المرأة بين الفقه و القانون للدكتور مصطفى السباعي
(المرأة هي قضية كل مجتمع في القديم و الحديث , فهي تشكل نصف المجتمع من حيث العدد , و أجمل ما في المجتمع من حيث العواطف , و أعقد ما في المجتمع من حيث المشكلات , و من ثم كان من واجب المفكرين أن يفكروا بقضيتها دائما على أنها قضية المجتمع كله )
لذلك كان هذا الكتاب , حتى يسهم في تجلية حقوق المرأة و مكانتها بين القانون الإلهي و القانون الوضعي , ليدحض - ما استطاع - زيف الدعاية و النفاق الغربي .
فيناقش الكتاب عددا كبيرا من قضايا المرأة , لاسيما القضايا المستجدة في عصرنا الحاضر , و يبين رأي الإسلام فيها , و يعرض أحيانا موقف القانون السوري , و من ثم بعض القوانين العربية و الأجنبية .
و الكتاب في الأصل محاضرة طويلة ألقاها المؤلف في جامعة دمشق ( 1961 ـ 1962 م ), ثم زاد عليها و رتبها لتصبح بحثا وافيا .
مقدمة تاريخية
يبدأ الكتاب بمقدمة تاريخية يتتبع المؤلف فيها تطور حقوق المرأة عبر التاريخ , و يعرض أحوالها المتردية عند اليونان و الرومان و المسيحيين و اليهود و العرب الجاهليين , و يظهر ما كانت عليه من مهانة و ابتذال .
موقف الإسلام
ثم ينتقل إلى موقف الإسلام منها فيبين المكانة اللائقة التي أحل الإسلام المرأة فيها في المجال الإنساني و الاجتماعي و الحقوقي.
ثم يعرض النواحي التي فرق فيها بين الرجل و المرأة , و هي التي اتخذها المضللون شبهات يعرضون بالإسلام من خلالها , فيبين وضعها بالنسبة للميراث و الشهادة و الدية و رئاسة الدولة , و يثبت أن الفروق بينها و بين الرجل في مثل هذه القضايا لا تتعلق بكرامتها الإنسانية بل بوضعها النفسي و العاطفي في قضية الشهادة و الرئاسة , و بمدى تكليفها المالي في قضية الميراث , وبنظرية التعويض بمدى حجم الخسارة في مسألة الدية.
ثم يعرض بشيء من الاختصار أوضاع المرأة المسلمة خلال عصور الازدهار و ما نالته من تكريم و رفعة , ثم يعرض أوضاعها في عصور الضعف و الانحطاط بسبب سوء تصرف بعض المسلمين ,
مع التأكيد على أن حقوقها ظلت محفوظة في اجتهادات الفقهاء لأنها حقوق شرعية ثابتة , و أن عفتها و سمعتها العطرة و دورها الأسري لم تتزعزع في هذ العصور.
الحاجة إلى الإصلاح
ثم يتحدث عن حاجة مجتمعنا و قوانيننا للإصلاح في عدد من قضايا المرأة على ضوء الشريعة الإسلامية ، و يشير إلى جوانب هذا الإصلاح و التي عرضها في صلب كتابه على النحو :
الإصلاح في نطاق الأحوال الشخصية :
- لاسيما الزواج و الطلاق بعد أن لحقت بهاتين القضيتين عيوب كثيرة ,كزواج الأطفال , و فوارق السن الهائلة بين الزوجين , و سوء تحكم الولي , و يكشف هنا عن بعض أراء الفقهاء التي تضع حدا لهذه العيوب و يطالب بتطبيقها .
- ثم يناقش موضوع تعدد الزوجات و آثار التطبيق السيئ لهذا المباح , و شبهات المضللين حوله, و يناقش القضية بمنطق الإسلام , و يعرض نتائج منع التعدد في بعض الدول, و الفساد الذي ترتب عليه و يظهر الحكمة البالغة من إباحته , و يرفض التقييد إلا بقيد واحد وهو القدرة على الإنفاق.
