هذا التصنيف نص المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بإنشاء الجامعة بأنها " تهدف إلي إنشاء قاعدة علمية وتكنولوجية متميزة تعني أساساً بالبحث العلمي التطبيقي في كافة المجالات العلمية المتقدمة والتخصصات البينية من خلال شراكة وثيقة مع الصناعة ومؤسسات الأعمال المصرية وبالتعاون مع أكبر الجامعات والمراكز البحثية العالمية"، والأساس في جامعة البحوث أن البحث العلمي يمثل الجانب الأكبر من نشاطها، ولكننا لا نعلم حتي الآن أن جامعة النيل لها نشاط بحثي ملموس. وكان الواجب علي المهتمين بالدفاع عنها أن يبرزوا هذا الدور البحثي الذي تقوم به الجامعة، وما هي مجالات البحوث المنشغلة بها والمشاريع البحثية الجاري تنفيذها وحجم التمويل المخصص لها ومصادره. كما يجب علي الجامعة أن تبرز قوائم بأسماء وتخصصات الباحثين والعلماء الذين يشكلون قاعدتها العلمية والبحثية وتوضح خلفياتهم وإنجازاتهم العلمية سواء محلياً أو عالمياً. وإذا كان البحث العلمي هو الجناح الأول لأي جامعة بحثية، فإن الدراسات العليا تمثل جناحها الثاني. وبرغم أن المادة الرابعة عشرة من قرار رئيس الجمهورية تسمح للجامعة بمنح درجة البكالوريوس، إلا أن التركيز علي الدراسات العليا وبرامج الماجستير والدكتوراه كان ينبغي أن يكون هو محل الاهتمام الأكبر للجامعة، الأمر الذي يبدو متناقضاً مع عدم وجود برامج لدراسة الدكتوراه بها واتجاهها إلي التوسع في برامج البكالوريوس في مجالات مكررة بكثير من الجامعات الحكومية والخاصة والتي تركز أنشطتها أساساً في الجانب التعليمي. وثمة أمر يثير الدهشة أن جامعة النيل التي يتصور أنها أنشئت علي أعلي مستوي أكاديمي لا تتيح معلومات حول سعيها للحصول علي الاعتماد من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد التي تعتبر الحكومة أن إنشاءها كان واحداً من أهم إنجازاتها الستين! وفي موقع الجامعة بشبكة الإنترنت اعتراف بأنها لم تحصل علي "الاعتماد" وإن كانت الجامعات التي تتعاون معها تعترف بها! ونأتي إلي قضية أن الجامعة لا تهدف إلي الربح والتي تساق للتدليل علي استحقاقها صفة أنها جامعة أهلية تستحق الرعاية والدعم من الدولة، وهو قول حق يراد به باطل. فإذا كانت وزارة الاتصالات قد تكفلت بكافة متطلبات الجامعة ونفقاتها ابتداء من تخصيص مبان لها في القرية الذكية تباشر منها نشاطها لحين اكتمال مبانيها في موقعها الجديد بمدينة الشيخ زايد، فإن ما سوف تحصل عليه الجامعة من الرسوم الدراسية المرتفعة سوف ينفق في الأساس علي رواتب أعضاء هيئة التدريس والعاملين، ثم مكافآت إدارة الجامعة وأعضاء مجلس الأمناء، وهو الأمر الذي يوحي بأنها ستكون مكافآت سخية استناداً إلي ضخامة الرسوم والتي تبلغ مستويات قياسية حتي بالنسبة للجامعات الخاصة في مصر! وقد يكون لازماً أن تنشر الجامعة بياناً بإيراداتها ومصروفاتها وما تحقق من فائض أو خسائر عن سنوات عملها منذ إنشائها.