- ثم يناقش قضية الطلاق و الحكمة من جعله بيد الرجل , و أوضاع الطلاق الحالية في البلاد الإسلامية , و ينادي بإدخال إصلاحات تشريعية , كجعلِ الطلاق رجعيا في جميع الحالات إلا خمس حالات حددها الفقهاء , و جعلِ الطلاق بالثلاث في لفظة واحدة طلقة واحدة, و إبطال طلاق السكران و المكره و المدهوش، و تدقيق النظر في يمين الطلاق للتمييز بين إرادة الطلاق و إرادة اليمين , و النظر في طلاق الملل و الغيبة و التعسف , و يعرض أراء الفقهاء التي تعالج الأوضاع المتأزمة و يستشهد ببعض القوانين لذلك .
الإصلاح في نطاق الحقوق السياسية:
و يناقش قضيتين عصريتين و هما حق الانتخاب و حق النيابة و يرى أن الإسلام لا يرفضهما ,
لكن المؤلف يطالب بعدم تطبيق حق النيابة لأن ظروف النيابة الحالية لا تتوافق مع وظيفة المرأة في الإسلام بل إنها تخرج إلى عدد من المحظورات .
بعد ذلك يبحث في قضايا المرأة في الشؤون الاجتماعية فيناقش حقها في التعليم و التوظف و العمل , و يؤكد أن الإسلام لا ينكر ذلك على المرأة بل يحضها عليه في كثير من الأحيان لكن ينبغي أن نهيئ الظروف الصحيحة للعمل و نهتم بوظيفة المرأة الأساسية , ثم يناقش قضية الاختلاط ويحذر من نتائجها الوخيمة .
الإصلاح في نطاق الشؤون الاجتماعية:
فينبه على أهمية ترسيخ حق التعليم عند المرأة و يعتبر جهل المرأة في العصور الأخيرة سببا من أسباب تأخر المسلمين , و ينبه على ضرورة التمايز بين مناهج الفتيات و مناهج الشباب لتمايز وظيفتيهما في المجتمع.
و يعرض بعد ذلك إلى حق التوظيف و العمل و يؤكد على أنه الإسلام أعطاها هذا الحق إلا في المناصب الخطيرة و التي تستتبع مسؤولية عظيمة , و لكنه ينبه على ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية من منع الاختلاط و الخلوة مع الموظفين و غير ذلك و ينبه كذلك على مراعاة الناحية الاجتماعية, فتوظف المرأة في أماكن تناسب مهمتها و طبيعتها و بحيث لا يؤثر توظيفها على عمل الرجل ومهمته.
و يعرض كذلك إلى مسالة الاختلاط و يبين ضوابط الشريعة في ذلك , و يعرض مساوئ الاختلاط و نتائجه الوخيمة في المجتمع الغربي و يذكر بعض وسائل الغرب في خداع المرأة و حملها على الخروج من منزلها و اختلاطها بالمجتمع المفترس من حولها .
المـــلاحق
تأتي بعد ذلك الملاحق التي أضافها المؤلف حاوية عددا كبيرا من الأخبار و الأقوال و الأحداث التي تظهر وضع المرأة المتردي قبل الإسلام , و خارج دائرته , و أحوالها التعيسة في الغرب
و النتائج السيئة التي خلفها خروجها من البيت و تطلعات عدد من المصلحين الغربيين إلى تحسين وضع المرأة عندهم.
و هذه التحسينات التي يدعون إليها تجعلها قريبة من الوضع الذي وضعها الإسلام فيه.
و قد وثق المؤلف مصادره و سائر الأرقام و الإحصاءات الدقيقة , و أحيانا كان ينقل الأخبار و الأقوال دون تعليق.
و بعد فالكتاب بحث فقهي قانوني في الدرجة الأولى و مناقشة موضوعية لقضايا مهمة في عصرنا , يغلب على أسلوبه النهج العلمي الموضوعي , و تظهر آثار القانون و لغة الفقه الحديثة في عدد من جوانبه.
فهو يخاطب المهتمين بقضايا المرأة أولا, و يعطي رأي الإسلام لمن شاء أن يبحث عنه في عدد من القضايا الأساسية , و يقيم الدليل القاطع على تردي أوضاع المرأة في الغرب.
فالكتاب رأي و حجة و بحث موضوعي مدعوم بالشواهد و الأدلة التي تناسب المثقفين من الطرفين.
.................................................. ......................
منقول